احوال البلد

محميـة اللجاة: من ملجأ لمقارعة الاستعمار الفرنسي إلى مرتع للعصابات المسلحة

تشرين


اللجاة منطقة صخرية وعرة سميت «تراكون» وأطلق عليها الرومان «ترافنيتس» أي وعرة وسميت اللجاة لأنه لجأ إليها الثوار إبان مقارعتهم الاحتلال العثماني والفرنسي.. تشكلت من مقذوفات بركان جبل العرب وتحديداً بركان تل شيحان على ارتفاع 1140 متراً عن سطح البحر، تمتد من جبل العرب حتى شرق الأردن على شكل مثلث متساوي الأضلاع ومساحتها في محافظة السويداء 2000 هكتار باستثناء القرى. اللجاة أعلنت أول محمية إنسان ومحيط حيوي في سورية عام 2006 وتبنتها (اليونسكو) ضمن الشبكة العالمية لهذا النمط من المحميات وهي اليوم مرتع للعصابات الإرهابية المسلحة تعبث بتراثها العالمي وتستنزف ثرواتها وتهجر سكانها تحت عين وسمع تلك المنظمات الدولية.. ماذا حل باللجاة وسكانها وما هو موقعها من التخريب الممنهج والكثير من الأسئلة يثيرها هذا الاستطلاع بعد توقف الأبحاث العلمية في هذه المحمية من قبل المنظمات العالمية وتحولها إلى ملجأ للعصابات الإرهابية؟ وماذا حل بـ 16 ألف نسمة من سكانها الموزعين على 13 قرية تعتمد في حياتها على الرعي والمواشي التي اضطر سكانها لبيعها والتخلي عن مصدر رزقهم الوحيد بعد فقدان مصادر الرعي. أول محمية إنسان ومحيط حيوي في سورية ما تختزنه محمية اللجاة داخل حباتها البازلتية وجروفها الصخرية وانكساراتها البركانية من مياه جوفية نقية ومياه سطحية ومواد معدنية وشجيرات رعوية ونباتات برية وطيور وحيوانات متنوعة كله لم يعد له وجود بعد أن امتدت يد الإرهاب إلى هذه المحمية، الأمر الذي يتطلب تدخلاً من المنظمة العالمية «اليونسكو» للحفاظ على التنوع الحيوي داخل هذه المحمية وحمايتها من هذه العصابات المجرمة التي شردت البشر وقطعت الشجر وعبثت بالحجر. المهندس بسام الجرمقاني – مدير زراعة السويداء قال: تم إعلانها محمية حراجية طبيعية منذ عام 2006 وذلك بناء على قرار وزير الزراعة رقم 144 حيث حددت مساحة المحمية بـ(2000) هكتار وقد تبنتها المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) كمحمية للإنسان والمحيط الحيوي ولتكون واحدة من الشبكة العالمية لهذا النمط من المحميات وذلك من جراء تميزها بالتراث الطبيعي الفريد والتنوع الحيوي الغني، ولاسيما أن هذا التنوع يترافق مع تشكيلات بيولوجية رائعة، عدا عن ذلك فاللجاة غنية أيضاً بتراثها الثقافي والتاريخي وتشتهر بمناظرها الطبيعية.. وأضاف: يمكن أن تتيح للإنسان تطوير نشاطاته داخل هذه المحمية مع العلم بأن اللجنة الاستشارية الفنية العلمية في اليونسكو قبلت ترشيح سورية لهذه المحمية كمحمية إنسان ومحيط حيوي وذلك في تاريخ 10-2-2009، مضيفاً: إن هذه التسمية لها دلالة عالمية وتم إطلاقها من قبل برنامج منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم وتعني- أي كلمة محمية محيط حيوي- حماية الكائنات الحية النباتية والحيوانية والاستخدام المستدام للمنابع الحية الطبيعية وتنظيم العلاقة بين السكان المحليين والموارد الطبيعية الموجودة فيها. العصابات المسلحة تعبث بالمحمية أدت الأعمال الإرهابية المسلحة إلى إلحاق العديد من الأضرار بمحمية اللجاة والتي أولها إيقاف الأبحاث العلمية التي كان من المفترض أن تجرى على أرض المحمية منذ سنوات عدة، وقد ذكر مدير زراعة السويداء المهندس بسام الجرمقاني أن العصابات المسلحة توزعت على كامل مساحة المحمية وعملت على تهديم الكثير من المقومات الطبيعية والبيئية، إذ قام هؤلاء بالاعتداء على أحد الأبراج (برج صميد) وذلك من خلال قيامهم بتحطيم موجوداته وحرقه وذلك بسبب قرب برج المراقبة من مكان هذه العصابات، الأمر الذي أدى إلى خروجه من الخدمة، أضف إلى ذلك أن غياب الجهات المعنية عن هذه المحمية نتيجة الظروف الراهنة، عزز الرعي الجائر داخل هذه المحمية ما أدى إلى تدهور الغطاء النباتي ولاسيما أن هذا الغطاء سبق أن بدأ بالنمو خلال سنوات حماية المحمية، عدا عن الصيد الجائر ولاسيما الطيور المستوطنة ما أدى إلى تراجع أعدادها بشكل كبير، والنقطة المهمة هي تعرض أشجار وشجيرات المحمية لعملية احتطاب ممنهجة من قبل هذه العصابات ولاسيما احتطاب الأشجار المعمرة، الأمر الذي أدى إلى تدهور الثروة الحراجية داخل اللجاة والتي أهمها أشجار البطم واللوز البري. مضيفاً: إن تمركز العصابات المسلحة داخل المحمية ولّد العديد من الانعكاسات السلبية والتي أولها اضطرار السكان المحليين للهجرة من قراهم إلى المدينة ولاسيما بعد أن باتت منطقة اللجاة بمنزلة الخطر المحدق بهم عدا عن ذلك قيام هذه العصابات بالعبث بما تحتويه المحمية من أوابد أثرية وتاريخية، مع العلم بأن اللجاة غنية بهذه الأوابد إضافة لهروب عدد كبير من الحيوانات المستوطنة هناك ولاسيما الثدييات، كما أدت الأعمال التخريبية إلى هجرة عدد كبير من طيور المحمية إلى خارجها الأمر الذي أحدث خللاً في التوازن البيئي بعد أن استقر فيها عدد كبير من الطيور قبل الأحداث العاصفة بالبلاد، إضافة لكل ماتقدم تدهور الغطاء النباتي والقضاء على العديد من الأصول البرية مع احتمال تشوه معالم الأرض وحباتها البازلتية وتدهور التربة. دراسات لم تنجز بعد من الواضح تماماً أن فرق الدراسة الخاصة بمحمية اللجاة التي تشكلت عام 2010 لم تستطع على الإطلاق إنجاز أعمالها الموكلة إليها وذلك من جراء تمركز تلك العصابات داخل حدود المحمية مع العلم- وبحسب مدير الزراعة- بأن بعض الدراسات المتعلقة باللجاة قد تم إنجازها لكن بعض هذه الدراسات والأبحاث لم يأخذ طريقه نحو التنفيذ ومن الدراسات المنجزة تحديد حدود المحمية وإجراء دراسة عن المجتمع المحلي وتوعية السكان مع تبيان أهمية هذه المحمية إضافة لإجراء دراسة عن الثدييات وبيان أنواعها ومعرفة الأنواع المهددة بالانقراض، عدا عن إجراء مسح للمحمية ومعرفة الزواحف المنتشرة فيها ودراسة أسس السياحة البيئية، لكن وللأسف الشديد لم تتم متابعة هذه الدراسات نتيجة الأوضاع الراهنة. ماذا يقول السكان؟! بتلهف وحرقة قال لنا عدد من سكان منطقة اللجاة: إن هذه المحمية كانت بالنسبة لنا بمنزلة المتنفس البيئي الوحيد لما تختزله داخل صخورها وحباتها البازلتية من مقومات طبيعية بدءاً من أعشابها الطبية وانتهاء بمياهها الجوفية، عدا عن ذلك- يضيف هؤلاء- إن تحول اللجاة من منتزه طبيعي إلى مرتع لعبث هؤلاء المرتزقة أفقد مربي الثروة الحيوانية المصدر الأساس لغذاء مواشيهم ولاسيما أن اللجاة كانت ومازالت مراعي لمواشي أهالي المنطقة، أما الآن وبعد أن حرمت عليهم بسبب تمركز تلك العصابات بداخلها فقد اضطر المربون لبيع مواشيهم بسبب انعدام المراعي البديلة، والنقطة المهمة أن منطقة اللجاة تحولت إلى مكمنٍ لقطاع الطرق بغية تنفيذ أعمال خطف ونهب وسرقة وحوادث كثيرة سجلت في هذه المنطقة حتى باتت الطرق في هذه المنطقة غير آمنة ولاسيما ليلاً، وعلى الرغم من ذلك يقول أبناء المنطقة ممن التقيناهم إن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها هؤلاء المرتزقة لم ولن تخيف أبناء اللجاة، فهم لن يغادروا قراهم وسيتحدوا تلك العصابات مؤكدين أن محمية اللجاة- وبفضل تلاحم الجيش العربي السوري وأهالي المنطقة- سيعود لها ألقها من جديد طال الزمن أم قصر. ماذا تقول مديرية شؤون البيئة؟! من جهته المهندس رفعت خضر- معاون مدير شؤون البيئة في المحافظة قال: للأسف الشديد إن تمويل مشروع محمية اللجاة قد توقف حالياً ولاسيما أن تمويل المحمية كان مقرراً من قبل منظمة اليونسكو مع العلم بأنه سبق لوزارة البيئة أن قامت بتدريب كوادر فنية محلية بغية تأهيل وإدارة المحمية و ذلك بالتعاون مع المجتمع المحلي علماً بأنه سبق لمديرية شؤون البيئة أن قامت بإجراء مسوحات ميدانية على الأرض شملت المجتمع المحلي أي القاطنين في تلك المنطقة علماً بأنه كان سيتم إشراكهم في الأعمال البحثية ولكن الظروف الراهنة حالت دون تنفيذ ذلك. محمية اللجاة وكيفية إعلانها فرحة المجتمع المحلي بإعلان اللجاة محمية طبيعية وتوجيه أنظار المستثمرين إليها بغية الاستثمار لم تكتمل ولاسيما بعد أن باتت اللجاة بمنزلة المخبأ اللاشرعي للمسلحين. رئيسة دائرة التنوع الحيوي والأراضي والمحميات في مديرية شؤون البيئة في المحافظة المهندسة أميمة الشعار قالت: لقد أعلنت اللجاة محمية حراجية طبيعية بناءً على قرار وزير الزراعة رقم 144 لعام 2006 لكن المحمية بقيت على حالها حتى عام 2008 حيث سعت وزارة البيئة بالتعاون مع الجهات الدولية لدعم المحمية /اليونسكو/ وبالفعل تم تشكيل لجنة بتاريخ 21/8/2008 لجمع كل المعلومات المتعلقة بواقع المحمية ومحيطها والمطلوبة- أي هذه المعلومات- من قبل الخبراء الدوليين وقد تمت صياغة الملف النهائي الخاص بالمحمية بعد عمل مضن استغرق حوالي /6/ أشهر وقد أثمرت هذه الأعمال ليكون تاريخ 10/2/2009 الموعد الأساس لإعلان محمية اللجاة -ومن قبل اليونسكو- المحمية الأولى من هذا النوع في سورية ومن ضمن 32 محمية في العالم كمحمية إنسان ومحيط حيوي. وهذه الخطوة الأولية بدأت بإشراف ومتابعة من قبل مديرية التنوع الحيوي والمحميات الطبيعية في وزارة الدولة لشؤون البيئة ووزارة الزراعة واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم في وزارة التربية والمكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت. مضيفة: إن اللجاة سميت «تراكون» وأطلق عليها الرومان اسم «ترافنيتس» بمعنى وعرة وقد سميت لجاة لكونها تمثل ملجأً للثوار وتكمن أهمية اللجاة في أن المخلفات التي بقيت فيها لا تزال على حالها منذ العصور الغابرة، فهناك أبواب حجرية مازالت قائمة حتى الآن علماً بأن اللجاة تختزن بين طياتها الكثير من الأسرار وتحتاج العديد من الجولات الاستكشافية لكشفها، أما الآن وفي ظل هذه الظروف فمن الصعب متابعة هذه الأبحاث لكونها لم تعد آمنة. الواقع المائي في اللجاة تضيف المهندسة الشعار: إن اللجاة غنية بمقوماتها الطبيعية وهي تقع ضمن منطقة الاستقرار الثانية ويبلغ معدل أمطارها من 250-350 مم.. يوجد فيها العديد من الآبار الجوفية السطحية وهذه المياه توجد على شكل جيوب وفراغات ضمن الصبات البازلتية، إضافة لذلك تغطي الصبات البازلتية معظم مساحة اللجاة لكن هذه الصبات يتخللها أحياناً بعض المساحات الزراعية التي يعيش فيها سكان المنطقة والتي يوجد فيها العديد من بقايا الأشجار والغابات القديمة والمقطوعة، وهي أراض زراعية تمثل الصبات البازلتية المنتشرة في اللجاة. موقع اللجاة تقع منطقة اللجاة -حسب المهندسة الشعار- ضمن منطقة صخرية وعرة ناتجة عن مقذوفات بركان جبل العرب ولاسيما بركان تل شيحان الذي يبلغ ارتفاعه 1140 متراً ومنطقة اللجاة تمتد من جبل العرب حتى شرق الأردن على شكل مثلث متساوي الأضلاع.. تبلغ مساحة المحمية في محافظة السويداء 2000 هكتار أراض وحراج من دون مساحة القرى، ومنطقة اللجاة ذات تربة بركانية غنية بالمواد المعدنية تصلح للمراعي وبذلك تكون اللجاة فريدة من نوعها على مستوى المنطقة العربية، مع العلم بأنها غنية بالمياه الجوفية المعدنية, وذلك على الرغم من سيادة المناخ الجاف فيها، ومنطقة اللجاة كانت غابة خضراء كثيفة لكنّ ظروفاً متعددة أزالت هذا الغطاء الأخضر ولاسيما زمن الاحتلال العثماني. وزائر اللجاة سيلحظ أن هذه الغابة لم يبق منها سوى بعض الأشجار والنباتات التي تأقلمت مع طبيعتها الصعبة التي تبدو أوراقها خضراء بسبب أخذها كمية كافية من الماء عبر تغلغل جذورها بين الصخور كالبطم واللوز البري والسويد والزيتون والتين إضافة للنباتات العشبية العديدة الرعوية منها والطبية. طبعاً، لو كتبت للمحمية الديمومة، لعادت اللجاة إلى سابق عهدها محمية حراجية وطبيعية غنية بأشجارها الحراجية. وأخيراً، لابد من القول: إن اللجاة غنية بالحياة البرية التي تأقلمت مع ظروفها الصعبة فمن الطيور المستوطنة داخل اللجاة: الدوري- الحسون- الحجل البري –الباشق- البوم- أبو الحن.. ومن الطيور المهاجرة: السمن، الوروار-الزرعي –البط- اللقلق- السنونو... ومن الحيوانات: الضبع- ابن آوى- السنجاب- النمس- الارنب- القنفذ- النيص- الكلب- القط البري-الذئب، كما يوجد ضمن اللجاة العديد من الزواحف كألافعى –الضب –السلاحف وغيرها. طبعاً ماذكر آنفاً لم يعد له وجود ولاسيما بعد أن تحولت اللجاة إلى ملجأ للعصابات المسلحة.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=7&id=1587