http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
كتبت غدي فرنسيس: أسطورة النأي بالنفس تفضحها الوقائع اللبنانية
كتبت غدي فرنسيس: أسطورة النأي بالنفس تفضحها الوقائع اللبنانية

من العريضة البحرية الشمالية إلى وادي خالد إلى أكروم إلى مشاريع القاع وعرسال إلى مجدل عنجر مروراً ببريتال... يربض أهل لبنان السوري على نار دمشق وحمص. يعتاشون على الدم والجرحى واللجوء والنزوح. السلاح يرسم خاصرة البلاد. من هنا، من البحر على طريق العبده العكارية، تبدو المياه الطرطوسية... رادعة ومرتدعة... ربي والروس والأقمار الصناعية يعلمون ما المختبئ في مياه طرطوس..

أشهر مرّت، تطوّر صراع الحدود وتغيّر وتسيّس، ولا تزال نشرات الاخبار، تقصّ وتعدّل وتغيّر، لتحجب حقيقة واحدة: لبنان لا ولم ولن ينأى بنفسه. لبنان، ومنذ ما قبل اللحظة الاولى، هو شرارة اللعب الخارجي كله، التي تتمدد بفعل التاريخ والأرض والبشر إلى حمص وريف دمشق. أما الشمال السوري، فتلك مسألة تركية.

السادس من شباط

في تاريخ السادس من شباط 2011، وقبل أن يصرخ أهل درعا، كانت تنفجر ديالا في صراخها على صفحات التواصل الإجتماعي. أرادت الطرابلسية إسقاط الأسد منذ ذلك اليوم، كامتداد كرونولوجي طبيعي لثورات تونس ثم مصر واليمن وليبيا... بحّت حنجرتها الفايسبوكية، وهي تفتح صفحة تلو الأخرى، لتنظيم مسيرة دمشقية ضد النظام.. كانت تفتح حاسوبها من لاهاي حيث تعيش وتعمل في المحكمة الدولية. من هناك، تدعو السوريين والحقوقيين والصحافيين. إنه يوم السادس من شباط، يوم الثورة السورية.

في ذلك الحين، كان مضحك امرها. ما كان أحد يتوقع ما الآتي على سوريا. بأية حال. بدا العمل المبرمج الحقوقي والدولي منذ قبل درعا بأشواط.

تصاعدياً، دخل الآلاف من الاجانب، من النروج والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وسواها.. دخلوا وعاشوا وتنقلوا في سوريا منذ ضربها ربيع الإنفتاح على الخارج على يد "التحديث". التحديث الذي بدأ بجزّ ما بناه حافظ الأسد مع توريث إبنه. آلاف عاشوا في دمشق منذ 2001 حتى 2011. قدموا بتمويلات حكوماتهم ومنحها التعليمية، جاؤوا ليتعلموا الإسلام أو اللغة العربية في جامعة دمشق.. ضاقت بهم كل الدنيا؟ لا

هم نماذج كتلك التي تملأ بيروت. باسم العلم والمجتمع المدني، تنفّذ الدراسات والأبحاث والملفات الامنية الإستخباراتية لمصلحة من يمولها من حكومات. وحتى دون ان يدركوا أدوارهم. هم يشكلون الخزان المعلوماتي للغرب العامل في سوريا.

لماذا؟ لأنها ببساطة حرب معلومات. في هذه الحرب، حتى التعليب الإنساني سلاح. المصطلحات المستخدمة على الشاشات. ترداد الكلمات: الإستبداد... الحرية... الإنسان... النزوح..الفقر.. القتل... كله معلب. نرى ما يشتهي الظرف ان نرى.. وتغيب عنّا اشياء وأحداث.

آذار الإعلام

في آذار، جاء دور الإنفجار الإعلامي. اهتزّت الدنيا: قتل اهل درعا الذين طالبوا بالحرية. لكن الإعلام نفسه، لم يذكر ولا مرة واحدة، أن أهل درعا نفسهم، هم من قمع اهل السويداء، حين احرقوا مبنى المحافظة منذ عشرة سنوات. قمعوا السويداء لمصلحة النظام. واليوم، يعيرون اهل السويداء بأنهم شبيحة.

 نسي وتناسى الإعلام ان يذكر اي شيء سوى العنوان. العنوان الذي يكفي لإشعال الحق في الأعناق إلى انتفاضة. اطفال طالبوا بالحرية فجابههم النظام بالسجن والتعذيب والقتل.. نعم، لا شك.. ولكن ماذا جرى قبل.. ولماذا الآن تخبروننا؟أين الأجهزة الإستخباراتية السورية من كل هذا؟  لماذا جهزتم "لوغو" الثورة السورية قبل ان تذيعوا الخبر؟ اصلاً من الذي صوّر لكم وأوصل لكم النبأ هكذا؟ وهل هي محض صدفة؟

يروي المعارض السوري لؤي حسين في دمشق كيف ان ذنبه ودوره الاول كان الإعلام: "وصلت إلى درعا، وكنت انا من اوصل المعلومة والبث لكل من العربية والجزيرة وسواها. وقصدني الامن. تم اعتقالي وتفتيش بيتي في الأيام الأولى من الثورة السورية في آذار. صادروا حواسيب بناتي وملفاتي... وسجنت أربعة ايام ثم تم إخلاء سبيلي".

حتى لو لم يكن له منبر كمنبر قناة وصال التي تستعرض فتاوى الشيخ العرعور وعصره الحجري، يدرك لؤي حسين العلماني، المنادي بالمجتمع المدني، القريب من السفير الأجنبي.. يروي أنه قدّم جرعة إنطلاق هائلة للحراك السوري. وضعه على الشاشة.. ثم بات كل من يحمل هاتفاً وكاميرا، مراسل وشاهد عيان. إلى حين إيصال الاجهزة المتطورة وتدريب المعارضة على التوثيق.

 

 

نيسان السلاح

في نيسان، ومع اندلاع الثورة آذارياً. بدأت تثمر استثمارات العرب ناسها. عاد عشرات المحكومين الإسلاميين إلى سوريا عبر لبنان بمساعدة الاجهزة اللبنانية. بدأت تصل حقائب المال إلى القصير والزبداني ورنكوس ويبرود والنبك وحمص.

بدأت تنتعش حدود لبنان، أجهزة، أشخاص، وسائل اتصال، أسلحة.. بدأ سوق التهريب يعمر. وهو السوق الذي لم يمت يوماً.

يضحكني نكران الميقاتي اليوم. ألم يقرأوا التاريخ. عام 58، كان شمعون يناشد الدول أن تضبط حدود لبنان السورية، وحتى اليوم لم يستجاب طلبه. في وادي خالد التهريب سهل كعبور النهر الجنوبي الرفيع. من أكروم اللبنانية، مشوار الدراجة يستهلك دقيقتين إلى اختها أكوم السورية. آل جعفر في "القصر" البقاعية، يرفعون يدهم فيندهون لأهل القصير... البلدات المتلاصقة، تربط بالدم والرحم ما لا ينوي ولن يستطيع قطعه الجند والعسكر.

في السلاح، لا يستطيعن أحد ان يبرئ نفسه. كل من يبيع السلاح باع لكل أحد. السوق عامر. الأمر ليس حتى بمذهبي حين نتكلم عن بيع السلاح. في بريتال مثلاً، رحم آخر لسلاح  ريف دمشق في رنكوس والزبداني عبر "طفيل" و"معربون" و"حام".

 وصل المبعوث الاجنبي الإعلامي والإستشفائي والإنساني. عشرات مروا واستقروا في وادي خالد وعرسال. أطباء بلا حدود، صليب احمر دولي، هلال احمر، جمعيات إسلامية... الاتراك أرسلوا تجهيزات الإسعاف إلى الجمعيات الإخوانية في قرى الحدود. قطر بدأت تعلّب الألبسة والتمور والإعاشات. السعودية عبر جمعيات تيار مستقبلها بدأت تضخ المال. بمب أكشن التركية اجتاحت السوق مع القناصات الأميركية، أسعار ترتفع كالنار.

وفي الوقت نفسه، بدأ يلمع أبطال الثورة السورية اللبنانيون، من نواب المستقبل في الشمال والبقاع إلى رجالات الاجهزة. رؤوساء البلديات والمخاتير باتوا مراكز لتوزيع الحصص. اشتغل واشتعل لبنان. من قرية المرج حيث اتهم النائب جمال الجراح إلى عرين خالد الضاهر في ببنين الجهادية مروراً بعرسال ورئيس بلديتها علي الحجيري المحكوم بأكثر من عشرة أحكام، والمضبوط بالجرم المشهود في صفقات السلاح السوري وتهريبه.

خريف 2011

في بدء نهاية العام، كان السلاح والقتال والتدويل بدأ يأخذ نمطه التصاعدي. بدات إشتباكات الحدود تظهر. "قتل مواطن سوري داخل الأراضي اللبنانية في عرسال". في ذلك اليوم، علت صرخات الإستنكار. فقد قتل "علي الخطيب" الفليطاني في جرد عرسال. لم تتوقف قنوات لبنان عن الشجب والتحريض.. لكن يومذاك، ما حصل لم يكن جريمة أو صدفة. لم تسأل تلك القنوات ماذا كان يفعل أبو حسين في الجرد. وهو الذي عمل طيلة حياته في التهريب على ذلك الخط بين عرسال وفليطة.

علي الخطيب (أبو حسين) كان يقود مع إبن اخيه  المنتمي إلى القاعدة ، مهنّد "أبو بكر"، مجموعة اكثر من مئة مقاتل في طريقها من جرد فليطة إلى القصير. كتائب "الخلفاء الراشدين" تفخر وتزخر بأفكارها الجهادية. تلك الزنود التي تقول "لم نثر لأجل الحرية، بل لأجل الدولة الإسلامية" ، عملت وتعمل في طرق الوعر الذكية. تتنقل من مخيمات لبنان الفلسطينية عبر البقاع وعكار إلى قلب الشام. تدرب شباب الشام على الجهاد تفجيراً. تربي فيهم أحقاد على "عبّاد الصليب وعلي".

لا يستطيعن احد ان ينكر هذا، موقع يوتيوب كريم، يعرض كل أفكارهم على عناوين مقاطع القتل.. هل هم كل الحراك السوري؟ لا، لكنهم هم سواعده الناشطة على الأرض.

 بالعودة إلى علي الخطيب الملقب بأمير المؤمنين. عوضاً عن العبور على خط دمشق-حمص المعبّد بالحواجز "الأسدية"، كان ينوي العبور بمقاتليه من جرد عرسال إلى سهل القاع الحدودي ويهرب من هناك عبر جوسيه والزراعة إلى القصير.

 وهو، من اول من قام في منطقة القلمون ضد النظام. في جرد فليطة، ربض ويربض شباب تلك الكتائب الإسلامية، يتدربون وينشدون ويصلّون. يسجّلون مقاطع إعلانات لكتائبهم. يسجلون صورهم لتعرض عندما يستشهدون.

ينسقون ويتواصلون مع كل الكتائب. من القصير إلى الزبداني، يعرفون بعضهم بالأسماء.

 مثلاً، أبو الوليد، وهو قائد "لواء أحرار العاصي" الذي يقاتل في القصير، بات بضعة ليالي في منزل أبو حسين في فليطة الحدودية السورية. وبات في عرسال وطرابلس اللبنانية. وبات في الضنية. أبو الوليد له معرفة شخصية بقيادات المحاور التي تقاتل جبل محسن في التبانة الطرابلسية. من يريد ان يجاهد من شباب عاصمة الشمال، يستطيع ان يذهب إلى أبو الوليد او أبو حسين. مرحب بجهاديو طرابلس على الحدود. المشايخ، الساسة، الأجهزة الامنية، القيادات العسكرية، كلها بتصرّف الجهاد.. يرسلون الشباب إلى الموت، ويحصدون المال في حقائب.

مراتع الشمال 

 أكثر من مئة ألف. مئة ألف نفر سوري في شمال لبنان. عائلات المقاتلين، جرحاهم،  قياداتهم الروحية والعسكرية والإستخباراتية.. كل العامود الفقري الذي ترك حمص، يتمشى في طرابلس وعكار والبقاع. ليس غريباً. فقبل إعلان لبنان دولة عام 1920، كانت "طرابلس الشام" النافذة البحرية لحاء الداخل السوري: حلب حماه حمص. وهي مذ غدا لبنان دولة، بقيت نافذة، لكنّها نافذة مدوّلة. لا ينسى أحد في طرابلس، مرحلة الثمانينيات. أيادي التوحيد الإسلامي حكمت المدينة بالحديد والنار لمصلحة وبوجود أبو عمار. ثم قامت الدنيا وقعدت على جزّهم واستئصالهم. فتح الضوء الاخضر، جاء الردع السوري على اكتاف الاحزاب الوطنية. جرجر التوحيد إلى ساحة النور وصرعه هناك. ودخلت المدينة في عصر السلطان السوري. حتى جاءها في التسعينات رفيق الحريري.. مظلومة طرابلس، بكل نواحيها. الإسلام الطرابلسي إسلام بحري.. إسلام منفتح. بارات ساحة التل في طرابلس ماتت. سينما الريفولي ماتت. شاطئ المينا مات. السوق القديم مات. قتلوا طرابلس، لتتحول إلى ساحتهم. ساحة قتلهم وقتالهم منّا وعلينا وبنا. نموت ليتقاسموا الأرزاق.

في منطقة أبي سمراء في طرابلس اليوم، خمس مراكز استشفاء تعج بمصابي الحرب. شباب الجيش الحر هم. منهم من هو منشق ومنهم من هو مدني. يتعافون في طرابلس ويعودون إلى القتال. ومنهم من يرتّب بالرشوى جواز سفر سوري نظيف، ثم يترك المستشفى مسافراً إلى تركيا او السعودية او أي  من البلدان عربية. كل يوم جمعة، تزحف عائلاتهم في مسيرات الحرية الطرابلسية. تفشفش عن قلبها حمص. تجوب المدينة منشدة ضد النظام السوري. ثم تعود إلى نزوحها الذي لا ينتهي.

بالقرب من خط التماس "السني العلوي" الطرابلسي، تربض خلية عامر أريش. عامر أريش هو حاج طرابلسي يتمركز على طريق المنية. ستعرف مركزه من لافتاته. صور العرعور هنا، لافتات الجيش الحر هنا، واعلام سوريا الخضراء، والإمضاء "شباب عامر أريش".

إن كنت تتابع التغطية الإعلامية اللبنانية لمآسي طرابلس المتكررة، ستلمح الحاج عامر. رجل أبيض اللحية حليق الشاربين، عينان زرقاوين على خدود سمينة. ذاك قائد محور المنكوبين. ما هو محور المنكوبين؟

منطقة فقيرة نائمة كخلية سلاح بين مخيم البداوي وجبل محسن. شوارعها تعج باللهجة السورية والمآسي السورية. أكبر مقاتليها  في الرابعة والعشرين من عمرهم. هنا، كلما سمعتم نبأ اشتباك طرابلسي، يكون قصف القذائف المتبادل، بين فقراء الجبل والتبانة والمنكوبين. يموت في كل دورة حرب ضحايا من الاطفال والشيوخ لدى الطرفين. وبعد ايام، تعلن الهدنة الطرابلسية في بيت الميقاتي او في السرايا. وعوضاً عن محاسبة رؤوس السلاح، تشرّع وجودهم هيئات الهدنات والمصالحة، تستدعيهم إلى الإجتماع.

يجلس النواب مع المشايخ مع قيادات المحاور.. مع الامنيين. تخيلوا المشهد..

قيادات المحاور هم المحرّك والاداة، يتم إرضائهم ليسمحوا للجيش بدخول احيائهم. يدخل الجيش مع كل هدنة إلى التبانة ثم يخرج، ولكنه يتمركز ويعيش ويبقى بين بيوت الجبل. لا يداهم، لا يلاحق، لا يجابه. الجيش هنا، أشبه بقوات الفصل.. التي غالباً ما تموت إن حاولت أن تفصل بين أحياء النزاع. الجيش يموت قنصاً كطيور "الفرّي" إذا حاول ان يكون جيش. لذا، يلتزم السلام والسكون. أسأل الجندي الواقف على أول "الملولة" وهي نقطة القنص الأشهر في المعارك وفاتحة الإشتباك. "ماذا تفعل هنا، وهل يتبع هذا البيت للتبانة او للجبل؟".

لا يجيب الجندي ثم يجيب "لا أدري" . "انا هنا فقط لإنهاء خدمتي... أمري وتعليماتي تقتضي بالوقوف هنا. لكن لا أدري لماذا يتحاربون."

لا يحمل السلاح، بل يتجول هكذا. وجوده، فقط لإيحاء أن هناك وجود. لكن لا أحد في هذا الشارع يخاف من الجيش اللبناني. لان الجيش لم ينزل حقاً بعد إلى الساحة.. رغم كل ما تسمعون.

اكثر ما يجرح اهل طرابلس، ان قتال المدينة ليس منهم ولا لهم. التبانة وجبل محسن هي ناحية فقيرة من طرابلس الكبيرة. شارع عزمي، شارع المعرض، المينا، التل، البحصاص، شارع المئتين... الجميزات.. تشل وتموت المدينة كلها كلما قرر قائد كتيبة حمصية ان يزأر في طرابلس إنتقاما من "حليف النظام العلوي رفعت عيد". يقاتل رفعت عيد في شارعه الطرابلسي الصغير، جبل محسن، يقاتل مع فقراء كان ذنبهم انهم من الطائفة العلوية.. يقاتل ويبقى، محاوطاً بالعدو من كل جهة. لكنه ينام مطمئناً. فخلفه هناك حليف يدعى سليمان بك فرنجية.. ومن جبل فرنجية في إهدن، تبدو كل طرابلس، نقطة في ناضور المدفع.

تمشي طرابلس في دمها السوري دون حسم إلى اللانهاية.. ويومياً، يجوبها الجيش الحر راسماً جبل محسن هدفه الوحيد في ثورته السورية. "جبل محسن" مقابل "حمص"...

غداً: قيادات جيش حر في معارك طرابلس

غدي فرنسيس- عربي برس- حمص،ريف دمشق،طرابلس،عرسال

0 2012-12-18 | 17:43:25
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024