حقق الجيش العربي السوري إنجازاً نوعياً أمس سيغير حسابات مسلحي حلب وداعميهم الإقليميين والدوليين بسيطرته على مزارع الملاح الإستراتيجية في الريف الشمالي وإحرازه تقدماً نحو بلدة حريتان أهم معاقل المسلحين. وأفاد مصدر ميداني لـ«الوطن» أن وحدات الجيش وبمؤازرة قوات الدفاع الوطني انطلقت قبل بزوغ الشمس من منطقة حندرات غرباً وتمكنت من اختراق تحصينات المسلحين المتمركزين في مزارع الملاح، وهي عبارة عن فلل سكنية تمتد على مساحة شاسعة، وأرغمتهم على التراجع نحو حريتان لتقترب من قبضة الجيش الذي تقدم بأناة باتجاهها. وأوضح المصدر، أن السيطرة على أرض الملاح تعني تبديل خريطة السيطرة بشكل دراماتيكي في الريف الشمالي لمصلحة الجيش الذي فاجأ تكتيكه المسلحين الذين توهموا أن أولويته السيطرة على مستديرة الجندول عند مدخل المدينة الشمالي الشرقي فحشدوا كل عديدهم وعتادهم بالقرب من منطقتي البريج والمناشر للحؤول دون ذلك ففوجئوا بضربة قاصمة على محور مزارع الملاح حريتان. وبيّن خبير عسكري لـ«الوطن»، أن بسط الجيش نفوذه على مزارع الملاح توفر له هامشاً كبيراً للمناورة والتحرك صوب محاور عديدة تقود إلى معاقل رئيسة للمسلحين «إذ تحاذي المزارع قرية كفر حمرة المتاخمة لحلب ومنطقة قبر الإنكليزي على تخوم الطريق الدولي الذي يصل حلب باعزاز وصولاً إلى حريتان، وليضع الجيش أول موطئ قدم له على الطريق مع استمرار عمليته العسكرية». ولفت المصدر إلى أن مزارع الملاح تطل من جهة هضبة مرتفعة على بلدة حيان معقل العديد من فصائل المعارضة المسلحة وخصوصاً «لواء شهداء بدر» بقيادة خالد سراج الدين المعروف بخالد حياني نسبة إلى مسقط رأسه حيان، وهو من أهم قادة المسلحين اللصوص الذي فكك معامل منطقتي الليرمون والشقيف الصناعيتين وباعهما للتجار الأتراك وجنى ثروة تقدر بثلاثة مليارات دولار من أعمال النهب والخطف والتهريب والأتاوات، ولذلك استنفر عناصر لوائه للتوجه إلى بلدته التي تقترب هي الأخرى من قبضة الجيش. وأشار مصدر معارض لـ«الوطن» أن الجيش العربي السوري يستهدف من عمليته العسكرية الراهنة فك الحصار الذي تضربه «جبهة النصرة»، فرع تنظيم القاعدة في سورية، بالتعاون مع «الجبهة الإسلامية» على بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ أكثر من سنتين وذلك بالسيطرة على حيان والتقدم نحو قرية بيانون المتاخمة للبلدتين في ظل تصدع الطوق الذي يفرضه المسلحون حولهما واستبسال لجانهما الشعبية في صد جميع محاولات اختراق خطوط الدفاع عنهما خلال شهر مضى من الاشتباكات العنيفة والمعارك الضارية. فصائل المعارضة المسلحة راعها ما حدث خلال ساعات فاستنفرت كل ألويتها وكتائبها للتوجه إلى المنطقة لوقف تقدم الجيش وعلى خلفية الخسائر الكبيرة التي منيت بها في الأرواح والعتاد، وتخوفت من عدم تلبية نداءات الاستغاثة المتكررة بعد احتدام المعارك بين «النصرة» و«صقور الشام» في قريتين متنازع عليهما بريف حلب الجنوبي الذي وصلت إليه تعزيزات لـ«النصرة» من ريف إدلب. ولعب سلاح الجو في الجيش العربي السوري دوراً بارزاً في المعركة باستهدافه أرتال التعزيزات التي قصدت الريف الشمالي، فدمر رتلاً للسيارات المحملة بالمسلحين والذخيرة كان متجهاً من قرية الطامورة باتجاه المنطقة وآخر من الريف الشمالي نحو حريتان. وتفند عملية الجيش في الريف الشمالي زيف ادعاءات فصائل المعارضة المسلحة التي تقبض المال الوفير من حكام قطر والسعودية بالكذب والتضليل الذي تمارسه عليهم بإعلانها سيطرتها على نقاط حيوية في منطقتي البريج والمناشر ومحيط سجن حلب المركزي في الوقت الذي يتجاوز فيه الجيش تلك المناطق ويصل إلى عمق حيوي أكثر أهمية قريب من عقر دار تلك الفصائل. تزامن ذلك مع تقدم للجيش وقوات الدفاع الوطني في مقطع الشاهر المتاخم لمخيم حندرات الذي تمهد السيطرة عليه قطع طريق الكاستيللو خط الإمداد الوحيد لمسلحي المدينة والمعبر الوحيد المفتوح جزئياً أمام هربهم نحو الريف الشمالي فتركيا الذي سجل فرار أكثر من 300 مسلح خلال اليومين الماضيين من أحياء المدينة الشرقية، بحسب شهود عيان تحدثوا لـ«الوطن».

الوطن