كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
رحل سعيد صالح (31 تموز/ يوليو 1938 ـــ 2014) عن عمر ناهز 76 عاماً، من دون أن يهتمّ بالدخول على موقع تويتر، لكنّ الناشطين على الموقع دفعوا باسمه ليكون ضمن قائمة الهاشتاغات الأكثر تداولاً بعد وفاته بساعات، أمس. طوال نصف قرن من العمل في الفنّ، لم يهتمّ صالح بالاستيلاء على مفاتيح النجومية، بل عاش حياته بالطول والعرض، مخلّفاً وراءه مئات الأفلام (أكثر من 500) والمسرحيات (300). لكن نسبة محدودة منها نجحت في الصمود والبقاء في ذاكرة الجمهور، بسبب عدم اهتمام صالح ومن كانوا يعملون معه، بالحفاظ على التراث الضخم الذي وفّره للجمهور. كذلك، انشغل الراحل طويلاً بأفلام تصنّف دون المستوى فنياً، لكنها لم تؤثر أبداً على المكانة التي حفرها لنفسه في سجل نجوم الكوميديا المصريين عبر التاريخ الطويل لهذا الفنّ. ما سبق يفسّر سبب تصدّر هاشتاغ على تويتر يحمل اسم صالح بعد رحيله بساعات، نعاه الآلاف في تعليقات معظمها أعاد كتابة إيفيهاته الشهيرة، وخصوصاً في مسرحيتي «مدرسة المشاغبين» (إخراج جلال الشرقاوي ــ 1973) و«العيال كبرت» (إخراج سمير العصفوري ــ 1979). تعدّ شخصيتا مرسي الزناتي وسلطان السكري من أبرز ما قدّمه الممثل على خشبة المسرح. كان ذلك في حقبة السبعينيات، العصر الذهبي للفنان الكبير الذي شهد أيضاً صعود عادل إمام، وأحمد زكي، ويونس شلبي وغيرهم من أبناء هذا الجيل. لكن صالح يعدّ أقدمهم في الوصول إلى الجمهور. حصل في نهاية الستينيات على دور رئيسي (محفوظ أبو طاقية) في مسرحية عبد المنعم مدبولي الشهيرة «هالو شلبي» (تأليف يوسف عوف ــ 1969)، قبل أن تجمعه «مدرسة المشاغبين» برفيق دربه عادل إمام. غير أن الدرب لم يتحمّلهما معاً بعد منتصف الثمانينيات، وكان فيلم «سلام يا صاحبي» (إخراج نادر جلال ــ 1986) بداية الانفصال بين «الزعيم» و«سلطان الكوميديا». انفصال كان منطقياً لأن إمام لم يعد بحاجة إلى زميله في «مدرسة المشاغبين»، بعدما تحوّل إلى بطل مطلق على المسرح وفي السينما أيضاً. بالتالي كان على صالح أن يكمل المشوار بمفرده. غير أنّه لم ينجح في منافسة زميل عمره، واكتفى بتقديم ما يحلو له ويعبّر عن أفكاره، وخصوصاً على خشبة المسرح. جاءت مسرحية «كعبلون» (1985) لتؤمّن له النجومية التي يستحقها، إلى جانب مسرحيات اعتنى فيها بالخروج عن النص والارتجال الذي يبعث دائماً برسالة نقد سياسية يدركها الجمهور جيداً وتغضب منه الرقابة عادة. هذا الأمر جعل كثيرين يعتبرون سجنه عاماً كاملاً في مطلع التسعينيات بتهمة تعاطي الحشيش بمثابة عقاب غير مباشر من النظام. خرج صالح من السجن أكثر قوة، متصالحاً مع نفسه، ومعدّداً الفوائد التي اكتسبها خلف القضبان، وعاد للعمل الفني من دون شروط، وعاد له عادل إمام مجدداً واستعان به في العديد من الأفلام مثل «بخيت وعديلة 2» (إخراج نادر جلال ــ 1995) و«أمير الظلام» (2002 ــ إخراج رامي إمام)، و«زهايمر» (2010 ــ إخراج عمرو عرفة) آخر ما قدّم «الزعيم» للسينما حتى الآن. في «زهايمر»، كان صالح يمهّد لما سيتعرّض له في سنواته الأخيرة. جسد في الفيلم شخصية رجل مصاب بالزهايمر ومقيم في مصحّ طبيّ لتلاحقه بعدها شائعة إصابته بالمرض نفسه، لكنّه كان يحرص على نفيها أكثر من مرة. إلا أنّ مصائب الزمن ومتاعب الجسد تكالبت عليه في العامين الأخيرين. إذ تعرّضت شقته لحريق هائل وبات بلا مأوى، وأصيب بنزف في المعدة، أدى إلى دخوله «مستشفى القوات المسلحة» (القاهرة) قبل أشهر، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. لكن الاستياء الأكبر أصاب معجبيه بسبب صراع بين ابنته هند صالح، وزوجته الشابة شيماء التي ارتبط بها أخيراً، واتهمتها الابنة بأنها تحاصره وترفض أن يتواصل مع أسرته. ارتاح الممثل من كل هذه الهموم، وترك وراءه إرثاً من الشخصيات والضحكات لن ينضب، وإن كان معظمها لم يوثّق بالشكل الكافي، فقليل من مسرحياته عُرض على شاشات التلفزيون. كما أنّ غزارة إنتاجه أدّت إلى غياب كامل لما قدّمه من مسرحيات وأفلام ومسلسلات يتجاوز مجموعها الـ 500 عمل حسب تقارير صحافية، من أبرزها مسلسل «السقوط في بئر سبع» (إخراج نور الدمرداش ــ جسد فيه شخصية جاسوس مصري لصالح الموساد الإسرائيلي) وأفلام «شهد الملكة» (فيلم حسام الدين مصطفى) و«جواز بقرار جمهوري» و«المشبوه» (إخراج سمير سيف ) و«تووت تووت» (إخراج عاطف سالم) و«على باب الوزير» (إخراج محمد عبد العزيز )، ومسرحيات «البعبع» و«كرنب زبادي»، بالإضافة إلى المسرحية الشهيرة «ريا وسكينة» التي شارك فيها صالح بصوته فقط، لكنه كان كالعادة قادراً على صناعة الضحكات التي لا تموت حتى لو رحل صاحبها.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company