كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
لا تقل أضرار القطاع الزراعي عن مثيلاتها في الصناعة والسياحة، لكن للزراعة وضعاً خاصاً لأن سورية بلد زراعي رغم كل النظريات التي أرادت قول عكس ذلك، ولأن الزراعة كانت تساهم لعقود طويلة بنسبة (24%) من الناتج المحلي الإجمالي، ولأنها تشغل 46% من مجموع السكان. لكل هذه الميزات نستطيع أن ندرك حجم الخسائر الهائلة على الاقتصاد الوطني، الناتجة عن خروج عشرات آلاف الدونمات من الاستثمار لأسباب متعددة أبرزها: إن الفلاحين لا يستطيعون استثمار أراضيهم ولاسيما في المناطق الشمالية الشرقية التي تشكل المخزون الأساس للمواد الغذائية، مثلاً شكّل إنتاج محافظة الحسكة من القمح لعام 2009 نحو 30,6% من إجمالي إنتاج سورية من القمح. هناك من زرع البذار وسقى أرضه مرة واحدة، ولم يتمكن من متابعتها، وهناك من قلص المساحة المزروعة من عشرات الدونمات إلى ما يسد حاجة الأسرة من الاستهلاك المحلي. خلال هذه الحرب أصبحت الدولة تستورد ما كنا نصدره من إنتاج تلك المناطق، إما بسبب عدم زراعة تلك المساحات الخصبة، وإما بسبب عدم التمكن من استلام المحصول: فقد كان من المقرر أن تتسلم الحكومة نحو 1,9 مليون طن قمح، إلا أن كل ما تم استلامه يكاد لا يتجاوز 500 ألف طن، وهناك نحو نصف مليون طن في محافظة الرقة مثلاً لم يصل منها أكثر من 10 آلاف طن إلى صوامع الدولة، ليس هذا فحسب بل حتى الكميات التي تسلمتها الدولة، تمت بعد أن قامت الجهات المعنية بموضوع القمح بدفع عمولات وصلت إلى نحو 25 ليرة لكل طن قمح في الكيلو متر وذلك لكل سيارة تشحن القمح من تلك المناطق، بحيث قد تصل تكلفة شحن السيارة وحدها إلى نحو مليون ليرة. أما عند الحديث عن القطن فتشير الأرقام إلى أن نسبة التنفيذ انخفضت لتصل إلى 38 % فقط و12% للشوندر السكري، وهناك آلاف الأشجار المثمرة تضررت، وآلاف الأسر أصبحت بلا مورد، ومئات الدونمات لوثتها عمليات استخراج النفط ،ثم جاء الجفاف ليكمل ما يفعله المسلحون بالزراعة والمزارعين. خطة القمح انخفضت لطالما اضطر الأعداء قبل الأصدقاء للإشادة بسياسة سورية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وبالتالي رغيف الخبز، فسورية مع دولة عربية أخرى هما الوحيدتان اللتان حققتا كفايتهما من القمح. مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الزراعة د. هيثم الأشقر يؤكد أن الدولة لم تتخل عن القطاع الزراعي خلال الأزمة، وبقيت تؤمن الحاجات المختلفة والنقل بحيث يبقى القطاع منتجاً، ، ويؤكد أن تكلفة دعم بذار القمح لهذا العام بلغت نحو 7,5 مليارات ليرة، فقد خفضت الدولة سعر كيلو البذار من 35 ليرة إلى 33 ويعد أن محدودية الكمية التي تسلمتها الدولة من القمح تعود لأسباب كثيرة منها أن الفلاحين زادوا نسبة تخزينهم من القمح للاستخدامات الذاتية من 1,2 مليون طن خلال الأعوام السابقة ، إلى أكثر من 1,5 مليون طن لهذا العام. كانت سورية تنتج نحو 3,6 ملايين طن قمح قبل الأزمة، وقد وصل الإنتاج في بعض السنوات لنحو 5 ملايين طن قمح، يصدر الفائض بعد تأمين حاجة السوق المحلية المقدرة بنحو مليوني طن. لكن هذه الكميات بدأت تنخفض مع توالي سنوات الأزمة، حتى وصلت نسبة التنفيذ إلى 77% من خطة زراعة القمح، ولم تتجاوز نسبة التنفيذ 38% للقطن، و12% للشوندر السكري. في تفاصيل الخطة تؤكد جداول وزارة الزراعة أن المخطط لزراعة القمح في موسم 2013 ـ 2014 كان 1,7 مليون هكتار نفذ منها 1,2 مليون هكتار، وكان الإنتاج المخطط نحو 4,8 ملايين طن، بينما المقدر يبلغ نحو مليوني طن، فهل انطبق حساب الحقل على البيدر، ولماذا توضع الخطط الإنتاجية إذا كانت لن تطبق؟ لا يوافق مدير التخطيط د. الأشقر على هذا الطرح ويرى أنه يجب وضع الخطة، لأن الفلاح سيزرع أينما كان، وفي بعض المناطق لجأ إلى زراعات بديلة لأن الفلاح ذكي ويستطيع الوصول للخيار الأفضل. على أرض الواقع لم يتجاوز المسوق للدولة من محصول القمح نصف مليون طن، وهنا يؤكد رئيس مكتب الشؤون الزراعية باتحاد الفلاحين علي حبيب عيسى أن قسماً من الإنتاج بقي عند الفلاحين ، وقسماً منه تم بيعه لمصادر أخرى بتدخل من المسلحين. رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو يؤكد الفكرة ذاتها من حيث بقاء كميات كبيرة من القمح عند الفلاحين لم يتم استجرارها، بينما تكلفت الدولة ملايين الدولارات كقيمة لاستيراد القمح من الخارج، معاون مدير مؤسسة الحبوب يوسف قاسم يؤكد لتشرين أن سورية استوردت 2,4 مليون طن منذ 2012، بقي منها 300 ألف طن، وقد تم استيراد تلك الكميات من دول مختلفة كدول البحر الأسود. د. الأشقر يذكر تسهيلات نوعية كثيرة قدمتها مؤسسة الحبوب لتسهيل عملية تسويق واستلام محصول هذا العام، كاعتماد المؤسسة على قوائم وتصاريح من المزارعين عوضاً عن شهادات المنشأ، كما أعطت الدولة أسعاراً محفزة ومغرية، إضافة لإعطاء حوافز نقل المنتج من المحافظات الشمالية الشرقية إلى دمشق بمقدار 25 ليرة لكل طن على الكيلو متر، ووافقت على استلام كل أنواع الحبوب مهما كانت مواصفاتها، بينما كانت قد رفضت استلام أنواع من القمح حتى كعلف للحيوانات في 2008. ضاع الذهب الأبيض ومعامل تصنيعه حالة الذهب الأبيض أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية أكثر سوءاً، كان إنتاج سورية من القطن يصل لأكثر من مليوني طن، لكن قبل وربما بعد تدمير المعامل التي كانت تصنع القطن المحلي، خفضت خطة زراعة القطن تبعاً لخطة المعامل، كما يؤكد مدير التخطيط في وزارة الزراعة. بيانات وزارة الزراعة تؤكد أن المساحة المزروعة المخططة انخفضت من 193ألف هكتار إلى 72,5ألف هكتار،بانخفاض في نسبة التنفيذ يصل إلى 38%، كما أغلقت المعامل التي كانت تغزل وتنسج القطن السوري المتميز في المناطق الآمنة، بسبب نقص المواد الأولية، وفي المناطق الساخنة بعدما سطا المسلحون على آلاتها. يؤكد حبيب أن هناك مشكلات كثيرة تحول دون تنفيذ الخطة الزراعية، وتتعلق في معظمها بصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج، فمستلزمات الإنتاج توزع تبعاً للإمكانات الأمنية في كل محافظة ، لكن حرصت الدولة حتى الآن على توزيع بذار القطن للحفاظ على النوعية الجيدة للقطن السوري، وحماية الأراضي الزراعية من الأمراض التي تنقلها بعض أنواع البذار. زراعة الشوندر السكري تكاد تندثر كثيرة هي الأسباب التي تعوق إتمام عملية الإنتاج الزراعي، وربما يأتي نقص المحروقات وارتفاع أسعارها في قائمة الصعوبات التي تواجه العمل الزراعي. كان إنتاج العام 2010 من مادة الشوندر السكري نحو 1,7مليون طن، وكانت طاقة المعامل أقل من كمية الإنتاج، وفي العام التالي ( 2011) بدأت الحكومة بدراسة توسيع معامل تصنيع الشوندر السكري كما يؤكد مدير الشؤون الزراعية علي حبيب. كان المخطط لهذا العام إنتاج نحو مليون طن على مساحة 19 ألف هكتار، ولكن لم تتجاوز المساحة المنفذة 2391 هكتاراً، المنتج منها 1598 هكتاراً بنسبة تنفيذ 12% فقط، وإنتاج فعلي لا يتجاوز 67 ألف طن. تكاد منطقة الغاب تستحوذ على إنتاج مادة الشوندر السكري، إذ إن 93% من خطة الشوندر تزرع في تلك المنطقة، وهي تعد من المناطق الساخنة في هذه الحرب، وفيها أكثر من 13 قرية يمنع دخول مادة الأسمدة إليها بعدما تم استخدام السماد المدعوم من قبل الدولة في كثير من المناطق لصناعة المتفجرات، ويعد رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو أن محصول الشوندر السكري محصول اجتماعي يحتاج عمالة كبيرة، وصعوبة تأمينها كانت من أحد أسباب تراجع زراعته، إضافة إلى أن معامل تصنيعه الأربعة في مناطق خارج السيطرة كـ (الرقة، دير الزور، مسكنة، إدلب)، فمن أحد إبداعات الحكومات السابقة أن إنتاج الشوندر في منطقة والمعامل في اتجاه آخر. أرقام مرتجلة قدرت (الفاو) أضرار القطاع الزراعي للعام الماضي بنحو 1,8 مليار دولار، مدير التخطيط د. الأشقر يرى أن الأرقام التي تطرح هي عبارة عن أرقام تقديرية تأشيرية من خلال الملاحظة، أو فوات الاستثمار، لكن في الحقيقة لا أحد لديه تقدير دقيق للأضرار على مستوى الحائز. الأراضي الزراعية ساحات للمعارك كما تضررت الزراعات الاستراتيجية، كذلك الأشجار المثمرة مدير الاقتصاد الزراعي د. مجد أيوب يؤكد أن أراضي المحاصيل الزراعية تضررت، لكن هذا لا يعني أنها خرجت من الاستثمار لكنها بين أيدي المسلحين، ولا يستطيع الفلاح الوصول إليها. يضيف أيوب إن وضع الفلاحين مأسوي بسبب استخدام الكثير من أراضيهم كساحات للمعارك، ويضاف لذلك صعوبات التنقل والنقل ومستلزمات الإنتاج ولاسيما الأسمدة، الأمر الذي أدى إلى اختصار المساحات المزروعة إلى مساحات محدودة، يتمكن من خدمتها.أحد المتابعين في دير الزور يؤكد أن 25 ألف نسمة من سكان منطقة مو حسن يعملون في الزراعة، وأغلبيتهم الآن يزرعون للاستهلاك المحلي وليس للبيع، لأن أراضيهم تطولها القذائف، وهناك أراض كثيرة زرعت بقذائف غير متفجرة، الأمر الذي يحول دون إمكانية حراثتها. أما من زرع ووصل إلى مرحلة الإنتاج فهو معرض للسرقة من قبل المسلحين خاصة في المحافظات الحدودية التي يسيطرون عليها كما يؤكد د. أيوب ذاكراً أسباباً أخرى لتدني الإنتاج كالعقوبات التي فرضت وتسببت بصعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج ولاسيما المستوردة من الدول الأوروبية والخليج وأمريكا، أيضاً ارتفاع سعر الصرف أدى إلى تخفيض المستورد لحجم مستورداته، بحيث لم تعد تغطي الاحتياج الكامل. من الأسباب التي يذكرها د. أيوب أيضاً خروج الكثير من المعامل أو مستلزمات الإنتاج سواء بسبب سيطرة المسلحين عليها أو تهديمها، وهذا يتضح من انخفاض حجم مبيعات مستلزمات الإنتاج حتى في المناطق الآمنة لنحو 30% رغم ذلك هذا لا يعني توقف الصناعيين لكن بعضهم انتقل إلى المناطق الآمنة وربما هذا أثر في الكمية والنوعية، وبالمحصلة رغم كل ظروف البلد لا نزال نؤمّن ما نحتاجه من أغذية، ولا تزال الأسعار للمواد غير المدعومة أرخص من دول الجوار، وما زال الكثير من أفراد دول الجوار يأتون للتسوق من الأسواق السورية. في الأزمات تكتشف المعادن رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو يعدّ أن قطاع الزراعة أثبت خلال هذه الأزمة بأنه الأول والثاني والثالث، وأن الفلاح هو أحد أسباب صمود البلد واستمرار المزارعين في الزراعة، لأن المزراع لا يستطيع نقل أرضه إلى تركيا مثلاً، ما يدفعه للعمل والتمسك بالأرض، يرى كشتو أن انتاجنا من الأشجار المثمرة لم يتأثر كثيراً، وأن نسبة التدني بإنتاجه تعود لعدم توافر العناية المطلوبة، ويؤكد أن أكثر المحاصيل التي تأثرت هي التي تحتاج سلسلة من الأعمال كالشوندر والقطن التي تحتاج عمالة كثيرة، يعد كشتو أن غياب تمويل المحاصيل الاستراتيجية كان أحد أسباب البحث عن بدائل وعدم تنفيذ الخطة بسبب البحث عن الأقل تكلفة، كزراعة البطاطا بديلاً لبعض المساحات المخصصة للزراعات الاستراتيجية، الأمر الذي حقق وفراً في منتج البطاطا حتى للتصدير، إضافة لتصدير معظم المحاصيل غير الاستراتيجية كالكمون، العدس، الحمص والكزبرة. ويرى أن واقع الزراعة مقبول رغم وجود الكثير من الصعوبات وفي مقدمتها النقل. الفلاح ثم الفلاح المهندس سلمان الأحمد عضو اتحاد غرف الزراعة لا ينسى التذكير بالدور الذي ساهم فيه اتحاد الغرف الزراعية في تأمين الغذاء للمستهلك خلال سنوات الأزمة، وذلك من خلال تفعيل المقايضة مع الدول الصديقة، تم من خلالها تسويق بعض المنتجات الزراعية مقابل الحصول على مواد أساسية للاستهلاك المحلي. كما عدّ أن الاتحاد ساهم في كسر الحصار الاقتصادي من خلال تأمين بذار البطاطا بكميات كبيرة تغطي حاجة القطروتمكن المزارعين من تصدير فائض الإنتاج. يضيف الأحمد إنه مع الأضرار الكبيرة التي تعرض لها القطاع الزراعي بفعل أعمال المجموعات المسلحة إلا أن القطاع الزراعي هو من أهم وأكبر القطاعات إنتاجية فقد استطاع المزارع والفلاح وعلى الرغم من الظروف القاهرة التي يتعرض لها تأمين أغلب الحاجات الغذائية حتى إنه وصل للإبداع والتفوق في عدد كبير من المنتجات التي غطت حاجة بلدنا منها، وتم تصدير الجزء الآخر، كما يقول ويضيف إن هذا شاهد كبير للفريق الاقتصادي في الحكومة على الأهمية الكبرى للقطاع الزراعي والدور العظيم للمزارع والفلاح في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وتحقيق فرص العمل وتأمين القطع لخزينة الدولة من خلال تصدير بعض المنتجات وعودة الاقتصاد الوطني إلى التعافي والنهوض وهذا يتحقق من خلال تنفيذ الشراكة الحقيقية والفعلية بين القطاع الخاص والعام والتي تحتاج إرادة حقيقية من المسؤولين عنها لتنفيذها.
جميع الحقوق محفوظة 2023 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company