0 2011-06-25 00:41:07 سياحة واستثمار
أم ابراهيم ومنزلها الترابي.. تاريخ يعود إلى أربعمئة عام

في زمن لم يعد من المألوف جداً أن نشهد الحياة البدائية التي عاشها أجدادنا وآباؤنا إلا أنه لدى أم ابراهيم من ريف القرداحة من تلك الحياة ما يثير دهشة الناظر فهي تعتبر من الريفيات القلائل اللواتي رفضن التخلي عن حياتهن التي اعتدن عليها.

أم ابراهيم غير قادرة حتى الآن على تناول خبز الأفران أو قضاء ليلة واحدة في منزل عصري وتقول لا يغمض لي جفن في منازل المدينة المسورة بالبيتون أنا اعتدت على رائحة التراب وأعواد الخشب المتوضعة في سقف منزلي الترابي.

غير أنه ما يزيد تعلق أم ابراهيم المرآة السبعينية من العمر في منزلها هو تاريخه المشرف وعمره الذي يعود إلى أربعمئة عام حافظ خلال تلك الفترة على بنائه وجماله الطبيعي وتشير إلى أن لهذا المنزل مكانة بين الناس إذ أنه يؤوي الفقير والأمير ومعروف عنه أنه بيت الفقراء إذ أنه يفتتح أمام الجميع دون مقابل يضاف إلى ذلك أن صلابة المنزل تعادل صلابة أكثر من خمسة منازل عصرية من ناحية تحمل الأمطار وغيرها من الظروف المناخية فهو يشبه القلعة بجداره ذات الأحجار الضخمة التي جلبت من أقاصي جبال الشعره وفي الداخل تتوسطه السواميك أو الأعمدة الخشبية الضخمة وفوقها يوجد السقف الخشبي وأغصان نبات الياس لمنع الأفاعي من الاقتراب والمعروف أن الأفعى تكره رائحة تلك النبات.

وتروي البعض من جارات أم ابراهيم روايات مرتبطة بتلك المنزل وتقول أم أحمد كنا نقوم بتجميع قمح الضيعة في هذا المنزل حيث كنا ننقل القمح على الدواب ومن روزنة فتحة صغيرة على سطح المنزل نسكب القمح إلى الخزينة جزء من المنزل لتخزين الأطعمة ويتمتع بدرجة حرارة باردة صيفا ودافئة شتاء وتضيف كل شيء في المنزل له حكاية فشجرة التوت الموجودة أمام المنزل يعود عمرها إلى بداية الاحتلال الفرنسي لسورية حيث زرعت بهدف تربية دودة القز.

في حين أم هشام أن ما يميز المنزل هو مساحته التي تبلغ 200 متر مربع كما انه قطعة واحدة وحدود كل غرفة معروف من السواميك إذ ان أكثر من أربع عائلات كانت تعيش في هذا المنزل مع بعضها البعض وكانت الماشية تقطن بالقرب منا وكانت حياتنا جميلة ومليئة بالعمل على خلاف اليوم حيث نقضي النهار أمام التلفاز فقط على حد تعبير أم هشام التي سبق وعاشت بالمنزل مع عائلتها.

حاليا تقوم أم ابراهيم بتجهيز الطين مع الماء أو ما يعرف الحوارة من أجل ترميم جدارن المنزل هذه العملية تحتاج لتراب يميل للون الأزرق أو الأبيض من ثم يجب تبليله بالماء ورش البعض من التبن فوقه نوع من الأعلاف يستخدم للدواب وبعد ذلك تقوم بجبلها مع بعضها البعض بواسطة المنجل.

أما فيما يخص السقف الخشبي تقول ام ابراهيم.. حتى الآن لم أغير شيء به فالأعواد لا تزال كما هي وبفضل صوبية الحطب اكتسبت لون أسود مخملي إضافة إلى ذلك أقوم باستمرار بتنظيف السقف بالمكنسة الكهربائية من أجل منع الحشرات من تخريب تلك الأعواد.

بالإضافة إلى جهود أم ابراهيم في ترميم جدران منزلها تقوم ايضا بترميم الفسحة الخارجية من المنزل كي تتناسب مع بنائه الحجري الطبيعي حيث تقوم برصف الحجارة وتنسقها بشكل جميل بحيث تحافظ على الشكل الطبيعي للمنزل وتقول لا أخفيك سرا أننا نطمح لجعل المنزل مثالا يحتذى عن كيفية الحفاظ على التراث في محيط لم يتبق فيه من التراث المعماري أشياء كثيرة.

اللاذقية-سانا

جميع الحقوق محفوظة لموقع   موقع زنوبيا الاخباري © 2006 - 2024