وجهات نظر

التهاوش على الصيدة في الشرق السوري .. فهل تفلت الصيدة؟؟

نارام سرجون


أحاول هذه الايام ان أتوارى عن قلبي وأتمنى ان انزعه من صدري وأضعه في صدر آخر كي أعيش بسلام لبعض الوقت .. وكي يعيش بسلام لبعض الوقت .. فهل من يتبرع لي بصدره ويسكن قلبي فيه حتى لانختلف أنا وقلبي؟؟ فمشكلتي مع قلبي هذه الايام هو انني ألح عليه ان يجيبني ويدلني .. الى أي جانبي النزاع في الشرق السوري يميل؟؟ فهل هو مع الانفصاليين الكرد ام مع اردوغان القرد ..؟؟ ويابى علي قلبي الا ان أجيب واصر على التهرب والتأجيل .. فلاينام ولاأنام .. لاأنا أجيب ولاقلبي يعرف ايضا الجواب .. ولكن بالفعل كيف يجب ان ننظر الى المعركة بين فريقين لكرة القدم لانحبهما مثل ان يلعب فريق فرنسا مع فريق تركيا او مع فريق الولايات المتحدة او السعودية او قطر .. سنصفق لكل هدف ولكل ضربة جزاء .. هذا سؤال صعب جدا .. فأعداؤنا يقتلون أعداءنا .. ونحن الآن في نفس موقف السياسي الغربي الذي ابتسم وضحك عندما عاتبه البعض على ترك المذبحة السورية دون تدخل اذ قال: وهل نريد افضل من هذا؟؟ اعداؤنا يقتلون أعداءنا .. القاعدة تقاتل نيابة عنا ايران وسورية وحزب الله .. وهؤلاء الثلاثة يقاتلون القاعدة نيابة عنا .. هذه حرب يجب ان تستمر لمئة سنة ولايجب ان تتوقف .. واذا استعرت موقف هذا الرجل الحصيف طبعا والذي كان في منتهى الصراحة والعبقرية فانني سأقول ان اعداءنا يقتلون اعداءنا .. الأتراك والانفصاليون الاكراد (أصدقاء وجنود اميريكا الدائمون) .. الذين رفعوا الاعلام الاسرائيلية الى جانب الاعلام الانفصالية .. ويظنون ان التحالف مع اسرائيل هو الطريق الى كردستان .. الحقيقة ان السؤال الصعب اذا ما اندلعت المعركة فلمن سنتمنى الفوز؟ .. وهل سنجلس مثلما كان الاسرائيليون يقفون على مرتفعات الجولان المحتلة ويتابعون بمناظيرهم الكر والفر بين الجيش السوري والارهابيين وكأنهم يشاهدون فيلما ممتعا كان قبل شهور من افلام الخيال العلمي فاذا به يصير حقيقة .. فأعداؤهم تكفلوا ببعضهم وألهاهم الربيع العربي عن فلسطين ومافيها .. نحن لانحب اردوغان ولكننا لأول مرة سنتمنى النصر له وسندعو له بالنصر .. ونحن لانحب الانفصاليين الاكراد ولكن سنتمنى لهم النصر على اردوغان وسندعو لهم بالنصر .. وسنقف على المرتفعات ونتابع بمناظيرنا المعركة عندما تندلع .. وكما كان ممثلو الاتحاد الأوروبي يشربون الشاي ويتبادلون الضحكات في احدى الامسيات وهم مختلفون فيمن يؤيدون ايران ضد العراق ام العراق ضد ايران لان المضحك ان عدوين للغرب يفتكان ببعضهما وكلا الخيارين أحلى من الآخر .. فاننا سنشرب الشاي مع حلفائنا ونضحك فيمن سنؤيد في هذا الصراع .. الكرد ومعهم الأمريكان ام اردوغان حليف الامريكان .. تعالوا اذا لنركب المشهد بعد تحليله .. فاردوغان كان الداعم الرئيسي لمشروع داعش وأرضعها وحقنها بكل ماتريد من أسباب الحياة .. وكان من ضمن اهدافه في فصل الشرق السوري بدولة داعش انه سيقصم ظهر الدولة السورية ويشطرها تمهيدا لاضعافها واقتطاع أجزاء اخرى .. ولكنه كان يريد ان تضبط هذه الدولة الوليدة ايقاع الاكراد في الشرق السوري وتهدد حتى اكراد تركيا وهي تقف على حدودهم وتمسك بهراوة الرعب والارهاب .. ويوم كان داعش قويا فان اردوغان كان لايعبأ بالاكراد واستقلالهم بل والقى خطابا “اخويا في ديار بكر” تمنى للاكراد فيه أطيب التمنيات ووقف الى جانبه (أخوه) مسعود البرزاني .. ولكن اردوغان اليوم مصاب بالرعب والهلع من المخلوق الكردي القبيح الذي يبدو ان تحطيم شرق الفرات قد أخرجه من تحت الانقاض .. اما الاكراد فانهم دخلوا كعادتهم مغامرة من مغامراتهم وفيها مراهقة طائشة .. لأنهم قبلوا بالوعود الامريكية رغم ان الامريكيين من الواضح ان وجودهم في الشرق السوري مخلخل وضعيف ومؤقت وخاضع للمساومات وانهم يتمترسون بالاكراد ويحتمون بهم .. وكان من الحماقة ان يقبل لاانفصاليون الكرد اي وعد امريكي طالما ان عديد القوات الامريكية لايساوي بضع مئات .. لأن اي وعد في الشرق السوري لايمكن ان يتحقق الا بوجود 100 ألف عسكري امريكي على الاقل .. ومن الواضح ان الامريكيين ليسوا بوارد الزج بـ 100 ألف جندي .. فكيف يقبل عاقل ان يراهن على ان مجرد الغطاء والعلم الامريكي كاف لتوريط اي جهة في صراع مع اميريكا اذا تطاولت على الأكراد .. ؟؟ انها منتهى السذاجة والطيش وسوء التقدير .. الامريكيون زجوا بالاكراد كبديل لداعش .. ولن يدخلوا في اي مغامرة من أجل الاكراد .. ولكنهم يراهنون على عامل الزمن لان غياب قوة مركزية كبيرة في الشرق السوري سيجذر الانفصال ويخلق واقعا جديدا خاصة في ظل عمليات التطهير العرقي والتهجير الممارس ضد العشائر العربية .. واذا تغير التوازن السكاني فمن الصعب اعادته الى ماكان عليه .. خاصة اذا نهضت مصالح وتشكلت طبقة من التجار وذوي الاملاك الذين يفيدهم الانفصال .. وأمام الاكراد حلان لاثالث لهما اما مواجهة تركيا او مواجهة سورية .. وامام الاتراك خياران لاثالث لهما هما اما مواجهة الاكراد او مواجهة سورية .. واما خيار سورية الوحيد فهو مواجهة الاتراك والاكراد الانفصاليين .. لذلك يبدو ان مواجهة الانفصاليين الاكراد حق على الطرفين السوري والتركي وليس امام الاتراك والسوريين الا خيار مواجهة انفصال الاكراد لان اميريكا تراهن على خلق واقع جديد .. اما مايجب التنبه له فهو ان كان الصراع بين الكرد والقرد (اردوغان) قد دخل فيه الامريكان في صفقات وتسويات معه .. فالامريكي لن يمانع في ان يعطي السيطرة في الشرق لتركيا طالما انها تتعهد بالقيام بنفس دور داعش او الكرد في منع تواصل الجغرافيا السورية .. وستعقد الوضع أكثر اذا دخلت لتبقى لأنها قد تتذرع ان وجودها ضروري لان اي غياب لها بعد اليوم سيوقظ الحركة الكردية الانفصالية في الشرق السوري .. ولكن حتى هذا السيناريو سيجعلنا نفرك ايدينا غبطة وفرحا لأن اعداءنا سيستمرون في قتل اعدائنا ولن يتوقف الصراع الا بدخول احذية الجيش السوري الى المنطقة الشرقية وأعداؤنا يتوسلون لنا .. وسيكون التركي في منتهى الحماقة ان فكر بالبقاء في الشرق السوري وانه قد خدع الامريكي والروسي لأنه سيضع نفسه في مواجهة اقسى حرب عصابات مع الكرد والعشائر العربية لم يتعرض لها حتى الامريكي في العراق ناهيك عن دخول القوة السورية على الخط بدعم مطلق من الحلفاء .. مما سبق نجد ان الشرق السوري لايمكن الا ان يكون في طور السقوط في السلة السورية التي تستعد لتلقفه بعد ان نضج تحريره لأن الكلاب تتهاوش على الصيدة الشرقية كما ورد في مأثور “هوميروس الشرق” حمد بن جاسم بن جبر في قصيدته الشهيرة عن “الصيدة والكلاب التي تهاوشت” بعد خطبة “هم الذئاب ونحن النعاج” الشهيرة .. اليوم الكلب الامريكي والكلب التركي والكلاب الانفصالية الكردية تتهاوش .. وفيما نحن نرقب الكلاب تتهاوش على الصيدة لانملك الا ان نقول للكلاب: تهاوشي تهاوشي ايتها الكلاب .. شرق الفرات مثل غرب الفرات مثل شماله وجنوبه .. مثل اي بقعة .. فالدبلوماسية أحيانا هي أن تلاعب الكلاب بلطف حتى تجد حجراً تضربها به .. وقد لاعبنا الكلاب الى آن أوان ضربها بالحجارة بعد ان تنهش الكلاب الكلاب ..

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=19584