كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
زنوبيا خاص - لمى توفيق عباس
لطالما كتبت عن الغربة , وعن هجرة النفس الى الروح , ولطالما ناشدت بطريقة أو بأخرى كل من فارق الوطن بإرادته أو رغما عنه بالعودة اليه , ولطالما من حيث أدري أو لاأدري كنت أشعر بأنني تتلمذت على يد أكبر محامي في امتهان مرافعات ورفع دعاوي على كل من يقرب من خطوط حمراء سيجنا بها هذا الوطن , ولطالما...ولطالما !!!
إلى أن أصبحنا ذات يوم وبدل أن نستنشق عبق الياسمين والجوري والريحان والطيون , نستنشق رائحة البارود
لن أعطي مجالا لهذا الحاضر بأن يلقي على كاهلي عتابات الحب , ويلوّن صور مازالت محفورة في الذاكرةناصعة البياض بسواد هذي الليالي , ولن أترك مجالا لللخفافيش بأن تستوطن فضاء سهراتنا لتحتلّ سماء أحلامنا , وحكايا أطفالنا
ولن تستبدل نوافذ صباحاتنا الدوري والكنار بالبوم والغربان , ومابين ( لطالما ولن ) سأروي لكم قصة قصيرة .
منذ نعومة أظفاري وأن أعشق الشام , ولدت فيها وترعرت بين حواريها وشربت ماءها وتنفست هواها , مع أنني ابنة ريف ومسقط رأسي مدينة جميلة جدا تغفو على زند المتوسط اسمها جبلة ,لكنها دائما كانت تحتل شغاف ذاك القلب وتسري في أوردته .
كبرت وكبر حبها في قلبي , وبت أسابق الغمام في الوصول اليها , أمتطي صهوة الروح وأنا ألعب في أزقتها وأعاند كل مفردات العشق أن تغازلها كما أغازلها , ارتديتها وشاحا , وتلونّت وجنتيَّ من جوريها , تعطرت ُبعبق ياسمينها وتزينت أيامي بريحانها , كانت ضفائري التي أباهي بها عندما أواعد بردى خلسة عن عيون قاسيون , كانت آلاف مؤلفة من سني عمري التي قضيتها مابين الرحيل والترحال
مابين عبق الماضي الدفين وأساطير غيب لم يعيه سواي , ثمة صوت غريب كان يشي دائما في أذني ّ, أنني واياها وجهان لروح واحدة , حتى أنني لم أعد أدري من منا تسكن الأخرى أنا أم هي .!!!
كنت على يقين ولفترات طويلة أنها شآمي ولي وحدي ,وأغار عليها ممن يحبها مثلي كعاشق لايرتضي عشيقا آخر لمحبوبته , حاول والديّ بعد أن توجسا خيفة من هذا الحب والتعلق , أن يأخذاني كل عطلة الى محافظة أخرى كي يقنعاني بأن سوريا فيها محافظات أخرى تستحق الحب أيضا وهي على قدر كبير من الجمال والعراقة , وبعد أن أرهقتهم كثيرا وأعيتهم كل الحيل والوسائل استطاعوا أن يصلوا معي الى أن سورية هي الشام الكبرى , وعلى هذا الاساس وبعد نضجي ووعيي خلصت الى هذه النتيجة فبات كل شبر من سورية الغالية بالنسبة لي هو شآم .
تلك كانت هي قصتي مع شطر روحي سنين طوال الى أن أخذت المنية والدتي ووالدي هذا العام فأصبحت سورية بعد كل غلاها ...هي حضن أمي الكبير وصدر والدي الذي يقيني شر وغدر الأيام والخلان أصبحت هي الوطن وكل الأهل والاحباب .
ليست هذه هي حالي وحدي , فسورية الحبيبة بشكل أو بآخر تعني الأقدار والوجود لكل شخص فينا, وزاد من غلاوتها من نصبناه نحن وبإرادتنا فارسا لها وحبيبا وعشيقا , وأصبح كما هي , رمز يضم في عناوينه وجودنا وبدونهما يكون احتضارنا .
تلاقت الأرواح والأسماء والمعاني والصور فارتبطت , حتى أصبحت قرينته وأصبح فارسها , وذاع صيتهما الكون حتى بلغ حدود السماء ( سوريا الأسد ) وبتنا نحن أسود ولبوات هذا العرين بما خصنا الله عزّ وجلّ به وكرمنا عن غيرنا وجعلها من محمياته الى أن فاخرنا بها الكون وأصبح شعارنا بامتياز ( سوريا الله حاميها ) .
أنا عاشقة من بين 28 مليون عاشق لها ولحبيبها الأسد , وقد أكون وربما أقلهم عشقا وولها ووحبا , فهل يَعقل من يتربّص بها شرا أننا سنقف موقف المتفرج , أو الحيادي , أو الصامت ؟؟؟ هل يعي هؤولاء المجرمون بأنهم يقامروا بأرواحهم وبأن حربهم خاسرة معنا لامحالة ...؟؟؟؟ هل يعي هؤلاء الخونة ممن باعوا هواءها وماءها وذكرياتهم فيها بحفنة من دولارات لُوثت بأيدي الشياطين أسيادهم ممن أغروهم بقتلها وحرقها ..؟؟؟ هل يعلم هؤلاء الكفرة بأن سورية الأسد عصية على كل من يدخلها سوى زائرا أو ضيفا أو عشيقا
..؟؟
وبعد هذا كله هل تعي أيها الوطن بأننا لك سورا وحصنا منيعا لن يجتازوه إلا على جثثنا !!!
كنا نتكلم كثيرا عن الوطن ونتغنى به , لكننا لم نعي مطلقا ماذا يعني الوطن حتى طالتنا نيران تحاول حرقه فصددناها بأرواحنا, وسنبقى
لم نعي مطلقا أنه الثوب الذي يسترنا , والبيت الذي يلمّنا , والأم التي تحتضننا , والماضي والحاضر والمستقبل , وكل الأشياء والعناوين والصور والمعاني والابجديات .
لم نعلم أنه كتابنا المُنزل , ورسولنا الباقي , وأجراس الكنائس , ومآذن الجوامع , وحفنة من دموع الأنبياء والأولياء والطاهرين , ودم الشهداء والمجاهدين .
إيه ياوطن ..اختصرت في حروف ثلاث هواء وأرض وماء وتراب
منها جُبلنا وبها تكونّا وفيها نحيا وبها سنبقى .
ايه ياوطن ...لبِسَتك لبواتك ثوب زفاف ّوتجمّلت بك , ولن نقبل مطلقا بأن نرتديك ثوب حداد
رحماك ياوطن ...لاتأخذنا بمعاصينا وعقوقنا ..
رحماك وأنت الذي نلوذ اليه من خطايانا
رحماك إنّا نستجير بك من آثامنا
رحماك لاتأخذنا بارتكاباتنا ولاتؤاخذنا على من أعلنوا الكفر بك , والعصيان بوجهك , أنت الأب فاغفر ..أنت المضيء دائما فنوّر, أنت الباقي ونحن الراحلون فاحلم علينا
وأنتم أيها الشذاذ ,أيها ...إلام وعلام ماتفعلون ؟؟هل أنتم خلفاء العظيم على الأرض ؟؟أهكذا أوحى الى رسله ؟؟أهكذا كانت شرعة أنبيائه ؟؟أقتلا وتدميرا وفتنة وتخريبا ؟؟بأية رسالة أو نبوة شرّع الذي تفعلونه ؟؟وأي نبي أمر بماتصنعون ؟؟وأي إمام وأي وليّ وأي تقي ّوأي كتاب ؟؟؟فليتفق بكم صوت الحق الذي غفا , ولتغفو أصوات الشياطين التي صحت , وليكن في جعبكم بعض من زاد تلاقون به ربنا وربكم يوم ليس لأحد أحدا .
وأنت أيها الطيب الطيب ,أنت أيها الصالح المصلح , أنت الباقي فينا ومعنا ومنا والينا ,ليس لشيء ولكن لأن الأطفال معك , والتراب معك ودماء الشهداء معك وزغاريد الأمهات معك , ولأنك مع نفسك بصدقك ومسؤوليتك فوطنك معك , وإن خرج عليك بعض الخارجين الذين معهم شوائب خرجت فصفا دونها الكأس وأضحى فراتا زلالا, ولأنك فرح الثكالى وأنشودة المطر ..لأنك ماتبقى لنا من عزة وكرامة بعد أن أهدرنا أغلب صفحاتها بين عتبات التاريخ , ولأنك الطريق إلى معرفة الذات وكنه الحقيقة مابين السطور والسطور , مابين البقاء والأمل , ولأنك أنت ولن يكون لدينا كما أنت وسواك أنت , سنفرش بؤبؤ العين سريرا فلترتاح به , وسادتك قلوبنا وأرواحنا دربك , ودمنا عزيمتك , وأحلامنا صفحاتك وماتبقى من هذا العمر مدادا لقلمك ...سرٍ ياحبيبي بعون الله الذي أحبك وأرادك لنا واليا علينا ولاتأبه ولو كره المجرمون والسفهاء , فلقد احتصنتك العناية الآلهية لتصل الينا طاهرا مطهرا وسنبقى على عهدنا وولائنا لك ماحيينا وستبقى ذاك الأسد الذي سيبقى يحرس عرينه الى ماشاء الله
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company