كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
لا يجوز أبداً أن تُطلق على ما قدّمته الفنّانة جوليا في أمسيتين على مسرح "بلاتيا" تسمية "حفل فنّي"، وإلا فيجبُ أن نبحث عن تسميةٍ أخرى لسائر الحفلات والمهرجانات الفنيّة التي تقام على كامل مساحة هذا الوطن، في القلاع والساحات والمطاعم. جوليا في "حكاية وطن" كانت، بتعبيرٍ بسيط يختصر سائر التوصيفات، "غير شكل". حين تتكلّم عن جوليا، عليك أن تغسل كلماتك بالطيب كي تستحقّ أن تصف فيها هذه المرأة التي أطلّت علينا بالأحمر الأرجواني، كأميرة سلام في زمن أمراء التكفير والتخلّف، لتقف في وسط المسرح، بين موسيقيّين على يمينها وموسيقيّين على يسارها، وأمامَها مدٌّ من قلوب خفقت مع كلّ أغنيةٍ من أغنياتها وأكفٍّ لم تكفّ عن التصفيق وحناجر هتفت من عمق أعماقها... أمسكتنا جوليا بأيدينا ورحلت بنا الى مطارح العشق ومساحات الحنين. حملت في أطياف زيّها الأحمر دمَنا الذي يغلي أمام عسكرنا المذبوح. روت لنا، بالأغنية، قصصاً عشناها وخيبات سقطنا فيها. انتشلتنا من واقعنا وصنعتنا لنا "ثورةً" أرفع من الأحزاب والقيادات والطوائف. "الله يبارك" ويحمي هذه المرأة وصوتَها وتواضعَها ورقيَّها. "الله يبارك" ويحمي هذا الفنّ الذي يختصر بأغنية لبنان الذي نريد ونحلم، والذي لن تصنع مثيلاً له آبار نفط أو أنابيب غاز أو أبراج... عندنا الكثير، في لبنان، لنخجل به، ولكن، عندنا جوليا التي نفتخر بها. ومن الآن، نحن من تابعنا "حكاية وطن" على مسرح "بلاتيا"، من حقّنا أن نعيش على هذا المجد. ومن حقّنا، خصوصاً، أن نختار توصيفاً آخر لما نشاهد من حفلات ومهرجانات فنيّة، أو أن نضع "جوليتَنا" خارج التصنيفات. ومن واجبنا أن نصفّق لزياد بطرس على ما أنجز، ولو أنّه لم يطلّ على الخشبة لنفعل ذلك مباشرةً أمامه. كانت كلّ أغنية لجوليا نشيداً وطنيّاً وقفنا احتراماً له، وصفّقنا طويلاً، وحبسنا دموعاً من شدّة الحماسة، من الصفّ الأول الى آخر صفّ. يتساوى الجميع أمام هذا الفنّ الراقي، الملتزم، الوطني، بالمعنى غير المستهلك للكلمة. حين غادرت جوليا المسرح، بعد أن عادت إليه مرتين تحت وقع هتاف الجمهور العطش لسماعها بعد، صرخت امرأة من بين الحضور "إنتِ يا جوليا حكاية وطني". لعلّها اختصرت بعبارة عفويّة ما قد نحتاج نحن، حاملو الأقلام، أسطراً للتعبير عنه...
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company