افضح الفساد

عرّاب الصحافة السورية الأستاذ مصطفى المقداد، الصحفي الذي لا يستطيع أن يعبر عن افكاره لا يستحق ان يكون صحفياً.


رجاء حيدر - خاص زنوبيا 

المشرط أداة الجراح التي يستخدما ليجرح ويداوي بها الانسان والقلم بالنسبة للصحفي الأدة التي يستطيع بها الصحفي ان يبني المجتمع . صحفي قدير ومميز من الرعيل الأول للصحفيين  ، هو صاحب الحس الرفيع ، صاحب الرأي والقول السديد

انه عرّاب الصحافة السورية الأستاذ مصطفى المقداد.

من قهوة الروضة العريقة بجانب البرلمان السوري بدمشق ، ملتقى الادباء والفنانين  التي تحتفظ بين جدرانها برائحة محمد الماغوط وادونيس وغيرهم من الادباء والعظماء ، التقى موقع زنوبيا الاخباري مع الاستاذ مصطفى المقداد ليتحدث لنا عن مسيرته الطويلة من العطاء الصحفي المميز ورحلة العمل المغمسة بالجهد والتعب طوال سني عمله في الصحافة .

 

س - يقولون عن وسائل الإعلام والصحافة : "السلطة الرابعة " هل هي كذلك، وهل هناك فرق بين حرية الصحافة بالعالم العربي والعالم الغربي ؟.

 

جـ - نعم هي السلطة الرابعة ومنذ زمن طويل ، ويمكن ان تكون أم السلطات في العالم ، على الرغم من الفوارق في ممارسة هذه السلطة. الا انها تحظى بمكانة كبيرة في البلدان الاستبدادية لذلك معظم هذه الانظمة تسعى الى قولبة وتدجين الصحافة بحيث تخدم مخططاتها ومشاريعها الداخلية والخارجية ،من خلال سيطرتها على الإعلام  لأنها تدرك ان قوة الاعلام فاعلة بشتى المجالات .

 لذلك هذا التنازع في الهيمنة عموما بين سلطة الاعلام والحكومات في العالم هو أساس موجود ، الفيصل فيه هو قدرة الاعلام على ممارسة حريته وفقاً للقانون والضغوط الموجودة .

 

كل الحكومات السورية المتعاقبة التي عايشتها خلال فترة وجودي في ادارات اعلامية سوآءا بأمانة التحرير او رئاسة التحرير كان هناك  محاولات وعلاقة  خفية ما بين الحكومة والاعلام عموما للتدخل ، ولم ينظروا بعين الرضى عما يقدمه الاعلام ، وكانت العلاقة ترتبط مباشرة بشخصية رئيس التحرير . يمكن أن يوجه رئيس الحكومة لرئيس التحرير اللوم على مادة منشورة  ويمكن ان يصل الى التعنيف والتقريع في بعض الاحيان .

لكن على المستوى المباشر ليس هناك حالات سجلتها الحكومة بشكل صارخ أنها تتدخل في عمل الاعلام وأن بعض المسؤولين كانوا وزراء او غير ذلك بما يسمونه تصويب او طلب توضيح شيء  بحال كان الموضوع ناقد

هناك فكرة هامة يجب ان اتحدث بها عن الاعلام الوطني كان هناك نوع من المديح من خلال التغطيات الاعلامية في أي مجال تجاه أي نشاط او عمل أي مؤسسة او شخصية  او هيئة  على مدى سنوات كان مبالغ فيه احيانا كالاهتمام بمنجزات الحكومة لكن معظم رؤساء الحكومات بالتحديد كانوا يتعاملون مع الاعلام ضمناً بسلبية.

 

س- يمكن أن تؤمن بكل ما تكتب لكن ، هل تستطيع ان تكتب كل ما تؤمن به؟.

 

كصحفي محترف أعتقد أني كشخص كتبت كل ما أؤمن ومقتنع به بطريقة مباشرة او رمزية ووصلت الى ما اريد أن أصل اليه ، وانتقدت الحالات التي كنت أريد ان انتقدها .

على أي صحفي في أي دولة او في أي مجتمع ، "إن لم يكن قادراً على توصيل لأفكاره الأساسية لا يستحق أن يسمى صحفياً"

الصحفي الذي لا يستطيع ان يعبر عن أفكاره مهما كانت معارضة للنظام السياسي او الاجتماعي أو الوعي المجتمعي لبيئة ما بطريقة ما لا يستحق ان يكون صحفياً او كاتبا ، القضية ترتبط بالقدرة على التعبير .

 

حصلت معي حادثة شخصية : كتبت زاوية في صحيفة الثورة واضحة أنها تستهدف رئيس الحكومة في ذلك الوقت وكل الناس تعرف أنها تطاله  لكني لم أترك أي ممسك أو دليل يمكن أن أحاسب عليه قانونياً .

اتصل بي بذاك الوقت معاون وزير الاعلام وسألني: ماذا تقصد؟ !!

فأجبته : القصد واضح، قال: لم أفهم .. قلت له: إن لم تفهم هي مشكلتك.

الحرية : هي الممارسة التي تمارسها أي صحافة في العالم وتكون قادرة أن تتجاوز كل الخطوط الحمر التي تضعها الجهات الوصائية ويحققوا ما يرغبون الوصول اليه .

 

س- الامبريالية ، الصهيونية العالمية والغطرسة الأمريكية ... وغيرها من مثل هذه المواضيع يمكن أن يتسابق الصحفيون لإثبات شجاعتهم فيها ، وعندما يتم الاقتراب من المجتمع والدين والحرية والمرأة تصبح هناك الكثير من الخطوط الحمر يجب التوقف عندها

هل تستطيع وسائل الاعلام أن تحدث تغيير برأيك؟.

 

سؤال مهم جداً : للأسف في هذا المضمار بالذات هناك تراجع في شكل ومستوى التناول بالإعلام المكتوب الذي يمكن ان يكون أكثر جرأة عموماً.

سأتحدث من تجاربي : اذا عدنا الى بداية ثمانينيات القرن الماضي عندما دخلت الى جريدة الثورة كانت المواضيع الاجتماعية والفنية والثقافية المطروحة من الشجاعة بمكان بحيث تنتقد الكثير من مخلفات القرون الماضية اجتماعياً حتى على المستوى الفني كان التناول بسقف عالٍ جدا .

اليوم حتى على المستوى النظري يمكن تناول ما تم تداوله عن المسلسل الكرتوني " ساسوكي" واحد من هذه القضايا ، في السابق عرض عشرات المرات على شاشات التلفزة ولم تثر حفيظة أي جهة ، الان هذه الجهات تعتبر نفسها وكيلة الله في الأرض وراعية على القيم تتصدى لمنع الناس من الاحساس وتذوق الجمال .

عندما كنت في جامعة دمشق  كان لي زملاء من كلية الفنون الجميلة  كان عندهم تطبيق عملي اسمه " موديل" ذكر ام انثى  عارية تماما

من فترة علمت ان هذا التطبيق العملي ألغي وتم ابعاده لأنه يمكن أن يسيئ الى مفاهيم مقدسة لدى البعض ، وشتان ما بين المفاهيم الجمالية والمفاهيم السوقية .

 ما أريد قوله ان هذا الحد من مستوى الحريات في سوريا على مستوى الرئاسة  اعلى بكثير من الممارسة المطبقة وأكثر من مسؤول رفيع على مستوى الرئاسة قال : ان السقف مفتوح للحريات الممارسة ، بمعنى ان الرئاسة وقتها القت اللوم على الكادر الاعلامي نفسه بأنه لم يرتقي لممارسة حقه الطبيعي.

الحكومة تحاول ان تخفض هذا المستوى وتحاول ان تكون التفافية قليلا ، كل رؤساء الحكومات يخشون لقاء الاعلاميين بشكل مباشر لكن حتى يلتفوا على قضية التدخل باعتبارهم غير قادرين على التدخل بشكل مباشر في عمل آلية الاعلام بأكمله ، يمكن ان يكون التدخل عن طريق رئيس التحرير او مدير القناة او مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون

يتبع....

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=25&id=21567