كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
زياد غصن
على خلاف ما يشاع شعبياً في بعض الأحيان، فإن رئيس الحكومة في سورية يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة، تخوله اختيار عدد كبير من الوزراء والمسؤولين، اتخاذ قرارات استراتيجية متعلقة بالشأن الاقتصادي والخدمي، اقتراح وتنفيذ مشاريع تؤثر في مستقبل سورية...وغيرها. وحتى عندما لا يكون رئيس الحكومة هو صاحب القرار، فإنه غالباً ما يكون هو صانع القرار.
لست فيما سبق مبالغاً، فالسنوات السابقة بما حملته من تحجيم تدريجي لتدخل حزب البعث في عمل السلطة التنفيذية ومؤسسات الدولة، ومحافظة مجلس الشعب على دور لم يتجاوزه يوماً ليصل إلى المساءلة والمحاسبة وحجب الثقة، جعلت من رئيس الحكومة يبدو وكأنه الممسك الوحيد بملف السياسة الداخلية، بدليل:
السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية التي فرضتها الحكومات خلال العقد الماضي على البلاد، والتي كانت تتبدل مع تغيير كل رئيس الحكومة، فمثلاً حكومة ناجي عطري فرضت نهجاً اقتصادياً، كان الجميع يرى فيه خطراً على مستقبل سورية ومكوناتها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، ومع ذلك جرى اعتماده وتنفيذه بالطريقة التي تحقق جوهره، لا كما جاء في عنوانه.
وهذا ما تفعله اليوم حكومة وائل الحلقي بتعاملها مع ملف الدعم، التي فرضت منذ تسلمها لمهامها معادلة جديدة، وقوامها أن انخفاض إيرادات الخزينة يقابله رفع تدريجي للدعم عن السلع والمواد الأساسية دون تمييز. ودون الأخذ لتأثيرات ذلك على ملايين الفقراء وأصحاب الدخل المحدود!!.
-اختيار الوزراء والمحافظين والسفراء والمسؤولين في الدولة، فرغم أن القيادة القطرية لحزب البعث كانت تلعب دوراً في ترشيح وتعيين البعض، إلا أن رئيس الحكومة كان يفرض غالباً ما يريده أيضاً، وهذا بغض النظر عما إذا كان ما يريده نابعاً من قناعة شخصية، أو تلبية لمصالح معينة ورغبة لقوى داخلية.
وأعتقد أن المتابعين للشأن العام وآلية العمل في مؤسسات في السنوات السابقة يمكنهم ببساطة تقديم أمثلة عن شخصيات جرى تنصيبها على كراسي المسؤولية لاعتبار وحيد يتعلق بدعمها شخصياً من رئيس الحكومة.
-"ديكتاتورية" بعض رؤساء الحكومات، والتي كانت تتبدى في الاجتماعات الأسبوعية لمجلس الوزراء من فرض للرأي، تجميد عمل بعض الوزراء الذين يغردون خارج السرب، والتدخل المباشر في صلاحيات الوزراء...وغيرها، ومثل هذا السلوك ما كان ليوجد لولا الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الحكومة في سورية.
طبعاً...أنا لست هنا بوارد الدعوة للحد من صلاحيات من رئيس الحكومة، وإنما الدعوة للتشدد في اختيار رئيس الحكومة، ووضع معايير جديدة تناسب الظروف الحالية، ليكون الشخص القادم أهلاً للاستفادة من هذه الصلاحيات لخدمة السوريين وسورية.
كمواطن سوري، فإنني أرغب أن تتوفر المواصفات التالية برئيس الحكومة القادم:
-الإلمام وبشكل جيد بالشؤون الاقتصادية السورية، بما يتيح له القدرة على محاكة وتقييم ما يقدم له من استشارات ومشاريع وأفكار اقتصادية، لاسيما وأن البلاد مقبلة على مرحلة إعادة الإعمار، والتي تتطلب جهداً استثنائياً من رئيس الحكومة"...!
-امتلاكه لتجربة إدارية ومهنية كبيرة في العمل بمؤسسات القطاع العام، فنحن بذلك نضمن شخصاً يعي تماماً مشاكل القطاع العام ونقاط ضعفه ومتطلبات تطويره، والأهم أننا نضمن شخصاً مؤمناً باستمرارية هذا القطاع ودوره في حياة السوريين.
-صاحب عقل منفتح يؤمن بالحوار والنقاش حول مختلف القضايا والملفات الوطنية، فالمرحلة السابقة أثبتت أن ابتعد الحكومات عن المواطن، وتنفيذها لسياسات ومشاريع رغماً عن أنفه أتت بنتائج سلبية خطيرة، وطالما أن المرحلة القادمة هي لمشاركة المواطن، فهذا يتطلب نهجاً مختلفاً عن السابق.
-شخصية قيادية تستطيع إحداث انقلاب جذري في عمل مؤسسة رئاسة الوزراء، بحيث تحولها من مجرد مؤسسة يتلاشى بريقها يوماً بعد يوم، إلى مؤسسة تستحوذ على الاهتمام العام بالأفكار التي تطرحها، المشاريع التي تقترحها، وبانفتاحها على المواطنين.... الخ.
- لا يحب الظهور الإعلامي المفرط، والذي يقوده غالباً لتقديم وعود كبيرة لا تملك حكومته القدرة على تنفيذها، لكنه بالمقابل يجب أن يكون مؤمناً بضرورة ممارسة وسائل الإعلام المحلية لعملها بكل حرية، وحقها في البحث عن المعلومة ونشرها ونقد الأداء العام.
-شخصية تكون قادرة على الفصل التام بين حياتها الخاصة، وما يفرضه المنصب من مهام ومسؤوليات، وذلك بغية اكتساب ثقة المواطنين واحترامهم والمحافظة على قدسية المنصب، فمعظم رؤساء الحكومات السابقين تحول اولادهم إلى رجال أعمال، كما دخل أقارب بعضهم على خط المناقصات والعقود الحكومية، وهو ما أثار موجة استياء شعبي سواء كانت أعمال هؤلاء قانونية أو غير قانونية.
لا أعتقد أن هذه المواصفات صعبة التحقق في شخصية، يمكنها عندئذ أن تعيد التفاؤل والأمل بعمل حكومي يلبي طموحات المواطنين ويحقق تطلعاتهم المشروعة في حياة كريمة آمنة، فهناك كفاءات وطنية كثيرة في القطاع العام يمكن الاستعانة بها لتغيير الواقع القائم حالياً، وقيادته نحو الأفضل.
سيرياستيبس
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company