وجهات نظر

هذه الأمة ماتت والسلام ...

المهندس باسل الخطيب


تلك كانت كذبة كبرى اسمها الوطن العربي ، تلك الجغرافيا المزعومة التي تمتد من المي إلى المي أم تراها الأصح من الدم إلى الدم ؟ .... وكان أن زورنا الجغرافيا ، إذاً لا ضير من تزوير التاريخ ... تسألون عن ذاك التاريخ ، تاريخنا ؟ أتريدون استحضاره ؟ .... ذاك التاريخ إياه هناك من كتبه لنا ونحن كنا عليه مجرد شهود زور ، كنا فيه دائماً إما مفعولاً به أو مضافاً إليه أو مجروراً من إذنه وفي بعض الأحيان من أماكن أخرى ، في أحسن الأحوال كنا نائب فاعل . وكبرت الكذبة وكبرت ، قيل أننا خير أمة أخرجت للناس ، وضحك الإله كثيراً ، دعهم في غيهم يعمهون .... ذاك تاريخ مجبول بالدماء والخيانات ، ذاك التاريخ هو مجرد مناسف أثداء وقصائد مديح وتمسيح جوخ ، لنا الصدر دون العالمين أو القبر ، وبقي من الشطر القبر .... وسالت الدماء وسالت ، وبدأنا نتلمس ذاك التاريخ البشع ، نراه يعود حياً ، نراه بأم وأخت وبنت العين ، ووقفنا فجأة على أسطورة الأشقاء العرب ، هل أتاكم حديث المهرجين ؟ حديث الأشقاء إياهم وذاك الذي يسمى المسجد الأقصى على مرمى حجر أو على الأقل على مرمى فتوى ، ولكن لا جهاد إلا في سوريا ، لا جهاد إلا في أعناق السوريين ودمائهم .... ويأتيك باب الحارة وتكون قرعة إحداهن هي القضية ، في سبيلها تتناطح " قباضايات " الحارة ، أي آهات ستتقيؤها الكلمات ؟ ونهرب إلى التاريخ : هناك فتحنا وهناك انتصرنا ، وفي كل مشهد هناك سيف ما ، أما أين تلك " الإقرأ " فصمت القبور ، وفي الزوايا تلك الجواري وماملكت أيمانهم أو شمالهم ، وتُحكم السلطنة من السرير، ولابأس أن يصلي بالمصلين جارية ما كانت لتوها في سرير الخليفة إياه ، ولنوزع رضى الله على من نريد .... هل أتاكم حديث جهاد النكاح ؟ هذا ليس نتاج لحظته، هذا وسواس قهري أبدي ، والجنة على مقاس ذاك الوسواس القهري ... هذه الأمة ماتت والسلام ، تائهة حائرة فاجرة مابين ساقي هيفاء وهبي أو لحية الظواهري ... مجرد زلة قدم ، فقط زلة قدم مابين هيفاء وهبي والظواهري ..... نعم ، هذا ملاك النوم بيننا أم ملاك الموت العظيم ، حتى ملاك الموت يأنف من قطف تلك الأرواح العفنة ، أرواح أولئك الأعراب ، يحتاج محرمة أو منديلاً .... نعم هذه هي مواسم الهجرة للركوع عند قدمي نتنياهو ، ويختال نتنياهو كما اختال ترامب قبله بين تلك التماثيل الشمعية ، زعماء تلك الصحراء التي تمتد مابين جاكرتا ومراكش ، والحرم إياه على مرمى حجر أو بالأحرى على مرمى دمعة .... أربع عشر مليون يمني جائع ، ولم تتحرك ولو تظاهرة على طول هذه الصحراء .. ولكن كل تلك الملايين الإمعات تهوج وتموج إن فكرت مسلمة أن تتزوج ممن هو ليس على دينها ، أو إن نُزع غطاء الرأس عن رأس طفلة في مكان ما .... وتتوالى مقامات جامعة عواهر الأعراب ، ويخرج كبيرهم ويتقيأ القرارات – المقامات : الوقت غير مناسب الآن لعودة سوريا إلى الجامعة العربية ..... ويبتسم ابتسامة تلك المعزاة إياها ويعود للنوم وينام معه بقية الرهط ، وتنام الأمة من أبو رغال إلى حسين الجسمي الذي أيقظ فينا عروبتنا أكثر مما أيقظها عبد الرحمن الكواكبي.... هل تستطيعون أن تقولوا لي ماهو مذكر غانية ؟ .... نعم يولد الأعرابي من بطن الأعرابي وهو يحمل على شفتيه وقع أقدام الشنفرى . وكنا خير أمة أُخرجت للناس ، ليس الإله وحده من يضحك الآن ... هكذا تترجم القومية العربية على الأرض : حقل واسع من القش تنام إلى جانبه عيدان الثقاب ، لاتنسوا الكوفية والعقال والخنجر الذي على الخاصرة .... أو في الخاصرة .

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=20496