إكمال الطوق الامني حول حلب يعزل المسلحين عن محيطهم ويمنح أفضلية للجيش في معارك تطهير المدينة
حسين مرتضى

انجاز جديد حققه الجيش السوري في ريف حلب حيث سيطر على بلدة حندرات الواقعة بالقرب من سجن حلب المركزي، في عملية جاءت بعد تخطيط دقيق في جبهة شمالي شرقي حلب.
عملية خاطفة انطلقت من سجن حلب المركزي لتصل إلى مشارف قرية باشكوي تمت بعدها السيطرة على تلة المضافة وتلة سيفات ونقطة الـ 4 مفارق غرب سيفات في ريف حلب الشمالي ومن ثم قرية حندرات، ما ضيّق الحصار على المسلحين داخل مخيم حندرات والذي يشكل نقطة استراتيجية مرتفعة تشرف نارياَ على "دوّار الجندول" الذي يعد المدخل الرئيسي والوحيد إلى أحياء حلب الشرقية، ما يعني عملياً قطع طرق الامداد القادمة للمجموعات المسلحة من الريف الشمالي الواصل حتى الحدود التركية.

حرمان المجموعات المسلحة الموجودة في احياء المدينة من طرق الامداد يضطرها لخوض معاركها القادمة من دون امدادت لوجستية، وهي تالياً ستلجأ إلى "التقنين" في استخدام الذخائر والعتاد الحربي، ما يمنح الجيش السوري افضلية في استخدام القوّة النارية واستنزاف المجموعات المسلحة، وانتظار اللحظة المناسبة ميدانياً للانقضاض عليها.

القيادة العسكرية في حلب اتبعت نظرية "القوة البحتة" في عملياتها العسكرية المستمرة في ريف حلب الشرقي والشمالي، وهي تعتمد على المجموعات المدربة على حرب العصابات والشوارع، بحيث تكون المهمة الأساسية تدمير قوة المسلحين وتحقيق انهيار ميداني في صفوفهم. وقد حققت القيادة العسكرية الشروط الثلاثة لهذه النظرية والمتمثلة أولاً بتدمير عتاد المجموعات المسلحة وإهلاك البيئة التي يتحركون ضمنها أو يتحصنون في منشآتها بعد تشتيت قوتهم البشرية. وثانياً، القدرة على محاصرة المنطقة المستهدفة ومنع وصول أيّة تعزيزات للمسلحين من خارج المدينة. أما ثالثاً فعبر تحمل نسب الخسائر بالأنفس والعتاد والمعدات مهما بلغ حجمها، وفي هذه الحالة ستكون شبه معدومة لكون المجموعات التي تتسلل خلف خطوط العدو تعتمد على مجموعات قتالية صغيرة ومحترفة عالية التجهيز.

وأبرز ملامح هذه التكتيكات العسكرية التي اتبعها الجيش في عمليات حندرات، بعد امتلاك زمام المبادرة في الهجوم، تمثلت في سرعة الحركة، حيث انه لم يكن بحاجة لنقل قطعات ثقيلة مرئية في حركة هي بطبيعتها بطيئة، وبالتالي فان سرعة حركة وحداته القتالية، تجعلها عالية الأهلية للقتال غير الكلاسيكي على جبهات متعددة، ما يعني أن التكتيك الجديد، يقضي بأن يختار الجيش زمان ومكان المعركة لا أن يُجَرَّ إليها، بعد أن ساهم تطويق عدد من المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة، بالحدّ من حركة المسلحين في أماكن كانوا يخططون لشن هجمات واسعة إنطلاقاً منها، من دون إغفال العامل التقني الذي تمثّل بتغيّر طريقة التشويش على اتصالات المسلحين، بعد تطور أجهزة الرصد السورية، ما حوّل العمليات العسكرية إلى هجمات موضعية أكثر إيلاما للمسلحين. فباتت المجموعات المسلحة تتعامل مع تكتيكات مختلفة تمنح الافضلية للجيش السوري في مناطق مختلفة، فضلاً عن قدرات مقاتلي الجيش السوري على التعامل مع كل معركة بتكتيك مختلف عن المعارك الاخرى.

إن الانتصارات التي يحققها الجيش السوري في مناطق مختلفة من ريف حلب، جميعها تصبّ في إطار واحد وهو إكمال الطوق الامني حول مدينة حلب، ما من شأنه أن ينعكس على المسلحين في داخل المدينة لجهة عزلهم تماماً عن محيطهم الجغرافي الذي يشكل مناطق دعم و امداد لا سيما عند الحدود التركية مع سوريا، كما سيمنح الجيش السوري سيطرة مطلقة على المناطق المفصلية التي توجد فيها المجموعات المسلحة وبالذات عند منطقة دوار الجندول وطريق الكاستلو ومنطقة المسمية والتي تعتبر البوابة الشمالية للاحياء الشرقية والشمالية لمدينة حلب.
العهد