http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
لسبق أونها ، جميع المطالبين بالتغيير في سورية يستثني المرأة
.د. مية الرحبي

يستثني جميع المطالبين بالتغيير في سورية، على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم، كل ما له علاقة بالمرأة، أي كل ما له علاقة بنصف الشعب السوري، والحجة دائما هذا ليس وقته الآن، فالوقت الآن هو وقت التغيير السياسي .
لقد أثبتت تجارب الشعوب على مدى التاريخ، أن النساء كن دوما وقود الثورات والاحتجاجات، وكن دوما أكبر الخاسرات بعد حدوث التغيير المنشود، وغبن حقوقهن من قبل من ناضلن إلى جانبه. 

ولعل تجربة هدى شعراوي وسعد زغلول من أكثر التجارب إيضاحا لتلك الفكرة فبعد أن شاركت النساء المصريات بالنضال ضد المستعمر الانكليزي جنبا إلى جنب مع الرجل، وخرجن في المظاهرات وقدمن التضحيات، أقصين عن المشاركة السياسية بعد استلام سعد زغلول وغيره من الوطنين مقاليد السلطة في مصر، ما دعا هدى شعرواري إلى تشكيل حزب نسائي مستقل والنضال من خلاله من أجل إشراك المرأة في صنع مستقبل الوطن. وبعد مرور ما يقارب القرن على ذلك خرجت نساء مصر، بعد انتصار الثورة إلى ميدان التحرير يوم الثامن من آذار من هذا العام للمطالبة بحقوقهن في يوم المرأة العالمي، فضربن وشتمن على مرأى ومسمع من الجميع، وكالعادة كان موقف كثير من الرجال الذين شاركوا في الثورة أن الوقت ليس وقت المطالبة بحقوق النساء.
ولا يختلف الأمر كثيرا في أوساط المعارضة السورية التقليدية، التي لم تكن معنية بمشاركة المرأة إلا بقدر ما يمكن أن تستخدمها في تزيين الكعكة، كي لا يقال أن المعارضة الديمقراطية لا تحوي في تركيبتها نساء، لذا يتم استدعاء عدد قليل من الأسماء النسائية في اللحظات الأخيرة للمشاركة في جميع الهيئات والمؤتمرات، دون اشراكهن في اي ورقة تحضيرية أو أي إجراء تنسيقي، ليجلسن، ولا أقول يشاركن، في الاجتماعات، التي تتم صياغة توصياتها أو وثائقها أو عهودها من قبل الرجال، ومن ثم تزين الهيئات القيادية المنبثقة عنها بامرأة واحدة، تكون كافية لنفي صفة اللاديمراطية أو اللامدنية أو اللاثورية....الخ.
ما يحز في النفس حقا، أن هنالك الكثير من النساء، شاركن في الحراك السياسي منذ عقود، ودفعن ثمنا غاليا من حريتهن وأمنهن واستقرارهن ولقمة عيشهن، ولازلن يناضلن اليوم ويضحين، دون أن يحظين بالمشاركة التي توازي مايقدمنه على الأرض. وحتى لو افترضنا أن النساء لم يقدمن أي شيء للحراك السياسي منذ بداية عصر النهضة العربية حتى اليوم فيفترض أن من ينشد التغيير من أجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة أن يكون معنيا باشراك نصف المجتمع في صنع قراره ومستقبله.
هل هو وقت الحديث عن حقوق المرأة؟ هذا هو السؤال الذي يستحق الاجابة عنه اليوم.
وكيف يمكننا بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، بوجود نصف أفراد المجتمع من النساء، ناقصات الحقوق، يعانين من التمييز القانوني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وأي دولة مدنية تلك التي ننادي بها إن لم يكن أسها المساواة بين جميع المواطنيين دون تمييز بينهم على أساس العرق أو الدين أو الجنس؟
هل واقع المرأة في سورية يستأهل حقا أن نضعه في سلم أولويات حقوق المواطن التي نطالب بها؟
الحق كل لا يتجزأ، وحقوق المرأة في سورية منتهكة، بدءا من حقها في الحياة بمواد قانون العقوبات التي تحمي مرتكبي ما يسمى بجرائم الشرف، مرورا بانتهاك حقوقها في عشرات المواد من قانون الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات، وبعض الأنظمة والاجراءات النافذة.
وإن كانت المرأة متساوية مع الرجل في انعدام المشاركة السياسية الفعالة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، بعد أن حرم النظام المجتمع من أي فعل سياسي، فإن ذلك ينطبق تماما على أحزاب المعارضة، كما ذكرت سابقا، التي انتهجت نهج السلطة ذاته في إقصاء المرأة عن المشاركة الحقيقية في الفعاليات أو المراكز القيادية.
تتعرض المرأة لعنف اجتماعي يبدأ من العنف الأسري، ويمتد إلى تمييز اجتماعي فاضح بحق المرأة بعادات وتقاليد، قد تقوى على الدين والقانون كحرمان المرأة من الإرث في الريف وتزويجها رغم إرادتها...الخ.
أما عن النظرة الاجتماعية التي تلصق الصفات السلبية بالأنثى، والإيجابية بالذكر، فهي متأصلة في مجتمعنا، وتجلت للأسف بشكل واضح في ممارسات حتى بعض المطالبين بالتغيير من خلال التسميات والتعليقات على الفيسبوك، بدءا من تسمية جمعة الحرائر، وانتهاء بالتعليقات التي تمجد الرجولة وشجاعة الرجال، وترسم صورا كاريكاتورية لبعض شخوص النظام بزي نسائي أو زينة نسائية تحقيرا لهم بتشبيههم بالنساء. 
اقتصاديا تعاني المرأة تمييزا شديدا ضدها خاصة في القطاع الخاص من حيث الأجور وفرص العمل ومراكز صنع القرار، وعدم حفظ حقوقها أثناء الحمل والإرضاع، وغير ذلك من أشكال التمييز في العمل، كالعمل عند العائلة دون أجر، بحيث تعتبر المرأة يدا عاملة وأداة انجابية، دون اعتبار لانسانيتها أو حتى حقها في التحكم بجسدها، مع تحملها وحدها عبء العمل المنزلي وتربية الأطفال في أغلب الأحيان، دون مساعدة من أحد، حتى ولو كانت تعمل خارج المنزل.
ربع نساء سورية أميات، دون تعليق
هذا الواقع الذي تعاني منه المرأة، هو عنف مضاعف يمارس عليها، مضافا إلى العنف والاضطهاد السياسيين والحرمان من حقوق المواطنة، الذي يرزح المواطن السوري تحت وطأته رجلا كان أم امرأة.
إن الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي ننشد، لابد أن تؤمن لجميع مواطنيها حقوقهم كاملة دون تجزئة أو نقصان من حيث الحرية والكرامة والتعددية والتشاركية، ولايكفي وضع دستور جديد وقانون انتخابات وأحزاب وإعلام عادلة، كي تغدو النساء مواطنات كاملات الحقوق، بل لابد من ايلاء قضية المرأة ما تستحق من اهتمام من حيث: 
1- إقرار قانون أسرة عصري بديل يحل محل قانون الأحوال الشخصية الحالي، يحقق العدالة لجميع أفراد الأسرة والمساواة في حقوق الولاية والقوامة والوصاية، والزواج والطلاق والإرث، مع تعديل جميع القوانين الأخرى التي تحمل تمييزا ضد المرأة. وتعديل أو إلغاء جميع المواد التمييزية ضد المرأة في قانوني الجنسية والعقوبات، وضمان حقها في صحيفة مدنية مستقلة، وحقها في العمل والتعليم والإقامة والسفر والتنقل وغيرها.
2- إلغاء التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بما يلزم الدولة الموقعة تغيير قوانينها وأنظمتها النافذة، بما يتناسب مع إلغاء جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
3- تمكين المرأة سياسيا وضمان حقها في المشاركة السياسية بما يتناسب مع دورها الهام في المجتمع، بحيث يصبح وجودها فاعلا. وضمان الاجراءات التي تحقق ذلك كمبدأ الغوتا، في الانتخابات الحزبية والبرلمانية إلى حين تمكن المرأة من اثبات وجودها وفعاليتها السياسية.
4- ضمان حق المرأة في التعليم، ومكافحة التسرب من المدارس وعمالة الأطفال غير الإنسانية، والأمية، وتغيير مناهج التعليم بإلغاء كل ما يحمل أفكارا تمييزية ضد المرأة.
5- الدفاع عن حقوق المرأة داخل الأسرة بما يتعلق بالإنجاب والخيارات الحياتية في السفر والتنقل والعمل والنشاطات الاجتماعية والعمل المنزلي، وتأمين رعاية مناسبة لأطفال العاملات.
6- تحسين الوضع الصحي للمرأة والعناية خاصة بالأمومة والطفولة والصحة الإنجابية.
7- مكافحة الاتجار بجسد المرأة.
8- نشر الوعي بما يتعلق بقضية المرأة وكون حقوقها جزءا لا يتجزأ من حقوق المواطن. 
9- الدفاع عن حق المرأة في ممارسة جميع الأنشطة الاجتماعية والرياضية, ومجالات الترويح عن النفس.
10- إيلاء الطفلة اهتماما خاصة، بالتشديد على منع الزواج المبكر، وتعديل القانون بما يتناسب مع ذلك، وتعديل مسألة الحضانة، بما يحقق مصلحة الأطفال الفضلى، وسحب التحفظات على اتفاقية حقوق الطفل، وحماية الأطفال قانونيا من العنف الأسري.
11- إيلاء قضية المرأة الريفية في بلادنا اهتماما خاصا , بدراسة خصوصية وضعها, وشروط حياتها اللاإنسانية، باستخدامها كيد عاملة غير مأجورة، وأداة إنجابية لمزيد من الأيدي العاملة، وحرمانها في كثير من الأحوال من أبسط الحقوق الإنسانية. 
لعل ما يبعث على التفاؤل حقا هو فعالية النساء على الأرض في التنسيقيات الشبابية، التي استطاعت بحكم نشأتها العفوية وارتباطها بالفعل الخلاق على الأرض أن تتجاوز أمراض الحراك السياسي التقليدي في سورية، وأن تفسح في المجال لمشاركة كل فرد فعال بغض النظر عن كونه رجلا أو امرأة، ما اتاح للكثير من النساء أن يقمن بدور هام. وإن انعدام الأشكال الهرمية التنظيمية التقليدية في الحراك الشعبي، أقصت بشكل غير مباشر الفكر الذكوري الذي يرغب في التسلط والإقصاء، واتاحت للجميع أن يأخذوا دورهم دون أي تمييز، ما اعطى لهذا الحراك ميزة الانعتاق من جميع أمراض البنى السياسية التقليدية.
إن معاناة المرأة المضاعفة، إنسانا ومواطنا يجعل لقضيتها ارتباطا صميميا بأي مشروع إصلاحي نهضوي تنموي ديمقراطي، ويعطي لقضيتها في نفس الوقت خصوصية تستحق اهتماما كبيرا واعتبارها جزءا لا يتجزأ من النضال العام من أجل الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية وبناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.

الفيس بوك

0 2011-11-23 | 22:49:18
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024