كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
ما أن وطأت قوات الجيش الفرنسي الساحل السوري في الثامن من تشرين الأول 1918 وإنزالها العلم العربي ورفع العلم الفرنسي مكانه عقد الشيخ صالح العلي مؤتمراً في الـ15من كانون الأول 1918ضم العديد من رجالات وشيوخ " الجبل " قرر المجتمعون عدم الاستسلام للقوات الفرنسية وضرورة مقاومتها والدفاع عن الوطن وتم مبايعته قائدا للثورة . حاول الفرنسيون استمالة الشيخ صالح العلي ودعوه للاجتماع بهم إلا انه رفض ذلك فعمدوا إلى مهاجمته في كانون الثاني 1919 انطلاقا من بلدة القدموس لكن الشيخ واجههم في قرية النيحا قرب الشيخ بدر وألحق الهزيمة بهم وغنم الكثير من الأسلحة وانتشر خبر هذا النصر المؤزر في جميع الجبال الساحلية وبدأ تقاطر المجاهدين للانضمام إلى ثورة الشيخ صالح العلي حيث وصل عدد من ضباط الحكومة المركزية للعمل كمستشارين عسكريين للثورة أرسلتهم دمشق للمساعدة في تنظيم المجاهدين ، بعد دخول القوات الفرنسية لدمشق عام 1920 اندلعت في سوريا عدة ثورات في مواجهة القوات الفرنسية كان أهمها ثورة المجاهد ابراهيم هنانو في الشمال حيث اتصلت ثورته بثورة الشيخ صالح العلي وأخذ هنانو يمد الشيخ بالأسلحة إضافة إلى ما كان الملك فيصل يقدمه للثوار مما قوّى شوكة الثورة ودفع الشيخ صالح إلى توسيع هجماته شمالا ملحقا الهزائم المتوالية في القوات الفرنسية التي استطاعت تركيز ثلاث حملات كبرى نجحت باحتلال قرية الشيخ بدر في7تموز1921بعد أن استمات الثوار في الدفاع حتى آخر رصاصة يملكونها و اضطروا في النهاية للتفرق . وتم البحث عن الشيخ صالح العلي وخصص مبلغ مئة ألف فرنك فرنسي مكافأة لمن يلقي القبض عليه أو يدل على مخبئه و لكن دون جدوى و صدر حكم بإعدامه ثم صدر قرار بالعفو عنه وسلم نفسه إلى الحامية الفرنسية في مدينة اللاذقية بتاريخ الثاني من شهر حزيران سنة ألف وتسعمائة واثنين وعشرين وقد عرض عليه رئيس الحامية الجنرال بيلوت المشاركة في ادراة الجبل فرفض قائلا " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " فانتفض الجنرال غاضبا ثم عاد وبعد هدوء يسأله عن سبب تأخره في الاستسلام ليجنب نفسه وأهالي الجبل الويلات الكثيرة فأجابه بعبارته الشهيرة: "والله لو بقي معي عشرة رجال مجهزين بالسلاح والعتاد الكافيين لمتابعة الثورة ، لما تركت ساحة القتال".. كما عرض عليه الفرنسيون إقامة دولة مذهبية لكنه أبى ورفض ذلك فحكم عليه الفرنسيون بالإقامة الجبرية و في بداية الأربعينات عرض عليه، في أول حكومة سورية اختيار الوزارة التي تروقه لاستلامها فرفض لعدم قناعته بذلك مفضلا النشاط السياسي من خارج الحكومة وأخيرا وبعد طول انتظار وجهاد قرت عين الشيخ صالح العلي ورفاقه المجاهدين بتحرير أرض الوطن وجلاء آخر جندي فرنسي عن سوريا في السابع عشر من نيسان 1946 وكان له خطاب في دمشق في أول عيد للاستقلال قال فيه " إن الاستقلال الذي نتمتع به الآن طليقاً من كل قيد , نقياً من كل شائبة , إن هو إلا ثمرة جهاد طويل أريقت به دماء زكية , واستشهد فيه كثيرون ... أحب أن لا تقعد بكم سلافة الفوز عن القيام بالواجبات المفروضة على كل منكم تجاه أمته وبلاده وهى واجبات جسيمه تتطلب منكم السهر والحذر ,والعمل بلا إبطاء , والجد بلا تهاون0 فالبلاد الآن بأمس الحاجة إلى جهود أبنائها العاملين , ورجالها المخلصين , لإصلاح ما أفسده المستعمر , وللقضاء على كل طائفية بغيضة , ورجعية مقيتة , فنحن لا نزال في صميم الجهاد , ولقد انتهينا من جهاد أصغر , إلى جهاد أكبر , ونحن أحوج ما نكون إلى التكاتف والتضامن , وإلى الإخاء والتعاون , وإن أي انحلال في الصفوف من شأنه أن يؤثر على سفينة الإصلاح " أما في الشمال فكانت ثورة الزعيم ابراهيم هنانو الذي كان يتبوأ منصب رئيس ديوان ولاية حلب عندما نزلت القوات الفرنسية في الساحل السوري واحتلت مدينة إنطاكية فعهد إليه تشكيل قوات صغيرة تخوض معارك سريعة مع الفرنسيين وقد حققت نجاحاً كبيراً في تنفيذ واجباتها وذاع صيت هنانو وكثر أتباعه وانتشرت الثورة وتزايد الضغط على فرنسا وتشبع المواطنون بأفكار هنانو وخطبه الحماسية زادهم من ذلك طلب ابنته خمسة رؤوس لجنود فرنسيين كمهر لها. استطاع هنانو كسب تأييد الموطنين معه حيث تم انتخابه ممثلاً لمدينة حلب في المؤتمر السوري الذي اجتمع لأول مرة في دمشق عام 1919م، وكان هنانو من الأعضاء البارزين في المؤتمر في دورته «1919 ـ 1920» وبعد دخول القوات الغازية دمشق عقب معركة ميسلون التي سطر بها الشهيد يوسف العظمة ملاحم البطولة والفداء ، لجأ هنانو وجماعته إلى جبل الزاوية.وهو موقع متوسط بين حماة وحلب وإدلب واتخذها مقراً له وقاعدة لأعماله العسكرية كما ضم إليه الجماعات التي كانت قد تشكلت هناك لمواجهة الفرنسيين وأذاع نداءه الوطني الذي ألهب المشاعر : " أيها الفلاحون والقرويون ...يا بني وطني ويا أبناء سورية الأشاوس ، يا أباة الضيم :من قمم الجبل الأشم أستصرخ ضمائركم ، وأقول لكم :إن بلادنا العزيزة أصبحت اليوم محتلة مهددة من قبل المستعمرين ؛أولئك الذين اعتدوا على قدسية استقلالنا وحرياتنا ، قاصدين من وراء ذلك فرض الاستعمار الجائر ،والانتداب الممسوخ ،اللذين قاومهما العرب أعواما كثيرة ،وسفكوا الدماء الزكية في سبيل الحرية والاستقلال التام .وها أنذا أتقلد السلاح للذود عن حياض الوطن الغالي ، والاستقلال الثمين الذي نحن له الفدى . فيا أبطال الوغى ويا حماة الديار ...إلى الجهاد ...إلى النضال ..... وخاض هنانو سبعاً وعشرين معركة لم يتعرض فيها لهزيمة واحدة وكانت أشدها معركة مزرعة السيجري التي تمكن فيها المجاهدون من أسر عدد كبير من الجنود الفرنسيين ومعركة استعادة كفر تخاريم ومعركة قرية أورم الصغرى وقد تكبد الفرنسيون في هذه المعارك خسائر كبيرة في الأرواح وبلغ مجمل عدد المعارك التي قادها الثوار في الشمال 117 معركة مما أنهك القوى الغازية و بعد أن تضايق الفرنسيون من ثورة هنانو، عمدوا إلى أسلوب الخداع إذ عرضوا عليه أن يكون رئيس دولة للمناطق التي تضم ثورته وهي (إدلب وحارم وجسر الشغور وأنطاكية) إلا أنه رفض، وقال للجنرال الفرنسي المفاوض " غريو" : إن حياتنا ليست بذات بال أمام حياة الوطن فنحن لم نقم يا جنرال بحركتنا هذه لمكسب شخصي أو غنم مادي ، إننا قمنا لنحرر بلادنا المقدسة من الاستعمار ، ولن يثنينا عن عزمنا وعد أو وعيد " ومما روي عن الزعيم هنانو أنه وبعد أن رأى جحافل الفرنسيين تدخل بلده قام بجمع أثاث بيته وأضرم النار فيه قائلا جملته المشهورة " لا أريد أثاثاً في بلد مستعمر" . لقد أرقت ثورة هنانو المستعمر الفرنسي لدرجة دفعت النائب العام الفرنسي في المحكمة العسكرية التي تولت محاكمة هنانو بعد اعتقاله إلى القول : " : "لو كان لإبراهيم هنانو سبعة رؤوس بعدد جرائمه لطلبت إعدام رؤوسه السبعة، ولكنه لا يملك إلا رأسًا واحدًا". اما الشهيد البطل يوسف العظمة فلقد كان وما زال رمزا وطنيا جامعا تشرأب اعناق السوريين عاليا عند ذكره فلقد نشأ يوسف العظمة نشأة عسكرية حيث التحق بالمدرسة الحربية العالية في الاستانة وتدرج في الرتب والمهام العسكرية ثم مالبث بعد انتصار الثورة العربية الكبرى وقيام الحكومة العربية في دمشق أن استقال من منصبه في الجيش التركي والتحق بالجيش العربي في دمشق حيث اختاره الأمير فيصل بن الحسين مرافقاً له، ثم عين معتمداً عربياً في بيروت،وعندما تم إعلان استقلال سورية وتتويج الأمير فيصل ملكاً عليها في 8 آذار 1920م تم اختيار يوسف العظمة وزيراً للحربية فيها ، حيث عمل على تنظيم جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل ، واحتفظ يوسف العظمة بمنصبه حتى وصلت مطالب فرنسا في الرابع عشر من تموز 1920مُصاغَةً بشكل إنذار عُرِفَ باسم (إنذار غورو) فجمع الملك فيصل وزرائه لمداولة الأمر بينهم فكان رأي الكثيرين منهم النزول عند مطالب غورو ومهادنته وقبول الإنذار وهنا برز رأي يوسف العظمة بالإنذار فعندما سأله الملك فيصل عن رأيه في إنذار غورو قال كلمته المشهورة " إذا كان لنا لسان فلكي نتكلّم به, وإذا كان لنا جيش فلكي نحارب به في مثل هذه الظروف العصيبة " وكانت كلماته الأخيرة قبيل ذهابه إلى القتال: «إني أعرف ما يجب عليّ، وسأقوم بواجبي، ولست آسفاً على نفسي، بل أسفي على الأمة التي ستظلّ سنوات كثيرة أو قليلة هدفاً لكل أنواع المحن والمصائب، وإني مطمئنّ إلى مستقبل الأمة، لما رأيته وخبرته بنفسي من قوة الحياة الكامنة فيها " عمد يوسف العظمة إلى جمع المتطوعين لخوض غمار المعركة بعد أن أمر الملك فيصل بحل الجيش تنفيذا لمطالب غورو ولكن كل ذلك لم يسعف الملك بتجنب المعركة حيث تذرع غورو بتأخر وصول الجواب على الإنذار فأعطى أوامره للجيش الفرنسي بقيادة الجنرال " غوابيه " بالتقدم باتجاه دمشق والتقى الجمعان في ميسلون في معركة غير متكافأة كانت الغلبة العسكرية فيها للجيش الغازي وضرب يوسف ورفاقه أروع معاني البطولة والإباء حيث دخلت الدبابات الغازية على أجسادهم الطاهرة في 24 تموز عام 1920 لتبدأ مرحلة جديدة من النضال الشعبي تكلل بتحقيق الاستقلال وانجازه في 17 نيسان 1946 وهو يوم جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض سورية الحبيبة . اما في جبل العرب فلقد كانت ثورة الزعيم والقائد سلطان باشا الأطرش فلقد شارك في وقت مبكر من حياته في الثورة ضد المستعمر العثماني الذي أعدم والد سلطان باشا الاطرش ، شارك سلطان باشا الاطرش في الثورة العربية الكبرى ضد الاحتلال العثماني وخاض العديد من المعارك قاد معركة «تلال المانع» على مشارف دمشق ضد المحتلين الأتراك والألمان. ودخل مدينة دمشق من جهة حي الميدان في 29- 30 أيلول العام 1918 ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة. وكان ذلك العلم الذي نسجه أهل بيته هو أول علم عربي يرفرف في سماء دمشق بعد احتلال دام 400 عام. ووصل الأمير فيصل إلى دمشق في 2 تشرين الأول العام 1918 ، وكان قد منحه لقب باشا وهي رتبة عسكرية. وكان سلطان قد رفض قبل ذلك الرتبة ذاتها من الأتراك ووضعها على رقبة كلبه ليعبّر عن احتقاره لرتبة تأتيه من المستعمِر. حاول سلطان باشا الاطرش مساعدة يوسف العظمة في معركة ميسلون فوصل مع فرسانه إلى بلدة براق، إلى الجنوب من دمشق، ولكن المعركة كانت قد حُسِمَت سريعاً، فقال عندئذٍ " خسارة معركة لا تعني الاستسلام للمحتلّين " بعد القبض على أدهم خنجر المتهم بمحاولة قتل الجنرال غورو وكان ادهم خنجر قد استجار بسلطان باشا الذي طالب بإطلاق سراحه لكن لم يستجب له فخاض سلطان باشا الأطرش معركة «تل الحديد» ضد المصفحات الفرنسية التي ولّت الأدبار أمام فرسانه، فعطّلوا اثنتين وقتلوا سَدَنَتَها. فكانت هذه ثورته الأولى التي دامت تسعة أشهر خلال العام 1922 . قاد الثورة السورية الكبرى في العام 1925 وأصدر بيان الثورة التاريخي الذي توّجهُ بشعار «الدين لله والوطن للجميع» ونادى فيه العرب بقوله:»إلى السلاح إلى السلاح « وطالب فيه بوحدة البلاد وتعيين حكومة شعبية تقوم بإجراء انتخابات مجلس تأسيسي لوضع قانون أساسي يقوم على مبدأ سيادة الأمة المطلقة وعلى القانون والعدل والحرية والمساواة. ولاقت هذه الدعوة استجابة واسعة في البلاد، اختير بعدها سلطان قائداً عاماً لجيوش الثورة الوطنية.وخاض أشرف المعارك ضد الاحتلال الفرنسي فكانت «معركة الكفر» في 23 تموز 1925 أولى معارك الثورة . عملت فرنسا بكل ثقلها للقضاء على الثورة فاضطر سلطان باشا الاطرش إلى مغادة القطر حيث حكمت عليه سلطات الانتداب بالاعدام ثم ما لبث ان عاد ورفاقه إلى الوطن بعد المعاهدة السورية الفرنسية سنة 1936 ، فأصدرت فرنسا عفواً شاملاً عن كل المجاهدين واستُقبِل سلطان ورفاقه في دمشق في 18 أيار سنة 1937 باحتفالات شعبية تاريخية. هذه الصفحات المضيئة من تاريخ سوريا ستبقى دائما وأبدا حافزا لكل السوريين للدفاع عن وطنهم ورفضهم أي محاولة للرجوع بالتاريخ إلى زمن الانتداب والوصاية التي لطالما جاهد السوريون وقدموا الشهداء للتحرر من هيمنتها ونيرها لتبقى سوريا دائما وأبدا رمزا للكرامة والحرية والجبين العالي الذي لا يضام .
جميع الحقوق محفوظة 2023 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company