كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
سر الأسرار.. ماذا تخبئ في حناياها... في بوحها... وفي صمتها... حدثنا الرواة أن السنديانة فردت ظلالها ليتفيأ فيها الحالمون بمستقبل الوطن والأمة.. وفي حفيف أوراق أشجارها... وفي عظمة تاريخها ما سرها.. ما قصتها؟ سنديانة تمور بالحكايا والأسرار... قصص العشاق وعظمة البطولات... ونبض الأرض يترنح عند جذورها.. لثمة منجل فلاحة.. وفلاح يتلألأ جبينه بحبات العرق ممتزجة بالندى يسطر حكايته من خيوط الشمس... وعند إشراقة كل صباح.. تخبئ بين أغصانها العصافير وبوح أهل القرية بأهازيجهم ورقصاتهم ودبكاتهم.. ومواويلهم التي تثلج الصدور.... وتوشي ضفائرها بخيوط الناي العتابا والميجنا وإيقاعات السهل والجبل والوادي ويرد الصدى فتعيد تكوينه في وجدان أهل القرية الطيبين الكرماء... وقد لوحت الشمس ووهج التنور ملامحهم فغدوا بلون الثرى الأسمر الجميل المرصع بالصخور كما لو أنها أحجار كريمة.... قصة السنديانة..أرض.. وطن.. تتكئ على كتف الجبل بكبرياء بين بيوت أهل القرية البسطاء وترمي بناظريها على ساحلنا الذي نسج من بحره ومن موجه وهيجانه وبوح أعماقة مرايا جلجلة تاريخها العريق.. تمور بالحكايا والأسرار تخبئها في وشوشات قصص العشاق... سمعت ضحكاتهم... ومسحت دموعهم.. التقوا تحت أغصانها وغابوا مع الريح فوزعتهم قمم الجبال حتى حدود الغيم.. ذات يوم لحظة الغروب.. مع تنهدات حزينة في ليلة تساقطت أوراقها وبعثت بأوراقها رسائل إلى كل جهات الوطن بما فيها من شجر وحجر وإنسان وإلى كل ما فيها من عصافير وشحارير وحجل.... رسمت هناك في ملامحهم تأوهات قلب يئن ولايستكين.. غربته الأيام... من دمعة العشاق إلى زمجرة صوت المناضلين.. هنا مروا... هنا جلسوا هنا اجتمعوا وهنا رسموا شكل الوطن... حكايا تسري في نسغها موشومة في صلد جذورها وقوة أغصانها وحفيف أوراقها.. خبايا السنين.. لشخصيات مضت وظلت حية في حكايات الجدات والأمهات وفي صفحات التاريخ... وشخصيات رسمت حدود الغيم وأصبحوا ذاكرة مكان... هذه السنديانة حبلى بقصص لا تنتهي.. جدلت أحرفها من تجاعيد وجوههم المعمدة بالصبر والشقاء والكفاح.... جذورها التي تتعشق كل ذرة تراب والتي تستوطن في أعماق هذه الأرض التي طوت صفحات وصفحات من تاريخ البشرية طوتهم مع قصصهم... ونبضهم وآمالهم وأحلامهم ولكنهم ظلوا سراباً وأطيفاً... كطائر الحوم، يستوطنون أثيرها. ... يحملهم الشعر والحلم المرح والضحكات التي تفرش دروبهم القادمة بالتفاؤل واليقين بأنهم متجهون إلى الهدف المقدس حيث قيامة البعث بما يلتف حولها من شرائح إنسانية تحمل في روحها كل التطلعات إلى الآفاق الأرحب. هذه الطريق الملأى بالحجارة الحادة والمتناثرة... يريدون أن يبلغوا القرية قبل الغروب لقد ساروا طويلاً بين الشوك والصخر.. منذ ساعات الظهيرة الأولى وكاد العطش والتعب ينهكهم لولا زادهم العنيد الذي لا ينضب والذين يتحدون كل شقاء الدنيا وآلامها... الشعر.. المرح والألم والنضال والقصيدة.. وكانوا البعث والولاده وكانوا الشمس وكانوا اللؤلؤة المتألقة...... أرى وطن الأحرار قد طال ليله غداً يشرق الصبحان البعث والفجر رفاق الفجر الأول.. ومرحلة الكفاح الأولى في ريف الساحل ومدنه هذا الساحل العريق الذي خصته الطبيعة بسحر البحر... وروائع الجبل والسهل.. وخصه التاريخ بصفحات ناصعة من الأمجاد والبطولات... وخصه الاستعمار اللئيم بأشرس ألوان الظلم والاضطهاد والتفرقة.. زرع فيه الاستعمار العثماني على امتداد أربعة قرون كل غبائه وجهله وظلامه.. وجاء الاستعمار الغربي الحديث ليصب فيه كل ما يحمله من شراسة ولؤم ومحاولات يائسة لطمس هويته الحقيقية هويته الضاربة الجذور في أعماق الأرض والتاريخ. هنا التقى البعثيون وكان كفاحهم منذ الخطوات الأولى الذين مزقوا الظلام وكانوا تباشير ولادة مزنة نور ومهد طائر الفينيق... وهنا قرروا أن يخوضوا معركة الحرية في مواجهة كل أعداء الحياة الذين تمدهم سلطات المستعمر بكل أسباب القوة ولم يكن من سلاح غير إيمان الشعب الطيب العريق ويقينه الراسخ بأن هذا الواقع المريض لا بد أن يشاهد طريق الحرية والنور ويفك قيود الظلام ليبدأ قيامة جديدة.. هي في حقيقتها تعبير عن ميلاد أمة عظيمة لا تقبل الضيم... هنا يتواصل التاريخ.. وهنا الولادة.. وهنا قصة السنديانة.. وقصة الفجر الأول الذي فرد ضياءه على كل ذرة تراب من أرض الوطن مجبولة بالدم والروح... ليحكي لنا قصة السنديانة حاملة الأسرار ولتبوح لنا بحكاياها هنا من هذه السنديانه ابتدينا وابتدى ربيع العمر ربيع حلمنا القادم... من خيوط الشمس... ليعزف على وتر الخلود، وتر الأحلام، أحلامنا العربية المنسوجة مع كل حبه تراب لأرض السنديان والحبق والبلوط والزعرور والزيتون. هنا اجتمعوا، هنا رسموا هنا حلموا، هنا عزفوا على خيوط الشمس سيمفونية الجبال والتلال من الماء إلى الماء. عند حدود الحلم هناك.. عند حدود الغيم وتحت أشعة الشمس كان الطريق الذي سلكناه ونحن نسير بين الجبال ونقطع المنعطفات والوديان في هذه الجبال الساحرة الشامخة والتي تحمل رائحة السنديان والطيون وعبق الكبرياء الذي يستوطن في قسمات أهلها الطيبين الذين يعانقون الشمس كل صباح بسواعدهم السمراء... هناك تستوطن السنديانة........... سر الأسرار.. وعبق التاريخ هذه السنديانة التي يتجاوز عمرها ثلاثة آلاف عام والتي خرجت من رحم ارضنا الطيبة. والمعبرة عن تاريخ طويل من الكفاح والمعاناة والانتصارات... سنديانة ومجموعة من الشباب في مقتبل العمر أخذوا على عاتقهم أن يكونوا طليعة أمة بكاملها.. مجموعة من الشبان قطعوا طريقاً معبدة بالآلام محفوفة بالمخاطر بين انطاكية وجبال الساحل السوري ودمشق ثم عودتهم مشياً على الأقدام لتطأ أقدامهم تراب كل قرية من قرى الساحل وانتشروا في كل ربوع سورية متصلين برفاقهم الطليعيون في كل أرجاء الوطن العربي.. لتبشر بغد أفضل أحلام... نعم.. أحلام تحت هذه السنديانة التاريخية كان عدد من تلامذة (المعلم زكي الأرسوزي وفي مقدمتهم الشاعر سليمان العيسى......). يعقدون أول اجتماعاتهم ويتحدثون إلى أهلنا الفلاحين الطيبين عن أفكار البعث وأهدافه في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين مبشرين بوحدة الأمة العربية وحريتها في كل مكان يصلون إليه. أيتها السنديانة.. بعيداً تضربين بجذورك في الأرض... وقد كنا وما زلنا.. نحاول أن نبحث عن جذورنا بعيداً تمدين فروعك في الفضاء... وتعطينا الدرس.. أن نتطلع أبداً إلى الأعلى.. إلى الأرحب.. كما تتطلعين بعيداً.. بعيداً توغلين في الماضي تتحملين الزمن ظلالاً غامضة تحمليننا نحن.. بين أوراقك وثمرك الصلب... كما حملنا غيرك من أشجار الجبل وصخوره ذات يوم.. وإلى جوارك... كانت ومازالت فيما أظن تترقرق عين سخية صافية كنا نطفئ ظمأنا ونتبرد بحفنة ماء منها بعد أن نكون قد قطعنا الطريق إليك مشياً على أقدامنا، في حر الشمس باسم السنديانة وأطفالها الذين كانوا يجلسون تحتها على التراب، ويبشرون بميلاد الأمة العربية الواحدة وعودتها إلى مسرح الحياة والحضارة والحرية والنور دون أن تخالجهم ذرة شك في تحقيق هذا الحلم العظيم مهما تمزق وانهار. وانسدت نوافذ النهار العيسى والسنديانة ويمر العمر سريعاً في لمحات وتعود به الذاكرة إلى أيام الصبا هذه الأيام التي تتقد حماسة ونضالاً وعنفواناً هذه الأيام التي رسمت أحلامهم الوردية وعلقوها قنديل هوى على شجرة السنديان التي حرست أمانيهم العظيمة بعظمة شجرة السنديان التي شهدت هتافاتهم الأولى... أغنيتهم الأولى.. ونشيدهم الدائم... ولا تزال أنسام الجبل نقية على الرغم من كل شيء تدغدغ في صمتها وبوحها. حكاياها القديمة التي كانت تفرش بها هذه القمم السمراء الخضراء الحلوة الشامخة. حكاياها على شفاه أهلها الطيبين الرائعين الذين كانوا يجتمعون حول السنديانة ومجموعة من الشباب المشردين وعلى رأسهم بطل من أبطال العروبة، رجل الفكر المناضل العربي الكبير، زكي الأرسوزي. كانوا في القرية يستمعون لهموم الفلاحين، ولأهلها الطيبين وهم يشاطرونهم همومهم وعلى رغيف الخبز اليابس وحبات الزيتون السوداء كانوا يكتبون أول أحلامهم الرائعة يبشرون بها هذه الأرض العطشى. أمة عربية واحدة... وطن عربي واحد... وتمتد من هذه السنديانه إلى أقصى حبه تراب، تمتد من المحيط إلى الخليج. في هذه السنديانة... أحلامهم الأولى التي ما زالوا يتشبثون بها ويقبضون على جمرها ويحلمون بها... تمتد هذه السنديانة إلى أقصى شهقة تقاوم الظلم والظالمين والعدوان والمعتدين همسة زجل وحنين ( للشاعر سليمان العيسى ) إلى صديقة قديمة، سنديانة حمام القراحلة التي رافقت كل أحلامنا العربية يا سنديانة حلمنا الأول يا حاملة الأسرار يلي بدينا تحتك المشوار مر العمر... مر العمر... مشتاق أتظلل ساعة.. ربع ساعة... بفياتك مشتاق اقعد بين دياتك الزق ( بعين قبي...) وامسح بحفنة مي وجهي... بعد ما مشيت نص نهار تاوصلتلك كلي عرق وغبار يا سنديانة فينا الأول يلي بدينا تحتك المشوار مر العمر يا ضيعة الحمام يلي زرعنا أول الأحلام عسفوحك الحلوة عاكل سفوح هادا الجبل..... والساحل المشلوح عند البحر رقصات وغناني.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company