– تدرك جميع القوى الإقليمية والدولية المعنية بتوازنات المنطقة أن المفصل الوحيد الذي سيغيّر بالتوازنات ومعادلات القوة سيكون في معركة إدلب المنتظرة، حيث النظر إلى المنطقة وساحات الاشتباك فيها يكفي للاستنتاج بأن لا معارك فاصلة في ساحاتها، فلا جبهة الخليج ستحمل أكثر من تسجيل نقاط يحدد رصيد التفاوض للأطراف المتقابلة، ولا جبهة اليمن تحتمل فرص تحقيق نقلات نوعية فيها، ولا خطوط المواجهة بين قوى المقاومة وجيش الاحتلال تفتح الأفق أمام نقلات نوعية يدرك الجميع أنها قد تشكل تمهيداً للانزلاق نحو الحرب التي لا يريدها أحد، كما هو الحال بين الأميركيين والإيرانيين في الخليج. – في معركة إدلب الكثير مما يشبه معركة حلب، حيث المعارك التي تتجه نحو مفصل حاسم قريباً، تعني الجميع من مشاركين فيها مباشرة، أو داعمين من تحت الطاولة، أو مراقبين معنيين من الجانب الآخر للجبهة بما سيحدث، فمن ليس طرفاً في جبهة الجماعات المسلحة يعنيه حجم القوة والتفوق الذي سيصبّ في جبهة سورية وحلفائها بانتهاء المعارك بانتصارات كبرى، ولذلك يصطف الأطراف على اختلاف مواقعهم، في دائرة الاهتمام، خصوصاً مَن ليسوا منهم في جبهة تأييد الدولة السورية وتتصاعد اهتماماتهم بدرجة تصاعد عدائهم للدولة السورية. وهذا يطال القوى الدولية والإقليمية كما يطال القوى اللبنانية. – الرهان على الموقف التركي وقدرته على تعطيل المعركة أو تأخيرها أو التأثير على نتائج حاسمة تسفر عنها، يشمل كل خصوم الدولة السورية بمن فيهم مَن يختلف مع تركيا في جبهات أخرى، كحال دول الخليج وعلى رأسها السعودية. وتبدو تركيا قد استنفدت قدرتها على المناورة، كما تبدو روسيا قد حسمت أمرها ومثلها فعلت إيران وقوى المقاومة الذين كانوا ينتظرون موقفاً سورياً رسمياً، كان بدوره يمنح الحراك الروسي الأمني والسياسي تحت غطاء القصف الجوي المزيد من الفرص مع تركيا. ومع اقتراب ساعة المواجهة الفاصلة في ظل جبهات عديدة تستنزف الحكم التركي يبدو أن المقاومة التركية للعمل العسكري الحاسم تراجعت بقوة وبات الموعد الفاصل أقرب بكثير. – ما بعد إدلب سيكون كما بعد حلب وأكثر، وستفتح صفحة مستقبل المنطقة الشرقية والتمركز الأميركي فيها، ومثله التمركز الأميركي في التنف، وسيتم الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام في ظل معادلات جديدة، وستكون سورية أكثر تحرراً من الضغوط وقدرة على الحركة، وسيكون حلفاؤها كشركاء في الانتصار في مواقع قوة في معادلات الإقليم، وسيكون خصوم سورية وخصوم حلفائها في وضع التراجع والبحث عن الاحتماء وراء معادلات وتسويات لتفادي الأسوأ، ولذلك يدرك الجميع أن عليهم التحرّك الآن وقبل إدلب وحسمها لفرض وقائع جديدة يمكن أن توفر لهم الحماية بعدها. – في لبنان وفي اليمن وفي الخليج، كل التوازنات تؤثر وتتأثر بما سيجري في إدلب، فمثلما يكون الرهان على فرض وقائع جديدة تشغل إيران وحزب الله وأنصار الله، وتفرض عليهم وقائع جديدة تربك معادلات محور المقاومة وتؤثر بالتالي على روزنامة معركة إدلب، هناك رهان موازٍ هو أن تشكل أي وقائع جديدة فرصاً لتفادي انعكاسات شديدة التأثير لنتائج انتصار سورية وحلفائها في معركة إدلب. وهذا يعني أن ما نشهده في كل ساحات الاشتباك رغم كونه دون مستوى القدرة على توليد توازنات جديدة، فهو مزدوج الأهمية، مرة بمدى تأثيره على خلق انشغالات لقوى محور المقاومة تؤجل معركة إدلب، ومرة ثانية بكونها تضمن التخفيف من انعكاساتها إذا تمت وسارت نتائجها وفقاً لما هو متوقع. – يلتقي جميع من يصنفون انفسهم كخصوم لسورية وللمقاومة، على معادلة التحرش ومحاولة بناء أسوار جديدة يحتمون خلفها، أملاً بالفوز بأحد عنواني الرهان المزدوج للمشاغلة والتخفيف من الآثار، ويصعب فهم ما يجري في لبنان وغير لبنان إلا إذا وضعنا في الحساب المكانة الكبرى التي تحتلّها معركة إدلب المقبلة، ومَن لا يصدّق فليستمع للتعليقات التي بدأت ترد من هنا وهناك قبل أن تبدأ المعركة، ومن أطراف لم نسمع صوتها منذ معركة حلب، التي قال أحد المعلقين الغربيين إنها شكلت المقدمة لانتخاب الرئيس ميشال عون في لبنان، ولاتفاق الحديدة في اليمن. |
||||||||
|