http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
غدي فرنسيس: لولا الحدود السورية
هو اليوم الثاني في تركيا الجنوبية التي يحلو لي تسميتها "سوريا الجنوبية المحتلة". فشلت محاولة الهروب إلى سوريا واعتقلنا الجيش التركي. كذبت، وبت في تمثيلية كبيرة مفادها أنني وفاء الخطيب، ناشطة من حلب.
إذا أراد جهابظة النقد والإعلام، وخاصة المتفلسفين اللبنانيين منهم أن يأخذوا علي المآخذ. لعيروني بفقدان المصداقية لانني لم أخبر الجندي التركي انني لبنانية وصحفية وانتحلت صفة نازحة حلبية لأنفذ بسهولة بعدما تم توقيفي على الحدود. وربما لعيّرني بعض "ممانعي" سوريا بمحاولة الدخول تهريباً و"خرق السيادة السورية"، طبعاً علماً أن السيادة السورية تقتصر على السماء فقط في الشمال السوري وان كل صحافة الكوكب تتواجد على الأرض وتدخل خلسة. أما شبيحة المعارضة، لدعوا عليّ بالموت عند التركي لانني أحاول ان أدخل لأشوّه ثورة الياسمين. طبعاً، للدوشكا عند بعض السوريين، رائحة ياسمين..
الله اكبر.
لا يهم. المهم انني استيقظت بعد محاولة النوم على أرض قاعة المؤتمرات عند حاكم مقاطعة كيليس التركية، على امل النجاة من كل البزات الرسمية، والعودة للمشروع الاساسي: دخول أراضي شمال حلب.
 
لو عملت بما تمليه عليه "لبنانيتي"، وبالمعيار اللبناني الملتوي ولكسب "المصداقية اللبنانية" ، كان عليّ ان أبرز جوازي، ثم يعتقلني الاتراك يومين ويصادروا مادتي الإعلامية. وفي هذا الوقت، تكون قد "عومتني الوسائل الإعلانية اللبنانية بخبر توقيفي لدى الاتراك". الامر حصل مرتين مع زميلة وزميل في لبنان.. فكل من ينزل إلى أرض الحرب ليقوم بتغطية صحفية، يظن انه أصبح بطلاً. خاصة اللبناني. بينما الناس يومياً يعيشون الحرب ويمارسون تلك "البطولة". ومعظمهم يعالج الوضع السوري بنفسية 14 و8 آذار. يظنون ان سوريا بحجم لبنانهم الكوميدي. صدق من قال أن لبنان مزهرية وسوريا بستان. لا يمكن للبنانيين أن يستمروا باستخدام مكيالهم اللبناني والتبجح بالمواقف السياسية عن سوريا. والمشكلة ان معظم من يتكلم باسم الشعب السوري إعلامياً وسياسياً، هم خبراء لبنانيون. كأن لبنان هو المكتب الإعلامي السوري. انتفخ رأس لبنان حتى ظن انه بلد. ثم بدأ يؤثر بانتفاخه على سوريا. يا للمصيبة. بقينا نصرخ من تأثير المخابرات السورية على لبنان، حتى بات كل لبنان حلبة استخباراتية سورية متعددة الجنسية.
غثيان انتم، نحن، لا فرق. كلنا غثيان.
بأية حال، استغنيت عن البطولة المجانية لأنني كنت عازمة على دخول سوريا. صبرت على اعتقالي
أكملت كذبتي بالتنسيق مع الدليل. قلنا نريد الذهاب إلى مخيم كيليس. فالدليل الذي يرافقني، حائز على بطاقة نازح سوري لمخيم كيليس، وامه واخته وأخوه يعيشون في المخيم. اما باقي أفراد الأسرة، فيقاتلون النظام في حلب.
انتقلنا بالتدريج من مركز الحاكم، حيث أرسلتنا هيئة النزوح في سيارة الجندرما إلى مخيم كيليس مرة أخرى.
ها نحن مرة اخرى على بعد مئتي متر من الداديخي عند معبر السلامة. ندخل إلى غرفة المسؤول. هناك، تتنظر دورنا.
أمامي عائلة إدلبية من أربعة أفراد. يجلس رب العائلة قبالة كاميرا التركي. صورة أولى للوجه.
يلتفت يميناً، صورة ثانية للجهة اليسرى من الوجه.
يلتفت يساراً، صورة ثالثة للجهة اليمنى.
قام الإدلبي ووقف إلى يمين الشرطي التركي، ومد إصبعه. حمل التركي العشريني إصبع الرجل السوري الستيني، ووضعها على شاشة آلة البصمات.
بعد دقائق، سوف يصبح لهذا الرجل بطاقة تخوّله ان يتنقل بحرية في تركيا دون جواز سفر. وسوف تنزل صورة بصمته على الجهاز، لتخوله بصمته أن يدخل إلى المخيم حين يشاء. وبعد تكرار عملية التصوير وأخذ البصمات لكل العائلة، سوف تمتلك العائلة منزل من غرفتين في المخيم...
هنا، الرجل وزوجته وإبنتهم وإبنهما، جميعهم في توق وشوق لتلك البطاقة.
مثلنا ومثل هذه العائلة، عشرات الآلاف من السوريين، وربما مئات الآلاف منهم، تنقلوا من بيوتهم في الشمال السوري إلى ملاجئ مجهزة على الحدود التركية. كثر لم ينزحوا بسبب الحرب. كثر منهم نزحوا للإستفادة واللجوء السياسي في المرحلة الاولى. يروي لي هنا الشباب السوريون أنهم اتوا منذ أكثر من سنة، قبل ان تسقط مدنهم بيد المعارضة. ففي مرحلة التظاهر والتصوير والإعلام، كانوا ينظمون التظاهرات وينفذونها ثم يلجأون إلى تركيا.
لولا الحدود التركية، لما دخلت أجهزة الإتصال الحديثة والإنترنت الهوائي. لولا حدود تركيا لما أمنّ آلاف المنشقين انشقاقهم. لولا حدود تركيا لما وصل رياض الأسعد إلى جسر الشغور. لولا حدود تركيا لما أسقط الأعزازيون طائرتين للجيش السوري.
هنا يبدو لي انه لولا حدود تركيا، لما حصل أي شيء.
تماماً كما يبدو لي في القصير الحمصية والزبداني الدمشقية انه لولا حدود لبنان لما حصل أي شيء.
الناس قاموا، لكن المنافذ الحدودية أوصلت سلاح الخارج وإعلامه إلى أيديهم، وكرت السبحة. سبحة الحرية ومن بعدها السلاح.
حين وصل ابو انس النبكي، مدير مكتب الشيخ العرعور، من السعودية إلى لبنان في نيسان 2011، كان ذلك كافياً لكي يصل ومعه ملايينه الخمسة من الدولارات إلى مدينة القصير.  لأبو أنس باع في "الثورة" وهو أول الثوار. مدير مكتب الشيخ النبكي. لم آت بالرواية من رسائل نصية ولا من همسات امنية، روت لي أخت ابو انس، "ام سارية"، عن اخيها في النبك. الآن، بات شقيقها ابو أنس معتقل لدى السلطات السورية.
المهم أنني في تركيا نجحت بخرقهم. جوازي مختبئ، إسمي وفاء، وأنا الآن في سيارة تاكسي تقلني إلى المعبر الحدودي التالي من جهة الشرق: معبر جرابلس.
في ذلك اليوم على الحدود التركية، خدعناهم. أفلتت من بين يدين الاتراك وذهبت مباشرة إلى قرقميش. ومن قرقميش عبرت تهريباً إلى جرابلس، المدينة السورية الاولى على نهر الفرات من الشمال. نجحت خطتي بصعوبة. لكن يومياً، قبل وبعد وخلال المخاض السوري، يمر المئات من الأشخاص بعتادهم وسلاحهم تهريباً.
قد يظن البعض أن هذا خرق تركي يسقط سوريا. نعم، إنه حتماً كذلك. ولكن الآن، وبعد سقوط سوريا شمالاً، يتحول هذا الخرق إلى سيف ذو حدين. في حدّه العسكري، أسقط النظام. أما في حدّه الامني، فهو يومياً يسقط المعارضة.
ومع اللاعب الكردي الحدودي، ترتبك تركيا ومعها سوريا. يتمدد الكرد وصولاً إلى زاغروس . هنا على الحدود الشمالية، يبدو الصراع الإقليمي اكثر وضوحاً. هنا يبدو ان الشمال بات منطقة منفصلة تماماً عن ثوب ما تبقى من نظام سوري. ويبدو أن الأرض تبحث لنفسها عن حاكم جديد. تركيا هنا قوية، لكنها ليست الأقوى. طائرات النظام هنا لم تنزل بأسرابها بعد. لا يزال القصف إثبات للوجود. ربما في مرحلة لاحقة، تشهد هذه المناطق إبادات جماعية لإعادة الأرض للسيطرة. هذا وقد حضر الإسكندر الروسي إلى الساحة. وربما، تثمر التسوية حكماً ذاتياً إسلامياً يراضي التركي ومعه صواريخ الباتريوت والناتو. لا أدري لماذا لم يعد بإمكاني ان أتخيل جرابلس ومنبج والباب مدن تابعة للعلم السوري الاحمر. ربما لأنني تجولت هناك في مسافات شاسعة، توصل إلى حلب، ولم ألمح علماً سورياً أحمراً واحداً.
هنا، خلع التاريخ عباءة الامس بالكامل. وعباءة المستقبل لم تكتمل حياكتها بعد. وريثما تنتظر وجوههم غداً آمناً، يعزف السوريون ايامهم بدمهم. كل يوم موت، في كل قرية. موت بكل أشكاله. وفي القرار بمقلبيه رعونة تحتكم إلى الخارج
 
 
غداً: كتائب القاعدة في ريف دمشق
 
 

غدي فرنسيس- عربي برس- الحدود التركية السورية

0 2012-12-09 | 20:39:58
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024