احوال البلد

الحامدية ووادي الضيف، إعادة انتشار ستحسم معركة الشمال


عمر معربوني

بين قراءة الواقع وتحليله وتعميم الوهم فارق كالمسافة بين الأرض والسماء، فمنذ بداية الهجمة على سورية تقوم عشرات الفضائيات وآلاف المواقع الإخبارية المعادية بمواكبة تطورات الميدان السوري بشكلٍ يهدف الى تضليل الرأي العام وخلق حالةٍ من الذعر والرعب عبر قلب الحقائق وتزويرها واستغلال عدم دراية الغالبية الساحقة من المتابعين بطبيعة الأعمال القتالية وجغرافيا الأرض التي تجري عليها المواجهات.
فالعديد من الفضائيات في سياق استعراضها لما حصل في معسكري وادي الضيف والحامدية حاولت تصوير الأمر بما يوحي أنّ خسارة المعسكرين تقطع طريق الإمداد الى حلب، في حين أنّ هذه الطريق مقطوعة منذ فترة طويلة إضافةً الى أنّ المعسكرين كانا تحت الحصار من كل الإتجاهات منذ فترة طويلة أيضاً.

فماذا حصل بالضبط في معسكري الحامدية ووادي الضيف؟
إنّ ما حصل ودون مبالغة في التوصيف هوعملية إعادة انتشار غاية في الدقة والتخطيط تجلّت فيها أعلى مستويات الإبداع في التخطيط العسكري وأعلى مستويات الإقدام والشجاعة لضباط وجنود المعسكرين.
ودون الدخول في التفاصيل التي سيبقى نشرها حقّاً حصرياً لقيادة الجيش العربي السوري، فإنّ ما حصل ليس مجرد انسحاب عادي او تراجع تكتيكي بقدر ما كان مزيجاً من تعاون دقيق بين الوحدات المختلفة ومن ضمنها سلاح الطيران والمدفعية الذي واكب عملية إعادة الإنتشار.
هذه العملية التي جرت ضمن مسار يقارب 30 كلم يقع كله ضمن سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة بشكل كامل من جوار معرة النعمان وصولاً الى مورك التي وصلتها حاميتا المعسكرين.

وبالنظر الى عدد الوحدات التي يبلغ عديدها مع كامل آلياتها وأسلحتها 1200 ضابط وجندي، نعلم أنّ ما حصل هو عملية نوعية ستدّرس في الكليات العسكرية بعد انتهاء الحرب على سورية.
وفي بقعة يهاجمها حوالي 5000 إرهابي بين قوة مهاجمة وقوات دعم، كان الخيار بين الإنتحار وإعادة الإنتشار، فتم اعتماد الخيار الثاني الذي بدأ التخطيط له منذ فترة استناداً الى قراءة واقعية تجنّب المعسكرين هزيمة كبيرة وتضع الـ1200 ضابط وجندي مجدداً في المواجهة المريحة.
فوصول 1200 ضابط وجندي الى مورك وحماه بكامل عتادهم وآلياتهم مع كمية كبيرة من الذخائر تم سحبها أيضاً يعني الكثير في مسار استكمال معركة ريف حماه.

استراحة محارب قصيرة للأبطال العائدين وستنطلق مجدداً المعركة بإتجاه خان شيخون أولاً وصولاً الى معرّة النعمان فحلب.
ليس كلامي هذا مجرد رفع للمعنويات بقدر ما هو انعكاس لتقديرات مرتبطة بوقائع الميدان وتطوراتها الدراماتيكية التي تسير باتجاه النصر المؤكد للجيش العربي السوري.
حتى كبار القادة العسكريين في اميركا والغرب ومعهم خبراء الإدارة السياسية باتوا يدركون طبيعة التحولات التي تجري في سورية.
في مقال سابق كنت قد أشرت الى اقتراب الدخول في مرحلة بداية نهاية المعارك الكبرى التي ستحسم القتال مع المجموعات الإرهابية في الجبهات العسكرية بصيغتها الحالية لننتقل بعدها الى مرحلة مكافحة الإرهاب عبر ملاحقة الخلايا التي ستفتش عن مخابئ آمنة تلجأ اليها هرباً من ملاحقة الجيش السوري لها.

وما يؤكد هذا الكلام الذي يصّر بعض المكابرين على عدم تصديقه هو ما يجري في حلب والغوطة الشرقية لدمشق وريف حماه ودير الزور.
ففي حلب تباشير نصر كبير ستكون تداعياته كبيرة على الجماعات الإرهابية في كل سورية، وكذلك الأمر في ريف حماه والغوطة الشرقية.
التحول الهام هو ما جرى ويجري في دير الزور بعد الإنتصارات الكبيرة للجيش العربي السوري وبدء انخراط العشائر في المواجهة الى جانب الجيش وفي الخطوط الأمامية وليس مجرد القيام بأدوار ثانوية.
الأمر نفسه يحصل في الحسكة والقامشلي وكذلك في الجنوب السوري.
وبحسب مسار المعارك الحالي وإن استمرت الوتيرة على ما هي عليه، فالربيع القادم سيشهد تسجيل انتصارات حاسمة للجيش العربي السوري تُدخل سورية في مرحلة من الراحة تمهّد لإرساء حل سياسي يبدأ بإعادة الإعمار توازياً مع مرحلة سياسية جديدة تشارك فيها كل الأطراف المؤمنة بسورية تحت قيادة أثبتت صلابة وحنكة ومرونة ستصل بسورية الى بر الأمان.
*ضابط سابق (خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية).
سلاب نيوز

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=7&id=2767