رغم أهمية وجمال ما يصنعه الأبوان وتحملهما لضغوطات عديدة في سبيل تأمين الاحتياجات المعيشية للأبناء ، إلا أن دائرة العطاء لا تكتمل بأداء الواجب الأبوي من خلال عمل الأب لساعات طويلة من أجل تأمين مستقبل أبنائه ماديا ، وبذل الأم قصارى جهدها للتوفيق بين واجباتها المنزلية وعملها الوظيفي إن كانت من السيدات العاملات .. وتظل احتياجات الطفل تصرخ، وتبحث عمن يشبعها، احتياجات من نوع آخر غير المأكل والملبس . إن أزمة علاقتنا بأبنائنا تكمن في عدم إحساسنا بهم, وتفهمنا لمشكلاتهم , واهتمامنا بمشاعرهم ، في حين نطلب منهم دوما أن يكونوا كما نشاء ،أو كما نحب تحت مسميات كثيرة من الحب والخوف عليهم , والحرص على مستقبلهم , ويتجلى هذا الأمر باتباع البعض منا أسلوب التسلط في التعامل , وفرض الرأي دون مراعاة العواقب الوخيمة , والآثار السلبية على شخصية الأبناء . إن العلاقة بين الآباء والأبناء هي المسؤولة عن تنشئة طفل سليم نفسيا , فكلما توطدت هذه العلاقة أصبحت أكثر ثباتا في مواجهة الحياة ، وكلما ضعفت أدت لكبح وإعاقة النمو النفسي للطفل , وعدم إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية. ومن هذه الحاجات تبرز أهمية الصداقة في حياة أبنائنا , واذا كان لابد من الحديث عنها فلابد أن نشير الى أهمية الصداقة بين الآباء وأبنائهم ، هذه الصداقة التي يتجاهل الكثيرون منا أهميتها والتي تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية هي الحب والثقة والاحترام. فمعاملة الطفل بالحب والحنان منذ سنوات عمره الاولى، ودعم ثقته بنفسه من خلال الاستماع اليه في جو من الحوار الهادئ الذي يكفل الاحترام لكلا الطرفين, يساعد الطفل على مواجهة الحياة بالحب والقيادية , وليس بالانطواء والانقيادية. إن الصداقة مع أبنائنا ليست مجرد شعار ننادي به في مجالسنا وحواراتنا مع الآخرين ، وإنما هي تطبيق عملي على أرض الواقع يتجسد من خلال محاولة التقرب من أبنائنا والاندماج في حياتهم ، وتخصيص وقت كاف للحديث معهم والتعرف على مشكلاتهم، والمساهمة في إيجاد الحلول لها، مع تقبل الطفل بكل عيوبه ومميزاته, وتجنب تأنيبه وتعنيفه باستمرار، وتوفير مساحة من الحوار المثمر والديمقراطي من خلال إتاحة الفرصة لهم لإبداء آرائهم التي قد تحتمل الصواب أو الخطأ، ويجدر بنا أيضا أن نحسن الاستماع لهم , وهذا لايتعارض إطلاقا مع طاعة الوالدين وبرهم, مادام هناك احترام والتزام بآداب الحوار، كما يتوجب علينا إعطاء الأبناء فرصة التعبير عن مشاعرهم ومشاركتهم مناسباتهم , وإشعارهم بأهمية آرائهم , وإشراكهم في حل بعض المشكلات الخفيفة التي تعترضهم. فلنحرص جميعا على إقامة علاقة صداقة جميلة مع أبنائنا لنجنبهم البحث عن صداقات بديلة قد تجرفهم في تيارات لاتحمد عقباها. |
||||||||
|