كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
قال الإمام علي (كرم الله وجهه) منذ أكثر من ألف واربعمئة عام: “لا رأي لمن لا يطاع”, وأظن قوله هذا تلخيص لمجمل حكمة الأولين والمحدثين, وأكثر الأقوال بلاغة في تفسير إحجام البعض منا عن القول, بل ربما حتى عن الرغبة في التفكير, في زمن بات فيه العقل جبهة حرب أهون منها حرب البسوس, وإعاقة اجتماعية بلا كرسي للمقعدين, وبلا التعاطف المعتاد مع العاجزين المنبوذين!. لا رأي لمن لا يطاع, لأن لا قيمة لأنبل الكلام, ما لم يكن له سامعين منصتين, رغم أن هناك مئات الحكايات, الواقفة على أبواب اللسان والأصابع تنتظر إذناً للطيران في أفق الورق أو عبر الأثير, وتتزاحم في القلب والروح حرفاً في كتف حرف, وجملة تتعرق في ظهر جملة, على أمل ولادة حكاية على بياض صفحة, أو نصاً في سديم الافتراض, أو صوتاً يلامس آذان البشر, ولو من بعيد!. لا رأي لمن لا يطاع, ليس خوفاً, أو رغبة في التحول إلى سندريلا, الصامتة, الصابرة, المتفانية, بانتظار فرصة بمقاس أمير, ولكن لأن العقل عرش, لا ينازع المرء فيه وريث, والحقيقة أن مأساة العقل عدم التوريث, بينما الغضب, المرض, الجنون, الحماقة .. وراثة!. لا رأي لمن لا يطاع, لأنه لا قيمة لقول, ما دام كل واحد فينا يعتقد أنه على حق, وأن الباطل لا يأتيه من أمامه أو خلفه, وأن كل الآخرين المخالفين بالرأي أو الشور, هم خصوم, فجار, كفار, مما يعني أن كل السوريين محقين, ووحده الوطن ليس على حق!؟. لا رأي لمن لا يطاع, إذا أصبح الغث قراراً, والخارج على القانون ثائراً, والقاتل صاحب وجهة نظر, والقواد مدير أعمال, والعلم وثيقة تأجيل خدمة عسكرية, وقوت الناس استثماراً, والشباب حرب بلا نهاية, والشهداء أوراق تتساقط من شجرة واحدة, نسينا أنها الوطن!. لا رأي لمن لا يطاع, ما دامت ساعة الحائط أمامنا ما تزال تقول: أننا منذ ما يزيد على العقد, وأخشى من عقدين, في الساعة الثانية عشر من يوم جمعة لم يكن مباركاً, تصابحنا بصباح الموت يا جاري, فتحول إلى قرار جاري, وصار الموت مثل السبحة في يد شيخ فاني, لا بصر يسعفه, ولا سمع يوقفه, بل صار يداً تضغط على جرح أو على الزناد, وكلمات .. كلمات, في البدء كانت تبكينا, الآن صارت أشبه بحفلات رياء!. لا رأي لمن لا يطاع, لأن العقل في بلادي بات منهكاً من التقية والظلمة, بحجة أن الوقت وقت حرب, ولكن في الحقيقة أقل ما يحاصرنا الحرب, لأننا محاصرون بالغل المخلل, وبالصور التي تناقض بعضها البعض, والنصوص التي تتربص ببعضها البعض, على كلمة أو حرف, أو همسة, وربما غمزة عين, لتصبح كل الأشياء في حياتنا, ملتبسة, ومراوغة, وحمالة أوجه, و أشبه برحلات السفاري في حدائق الحيوانات المفتوحة, حيث يدور السواح ( المشاهدون) في سيارة, مغلقة للفرجة على الحيوانات في أرض شاسعة مسورة, يعتلي رؤوس الأشجار فيها قناصين مدربين على قتل كل من يتجرأ على أن يكون حراً حقاً, أو مختلفاً عن القطيع, أو رافضاً أن يكون جزءً من فرجة مدفوعة الثمن!؟, قناصون يلاحقون ظلالنا, حتى على الجدران الافتراضية, فتنمو الطحالب على حيطان قلوبنا, مساحات شاسعة من حزن وقح, يصرخ في وجوهنا كل صباح: تنتظرون عودة الرشد لمن فارق الرشد!؟ انتظاركم خواء, لأن الصمت في بلادنا من دهب, ولذلك, إما ستبقون رهائن نصوص جاهزة, ممنوع فيها استخدام إشارات التعجب, والاستفهام, والتوكيد, كتبها بعض ممن كانت حربكم رزقتهم, قضموا فيها اسماء الاشارة, وركلوا الهمزات, وقفزوا فوق الحقائق, وعلكوا الحروف, وتخفوا خلف ظهور الكلمات, يمنحون الوهم, لأمهات في حضونهم, صور ابنائهم الشهداء, ثم يسترخون على مقاعدهم على الشاشات, يمارسون مهنة التنظير والتحليل, وصوغ الخطب, والخطط الاجتماعية, بل والقتالية, ويحاسبون جنودنا, على خروجهم عن نصوص استراتيجياتهم “البلاغية”, ومطلوب منكم أن تصدقوا, وإلا فلتمنحوا العقل تقاعد, لكي لا ينفجر في وجوهكم!؟.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company