وصلنا الى مصياف اليوم صباحاً و سألنا عن طريق قرية طير جملة التي نقصدها لزيارة رفيق امير ابراهيم الملازم اول و الذي أصيب خلال خدمته في منطقة الحسينية و قد حدثني عنه أحد الاصدقاء و انه لم يلقَ الاهتمام الكافي من الدولة او الجمعيات .

دخلنا القرية و كنا نتوقف كل عدة امتار لنسال عن منزل ابو فراس فتطوع شاب من القرية و مشى امامنا بدراجته النارية حيث انعطفنا الى طريق مليء بالحفر و البحص يخترق البيوت صعودا ..قلت لامي أظن أن سوء الطريق و فقر الحال و عدم وجود تغطية اعلامية هو سبب عدم زيارة المسؤولين و باقي الانتهازيين و محترفي التسلق و التصوير مع الظرف .

لن احدثكم عن البيت فهو كما اغلب منازل من زرناهم ، حجارة عتيقة و غرف خاوية إلا من بعض الاغراض ، عريشة صغيرة و كرسي أمام المدخل و ابواب مفتوحة لا تُقفل .

دخلنا و لم نرى احداً ، دخل الشاب الذي دلنا الى البيت معنا و هو بالمناسبة ايضا عسكري يخدم في الغاب و نادينا ابو فراس و ام فراس و كما العادة في بيوت القُرى تبقى مُشرعة لا تُقفل فوجدنا ( رفيق) في سريره .

حضناه جميعاً ، فلا يمكن ان تراه دون أن تشعر بأنك يجب ان تعانقه ، سألناه عن حاله ، عن اصابته ، و عند كل سؤال كان يصمت و ينظر الينا بوجهه الجميل و يبتسم .

كان الحديث مؤلماً ، كاشفاً عن مدى نفاقنا ..عن كُبر استعراضاتنا ، عن فسادنا ، ف الملازم اول رفيق أصيب بالحسينية برصاصة قناص اخترقت عنقه و خرجت و اقعدته منذ سنتين في العام 2013 و منذ ذلك الحين و حتى اليوم لم يدخل أحد منزلهم ، لم يزوره أحد ، لم يدق بابهم اعضاء أي جمعية ، سألته عن أدويته , عن علاجه الفيزيائي ، فقال لي أنه يشتري ادويته و فقط منذ شهرين احضر له احدهم الدواء و هي مرة واحدة خلال السنتين و أنه لا يستطيع تحمل تكلفة العلاج الفيزيائي و لا يمكنه أن يذهب الى من يعالجه خارج المنزل ، و انه يعاني آلاماً مبرحة في المثانة و العلاج فقط مسكن الالم !! و ان والده ذهب الى جمعية ( البستان) فقالوا له أن مصياف ليست من ضمن نطاقهم و لا يستطيعون مساعدته و تدخل حينها رجل من الدالية و احضر له ورقة بأنه من سكانها حتى اعطوه سرير و كرسي عادي و السرير الان معطوب .

استأذنته في نشر قصته و صورته فابتسم و قال لي صاحب الوجه الصبوح : ما بدي ظبط حالي شوي ؟؟ قلت له اني اراه أجمل من أي صورة و هي الحقيقة .
بكل بساطة و برسم من يهتم الملازم أول رفيق لا يحتاج الى شفقة و لا يحتاج الى ان يطلب من احد فقد وضع على جراحه ملحاً و صمت لسنتين و قد يستمر بالصمت الذي يقيه ذل السؤال من فاقدي الاحساس و جمعيات اسمها كبير و فعلها صغير ، و لكني أنا من سيتكلم باسم من اعتبره فرداً من عائلتي :

ألا تخجلون من حاجة جندي الى سرير هوائي او مائي و التبرعات تأتيكم من كل حدب و صوب ؟؟

ألا تخجلون من حاجة جندي هو السبب في انكم لا زلتم فوق كراسيكم الى كرسي كهربائي ..؟؟الى علاج فيزيائي في البيت ؟؟ الى طبيب ؟؟ الى بعض الاهتمام ؟؟

هل دمرت الحرب أخلاقكم أيضاً ؟؟

Wafaa Hasan

الفيس بوك