ما الذي يُشعرك بأن رمضان قد وصل؟ غالباً الفوانيس! وكما نعرف فإنها كانت وسيلة الإضاءة قديماً قبل اختراع الكهرباء، لكن ما الذي جعلها ترتبط بشهر رمضان دون غيره بهذا الشكل الوثيق؟ حتى بات رمضان يذكِّرنا بالفوانيس، والفوانيس تذكِّرنا برمضان. الفانوس ظهر في مصر القصص والحكايا كثيرة، لكن أغلب المصادر التاريخية تربط انتشار الفانوس في الدول العربية بمصر، وتحديداً في العصر الفاطمي بمنتصف القرن الرابع هجرياً. تعالَ نسرد الروايات الأربع التي تتحدث عن بداية ارتباط الفانوس بشهر رمضان والتي تدور كلها في العصر الفاطمي: إحدى الروايات تتحدث عن تاريخ دخول المعز لدين الله الفاطمى القاهرة في العام 358 هجرياً، حيث استقبله حشد على رأسه قائد الجيش جوهر الصقلي (أرسله المعز لدين الله الفاطمي على رأس جيش للاستيلاء على مصر من العباسيين) بمصابيح تشبه الفوانيس الحالية، ووافق هذا الاستقبال منتصف شهر رمضان، ومن وقتها استمر استخدام الفوانيس للإنارة في رمضان. رواية أخرى تقول إن الخليفة الفاطمي كان يستطلع هلال شهر رمضان، وخرج معه الأطفال في الشوارع حاملين فوانيس لإضاءة الشوارع، فأصبح هذا طقساً سنوياً. أما الرواية الثالثة فتقول إن أحد الخلفاء الفاطميين أراد إضاءة شوارع القاهرة طوال ليالي الشهر، فأمر شيوخ المساجد بتعليق فوانيس إنارة. لكنها كانت فوانيس تضاء بالشموع. الرواية الأخيرة تدور في عهد الدولة الفاطمية أيضاً، وتقول إن النساء كان يُسمح لهن بمغادرة منازلهن مساءً فقط في شهر رمضان، وكان يخرج معهن غلمان يحملون فوانيس، لتكون إشارة للرجال ليبتعدوا عن الطريق، حتى لا يروا النساء. والروايات الأربع تؤكد أن الفوانيس ظهرت بشكل عفوي في حدث مرتبط بوقتها وصادف أنه في شهر رمضان، لكن التقليد استمر من وقتها، حيث يحتفل الناس بحمل الفوانيس وتعليقها في الشوارع، والغناء والإنشاد ابتهاجاً بقدوم شهر الصيام. أصل كلمة فانوس يعود أصل الكلمة إلى اللغة اليونانية، إذ تُشتق من كلمة إغريقية قديمة “فناس” كانت تُستخدم لوصف إحدى الأدوات التي تُستخدم فى إضاءة الشوارع، وكانت هذه الفوانيس تُصنع من المعدن، وتطورت وأصبحت تُصنع من النحاس؛ لسهولة النقش عليه وتزيينه. الفانوس عُرف عند العرب باسم “النمام”، وفقاً لما ذكره الفيروز آبادي في كتابه “القاموس المحيط”، وكما يبدو فإن إطلاق هذا الاسم عليه يرجع إلى استخدام البعض له ليلاً بغرض التلصص. |
||||||||
|