محليات

وزراء الحكومة.. «سبق صحفي»

إياد ابراهيم - الوطن


أثناء دراستي الجامعية في قسم الصحافة عملت على حلقة بحث احتاجت مني مراجعة الصحف السورية بدايات القرن الماضي، وأثناء البحث والمطالعة كانت تصادفني موضوعات لم نعد نجدها اليوم في صحافتنا السورية ولم يعرفها جيلنا من الإعلاميين إلا من قيض له «حلقة بحث» تذهب به إلى أرشيف وزارة الإعلام الذي ترددت إليه مراراً منذ عشرين عاما في منطقة المهاجرين. من تلك الموضوعات أو الحالات التي أثارت غيرتي الإعلامية أن صحفياً حقق سبقاً عندما كشف أن الحكومة في ذلك الزمن سيتم حلها (غداً)، وسيكلف فلان تشكيل حكومة جديدة.. بغض النظر عن الحكومة التي تم حلها، إلا أن تسريب المعلومة بحد ذاتها كانت حدثاً أثار سجالاً واسعاً على صفحات الصحف (الورقية) التي كانت كثيرة جداً في سورية آنذاك، ما أثار الغبطة في نفسي تجاه ذلك الصحفي المحظوظ أو ربما المحظي. تذكرت هذه الحادثة اليوم وأنا أتابع تكهنات الصحفيين على جميع مستوياتهم من «الفسبوكيين» إلى «التلفزيونيين»، وحتى أصحاب المناصب في هذا القطاع، كان الجميع يضع الاحتمالات ويرشح من يعتقده مناسبا لوزارة ما، فتباينت التكهنات وان تلاقت في بعض المسلمات، لكن الجميع أنهى حديثه بعبارة واحدة تصب في خانة العجز عن الحصول على معلومة موثوقة، وأن كل تلك التكهنات يمكن أن تختلف في اللحظات الأخيرة. وعلى الرغم من أني لست الصحفي المحظي أو المحظوظ لأسجل سبقاً في أخبار حكومة اليوم، إلا أني أعدّ أن رصد وجهات النظر الجديدة التي ظهرت في معايير تكهنات التشكيلة الوزارية اليوم هو بحد ذاته سبق صحفي، فهناك من يرى أنه سيتم اختيار الوزراء وانتقاء بعضهم من باقة الأحزاب القائمة وستكون ثمة حصة لتلك الأحزاب التي ظهرت مؤخراً، وهذا معيار لم يكن يخطر ببال سابقاً. رأي آخر قال إن التأخير جاء بسبب دقة البحث عن كفاءات يمكنها أن تقدم فعلا ما يحقق الهدف من وجودها، ولا تبقى أسماء لا يذكرها الا من هم في محيطها كالكثير من وزراء الحكومة التي غدت في موضع تصريف الأعمال..! وهو الحد الأدنى لما يأمله جميع المواطنين. وقال آخرون إن الكرة في ملعب المعارضة التي لا تزال تبحث في جعبتها عن مرشحين، وهو معيار آخر لم يحلم به أحد، ولا سيما أن المعارضة التي يحق لها المشاركة في الحكومة تشترط حسب قولها الدخول في الحكومة على أساس برنامج عمل يتم التوافق عليه لا على أساس المقاعد..! بينما كرر راديكاليون قصصاً قديمة عن أشخاص تحكمهم المصالح الشخصية يدفعون الأمور باتجاه تشكيلة تقليدية، ويرون أن في الإصرار على الاكتفاء باجترار تجربة تبديل الحقائب سببا في الاستعصاء القائم حتى الآن. رأي واحد لعل فيه «سبق» لن يحدث في هذه الحكومة، إذ أخبرني صحفي عتيق أن الأمر لا يبدأ من هنا، بل هو في مكان آخر، تحت قبة برلمان منتخب يحقق تمثيلاً يمكنه محاسبة حكومة وإقالة وزير إذا استحق، آنذاك لا تهم المعايير التي يتم اختيار الوزراء بناء عليها فالمقياس، الحقيقي سيكون في أفعالهم لا في انتماءاتهم أيا كانت، وهذا سيدفع الأحزاب إلى توسيع قواعدها واغناء كوادرها واختيار الأكفياء منهم ليحافظوا على وجودهم في الحكومة. ألا يغدو ذلك أن تحقق سبقاً صحفياً لم يسبقني إليه أحد..!

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=16&id=1382