كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
زيارة الحديقة هذه الأيام تشبه الفرجة على فيلم "أكشن" من النوع الذي يعرفه السوريون جيداً، فالبطل والبطلة في زاوية مواربة، والشرطة في زاوية مقابلة، والكومبارس يملؤون المكان، وهم هنا "زوار الحدائق، المارة، راكبو السرافيس، الباحثون عمن يبيع المحظورات أو الجنس، ومن اضطرتهم ظروف النزوح للمبيت في الحديقة". قبل أن تترنح العاصمة السورية على أصوات المدافع والقذائف، لم يسبق لأبنائها أن شاهدوا تصرفات يصح أن نصفها بـ"قليلة الأدب"، علناً وبكل ثقة في عدد من حدائق المدينة، بالتأكيد كان ذلك يحصل قبل بدء الحرب، لكنه اتخذ طابعاً أكثر وضوحاً وشيوعاً فيما بعد، موازياً ما أفرزته الأزمة وصار جزءاً من الروتين اليومي. ما سبق أثار استهجان البعض وتساؤلاتهم عن غياب أجهزة الدولة المعنية بـ "لملمة" ما يمس الحياء العام والقيم التي يلتقي عندها السوريون، لكن الحديث مع مدير الحدائق في دمشق بسام عباس، يكشف المزيد، فلماذا لا يستنكر الناس تخريب الحدائق التي صارت متنفسهم شبه الوحيد بقدر ما يزعجهم رؤية مظاهر غير مألوفة، ونحن هنا لا نبررها إطلاقاً. يقول مدير الحدائق لـ "صاحبة الجلالة": "خلال الأزمة خسرنا حوالي 1400 عامل في مديرية الحدائق بدمشق لأسباب مختلفة، ولدينا حالياً60 حارساً فقط، تم استهداف عدد منهم بشكل مباشر لذلك لم نعد نستطيع إبقاءهم في الحدائق ليلاً عدا حديقة تشرين التي يبقى الحارس فيها حتى الصباح". ربما سمح ذلك إلى حد ما بحدوث تجاوزات، لا يمكن للحارس تحمل مسؤوليتها بطبيعة الحال، إذ إن عمله يقتصر على العناية بممتلكات الحديقة والتنبيه في حال لاحظ وجود أي مخالفة أو تصرف لا يتناسب مع طبيعة المجتمع والمحظورات فيه، ويمكن له استدعاء الدورية الموجودة في الحديقة أو أقرب قسم شرطة إليها، لكن لا يمكن له أن يمنع أحداً أو يلقي القبض عليه، وهنا يشير عباس إلى وجود 4 حراس وحوالي 5 دوريات بشكل مستمر في حديقة تشرين البالغة مساحتها 360 دونم، والتي تتكرر فيها الحوادث المشابهة لما ذكرناه أكثر من غيرها. السبب يشرحه مدير الحدائق: "في حديقة تشرين هناك مساحات مشجرة وخارجة عن الرقابة بسبب كبر مساحتها، أو ربما تقل أعداد مرتادي مكان معين فيها". لكنه لا يعلم عدد الضبوط التي تم تنظيمها في حدائق دمشق باعتبار أن ذلك يرتبط مباشرة بمدير كل حديقة على حدة وبالتأكيد مع الجهات المختصة مؤكداً وجود مبالغات بما يتم تداوله عن الحدائق، فهي بالمحصلة جزء من المجتمع وفي معظم حدائقنا روادها هم من العائلات أو طلاب الجامعات والمدارس. ومن المفارقة أن الإجراء المتخذ باستدعاء الشرطة، لردع متجاهلي الذوق العام، تسبب في فرض غرامات على عدد من مديري الحدائق بحجة أن الجهات المعنية تريد منهم الإفصاح عن أماكن سكن "المخالفين" الحالية، لكن كيف لمدير الحديقة أن يعرف ذلك!. عدد من المقيمين في الحدائق، يساهمون فيما يحصل من سلوكيات خاطئة بشكل ما إضافة إلى أنهم يمارسون فيها كل ما يتعلق بـ "الطعام، الحمام، النوم"، ومن ضمن ذلك تخريب ممتلكات الحديقة، وأكبر مثال على ذلك المقيمون في حديقة "القرماني" في منطقة المرجة، وهم ليسوا مهجرين أو نازحين بل "متسولون" كما يردد معظم الناس، إذ يمكن لهم أن يباتوا في الفندق إذا تمكنوا من جمع المبلغ المطلوب لذلك، وفي حال العكس يجمعون الكرتون المتوفر وينامون عليه، ثم يتركونه في الصباح ليتحول إلى "قمامة" بالأطنان، يعاني حارس الحديقة لإخراجها. يقول عباس: "في موضوع المهجرين يتم التعاون مع البلديات وأقسام الشرطة، لكن الأعداد كبيرة ولا يوجد قوانين صارمة في هذا الموضوع، علماً أن الجهات المعنية تقوم بأخذهم إلى مراكز الإيواء التي تتوفر فيها ظروف إقامة أفضل من الحدائق بكثير لكنهم يعودون إليها لأسباب مختلفة". وفي إحصائية تتناول عدد وأماكن تواجد العائلات المهجرة المتواجدة في حدائق دمشق حتى 8 /11 من العام الحالي: في حديقة القرماني 5 عائلات يتواجدون يومياً، في حديقة برزة عائلة بدون خيمة، في عقدة القابون امرأة واحدة ضمن خيمة، في حديقة الفيحاء امرأتان بدون خيمة، في الأزبكية شخص ينام مساءً، في الصوفانية أيضاً شخص ينام مساءً، في حديقة القصور عائلة مقيمة، يوجد خلف وزارة النفط 6 أشخاص، في عقدة 17 نيسان عشر عائلات بدون خيم، في حديقة ابن العميد الثانية 7 أشخاص وامرأتان. وفي حالة غريبة تقيم سيدة بحديقة ابن منظور ببرزة، تلجأ لخلع ملابسها والصراخ كلما طلب منه الحارس أو الدورية مغادرة الحديقة، ومع أنه تم ترحيلها لمركز إيواء أكثر من مرة لكنها كانت تعود!. تكتمل إشكاليات الحدائق في دمشق مع عمليات التخريب الحاصلة فيها باستمرار، فالأزمة زادت من أعداد روادها تالياً ازداد حجم الاعتداء الحاصل على الممتلكات فيها، ورغم أن الجميع يقرؤون عبارات "ممنوع قطف الزهور" و"الجلوس على المرج"، لكن لا أحد يبالي. يقول عباس: " لا علاقة لموقع الحديقة بنسبة التخريب فيها، في أي حديقة بدمشق نرى الناس يرمون القمامة على الأرض رغم وجود مكان مخصص للمهملات، والكبار يستخدمون الألعاب المصممة للصغار، عدا عن سرقة حنفيات المياه، وكسر المرايا، واستخدام الحمامات لرمي القمامة". زيادة على ذلك، لم تنجُ حديقة السبكي التي تمت إعادة تأهيلها مؤخراً مما يحصل، حتى إن بعض الصحف اتهمت مديرية الحدائق بوضع ألعاب تالفة في الحديقة والسبب كما يضيف عباس إنها: "تعرضت للتخريب بعد أيام من وضعها، بل إن بعضها يستخدمه الناس كحمام ليلاً، وكالعادة الأطفال خربوا "مرشات" المياه، والكبار جلسوا على الورود بحجة أخذ صورة "سيلفي" بجانبها، المديرية تقوم بإصلاح الألعاب لكن الزهور تحتاج وقتاً لتنمو من جديد، ولا مبالغة في أننا بعد شهر تقريباً لن نرى شيئاً مما هو موجود حالياً في الحديقة، علماً أن المبالغ الهائلة التي تناقلتها الصحف عن تكلفة إعادة تأهيلها غير صحيحة". إذاً في حدائق دمشق، يتوازى التخريب والإصلاح، لناحية التصرفات غير المقبولة في المحيط الدمشقي، والتي لم تفلح دوريات الشرطة بالتخفيف منها أو ربما كانت تتحاشاها لسبب ما، إضافة لمحبي الإقامة في الحديقة، ومن يستمتعون بالتخريب فيها. يفترض مدير الحدائق أنه ربما لو دفع المواطن مالاً لدخول الحديقة أو لاستخدام ألعابها، سيختلف الوضع، أسوة بحديقة الحيوان بالعدوي "50 ليرة للأطفال و"100 ليرة للكبار"، لكن ذلك غير مطروح حالياً، علماً أنه تم التكليف بإعادة تأهيل حديقتي ابن عساكر والطلائع، ويجري الحديث عن إعادة تأهيل حديقة الجاحظ.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company