المرشديون في سوريا يحتفلون الليلة بعيد الفرح بالله
من أهم التقاليد التي تعرف بها الشعوب أعيادها , ولعل عيد الفرح بالله كان أهم العوامل التي ميزت الشعب المرشدي عن بقية الناس في سوريا , يحتفلون بهذا العيد سنوياً لمدة ثلاثة أيام 25- 26- 27 آب من كل عام ويكون بالتجهيز للعيد منذ شهور قبله مثل زراعة الورد التي ستزين بها البيوت في العيد وعندما يقترب العيد تبدأ ترتيباته وتحضيراته , حيث تقوم العائلة بشراء الملابس لأفرادها فتراهم يتجولون بالأسواق لانتقاء ملابسهم والبعض يشتري مفروشات جديدة لبيته , ويبدأ حضور الغيّاب والمسافرين والعسكريين كل إلى قريته , لان غالبية من يسكن بالمدينة لعم بيوت في القرى لوجود أهلهم فيها , والعسكريين معظمهم يؤجلون إجازاتهم إلى فترة العيد , أما الذين لا يملكون بيوتاً بالقرى فيحيون العيد في أماكن سكنهم بالمدينة ..
قبل يوم العيد يبدأ شراء الحلويات ولوازم الضيافة كلُ حسب إمكانيته , وليس فرضاً عليه فله الخيار بشراء ما يريد
في 24 آب يغتسل من أحب وتنظف البيوت وترتب الحلويات على الطاولة وفي الصباح الباكر وبعد صلاة العيد يرتدوا الثياب الجديدة والأطفال أسرع الجميع بارتداء ملابسهم وحركتهم للمعايدة , وتبدأ المعايدة كلّ يعايد من أحب من معارفه وأصدقائه , , وغرفة الضيافة تكون مزينة بالورود وكذلك مداخل البيوت في الغالب . في صباح 25 آب تبدأ المعايدة كباراً وصغاراً كل حسب رغبته بالمعايدة فليس مفروض ان يعايد الفرد كل قريته أو محلته , وكلمة المعايدة ( هنئك الله على الإيمان ) يكون الجواب ( اسعد الله حياتك ) , والضيافة موجودة على الطاولات يتناول المعايد مما هو موجود وغالياً يجلس وتقدم له القهوة المرة أو الشاي أو العصير أو الفواكه وما شابه ذلك , وفي المساء يجتمع رجالا ونساءاً وأولادا وأطفالا على أحضان أمهاتهم وآبائهم في ساحة مجهزة لإقامة الحفلة بالعيد .
تبدأ السهرة بغناء أشعار قالها إمام المرشدية في حب الله ورجائه وتعقد الدبكة والفرحة , البعض يقوم للرقص الجماعي , والبعض يرقص إفرادي , والبعض يبقى جالساً على الكراسي , وكله على صوت المغنين وعزف العود حتى ساعة متأخرة من الليل ومن يشعر بالتعب والنعس يذهب إلى بيته وتستمر هكذا طيلة أيام العيد الثلاثة .
حفلة العيد كلها غناء لله ليس لها علاقة بالدنيا هي فقط للفرحة بالله لأننا نحبه ولأننا سنعود إلى ملكوته , ولأننا نحبه لذاته , حتى أثناء المعايدة بالنهار وخلال المعايدة نغني بعض الأحيان من هذه الأشعار التي تتغنى بحب الله ورجائه عندما يجتمع المعارف والأصحاب في بيت الذي يعيدونه .
وبعد انتهاء العيد تجمع الكراسي وتوضع في غرفة خاصة بهم وتنظف الساحة ويغلق بابها إلى ان تأتي مناسبة أخرى .
ويتم هذا الاحتفال في ساحة مخصصة لهذه الغاية ,حيث يوجد في كل حي من الأحياء ساحة خاصة لهذا العيد , وللمناسبات الخاصة يبنيها أبناء الحي نفسه أو القرية أو المحلة , وقد يساعدهم البعض في أحيان أخرى , يشرف على موضوع البناء احد أبناء الحي ويكون هناك من يساعده وبرضي أبناء الحي ومن يحب ان يشارك مادياً أو بتقديم المواد اللازمة للبناء يقدم ما يشارك به إلى الأخ المشرف على البناء وهو بدوره يتصرف بما تم تقديمه لصالح الساحة .
وليس هناك أي فرض على إنسان ليقدم شيئاً وليس هناك حد معين للتقديم إنما هي خيرة من الشخص الذي يريد ان يقدم , ومن لا يقدم شيء لا يفرض عليه التقديم , أثناء البناء ترى أبناء الحي دائما قريبين من المشرف على البناء الذي أولوه ثقتهم ليتشاور معهم بكل حركة بناء في الساحة حسب ما قدم له من مشاركات مالية ومادية لهذه الغاية .
تحاط الساحة بسور ارتفاعه أكثر من ثلاثة أمتار مبني من الحجر أو البلوك , ومزودة بنوافذ كبيرة من البلور الصافي من جهة الشارع أي من السهل على المار ان يرى كل ما في الساحة من خلال هذه النوافذ وقد يزيد كبر النافذة الواحدة عن 2 ×2 , ولها باب رئيسي أو بابين لتسهيل الدخول والخروج منها . ومن الداخل معظم الساحات ترى قسم منها عبارة عن مدرجات مرتبة عليها الكراسي التي يجلس عليها الحضور وقسم عبارة عن مسرح للرقص والدبكة , ويكون بالساحة منصة للمغنين والعازفين , أما الإنارة داخل وخارج الساحة فكل الساحات منارة بشكل فوق الممتاز من الداخل والخارج وهناك العديد من الساحات المجهزة بمولدات كهربائية تحسباً لانقطاع التيار الكهربائي , وبعض الساحات مجهزة بغرف صغيرة لينام بها الصغار والرضع ليتمكن آبائهم وأمهاتهم من المتابعة في السهرة ويشرف على هذه الغرفة إحدى نساء القرية وهي تكون مفتوحة على الساحة .
الطائفة المرشدية في سورية يقدر عددها بحسب المصادر المرشدية ما بين 300 ألف إلى نصف مليون شخص يعيشون مابين محافظات اللاذقية، حمص، منطقة الغاب في حماة، وفي دمشق وريفها، هذه الطائفة لا توجد في بلد آخر سوى سورية..
رجاء حيدر