“لقط جرثومة في المشفى” عبارة شائعة يُسمعها العديد من الأهالي عند سؤالهم عن أسباب وفاة أقربائهم، وهي مسألة لم تعد خفية كما كانت في السابق، حيث كانت بعض المستشفيات تحجم عن الإفصاح عنها تجنباً للانتقادات أو المساءلة. وفقاً لتقرير أممي صدر عام 2019، فقد بلغ عدد الوفيات في سوريا بسبب التهابات ناتجة عن مقاومة المضادات الحيوية حوالي 1700 وفاة، بينما بلغت الوفيات غير المباشرة حوالي 6400. في مستشفى المواساة، كشفت بيانات شعبة الإحصاء أن عدد الوفيات في يناير 2024 بلغ نحو 197 حالة، من بينها حوالي 47 حالة بسبب الصدمة الإنتانية، وهو ما يشكل نحو 23.8% من إجمالي الوفيات. دراسة أجريت عام 2009 في وحدة العناية المشددة لحديثي الولادة في مستشفى الأطفال أظهرت أن 96 حالة وفاة من أصل 217 حالة كانت بسبب التهاب مكتسب، ووجدت الدراسة أن جرثومة “الأسينتوباكتر” كانت الأكثر تسبّباً في الوفيات بين الجراثيم المعزولة. التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية ذكر أن هناك نحو 13.66 مليون وفاة على مستوى العالم بسبب الإنتان، وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة التي تحدث نتيجة عدوى بكتيرية قد تصيب أي عضو في الجسم. الإنتانات المرتبطة بالرعاية الصحية هي من أكثر المشكلات شيوعاً في المستشفيات، حيث تكون الجراثيم المسببة للإنتان غالباً ما تكون أكثر خطورة هناك. تشمل “عدوى المستشفيات” الحالات التي تُصاب فيها المريضة بالإنتان بعد دخوله المستشفى، وغالباً ما تظهر هذه العدوى بعد مرور 48 ساعة أو أكثر. تزداد خطورة هذه العدوى بسبب مقاومة الجراثيم لمضادات حيوية متعددة، بالإضافة إلى تدهور جودة الرعاية الصحية وتعقيم المستشفيات. يقول الدكتور عصام انجق، رئيس شعبة الإنتانات في مشفى الأطفال الجامعي، إن الجراثيم المقاومة مثل “الأيكولاي”، “الأسينيتوباكتر”، و”الأنتيروباكتر” أصبحت تشكل تهديداً كبيراً. عندما تظهر جراثيم مقاومة في المستشفى، غالباً ما يتم إغلاق الأقسام المعنية لتطهيرها، كما حدث في مشفى المواساة خلال 2017 عندما أغلقت وحدة بسبب انتشار الجراثيم المقاومة. ذات الأمر تكرر في مستشفى الأطفال الجامعي العام الماضي. الضغط على المستشفيات يزداد بسبب نقص المستلزمات الأساسية، الذي يمكن أن يُعزى إلى قلة الموارد المالية، وارتفاع تكلفة استيراد المواد بسبب العقوبات الغربية. هذا النقص يؤثر سلباً على جودة التعقيم ويزيد من احتمالية انتقال العدوى بين المرضى، كما أكده الأطباء في مستشفى المواساة ومستشفى الأطفال. أشار الدكتور حسام البردان إلى أن نقص مستلزمات التعقيم يعود إلى عدم توفر المواد في السوق، ويعتمد المستشفى على التعاون مع مستشفيات أخرى أو جمعيات خيرية لتجاوز هذه المشكلة. كما يؤكد الدكتور أيمن البلخي من مستشفى الأطفال أن نقص المواد من وزارة الصحة يؤثر بشكل كبير على جودة الرعاية. من بين العوامل الأخرى، يُلاحظ أيضاً قصوراً في أداء شركات التنظيف، التي أحياناً توظف عمالاً غير مدربين أو مراهقين، مما يؤثر على جودة التعقيم. يوضح الدكتور أيمن البلخي أن هذا الأمر يعزز من انتشار العدوى. في النهاية، فإن معالجة هذه المشكلة تتطلب مسؤولية مشتركة من جميع الأطراف: المرضى، الأطباء، والصيادلة. التزام الجميع بالإجراءات الصحيحة والالتزام بالقوانين والتشريعات يمكن أن يساهم في تقليل تأثير هذه الجراثيم المقاومة وضمان تقديم رعاية صحية أفضل. أثر برس |
||||||||
|