http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
الرحمة صورة ومعنى
الرحمة صورة ومعنى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المرسَل رحمةً للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الغر المنتجبين، ومَن آل إليهم بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد!
منذ أنْ انبجس نورُ "وعي الإنسانِ لحقيقته الإنسانية"، الحقيقة التي هي: "سِر ُّوجودِهِ" (خَلقاً وغايةً)؛ ومنذ أن تفيَّأ الإنسانُ بظلال نِعَمِ ربِّه الظاهرة والباطنة وبدأ بوعي حقيقة اتصاله، وصلته، وعلاقته، بالإله الخالق العظيم.. (منذ ذلك) وناموس وجدانه الأكبر: "الرحمة" يضبط حياته ــ حريةً نحو الحق ــ، وعلائقَ مع عياله: الخلْق!
فما هي "الرحمة" بالحقيقة، وما هو سِرُّ وجودها..؟!
الرحمة في اللغة والاصطلاح والشرع
الرحمة: الرقة والتعطُّف؛ والمغفرة.[1]
والرحمة ــ في الأصل ــ: رقة في القلب تستلزم التفضُّلَ والإحسانَ[2]، وهذا جائز في حق العباد، ولكنه محال في الله سبحانه، لأنه جلَّ وعلا لا يشبه الحوادث: "ليس كمثله شيء". ولذلك يراد بالرحمة في حقه سبحانه: إيصال الخير والثواب لمَن يشاء من عباده[3]، ودفع الشر عنهم. وعلى هذا رُويَ أن الرحمة من الله إنعامٌ وإفضال، ومن الآدميين رقة وتعطّف.[4]
قال أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي:
رحمةُ اللهِ مجاز عن نفْس الإنعام كما أن غضبه مجاز عن إرادة الانتقام[5].[6]
وفي الحديث القدسي:
رحمتي تغلب على غضبي، أي: تعلُّق إرادتي بإيصال الرحمة أكثر من تعلُّّقها بإيصال العقوبة.[7]
قال ابن القيم ــ رحمه الله تعالى ــ:
إن الرحمةَ صفةٌ تقتضي إيصالَ المنافع والمصالح إلى العبد، وإن كرهتْها نفسُه وشقَّت عليها. فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأَرحمُ الناسِ مَن شق عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك، فمِن رحمة الأب بولده: أن يُكرِهَهُ على التأدُّب بالعِلم والعمل، ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به، وإن ظن أنه يرحمه ويرفِّهه ويريحه.[8]
و "الله رحمن رحيم":
بُنيت الصفة الأولى على فعلان، لأن معناه الكثرة، وذلك لأن رحمته وَسِعتْ كلَّ شيء، وهو أرحم الراحمين؛ فأما الرحيم فإنما ذُكِرَ بعد الرحمن لأن الرحمن مقصور على الله ــ عزَّ وجلَّ ــ، والرحيم قد يكون لغيره.. وقد جيء بالرحيم بعد استغراق الرحمن معنى الرحمة لتخصيص المؤمنين به في قوله تعالى: "وكان بالمؤمنين رحيماً"[9].[10]
ومن معاني الرحمة: النبوة، و: دين الله. قال تعالى: ورحمةُ ربِّك خير مما يجمعون[11].[12]
وبالخلاصة، وبكلمة واحدة، الرحمة هي: النعمة![13]
الرحمة في القرآن الكريم[14]
لعلَّ خير ما يوضح معاني كلمة "الرحمة" ويثبّتها في الصدور والأذهان هو القرآن الكريم، فكلام الله خير الكلام، وهو الحجة والإمام!
ونبدأ بقول الحق ــ تبارك وتعالى ــ في سورة الأنعام:
"كتب على نفسه الرحمة".[15]
وما ورد في سورة غافر:
"رحمتي وسعتْ كلَّ شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون"[16].[17]
ليتبيَّن لنا أن "رحمة الله" هي "رَوح الله"، الوارد ذكرها في القرآن الكريم على لسان نبي الله "يعقوب":
"لا تيأسوا من رَوح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"[18].[19]
ومن الرحمة الربانية العظيمة: نبي الرحمة ودين الإسلام! قال تعالى:
"وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين".[20]
ومن الرحمة الربانية أيضاً: الفضل والنعمة. قال تعالى حكاية عن موسى وفتاه:
"فوجدا عبداً من عبادنا[21] آتيناه رحمةً من عندنا".[22]
أما الرحمة بالمعنى الإنساني العميق فيكشف مضامينَها الساميةَ العظيمةَ قولُ الحقِّ ــ تبارك وتعالى ــ:
"ومن آياته أنْ خَلَقَ لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً".[23]
وقوله بخصوص الوالدين:
"واخفض لهما جناح الذل من الرحمة".[24]
إذاً، هذه هي الرحمة بأتمّ وأدقّ معانيها، وبأبهى وأجمل حُللها!
تقرير وبيان
خلقنا اللهُ رحمةً منه، وللرحمة!
"رحمةً منه": إذ تفضَّل بإيجادنا وخَلْقِنا بهذه الصورة والإمكانات، بعد أنْ كنا عدماً..
و "للرحمة": للنعيم والسعادة على المستوى الشخصي والإنساني والكوني..
وهكذا كانت "الرحمةُ" إرادةً وبدايةً، وكانت فطرةً وحياةً، وكانت غايةً ومآلاً. فمَن رُزِقَ نشأةً صالحة، أو قبولاً لهدي القلب وصوتِ الضمير لِلُزُوْمِ "فطرة الرحمة"[25]، فقد وُفِّقَ وسُعِدَ، ومَن صمَّ أذنيه واستكبر كان في رحمة الله (ذمَّته) التي لا نحيط بها عِلماً!
إذن، الرحمةُ: روحٌ وسِرٌّ، وفطرةٌ[26]، وسُلَّمُ ارتقاء!
الرحمةُ مجد الحب الكلِّيِّ القدسي، وحُسنى صفات أخيار عباد الله الصالحين.[27]
مَن اكتنزها وتحلَّى بها وارتضاها تجمَّل بأبدع صفات الرحمن الموهوبة، وغدا رحيماً من رحيمٍ وبرحيمٍ..
ومَن بَعُدَ عنها اغترب عن فطرته وشذَّ عن إنسانيته وكان على شفا حفرة من نار!
وبهذا التقرير الموجز الدقيق أختم هذا البحث الهام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
المصدر: العلويون الاحرار - سام محمد الحامد علي
0 2010-09-26 | 23:43:00
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024