الحلقة الثانية
والرسول محمد (ص) هو القائل : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فإن قالوها حقنوا دماءهم وأرواحهم وأموالهم مني إلا بحق الله.. وإذا كان المسلمون يفعلون ذلك أيام ابن عبد الوهاب ومازالوا يفعلونه فلماذا كان يقاتلهم ويقطع رؤوسهم ؟ ولماذا كفّر كل المسلمين قبله بستمئة ستة ، بما فيهم من يبعثه الله على رأس كل مئة سنة ليجدد لهذه الأمة دينها ، فهو حامل راية أخرى أقرّ بها بلسانه ، حين قال :
"إني أتيتكم بدين جديد" وهو صادق فعلاً ، فهو صاحب دين جديد لا يمت إلى الإسلام إلا بالآتي :
- ادعاؤه أن الإسلام الموجود أيامه هو دين كله شرك وكفر ، فادعى التجديد لأنه لا يستطيع أن يقيم دولته دونه .
- استخدامه لا إله إلا الله بمفهوم آخر كفّر بموجبه كل من يقول لا إله إلا الله زاعماً أنهم مشركون وإن قالوا كلمة التوحيد . والرسول r كان قد صرّح أكثر من مرّة أنه غير مكلف بالاطلاع على قلوب الناس إن هم قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله.
- استخدام مفهوم الشرك بشكل كيفي وخاص وخاضع لمفاهيم بعض رجال الحديث ، وجرأتهم على تكفير الناس ، لدرجة أنّهم إذا دخل أحد الناس تحت مظلتهم خوفاً من القتل ، أو يأس من القوّة التي يحوزون عليها ، طلبوا منه إعلان الشهادة ، بل وأن يشهد على نفسه أنّه كان كافراً ، ويطلبون منه كذلك أن يشهد على والديه أنّهما ماتا كافرين ، ويمتحنون صدقه معهم بالطلب منه أن يذكروا له أسماء مجموعة من علماء الأمة الماضين ممن كان ينفي التجسيم والتشبيه بحق الله سبحانه وتعالى، فيطلبون منه أن يكفرهم ، وإلا فهو كافر منافق فيأمرون بقطع رأسه .
وإذا صح أن أحدهم فعل كل ما يطلبون منه ، و لم يقتنع ابن عبد الوهاب به، ولم يعجبه ، فإنه يلجأ إلى الغدر به ، وكان مفتي الحنابلة الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد النجدي المتوفى سنة 1295هـ صرح في كتابه "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة"ص/276 أن محمد بن عبد الوهاب كان إذا باينه أحد ورد عليه ، ولم يقدر على قتله مجاهرة ، يرسل إليه من يغتاله في فراشه ، أو في السوق ليلاً .."
وهكذا يكون ابن عبد الوهاب قد شرع القتل لكل مخالفيه بالمواجهة ، أو بالغدر والاغتيال .
- كذلك فإن دين ابن عبد الوهاب ، يقوم على ما قام عليه دين الخوارج من تكفير المسلمين بآيات نزلت بحق المشركين وأهل الكتاب ، وقد سبق القول في ذلك.
- ومن دين ابن عبد الوهاب مشاركته اليهود في النظر إلى الله سبحانه وتعالى ، من الإيمان بالتجسيم والتشبيه ، وحملوا المسلمين على ذلك ، وكفروا من لا يقول قولهم .
- ودين ابن عبد الوهاب ، غير الدين الإسلامي ، فالإسلام يؤكد في قوله تعالى: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله] المقصود بالخيرية هم المسلمون مجتمعون على الخير ، والإسلام يقر على لسان رسوله r كما في الحديث الصحيح (لا تجتمع أمتي على ضلالة) ، وكان ابن عبد الوهاب وما زال أتباعه يكفّرون كل المسلمين الذين ليسوا على دينهم ، وهذا يناقض ما جاء في قرآن المسلمين ، وحديث نبيهم ، فأمة محمد لا تجتمع على ضلالة ، وهي خير أمة أخرجت للناس ، فكيف يحكم نبي الوهابية وأتباعه بكفر المسلمين وضلالتهم ؟!
- الدين الوهابي ألغى مكانة النبي r العظيمة بين المسلمين ، وجعلها أقل من عادية ، بل فرغ مكانة الرسول من الدين بعد موته مؤمناً بقول الكرامية أن الرسول انتهت مهمته ، وقد بلّغ الرسالة . وقد قصر الوهابيون في مرتبة الرسول r ، وهذا عصيان ، وكفر بمكانة الرسول بالقول بانتهاء دوره وعدم الإيمان بالمجازر عندهم ساعدهم كثيراً على ما يريدون من سلب مكانة الرسول العظيمة ، ولبسوا على عوام الموحدين . ولهذا منعوا التوسل .
- وحين أباح الوهابيون قتل المسلمين فقد باؤا بالسوء ، ورجع عليهم التكفير ، وقد قال العلماء ترك قتل ألف كافر أولى من إراقة دم مسلم .
وكان ابن عبد الوهاب سليط اللسان على المسلمين يكفرهم صباح مساء ، فأرسل له شيخه الذي درسه في المدينة محمد بن سليمان الكردي رسالة يقول فيها :
"فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين ... ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين ، وأنت شاذ عن السواد الأعظم فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين ، قال تعالى : [وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً] النساء آية 115
.. وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" أ.هـ
يقول الشيخ الدحلان في رسالته الدرر السنية عن فكر محمد بن عبد الوهاب في منعه لزيارة الرسول والتوسل به هو وأتباعه : "قد تجاوزوا الحد فكفروا أكثر الأمّة واستحلوا دماءهم وأموالهم وجعلوهم مثل المشركين الذين كانوا في زمن النبي r .. وحملوا الآيات التي نزلت في المشركين على خواص المؤمنين وعوامهم ، كقوله تعالى : "فلا تدعوا مع الله أحدا .." وقوله تعالى : "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة ، وهم عن دعائهم غافلون .." وقوله تعالى : "ولا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين" . وقوله تعالى : "له دعوة الحق والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ..." وقوله تعالى : "قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ..." ثم قال : "ومثل هذه الآيات في القرآن كثير كلها ، حملوا الدعاء فيها على النداء ثم حملوها على المؤمنين الموحدين، وقالوا : إن من استغاث بالنبي r أو بغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين ، أو ناداه ، أو سأله الشفاعة ، فإنه يكون مثل هؤلاء المشركين ، ويكون داخلاً في عموم هذه الآيات ...
الحلقة الاولى
http://www.arabi-press.com/?page=article&id=38093