http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
الطائفية في سوريا: وهم أم حقيقة؟
عبد الله علي

في الوقت الذي تبني فيه أكبر المؤسسات الإعلامية سياستها المعلنة في تغطية الأحداث في سوريا على أساس "تطييف" الحرب التي تدور رحاها منذ حوالي سنتين، وتصويرها على أنها حرب طائفية، مستنفرةً لهذه الغاية كل أعضاء أفرقاء عملها لترسيخ هذا التوصيف. مع قصف تمهيدي يومي بتقارير إخبارية مكثفة تنقل معطيات ووقائع تخدم توجهها، مترافقة مع غارات نوعية تشنها دوائر الدبلوماسية الغربية عبر تصريحات محملة بجرعة زائدة من الكيماوي الطائفي كلما خفت حدة "التناعر" على الأرض. في هذا الوقت تغدو محاولة الدخول إلى حقل ألغام الطائفية مغامرة خطرة لا تحمد عقباها، ولكنها ضرورية لأن حقول الألغام لا يمكن تفكيكها إلا بالدخول إليها.
السؤال الأهم الذي يبدو غائباً عند كلا الطرفين من يؤيد مزاعم الطائفية ومن ينكرها، هو متى تكون الحرب طائفية؟ وهل يكفي أن يحدث اقتتال بين أفراد من طائفتين مختلفتين حتى يقال أنها حرب طائفية؟
يرفض "عبدالله مطر" وهو شاب من دمشق يعمل في قطاع السياحة توصيف ما يجري في سوريا على أنه حرب طائفية ويؤكد أنه صراع سياسي، ويقول: "لا يمكن وصف حرب ما بأنها طائفية إلا إذا انطلقت لأسباب طائفية وكان هدفها الانتصار لعقيدة طائفة على عقيدة طائفة أخرى" ويتساءل هل ما يجري في سوريا تنطبق عليه هذه الشروط؟ ليجيب نفسه قائلاً: "لا أحد ينكر أن سبب الصراع في سوريا سياسي سواء أخذنا برأي من يتحدث عن الديمقراطية والحرية أو برأي من يتحدث عن صراع كبير بين محاور ومشاريع، فالجميع يقر أن الخلاف سياسي. أما الهدف فهو أبعد ما يكون عن انتصار عقيدة دينية على عقيدة دينية أخرى".
لكنّ "رامي" وهو معارض يؤكد أن النظام طائفي لأن القادة الأمنيين والعسكريين وكبار المسؤولين ينتمون إلى طائفة معينة وهم أمسكوا بجميع خيوط السلطة من أجل فرض هيمنتهم على مقدرات البلد والتحكم بمصيره، مهمشين الأكثرية التي تنتمي إلى طائفة أخرى" ويصر رامي على أن أهم مفاصل السلطة موجودة في أشخاص ينتمون إلى تلك الطائفة، وما وجود مسؤولين من طوائف أخرى إلا غطاءاً يستر حقيقة النظام الطائفية" مؤكداً على أن وجود مسؤولين من طوائف أخرى لا ينفي الطائفية عن النظام.
ويرى "عزام" وهو شاب جامعي يدرس في كلية الفنون أن ما يجري في مصر يلقي ضوءاً كاشفاً على حقيقة ما يجري في ظلال الحرب السورية التي تصر وسائل الإعلام على وصفها بالطائفية، ويقول: "لماذا لا يوصف الصراع في مصر على أنه طائفي؟ مع أن أسباب الصراع وأهدافه متطابقة في كل من سوريا ومصر، وهل يكفي أن يكون ثمة تنوعاً طائفياً بين أطراف الصراع حتى يوصف بأنه طائفي؟" ويؤكد أن الطائفية قد تكون إحدى الأدوات التي تستخدم لتسعير نار الحرب في سوريا ولكنها بالتأكيد ليست سبباً أو غاية لها.
ويكمل "زاهر" وهو محام منذ سنوات الفكرة السابقة بالقول: "لعبت المعارضة على حبل الاختلاف الطائفي وحاولت التحريض ضد النظام بدعوى أنه نظام طائفي ينتمي إلى أقلية لا يحق لها أن تحكم الأكثرية، وهذه من الأخطاء الكبيرة التي وقعت بها المعارضة".
يقول زاهر: يقولون –المعارضة- بأن النظام طائفي وهذا يستدعي سؤالاً حاسماً ما هو المعيار لوصف نظام ما بأنه طائفي؟ هل هو الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس أم طائفة كبار المسؤولين أم طائفة قادة الجيش أم طائفة أعضاء الحكومة أم طائفة أعضاء مجلس الشعب؟ في هذه الحالة فإن كل نظام سيكون طائفياً أياً كان انتماء المسؤولين فيه لأن هؤلاء المسؤولين هم أشخاص ينحدرون من النسيج الاجتماعي المنوع للمجتمع السوري، وفي ظل هذا التنوع لا بد أن يستلم الحكم شخص ينتمي إلى طائفة مختلفة. ويضيف ساخراً: "هل يمكن وصف مؤسسة ما بأنها طائفية لأن مديرها من طائفة معينة؟ في هذه الحالة سيكون عندنا مؤسسات مختلفة طائفياً لأن المدراء ينتمون إلى جميع الطوائف".
ويشير "زاهر" بحكم اختصاصه إلى نقطة هامة وهي أن الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس تطبق عليها في شؤون الأحوال الشخصية قوانين مستمدة من الفقه الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي، علماً أن الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والميراث هي الأكثر التصاقاً بالدين ودوافعه في حياة الأفراد ولها قداسة كبيرة في نفوسهم، ومع ذلك لم نسمع تذمراً من أحد جراء ذلك، ولم يتم تشكيل محاكم خاصة بهذه الطائفة كما جرى مع الطائفة الدرزية مثلاً التي لها محاكم خاصة تقضي بشؤون الدروز الشخصية إضافة إلى المحاكم الخاصة التي تقضي بشؤون الطوائف المسيحية المختلفة.
أما "سارة" المنحدرة من أبوين مختلفين طائفياً فتؤكد:"أن الطائفية مجرد وهمٍ يُراد لنا أن نعيش به... نعم مجرد وهم... فالطائفية كانتماء إلى طائفة معينة، هي أمر طبيعي لا يدعو إلى الخوف أو الارتياب بالآخر، بل إنها تدخل أكثر في إطار حرية المعتقد التي نتفق جميعاً على ضرورة صيانتها واحترامها. وإذا كنَّا نتداول مصطلح الطائفية على أنه مرادف للفتنة وخطر الاقتتال ونشوب حرب أهلية، وذلك على نحو بديهي وفطري وكأنه من المسلمات التي لا تحتاج إلى تفكير، فإن علينا التوقف قليلاً والانتباه إلى أن هذا التداول البديهي والفطري لا ينسجم مع حقيقة الواقع ولا مع القراءة العميقة لأحداث التاريخ. 
ثم تضيف: "نحن لسنا طائفيون رغم انتمائنا إلى طوائف مختلفة، لأن هذا التعدد في الانتماء هو مصدر غنى وتنوع يجب أن نفخر به وأن نستفيد من الاحتمالات العديدة التي يفتحها أمامنا سواء فكرياً أو ثقافياً أو دينياً أو سياسياً... ونحن لسنا طائفيون رغم وجود حواجز بين بعضنا البعض، لأن هذه الحواجز متأصلة فينا حتى على الصعيد الشخصي أو الفردي، وتمتد إلى العائلة والمنطقة والحزب وغيرها من دوائر الانتماء بما فيها الطائفة، فهذه الحواجز طبيعية من طبيعة أي انتماء ينتسب إليه الفرد ... ونحن لسنا طائفيون حتى ولو اختلفنا وتصارعنا، لأن جميع صراعاتنا عبر التاريخ كانت ذات صبغة سياسية محضة ولم نتصارع يوماً لسبب غير سياسي".
وتؤكد في النهاية على أن "الحالة الوحيدة التي يمكن القول فيها أنها طائفية هي حمل إحدى الطوائف لواء عقيدتها وأن تسعى إلى نشره بالقوة واضعة باقي الطوائف أمام احتمالين إما القتل وإما اعتناق عقيدتها. ومثل هذا الاحتمال لم يحدث في التاريخ ولن يحدث في آتي الأيام، لذلك علينا أن نزيل من رؤوسنا وهم خطر الطائفية، وأن نكون حذرين من مكمن الخطر الحقيقي ألا وهو: السياسة".
 

عربي برس

0 2013-07-03 | 11:04:55
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024