وجهات نظر

2020 انقلاب دراماتيكي في مشهد الشرق الأوسط.. تفاءلوا!


نبيه البرجي

2020 انقلاب دراماتيكي في المشهد الشرق أوسطي
شيء من التفاؤل، ربما الكثير من التفاؤل، وسط تلك الأمواج المتلاطمة، ليس لأن البيت الأبيض دخل في «صراع الدهاليز» مع تلة الكابيتول، أو لأن الأميركيين تعبوا من تلك البهلوانيات الصاخبة، وقيل «الرقص داخل الأواني النحاسية».
وليس لأنه، للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، لا يعبأ الرئيس الأميركي بالتقارير الفائقة الحساسية التي يضعها البنتاغون حول المسارات الإستراتيجية على امتداد الكرة الأرضية، هذا ما أحدث تصدعات في الرؤية، كما في العلاقات بين مراكز القوى.
لم يعد خفياً أن الجنرالات يتحدثون عن ثلاث سنوات من التيه الإستراتيجي في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقد رفع، دونكيشوتياً، شعار «أميركا العظمى». هذه إمبراطورية وتواجه ظهور وتطور إمبراطوريات، لاسيما في آسيا، حيث مسرح الصراعات في منتصف القرن، ما يستدعي بناء منظومة إستراتيجية بعيدة المدى، تزامناً مع تكثيف التحالفات، لا تفكيكها، كما يحدث حالياً.
في رأي الجنرالات، إن معمارية إستراتيجية فاعلة لا تقام بالمال وحده، لا بد من عناصر أخرى. كوكبنا حافل بالتناقضات وبالتحديات وأحياناً بالجنون، ما من رئيس أثار كل تلك الصدمات والصدامات، وصولاً إلى الدولتين الجارتين في الشمال الأميركي كندا والمكسيك.
ما فعله دونالد ترامب أنه أطلق العنان لذئاب المال داخل الاستبلشمانت، الأولوية العجيبة لوزارة الخزينة، لا لوزارة الدفاع ولا لوزارة الخارجية التي يفترض بمبعوثيها أن يتزودوا بالتعليمات من وزارة الخزانة، وقد ذهبت بعيداً في صياغة العقوبات، روبرت مالي الخبير في مجموعة الأزمات الدولية قال: «لا يحدث مثل هذا حتى في جهنم»!
لا نقول إن المظلة الأميركية تتوارى، وكذلك الظل الأميركي لكن كبار المخططين الإستراتيجيين يتحدثون عن العشوائية، وحتى عن البدائية، في إدارة السياسات الكبرى، الحصيلة تكاد تعادل الصفر في الشرق الأوسط، السيناريوات تتهاوى، الواحد تلو الآخر.
خيبة كبرى لدى الحلفاء في المنطقة، باستثناء إسرائيل فقط، أهل السلطة لم يكترثوا بالنصائح التي أسديت من جهات دولية وإقليمية بعدم التماهي مع سياسات ترامب، أو بعدم الوثوق بتعهداته التي ذهبت أدراج الرياح، لا أحد كان مستعداً للإصغاء إلى أن وقعت الواقعة، ما أدراك ما الواقعة!
الآن، بعد استنزاف تراجيدي للثروات، وللسياسات، وللسنوات، ها هي واشنطن تدعو للعودة إلى القفازات الحريرية، القاذفات ارتطمت بالهباء، أكثر من «حفلة جدل» تعالت فيها الأصوات. مسؤول عربي كبير اعتبر أن التراجع خطوة واحدة يعني الهزيمة، قيل له إن التقدم خطوة واحدة يعني الكارثة، تبريد الرؤوس الحامية استدعى وقتاً طويلاً، وجهداً طويلاً، عملية التبريد لا تزال على قدم وساق.
كثيرون في عواصم عالمية يعتبرون أن كل السياسات الأخيرة التي أدارتها واشنطن بالخيوط زادت في تعقيدات المشهد الدولي، أيضاً في التشابك الذي كاد يفضي إلى الاشتباك بين الحلفاء، لا تنسيق أوركسترالياً كما كان يجري في السابق، وبقيادة المايسترو الذي يتقن قواعد وخفايا اللعبة.
في أوساط قيادة الأطلسي أن الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزف دانفورد، وقبيل انتقال المنصب إلى الجنرال مارك ميلي، أعرب عن خشيته من أن يؤدي تبعثر الحلفاء إلى نشوء حالات من الاستقطاب الجيوسياسي، والجيواستراتيجي، في الشرق الأوسط، يمكن أن تنعكس بصورة خطيرة على المصالح الحيوية للولايات المتحدة.
هذا الذي حدث فعلاً.. تفاءلوا.
الوطن

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=23166