احتجاجات فمظاهرات وصولاً إلى تمرد على النظام، يليه إعلان عن منطقة إنفصالية، تنال اعترافاً مما يسمى بـ"المجتمع الدولي" كلها خطوات قد تمهد لتدخل عسكري أجنبي يطيح بالنظام.
السيناريو الذي يطبق في ليبيا اليوم، قد يكون نفسه معداً لسورية، هذا ما تتناقله التحليلات السياسية، فما مدى إمكانية تطبيق هكذا سيناريو في بلد بجغرافية وتركيبة سورية ديمغرافياً وسياسياً؟
سيناريو غير قابل للتطبيق في سورية
"لا يمكن المقارنة بين ليبيا وسورية، لا من الناحية الجغرافية ولا السياسية ولا حتى من الناحية الديمغرافية،" وفقاً لرأي العميد الركن المتقاعد الدكتور (هشام جابر).
وفي حديث له مع الموقع الإلكتروني لقناة المنار، إعتبر الخبير العسكري اللبناني أن الحديث عن سيناريو سوري شبيه لما جرى في ليبيا حديث "غيرواقعي وغير قابل للتطبيق في سورية"، معتبراً أن ما يعزز هذا الرأي هو إنقسام المعارضة السورية ما بين المنادين بـ "إصلاحات تحت سقف النظام، بين تنظيمات مسلحة مدعومة من الخارج ، إستفادت من الجو العام.. لتقاتل هنا وهناك" وهي تسعى إلى " التخريب واحداث حرب أهلية."
وأضاف "المجموعات هذه نشطت في المناطق الحدودية كدرعا وتلكلخ، و في جسر الشغور التي هربوا منها مؤخراً باتجاه منطقة البوكمال ومعرة النعمان القريبة من الحدود السورية مع العراق،" مفسراً بأن تواجد هذه المجموعات في المناطق الحدودية "يتيح لها الإمداد والفرار.
وتابع "لذا أستبعد امكانية تطبيق هكذا سيناريو في بلد مثل سورية،" متساءلاً "هل ترغب أميركا في إقامة إمارة إسلامية في البوكمال وفي معرة النعمان؟"
الجيش السوري مختلف عن نظيره الليبي
وأكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة أن الجيش السوري مختلف عن نظيره الليبي، كونه "مؤسسة منظمة ومتماسكة لديها عقيدة قتالية عمرها حوالي ثلاث او أربع عقود" تعتبر أن العدو هو المحتل الاسرائيلي، وأن الواجب يقضي بالدفاع عن الدولة السورية والتصدي للفتن الداخلية.
"ولا يمكن المراهنة على تفكك الجيش السورية الذي يضم حوالي 300,000 عسكري في السلاح البري فقط،" مضيفاً أن فرار بعض المجندين يحصل في كل جيوش العالم وتابع "حتى اليوم ورغم كل الضغوطات التي تتعرض لها سورية لم يحصل أي انشقاق لوحدات من الجيش" كما حدث في ليبيا.
"عندما يصبح الجيش هدفاً للتنظيمات الارهابية المسلحة، فهذا يزيد من ثباته وعزيمته وتماسكه والتفافه حول شعبه وحول النظام،" تابع (جابر).
ورفض المحلل العسكري اللبناني الحديث عن أي خلل في عمل القوات المسلحة السورية التي أظهرت حكمة في عملية ضبط النفس والتعامل مع المسلحين، معتبراً أن عمليات تسلح المجموعات لم يحدث "في ليلة وضحاها بل هو عملية امتدت لأشهر، قد يكون المسلحون استفادوا خلالها من الفراغ،" محلاً المسؤولية لحرس الحدود الذين قد يكونوا "غفلوا أو تم إختراقهم."
مطلوب تركيع النظام السوري
"ليس المطلوب اليوم إسقاط النظام بل المطلوب تركيع النظام،" فهناك أوراق مهمة بيد النظام النظام السوري "هي: حزب الله وحماس والعلاقة مع ايران بالإضافة الى الموقف السوري مما يجري في العراق بعد الحديث عن الانسحاب الأميركي.." و الانفتاح الأوروبي -الأميركي على سورية "لم يكن دون ثمن، كان المطلوب من سورية أن تكون طيِّعة في هذه الملفات، أما اليوم بات مطلبهم نزع هذه الأوراق من يد سورية."
ولفت المحلل العسكري اللبناني إلا أن ما تتعرض له سورية ليس إلا "مؤامرة سياسية"، معتبراً أن الحديث عن حرية وديمقراطية هو مجرد "أكاذيب"، وتساءل "لماذا تساند الولايات المتحدة الرئيس اليمني رغم آلاف الضحايا الذين سقطوا في اليمن؟ ولماذا تدعم هذه الإدارة دول الخليج؟ هل هناك ديمقراطية في هذه الدول."
"إذاً المسألة ليست مسألة ديمقراطية ومطالب حياتية، الهم الأول لدى الغرب هو تحقيق مصالحهم في المنطقة،" وتابع (جابر) "لقد كشفت عملية جسر الشغور عن ارهاب المجموعات المسلحة، التي لا تمثل إرادة الشعب ولا يهمهما الديمقراطية والمطالب الحياتية."
مطلوب اعلان برنامج زمني للإصلاحات
رغم الحكمة التي أبداها النظام في التعامل مع الأزمة إلا أنه أخطأ في موضوع الإعلام، "السوريين اعتمدوا على اعلامهم الرسمي ما سمح المجال أمام إنتشار كثير من الشائعات.. خصوصاً وأن الإعلام الرسمي في منطقتنا معروف بفشله،" علّق العميد جابر.
"المؤامرة على سورية كبيرة" والفضائيات طرف في هذه المؤامرة "فهي نقلت صور التُقطت في درعا على أنها جرت في حمص وحماة."
"مشكلة النظام أنه لم يجد التعامل مع الحرب الاعلامية" فهو لم يفسح المجال أمام الاعلام الخاص ليغطي الأحداث في سورية، "الكثير من الشائعات تبددت بعد أن فتحت الأبواب أمام بعض القنوات الخاصة اللبنانية لتغطية الأحداث."
اليوم بات مطلوبا الاعلان عن "برنامج زمني واضح للإصلاحات وفتح المجال أمام الإعلام لكشف حقيقة المؤامرة التي تتعرض لها سورية تماماً كما جرى في جسر الشغور، وتنشيط الحركة الدبلوماسية... هذه الإجراءات بمقدورها ان تخرج سورية اليوم من أزمتها."
اذا فالسيناريو السوري للأيام المقبلة لن يكون شبيهاً بما تشهده ليبيا، فالظروف الجغرافية والديمغرافية إضافة إلى التركيبة العسكرية للجيش كلها عوائق تقف أمام تطبيق هذا السيناريو، ما يفتح المجال أمام تساؤلات أي مستقبل ينتظر سورية؟ وبالتالي إلى أين تسير المنطقة برمتها؟
المنار