http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
الحفة.. معركة لم تنتهِ.. واستراحة مُحارب
مرح ماشي

مِن هُناك.. من أقصى أقاصي الشمال السوري وقريباً جداً من المتوسط إنما في المنطقة الجبلية، عانى جنود الجيش السوري قسوة حرب ما توقعوها يوماً، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. حيّاً ليروي مشاهد موت عجيب تم تحضيره بأيادٍ غريبة.
للوطن الجريح حكاية.. يرويها من شهد الأحداث، إذ إن في الحفة معركة لا تنتهي.. وما إن تنتهي حتى تبدأ من جديد. وكلما نسيتها نشرات الأخبار تعود إلى الواجهة من جديد. فما الحكاية أيها الراوي؟.
الدكتور حسّان (والاسم وهمي).. شاهدٌ على الكثير من المعارك التي جرت في البلدة، بل ومشارك بها، يروي ما رآه بانفعال قائلاً: "إنهم مرتزقة.. وصلوا إلى الحفة على مراحل عن طريق جبل الأكراد، وهُناك تجمّعوا في نهاية الشهر الثاني وبداية الثالث من العام الحالي. تمكنوا من السيطرة تباعاً على العديد من نقاط الاستناد والأماكن الحسّاسة حيث كان لديهم كميات هائلة من مختلف أنواع الأسلحة وسيارات دبل كابين رباعية الدفع four wheels drive مخصصة للطرقات الجبلية ومزودة برشاشات متوسطة و معدلة، بحيث تمت زيادة عدد النوابض لتحمل الرشاشات أثناء الرمي. بالإضافة لتزويدها بصفائح معدنية بغية تثبيت قاعدة الرشاشات، و هي من أنواع GMC و Dodge".
معلومات لم تأتِ من فراغ، فسكّان اللاذقية تحدثوا طويلاً عن أعداد كبيرة من قوات الجيش الوطني سقطت خلال كمائن متتالية في المنطقة، ما زاد سخط بعض الناس واعتراضهم على السكوت عن مسلحين متسللين ومختبئين في أوكار ضمن الجبال، وأثار فزعة آخرين طالبوا بمعرفة أهداف الجيش العسكرية في الحفة وألمحوا إلى استهدافه المدنيين.
وفي البحث عن أسباب ما يجري في الحفة دون باقي مناطق ريف اللاذقية فالجواب ليس طائفياً أبداً، إذ إن منطقة الحفة تحوي خليطاً من جميع الطوائف تتعايش مع بعضها بشكل طبيعي ولا مظلومية لأي واحدة منها، إلا إن أقلية من سكان البلدة دعمت "الثورة" على خلفية طائفية منذ البداية، وسرعان ما لجأ إليها هاربون من المناطق الداخلية وآخرون غرباء تخفّوا في أوكار جبلية وعملوا على مهاجمة عناصر الجيش وأقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية وصولاً إلى مهاجمة الكادر الطبي للمشفى الوطني وسيارات الإسعاف أيضاً.
لا يمكن أن تنتهي معركة الحفّة دفعة واحدة، بحسب الدكتور حسّان الشاهد على الأحداث الأخيرة، بل لابد أن تنتهي على مراحل مثلما بدأت. فالبلدة الجبلية محاطة بغابات و كهوف طبيعية. وقد قام "المرتزقة" منذ لحظة دخولهم بحفر أنفاق ونقاط استناد لنصب قنّاصات حرارية نمساوية و أمريكية الصنع، حيث تكون القناصة مكان والرامي بمكان آخر ويقوم بالرمي من كومبيوتر محمول متصل بالبندقية infrared.
من يسميهم حسّان "مرتزقة" هم بغالبيتهم من ريف حلب وإدلب و من جنسيات أخرى. تجمّعوا في قرى سلمى: كنسبّا والدخيل و بكاس.
وبتأثّر يروي الرجل عن أعداد الجرحى من الجيش الوطني التي تسببت بها القناصات الحرارية، ما أدّى إلى "زحف مجموعات من الجيش السوري مسافة 800 متر لحماية التجمعات السكانية والانقضاض المباغت بطريقة الإغارة الصامتة على أماكن تجمع المرتزقة فتمت بذلك تصفية عدد كبير منهم. واضطر الباقون للانسحاب من طريق وحيد نظراً لمحاصرتهم من جميع المحاور وترك محور جبل الأكراد منفذاً وحيداً لهم، لتتم عملية اصطيادهم قبل وصول مساعدات انتظروها عبر الحدود التركية".
رواية حسّان هذه قابلتها رواية أُخرى لميليشيا الجيش الحُر التي أعلنت الحف منطقة منكوبة. فتحدّث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن انسحاب تكتيكي لمن أسماهم "الثوار المقاتلين" من الحفّة بحجة تأمين سلامة وحماية السكّان، ليعزز مدير المرصد رامي عبد الرحمن في تصريح لوكالة فرانس برس خبر تكبّد "القوات النظامية" خسائر فادحة، دون أن تتمكن من اقتحام المنطقة إلا بعد "خروج الثوار المقاتلين منها".
أشهر طويلة مرت وأصوات السكان تتعالى حول اختباء مسلحين قادمين من جسر الشغور وإدلب في مناطق قرب قرية كنسبا التابعة للحفة في اللاذقية، ولكن لا نتيجة من ذلك في ظل الحديث عن تواطؤ مدير الناحية وعدد من الضباط.
وبحسب حسّان الشاهد على المعارك في المنطقة، فقد تم قتل الكثير من المسلحين واعتقال العديد منهم. كما تم تدمير عدد كبير من سياراتهم وعتادهم وفرّ جزء منهم باتجاه الأراضي التركية، حيث كانت الحوّامات التركية بانتظارهم لنقلهم إلى الداخل التركي.

كلام حسّان سبق أن قابله تصريحات مدنيين من الحفة لعربي برس حول عدد المسلحين الكبير للغاية إذ لطالما اشتكى السكان وحذّروا من انضمام مسلحين غرباء إلى بعض مسلحي الحفة غير إن ذلك قابله تعامٍ مستغرب من إدارة المنطقة.
يعتبر الدكتور أن الليبيين هم أكثر المحاربين تدريباً، فيما يحل أصحاب الجنسيات الأُخرى بعدهم من حيث التدريب والتنظيم فيذكر من هذه الجنسيات: الكويتية والسعودية والتونسية والأفغانية والهندية والباكستانية والبوسنية والشيشانية.
بينما يحدد أن القناصة هم بوسنيون وأفغان ومصريون، لافتاً إلى اشتراك أفارقة في المعارك وهم دون أوراق ثبوتية ويتكلمون لغة غريبة أشبه بسكان سواحل أفريقيا.

ويتحدث الرجل الثلاثيني عن زحف الوحدات العسكرية الذي خفف عن المدنيين فجاءت مفاجأة المسلحين قاضية، رغم العدد الكبير لشهداء وجرحى الجيش النظامي ومنهم العميد حمزة نوفل وقلة آخرين.
المعركة لم تنتهِ في الحفة بسبب استمرار وحدات الجيش في عمليات التطهير إثر انتهاء الوحدات الخاصة من عمليات المداهمة والصّدم المباشر، فيما تستمر ملاحقة الفارّين الذين لم يستطيعوا الوصول إلى الأراضي التركية واختبأوا في الكهوف وداخل القرى المحيطة.
الحفة والقرى المحيطة بها تنام على بحار من السلاح يُعثَر عليها يومياً، ولا زال في المدن الرئيسية الكثير من الخلايا النائمة، والمرتزقة كثر على ذمة المُحارِب السوري. ما يصرّ على تأكيده جميع من خرج من الحفة هارباً من الاشتباكات فيرجّح أن عدد المسلحين وصل إلى حوالي 5000 مسلح يتبعون لميليشيا الجيش الحُر، وهؤلاء مجهزون بالعتاد بشكل لا يُصدّق، حتى إن عناصر الجيش الوطني تشتبك معهم منذ أيام وذخيرتهم لا تنفذ.
وليست استغاثات أهالي كنسبا التي لم تكن مسموعة رغم ارتفاعها بغريبة عن قراء عربي برس في الفترة الأخيرة، إلا إن الإهمال في التعاطي مع جديتها كان واضحاً ما أفضى إلى تأسيس إمارة سلفية في المنطقة وشت لبرهة من الزمن أن دويلة "بابا عمرو" جديدة قد تأُسّست في جبال اللاذقية.
حسّان يعرّف الجيش الحُر على أنه عبارة عن قطّاع طرق ومهرّبين ومجرمين سابقين ومدمني مخدّرات وعناصر وضبّاط منشقين عن الجيش النظامي، يساعدهم مرتزقة من جنسيات أُخرى.
كما يكشف عن معلومات لديه أن ميليشيا الجيش الحُر على وشك الانهيار لسبب يرفض الخوض فيه حالياً، دون أن ينسى التحدث عن كرم أهالي الحفة وتعاملهم مع الجيش بودّ ومحبة ومشاركتهم في إسعاف جرحاه حتى إخلاء المنطقة، مضيفاً أن أجهزة الاتصال لدى المجموعات المسلّحة التي تم القضاء عليها، هي من ماركة تومسون و ألكاتيل فرنسية الصنع.
وهكذا كانت استراحة قصيرة للشاهد الحيّ يخفّف عن روحه أوجاع بلاده التي يضعها نصب عينيه المتعبتَين وذاكرة تحتفظ بصور جنود رحلوا ليكمل الدربَ من أتى بعدهم، عسى أن يوثق المرحلة أبناء البلاد الباحثين عن حقيقة ما يجري على الأرض الجريحة

عربي برس

0 2012-06-24 | 15:58:05
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024