كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
أن تضطر الأسرة بسبب غلاء أسعار الخضار إلى اتباع ثقافة الشراء بالحبة أو ربما الاستغناء عنها كلياً بعد أن ضاقت بها السبل، يعني بـ«القلم نشرح» أن حالها المعيشي بلغ حداً مأزوماً من دون أن يلوح في الأفق بصيص أمل ينعش جيبتها الخاوية وسط عجز الجهات المعنية عن اتخاذ إجراءات فعلية تنقذها من تلك الفورات المفاجئة دفعاً لبلائها، فأين الجهات المعنية من هذا الواقع وخاصة التجارة الداخلية المكلفة بحماية المستهلك؟ وإلى متى سيكون المستهلك والفلاح دائما ًضحية جشع التجار وتقصير أولي الشأن؟ وماذا يمكن فعله في مثل هذه الظروف لتخفيف وطأة الأسعار المرتفعة عن الأسرة، التي تركت تتدبر شأنها وحيدة ريثما تعود أسعار السلع إلى جادة الصواب من تلقاء نفسها. هل أصبحت كماليات؟ تتعالى صيحات باعة الخضار لدعوة المواطنين إلى الشراء في سوق باب سريجة الشعبي، لكن ذلك لا يبدو نافعاً بسبب غلاء الخضار الجنوني بشكل يحول دون إقبالهم على ابتياع احتياجاتهم، وهنا نرى سيدة أربعينية أمام بسطة خضار تتصفح حقيبتها لمعرفة ما بحوزتها من المال، نسألها عن الأسعار وكيفية تدبر شؤون أسرتها، ترد والحيرة بادية على وجهها: الشهر لا يزال في أوله والراتب شارف على الانتهاء، فكيف نستطيع تدبير أحوالنا، فقد بتنا عاجزين عن إيجاد أي حلول لتمضية الشهر من دون استدانة بشكل إلى جانب حرمان أفراد عائلتي من بعض السلع، مع أن هذا الخيار لم يعد مجدياً أيضاً. بدوره يحمّل أبو أحمد أب لـ4 أطفال الجهات الرقابية المسؤولية عن جشع التجار وتحكمهم في رقاب العباد، فمن غير المعقول -حسب قوله- عدم تمكنها من إيجاد آليات تضبط الأسعار، ليدفع المواطن الفقير الثمن عبر حرمانه من أبسط احتياجاته، ففي السابق كنا نعتمد على الخضار لكونها أرخص لكنها اليوم لم تعد متاحة لدرجة بتنا نخشى أن تصبح من الكماليات. ماذا يأكل الفقير؟! رأيناه يتنقل من بائع لآخر في سوق مساكن برزة لعله يحظى بمونة جيدة تناسب جيبه وترضي ذوقه، حيث يبدأ أبو سالم بتفحص الفول ومعاينة البازلاء قبل سؤال البائع عن سعرها فإن راقه السعر يبدأ بالتذوق والمعاينة وإن لم يعجبه غادر ولسانه يتمتم «شو عاد بدو يأكل الفقير». ليست وحدها الفول والبازلاء التي ارتفع سعرها، فخلال رصد السوق ذاته لا تكاد تجد أي سلعة هناك بأقل من 200 ليرة باستثناء «جرز» الحشائش كالبقدونس والنعنع. أما البندورة فقصتها قصة إذ حلق سعرها في الأعالي ليصل إلى 600 ليرة، الأمر الذي حتم الاعتياد على الاستغناء عنها نهائياً حتى في تحضير السلطات، فتقول أم أيمن صحن السلطة أصبح يكلف أكثر من 1000 ليرة، لذا انتقلت لشراء الخيار بـ150 ليرة وكيلو اللبن بـ 300 ليرة، فسلطة الخيار باللبن أصبحت أوفر. الحق على التموين! ارتفاع أسعار البندورة الجنوني يحمله علاء جمعة «تاجر في سوق الهال» إلى وزارة التجارة الداخلية، فعلى ذمته طالب تجار السوق وزيرها بوقف تصدير البندورة لكيلا ترتفع أسعارها، لكنه لم يكترث بالتحذير ليصل سعرها بسبب ذلك إلى 550 ليرة، رافضاً الاتهامات بشأن قيام التجار بتهريب البندورة مادام التصدير قائماً، ففي رأيه أساس المشكلة عند التموين، فوحدها المسؤولة عن هذا الارتفاع غير المسبوق، وهو ما نفاه مصدر في وزارة التجارة الداخلية التي أكدت أنها أرسلت كتاباً إلى الجمارك للمطالبة بوقف تصديرها، ولكن أثناء متابعتنا الموضوع في الجمارك تبين أن الوزارة أرسلت كتاباً آخر للجمارك تطالبها بتكثيف دوريات الضابطة الجمركية للحد من التهريب، لكن مصدراً مطلعاً أثناء وصول الكتاب إليه استغرب ذلك بتأكيده عدم وجود تهريب للبندورة وإن وجد فعلاً فسيكون بكميات قليلة جداً لا تؤثر في ارتفاع السعر. البطاطا سبقت زميلتها البندورة في حرب الأسعار التي وقع ضحيتها المواطن ليتلقى الصدمة الثانية من «تم» ساكت وجيب فاض، وهنا يبشر تاجر آخر في سوق الهال بانخفاض سعر البطاطا بعد بدء ضخ الإنتاج المحلي في السوق، فاليوم أحسن صنف يباع في سوق الهال بـ 250 ليرة وتوجد أسعار أرخص من النشرة التموينية، مؤكداً أن أغلب الإنتاج حاليا ًمن مدينة طرطوس لكن الأسبوع القادم سيبدأ ضخ البطاطا القادمة من حوران وحماة، ما سيؤدي إلى انخفاض أسعارها. للمرة الأولى..الفلاح يستفيد! فورات أسعار الخضار المفاجئة، ولا سيما البندورة والبطاطا لم تكن كفيلة -على ما يبدو- لتضع الجهات المعنية أمام مسؤولياتها، ولتلقي اللوم على دخل المواطن المحدود، وهو أمر صحيح حتماً لكن مادامت زيادته غير متاحة حالياً يفترض إيجاد حلول مجدية تضمن بقاء أسعار السلع عند مستوى معين والحيلولة دون ارتفاعها الكاوي، لتكون الطامة الكبرى في عدّ هذه الأسعار طبيعية ومقبولة عند مقارنتها مع غلاء مستلزمات إنتاجها، وهنا يقول خطار عماد مدير التسويق الزراعي في اتحاد الفلاحين إن سعر البندورة –خاصة- طبيعي نظراً لأن الإنتاج محصور في البيوت البلاستيكية فقط والتصدير يحقق عائداً جيداً للفلاح بعد خسائره كثيرة. ولا يختلف الأمر عند وزارة الزراعة المفترض أن تكون لديها روزنامة زراعية تكفل معرفة توقيت إنتاج المحاصيل الزراعية وتعلم الجهات المعنية بفترات الغصات لبعض المنتجات للتقليل من تداعياتها السلبية، وكالعادة لم يحصل ذلك بدليل فورات البطاطا والبندورة ليؤكد مدير الاقتصاد الزراعي مهند الأصفر بقوله: ارتفاع السعر يرتبط بالعرض والطلب، وقلة عرض البندورة سببها فترة الفقد بين العروة الربيعية والصيفية, ما يجعل الإنتاج قليلاً وتالياً ارتفاع الأسعار، التي لن تستغرق أكثر من عشرة أيام لتبدأ بالانخفاض تدريجياً بالتزامن مع بدء موسم البندورة المكشوفة. نطالب المواطن بالتحمل! أسعار الخضار عموماً رخيصة وليست مرتفعة كما يروج، فاليوم يباع كيلو كل من الباذنجان والخيار في الساحل بـ75 ليرة، الذي يعد مقبولاً جداً لكن الإشكالية تكمن في ضعف القوة الشرائية، يضاف إلى ذلك جشع باعة المفرق، الذين يضاعفون أسعارهم مقارنة بسوق الهال، وهو ما يجب ضبطه لضمان الحصول على أسعار مقبولة حسب محمد كشتو رئيس اتحاد الغرف الزراعية، الذي طالب المواطن بتحمل أسعار البندورة المرتفعة دعماً للفلاح، وخاصة أن غلاءها مجرد غصة صغيرة مؤقتة، حيث ستنخفض أسعارها إلى حدود 100 ليرة بعد توقف تصديرها إلى السوق العراقية، فبرأيه من حق الفلاح أن «يشم الهوا» ولو مرة واحدة عبر تحصيله بعض الأرباح، مطالباً لأجل ذلك المواطن بالتحمل أو الاستغناء عن البندورة هذه الفترة لإمكانية الاستعاضة عنها ببدائل أخرى كالملفوف والخيار باللبن. ولا يستسيغ إياد محمد رئيس لجنة القطاع الزراعي في اتحاد المصدرين تحميل التصدير مسؤولية غلاء البندورة بقوله: «هذا الكلام فاض» خاصة عند معرفة أن البندورة المحمية تزرع بقصد التصدير وليست مخصصة للسوق المحلية، والأمر توضحه التكلفة العالية للبيوت البلاستيكية حيث يكلف الظرف الواحد 25 ألف ليرة، لذا من حق المزارعين تحصيل بعض الأرباح وليس من حق المستهلك مطالبته بوقف التصدير وخاصة عند معرفة أن الكميات المصدرة محدودة، ليؤكد أن أي تدخل لمنع التصدير سيؤدي إلى إلحاق خسائر بالمزارعين وسيدفعهم إلى الإعراض عن الزراعة مجدداً، وهنا يستغرب عدم الاكتراث بأحوال مزارعي البندورة عند تعرضهم مسبقاً للخسارة بالكيلو الواحد 100 ليرة. هروب إلى الأمام! رغم توجيه جميع من التقيناهم أصابع الاتهام إلى وزارة التجارة الداخلية بسبب عجزها عن ضبط السوق ومحاسبة المخالفين وعدم قيام صالات المؤسسة السورية للتجارة بدورها الإيجابي في كسر حدة الأسعار عبر قيامها مثلاً بتخزين السلع بغير مواسمها وضخها في أوقات الغصات، لكن ذلك لا ينفي تقصير الجهات الأخرى كوزارة الاقتصاد والزراعة، التي يفترض إعلامها الاقتصاد بمواقيت الروزنامة الزراعية لمنح إجازات الاستيراد اللازمة مع رفضنا استيراد أي سلعة لها مشابه محلي لكن ارتفاع أسعارها قد يستلزم أحيانا ًهذه الخطوة في ظل تزايد أعباء الأسرة المعيشية. هذا الواقع يشير للأسف إلى أن هذه الجهات لا تزال تعمل على «السبحانية» من دون مقدرة على استقاء الدروس من تجارب سابقة تستلزم اتخاذ إجراءات احترازية تحد أقله من فورات الأسعار المفاجئة، مفضلة الهروب إلى الأمام والاكتفاء بأدوار تقليدية للعمل لا تتناسب مع حجم الأزمة، حيث تنفي وزارة الزراعة أي مسؤولية لها في ذلك عبر تأكيد مدير الاقتصاد الزراعي أن دور الوزارة ينصب في تأمين الإنتاج والإشراف الفني بحيث تصل المنتجات بشكلها الآمن إلى باب المزرعة والأسواق المحلية, وهنا ينتهي دور الوزارة ليبدأ دور الجهات المعنية الأخرى المسؤولة عن العملية التسويقية وضبط الأسعار. أما اتحاد الفلاحين فيبدو أنه لا يزال يبحث عن حلول قد تحتاج أعواماً لتطبيقها، فمدير الإنتاج الزارعي والتسويق بين سعي الاتحاد إلى تفعيل جمعياته في المحافظات لكسر حلقات الواسطة التجارية المتسببة برفع الأسعار بحيث يكون البيع من المنتج إلى المستهلك مباشرة، وهذا لا يتحقق من دون التعاون مع وزارة التجارة الداخلية عبر مؤسساتها بحيث يتم تخزين المنتجات وضخها في الأسواق أثناء الغصات. من جهته أكد رئيس اتحاد الغرف الزراعية أن الحل لضبط الأسعار قيام الرقابة التموينية بدورها وضبط المخالفين وخاصة تجار المفرق، إضافة إلى أهمية اعتماد التسعير يوميا ًلأن السوق متغير بصورة متسارعة، مع ضرورة قيام مؤسسات التدخل الإيجابي بأداء أفضل للضغط على السوق وكسر الأسعار، وهذا ما تؤكده الباحثة الاقتصادية والوزيرة السابقة الدكتورة لمياء عاصي لتقول: يجب على وزارة التجارة الداخلية تأمين استمرار العرض لتلك السلع التي تنخفض كمياتها بين موسم وآخر، لأنه من المعروف أنه حينما يزيد الطلب عن العرض سيرتفع السعر لتؤكد أن الحل الوحيد أمام المواطن اللجوء إلى بدائل السلع أو الاستغناء عملاً بالمقولة: حاربوا الغلاء بالاستغناء. ليس بالإمكان أفضل مما كان! انتقاد المواطن والجهات المعنية تقصير وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ضبط السوق نقلناه إلى مسؤوليها، الذين رفضوا هذه الاتهامات كما هو متوقع، لينفي مدير الأسعار نضال مقصود وجود فوضى في أسعار السوق أصلاً، وتأكيده قيام عناصر حماية المستهلك بضبط حركة الأسعار والسلع وتوفيرها والحد ما أمكن من ارتفاعها عبر توزيع نشرات الأسعار كل 3 أيام أو يومياً حسب الحاجة، مشيراً إلى وجود لجنة متخصصة تراقب أسعار سوق الهال بحيث يتناسب العرض والطلب، بدليل تنظيم العديد من المخالفات والضبوط. ولا يخرج مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عدي الشبلي عن السياق ذاته بتأكيد القيام بمراقبة السوق عبر قيام دوريات التموين بجولات يومية على الأسواق ليتم تنظيم 200 ضبط بحق تجار سوق الهال منذ أول العام، إضافة إلى الضبوط المنظمة بالأسواق الرئيسة الأخرى التي تجاوزت 200 ضبط، وذلك لا يمنع من الاجتماع بالتجار -حسب قوله- لمعرفة أسباب ارتفاع الأسعار ووضع الوزارة في صورة الواقع، مشيراً إلى أن أي شكوى من قبل أي مواطن تتم معالجتها ومعاقبة المخالف. وعند سؤاله عن أسباب ارتفاع أسعار الخضار برأيه أتى جوابه كمن يفسر الماء بعد الجهد بالماء ليؤكد أن سعر السلعة يحدده مصدر السلعة، مضافاً إليه سعر النقل والشحن، فأغلب السلع المعروضة في أسواق دمشق اليوم تأتي من الساحل والمحافظات الأخرى وتصل إلى الأسواق بأسعار مرتفعة. تقصير رقابي أداء الرقابة التموينية الخجول تظهره الفروقات السعرية الكبيرة بين سوق الهال في الزبلطاني وأسواق دمشق الشعبية، لتصل الزيادة إلى أكثر من 100 ليرة بالسلعة الواحدة ويرتفع السعر أكثر عند باعة المفرق، مع لحظ توافر السلع على نحو جيد في سوق الهال مقارنة بسوق باب السريجة، الذي تتفاوت الأسعار فيه بين محل وآخر مع عرض كميات قليلة لبعض السلع الأساسية كالبندورة والبطاطا بسبب غلائهما وسط تفنن الباعة بالاعتناء بهما ووضعهما في مكان مميز بسبب الطلب القليل، وحدها فوضى التسعير تبرز بقوة بشكل يظهر تقصير الجهات الرقابية الواضح وخاصة أن السوق يقع على مسافة قريبة من مديرية التجارة الداخلية بدمشق بشكل يفرض أداء رقابياً أفضل، لكن تظهر عاجزة على ما يبدو عن ضبطها بالحد الأدنى في ظل عدم اكتراث تجاره بأي سلطة رقابية، لدرجة قد يعتقد البعض أن اتفاقاً غير معلن قد نظم بين الطرفين مستندين إلى علاقة حسن الجوار التي ألفوها لعقود وخاصة إذ حضرت المصالح المشتركة أقلها الفاسدون منهم والله أعلم. ليبدو في نهاية المطاف أن الحل الوحيد أمام المواطن حالياً بشأن ارتفاع أسعار البندورة و البطاطا وغيرهما الصيام عنها هذه الفترة, وبذلك يضرب المواطن عصفورين بيد واحدة, عصفور انخفاض الأسعار وعصفور تهيئة النفس للصيام على اعتبار أن شهر رمضان على الأبواب, وعلى قولة «الأصفر» هناك الكثير من المنتجات ذات الأسعار الرخيصة والخيارات البديلة واسعة أمام سفرة المواطن, وما على محبي البندورة والبطاطا إلا الصبر والانتظار لحين تنخفض الأسعار! وكان الله مع الصابرين!.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company