http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
من يكون عراب الاستدارة التركية نحو سورية؟
من يكون عراب الاستدارة التركية نحو سورية؟
 إذا كان داوود أوغلو عراب الاستدارة التركية عن سورية، وضرب ظهر الرئيس الأسد، فمن يكون عراب الاستدارة التركية نحو سورية، ومن يكون القربان؟
 
ليس غريباً على رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" الاتجاه من موقع إلى نقيضه بين غفلة عين وانتباهها؛ مارس هذا الأمر مع الأكراد، ومع خصومه الضباط العلمانيين، ومع الأوربيين. ورغم أن انعطافته الحالية تبدو الأصعب بسبب ضخامة الرهان الذي خاطر به على سقوط الرئيس السوري "بشار الأسد" إلا أنه بذلك لا يمارس إلا إحدى أهم خصاله المميزة في عالم السياسة وعلى المستوى الشخصي. ويبدو أن زعيماً آخر معروفاً بالتقلب، هو "وليد جنبلاط"، سيخلع قبعته احتراماً لمهارة الانعطاف النادرة هذه. ومن مثله يستطيع تقييم هذه المهارة! 

في أحد لقاءاته التلفزيونية أكد وزير الخارجية التركي "أحمد داوود أوغلو" أنه ليس على استعداد البتة لمصافحة الرئيس الأسد، وأنه يفضل تقديم استقالته على ذلك. وفي الحقيقة أن "داوود أوغلو"، ورغم أن ما قدمه إلى عالم السياسة هو ما أثير عن طروحاته الاستراتيجية والعلمية التي تستلزم عقلاً بارداً قادراً على التحليل والاستنباط بشكل تجريدي، إلا أن "داوود أوغلو" أثبت على مستوى الممارسة المهنية أنه ليس أهلاً لمهنة الدبلوماسية، وأنه يتخذ قراراته بشكل انفعالي بعيد عن الصورة النمطية التي قدمت له، وهي أنه أستاذ جامعي يتمتع بالقدرة على تحليل الأمور وتبويبها ومن ثم إعادة ربطها بشكل متجانس. 

وتحظى بالأهمية هنا اللقاءات التي أجرتها معه الصحفية "أصلي أيدنتاشباش" المتخصصة بالتسريبات الاستخباراتية التي لها علاقة بسياسة "داوود أوغلو" نفسه؛ فهذه الصحفية في أحد لقاءاتها معه تقول أنه "انفجر غضباً" عندما وصل الحديث إلى الرئيس الأسد. والتعبير، أي "الانفجار غضباً" يعود بحرفيته إلى الصحفية التركية. 

وفي لقاء آخر معه قالت "أيدنتاشباش"، في زاويتها في صحيفة "ملييت"، أن "داوود أوغلو" "مجروحة نفسه"، وأنه "حزين"، بسبب الانتقادات "غير المحقة" التي توجهها المعارضة التركية ضده. 

حسناً، يبدو أن شخصاً انفعالياً مثله لن يتمكن من التأقلم مع الانعطافات الحادة هذه، ومن شبه المؤكد أن نفسه ستجرح أكثر فأكثر في المرحلة القادمة، وأنه سينفجر غضباً وحنقاً أكثر فأكثر في آتيات الأيام. وليس هذا جزاءاً ظالماً لمثله. 

في بعض الدوائر الإسلامية يجري الحديث عن دور أكبر قد يلعبه "نومان كورتولموش"، وهو كان أميناً عاماً لحزب "صوت الشعب" الإسلامي المتواضع، قبل أن يحله وينضم إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم ليتسلم منصب معاون رئيس الوزراء. 

و"كورتولموش" بدوره أحد الماهرين في الاستدارات الحادة، فهو نفسه صاحب العبارة الشهيرة التي وصف بها حزب العدالة والتنمية بأنه "حزب التنمية غير العادلة"، في إشارات إلى ملفات الفساد التي يتهم أركان الحزب بالتورط فيها. ولكن "كورتولموش" الآن قيادي في نفس هذا الحزب، لا بل إنه مرشح لاستلام منصب الأمانة العامة للحزب بعد أن يخرج "أردوغان" إلى منصب رئاسة الجمهورية. 

ومن ميزات "كورتولموش" المهمة بالنسبة لـ"أردوغان" هي أنه من صناعة هذا الأخير بالمعنى المجازي، وليس من الرعيل المؤسس "للعدالة والتنمية". وهذا يعني أنه مدين لـ"أردوغان" بما وصل إليه، وهو ما يعني أنه سيكون أكثر التزاماً بتعليماته عندما يغدو "أردوغان" رئيساً للجمهورية و"كورتولموش" قيادياً في الحزب، وربما الحكومة. حيث أن "أردوغان" يريد العثور على صيغة تمكنه من الاستمرار بقيادة "العدالة والتنمية" حتى بعد مغادرته إلى القصر الرئاسي. ولذا فإن الصيغة الأكثر احتمالاً هي الإدارة بالوكالة. ولما كان الحرس القديم للحزب أقل امتثالاً لأوامر وتعليمات "أردوغان" فإنه سيرغب بالاعتماد على شخص مطواع أكثر منهم. 

وأحد السيناريوهات المطروقة بقوة هو عودة رئيس الجمهورية الحالي "عبد الله غول" إلى الحزب. ولكن نظراً إلى الحساسيات العديدة التي ظهرت بينه وبين "أردوغان" فإنه ليس بالخيار المثالي بالنسبة للأخير. ولذا ترجح بعض الأقلام أن هذا هو سبب ادخال نظام "الرئاسة الموازية" إلى الحزب، بحيث يكون هناك أكثر من أمين عام موازي. وتعتبر هذه الأقلام أن "أردوغان" يرغب بتقليص سلطة "غول"، فيما إذا عاد، عبر اشراك أمناء عامين موازين آخرين. وهنا أيضاً من المقدر لـ"كورتولموش" أن يلعب دوراً هاماً. 

ومن الأسماء شديدة الأهمية في مرحلة الانعطاف رئيس الاستخبارات القومية "هاكان فيدان"، الذي وصفه "أردوغان" سابقاً بالقول "إنه صندوق أسراري". 
ومن المثير أن "فيدان" يتعرض لحملة إعلامية في الداخل التركي، وفي صفحات جرائد أمريكية. ومن أهم الانتقادات التي طالته دعم تنظيم "القاعدة" في سورية. ولكن الأكثر إثارة وغرابة هو وصف صحيفة "واشنطن بوست" له بـ"مدير فرع الاستخبارات الإيرانية في تركيا" 

واتهم كاتب المقال "دافيد اغناطيوس" "فيدان" و"أردوغان" بتسريب أسماء جواسيس الموساد في إيران إلى الاستخبارات الإيرانية، حيث كانوا يأتون إلى تركيا للالتقاء بضباط الموساد، مضيفاً أن الإسرائيليين متضايقون للغاية من "فيدان". ولو أعمل كاتب المقال خياله قليلاً بعد لقال أن "فيدان"، وفق التعبير الشهير في سورية، كان "في مهمة". 

فلو كان لـ"فيدان" علاقة قوية بإيران لما شارك بهذا الشكل في دعم التنظيمات المسلحة في سورية وهو يعلم كم أن مصير الحرب في سورية مهم بالنسبة للأمن القومي الإيراني، ولما كان قد سمح بتأخير ملف المخطوفين اللبنانيين كل هذه المدة، وكان لساهم بثقل أكبر في حل ملف المخطوفين الإيرانيين، ولما تورط بدعم التنظيمات التكفيرية. فليس من طريقة للتوفيق بين كل ما سبق والاتهام الذي ساقته "واشنطن بوست" إلا أن يكون "فيدان" فعلاً "في مهمة"، وحتى هذا الطرح لا يستقيم إلا أن يكون الضابط المسؤول عنه ثملاً سكيراً يضحي بحيوات مواطنيه بسهولة. 

والاتهام بضرب العمل الاستخباراتي الإسرائيلي أعطى دافعاً لشعبية "أردوغان"، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات المحلية. وخاصة بعد أن تدنت شعبيته كثيراً بسبب قمعه احتجاجات "ميدان تقسيم" و"جامعة الشرق الأوسط"، وطريقة إدارته للتفاوض مع الأكراد، والملف السوري وغير ذلك. 

وانتشرت بين كثير من المواطنين صورة نمطية بأن "فيدان، وبالتالي "أردوغان"، يهاجم المصالح الاستخباراتية الإسرائيلية "ولكنهما لا يعترفان بذلك"، وبذلك يوازن الأذى الكبير الناجم عن اتهامه بدعم تنظيم القاعدة. 

وزيادة في محاولة إثبات الموقف التركي من التنظيمات التكفيرية قامت وحدة من الجيش بضرب مواقع تنظيم "داعش"، دون الالتفات إلى الجزئية التي تقول أن القصف كان عبارة عن أربعة قذائف مدفعية، بحسب البيان الرسمي الذي أصدرته هيئة الأركان ونشرته في موقعها. ومن البدهي لكل من يعلم أوليات سلاح المدفعية أن أربعة قذائف لا تكفي إلا لتحديد نطاق القصف الذي يلزمه عدد أكبر بكثير من القذائف. إذ أن المدفعية سلاح يكثر فيه هامش الخطأ ولذا يحتاج بعد أول قذيفة إلى تصحيح بقذيفة ثانية، ثم إعادة تصحيح وهكذا.. وأربعة قذائف لا تفيد إلا في تقليص مدى الخطأ. وفعلاً فإن بيان هيئة الأركان لم يشر إلى تحقيقه أية إصابة لمواقع "داعش". 

كما ألقت وحدة من الجيش القبض على خمسة وثمانين عنصراً من "لواء عاصفة الشمال"، واحتفظت بواحد منهم ولتطلق سراح البقية، رغم أن بيان هيئة الأركان يعترف بالقبض على أسلحة بحوزتهم فوق الأراضي التركية. وقامت الوحدة بإخراج الأربعة وثمانين مسلحاً من أراضيها ليعودوا بعد قليل بصيغة لاجئين وليس مقاتلين، في لعبة أمنية مكرورة ومستهلكة. 

بالمجمل يمكن القول أن "فيدان" سيكون من اللاعبين الكبار في مرحلة الانعطاف إلا إن بلغت الانتقادات ضده مدى يصبح فيه عبئاً على "أردوغان" فيتخلص منه بصمت كما تخلص من سابقيه. 

وبمراجعة أزمة عام ١٩٩٨، بين سورية برئاسة الرئيس الراحل "حافظ الأسد" آنذاك وتركيا حكومة حزب الطريق القويم، كان الجيش قد لعب دوراً مهماً جداً في تحسين العلاقات. وعلى غير الدارج فإن بدء مسار تحسين العلاقات بين تركيا وسورية بعد الأزمة تلك بدأ عبر اللجان الأمنية المشتركة بين جيشي البلدين، وتسارع بزيارة الرئيس السابق "أحمد نجدت سيزر" للتعزية بالرئيس الأسد الراحل. 

ويبدو إذن أن مسار إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين سيتطلب تدخل الجيش التركي، وإزاحة الجهاز الدبلوماسي جانباً. ولكن هنا إشكالاً هاماً؛ إذ أن "محمد بلوط" من صحيفة "السفير" يقول في زاويته أن سورية اشترطت على كل الدول الأوربية التي تطلب إعادة التعاون الأمني معها إعادة سفاراتها إلى "دمشق" أولاً. وفيما إذا انسحب هذا الشرط على الحالة التركية يمكن القول أنه سيصعب الأمور جداً على حكومة "أردوغان" ففي حالة البلدين تكون اللجان الأمنية هي محطة الانطلاق لتحسين العلاقات السياسية، وليس العكس. وفي هذه الحالة يبدو إذن أنه سيتطلب الوصول إلى صيغ غير قليلة التعقيد لتجاوز التعقيدات التاريخية لعلاقة البلدين ولبنية كل بلد على حدة. وعلى الأغلب أن إيران ستلعب دوراً هاماً، إن بقي "أردوغان" ولم يطح به، وفي هذه الحالة فسيتطلب الأمر شخصية تركية مقبولة إيرانية. وهم موجودون داخل "العدالة والتنمية" رغم كل حدة الصراعات الحالية. 
رمز الوثيقة: 70664
0 2013-10-21 | 23:05:29
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024