http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف دراسات دراسات
نهاية فرضية إسرائيل واحة الديمقراطية
أسامة الشريف - الدستور

من المفارقات التاريخية ان يتزامن التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي، سواء من خلال الثورات الشعبية كما في مصر وتونس او عبر اصلاحات سياسية طوعية كما في الاردن والمغرب، مع انتحاء اسرائيل لجهة اليمين المتطرف وانقلابها على ارثها الديمقراطي. ومنذ اعتلاء بنيامين نتنياهو سدة الحكم في اسرائيل وتحالف حزب الليكود مع الاحزاب اليمينية والدينية المتطرفة ظهرت على السطح تيارات تسعى الى سن قوانين عنصرية تستهدف المواطنين العرب وتحاصر حرية التعبير والقوى اليسارية وحقوق المرأة ومنظمات المجتمع المدني والحقوق المدنية.
يحكم نتنياهو من خلال ائتلاف يقوده حزب الليكود اليميني ويضم ايضا حزب اسرائيل بيتنا القومي المتطرف واحزاب دينية صغيرة مثل شاس والتوراة المتحد والبيت اليهودي. اما حزب المعارضة الرئيسي وهو كاديما فانه يعاني من انقسامات داخلية حادة، بينما فقد حزب العمل فعاليته على الساحة السياسية. اضافة الى ذلك فان الاحزاب القومية التي تمثل المهاجرين الروس والمستوطنين المتدينين في الكنيست باتوا اليوم يتحكمون في مفاصل العملية التشريعية وهم الذين يدعمون القوانين العنصرية التي تستهدف العرب بشكل خاص.
ويشير الصحفي والمدون الاسرائيلي ديمي رايدر ايضا الى ان الجيل الجديد من السياسيين الاسرائيليين أشد تطرفا واكثر تصلبا في مواقفه من سابقيه. ويقول في مقالة نشرت في مجلة "نيو يورك ريفيو اوف بوكس" مؤخرا ان معظم القوانين العنصرية التي تم اعتمادها من الكنيست قدمها برلمانيون شباب يشكلون قلب حزب الليكود ومنهم داني دانون الذي دعم قانونا لمعاقبة من يقاطعون منتوجات المستوطنات اليهودية، وعوفير اكونيس الذي قدم قانونا يحد من تمويل منظمات المجتمع المدني، وياريف ليفين الذي اقترح سن قانون لتقنين بيع الاراضي للاجانب. هؤلاء وغيرهم يعدون انفسهم على يمين رئيس الوزراء وهو لا يعترض على سياساتهم طالما انها لا تهدد الائتلاف اولا ولا تتناقض مع برنامجه الساعي للهيمنة الكاملة على الاراضي الفلسطينية ثانيا. يقول رايدر ان الكنيست اصبح المحرك الرئيسي وراء ابتعاد اسرائيل عن القيم الديمقراطية.
اضافة الى القوانين العنصرية التي تعاقب عرب اسرائيل جماعيا وبشكل فاضح مثل قانون المواطنة الإسرائيلي الجديد، الذي ينص على حرمان الفلسطينيين من ممارسة حياتهم العائلية في إسرائيل إذا تزوجوا من فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة أو من مواطني "دول معادية"، فان المتدينين الاسرائيليين باتوا اكثر قوة ويلغون تدريجيا الصفة المدنية والعلمانية للدولة من خلال فرضهم لانظمة عنصرية مناهضة للمرأة. ومؤخرا نظمت جمعيات نسوية تظاهرات في القدس ضد سياسة الفصل الجنسي على متن الحافلات العامة واخرى تفرض مداخل منفصلة للرجال والنساء في مكاتب البريد والعيادات الطبية وتحد من حضور النساء في الاجتماعات البلدية وحتى المؤتمرات العلمية.
بانكفاء اليسار يظهر الوجه الجديد المحافظ والمتطرف لاسرائيل، والذي خلق حالة من الاستقطاب في المجتمع الاسرائيلي، دفعت بكثيرين من اعلام اليسار الى الهجرة، خاصة بعد انهيار عملية السلام وسيطرة اليمين والاحزاب الدينية على الكنيست. ونجح هؤلاء في تعظيم الخطر الخارجي القادم من ايران وحماس وحتى الربيع العربي، ما اعطى نتنياهو الضوء الأخضر لدفن عملية السلام وتهديد الوجود العربي في اسرائيل بدعمه سن قوانين عنصرية.
وحتى حرية التعبير التي تفاخر بها اسرائيل تتعرض اليوم الى محنة. يشير رايدر الى تراجع دور الصحافة المستقلة حيث تجاوزت صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية المجانية المؤيدة لنتنياهو توزيع صحيفة "يدعوت احرونوت" المستقلة، اما صحيفة "معاريف" التي تأتي في المرتبة الثالثة فقد بيعت الى صديق مقرب من رئيس الوزراء ايضا وترأس تحريرها الناطق السابق باسمه. كما يدير مؤسسة الاذاعة الاسرائيلية موظف سابق لدى نتنياهو، اما القناة العاشرة المستقلة فانها تتعرض لضغوطات مالية قد تؤدي الى اغلاقها.
لا يبدو المستقبل افضل ايضا فاستطلاعات الرأي تشير الى تفوق الليكود في أي انتخابات قادمة والى تراجع نفوذ كاديما. شكلت اسرائيل على الدوام خطرا على استقرار المنطقة لكنها اليوم تشهد تحولات سياسية واجتماعية تجعلها اكثر خطورة بعد ان اختارت تهويد الاراضي المحتلة وتهديد الوجود العربي والاختباء خلف اسوارها والاستعداد لحرب مفترضة تهدد وجودها. اما فرضية ان اسرائيل هي واحة الديمقراطية في المنطقة فقد سقطت تماما واستعاضت عنها بالدولة القومية اليهودية التي لا تتردد في تقويض مجتمعها المدني باسم الأمن القومي!

0 2012-03-19 | 13:58:06
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024