http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
جامع جامع.. شهيد شهيد.. يا أسعد أبو خليل
جامع جامع.. شهيد شهيد.. يا أسعد أبو خليل

كم أكره الأبراج العاجية.. وكم يضايقني سكان الأبراج العاجية وهم يطلون من تلك المرتفعات كما تطل الآلهة وينظرون كما تنظر الآلهة.. بيني وبين تلك الأبراج وسكانها ثارات وثارات.. لأنني لا أحب من يلعب دور الآلهة ولا أنصاف الآلهة ولا أرباع الآلهة.. بل أحب فقط دور البشر.. وفقط دور البشر.. وكلما مررت بتلك الأبراج العالية التي تنتصب فارغة مجوفة تابعت طريقي لا مبالياً بها وكأنني أمرّ بجانب الأصنام الخشبية البدائية المضحكة المشوهة لآلهة الشعوب البدائية التي تؤمن بالسحر والشعوذة.. ولم أفكر يوما بأن أهوي بمطرقتي عليها لأهشمها لأنني أعرف أنها بروج للعزلة.. ستتهدم تلقائيا.

مشكلة من يسكنون الأبراج العاجية مثل الكاتب "أسعد أبو خليل" هي أنهم لا يعرفون الفرق بين الأبراج العاجية وصواري السفن التي يقف في ذروتها البحّار المغامر الذي يصارع العواصف والظلام ويبحث عن الموانئ والمنارات.. الأبراج العاجية ليست صواري للسفن.. وهناك فرق بين الربان في سفينة تمخر عباب البحر وبين من يسكن الأبراج العاجية التي لا تتحرك..

بعض المثقفين من كل الانتماءات يسكنون الأبراج العاجية ويتعلقون بها ولا ينزلون عنها إلا عندما تنزلهم الأقدار عنوة فتتقصف تلك الأبراج من خواصرها وتقع.. ولا يشبه سقوطها إلا تهاوي أبراج نيويورك عندما انهارت..

هؤلاء لا يهم إن كانوا يقفون بجانب الحقيقة أم التزوير.. بحانب الحق أو الباطل.. وسكان الأبراج العاجية لا يقدرون على تغيير مسار الأحداث ولا رأي الجمهور.. لأن من يغير كتلة الشعب واتجاهها وحركتها هو من ينزل بين الناس.. أما من يصرخ من عليائه في الأبراج فإن صوته لن تسمعه إلا الغيوم العابرة وجيرانه في الأبراج المجاورة.. ولن يسمعه من على الأرض.

أسعد أبو خليل هو نموذج عن هؤلاء الذين لا يعيشون بيننا بل في الغيوم.. وربما صار أسعد خارج الغلاف الجوي للأرض ويتحدث إلينا ليس كأنصاف الآلهة بل كما الآلهة دون زيادة أو نقصان..

لاشيء يدمر الرأي وصاحب الرأي إلا عندما يرتدي ثوب الوصاية على القارئ ولباس القاضي الصارم والأستاذ الذي يعلم النحو والحساب وبيده السوط أو مسطرة العقوبة ويهدد طلابه "بالفلقة" على كرسي اللغة.. وعندما يعظ الكاتب القراء ويلبس سطوره الثياب المقدسة معتقدا أنها ثياب الهيبة والتعليم المقدس فإنه قد يبقى مقروءا لكن المسافة بينه وبين قرائه هي كالمسافة بين الإيمان والورع والزهد وبين يوسف القرضاوي.. وكالمسافة بين فلسطين وعزمي بشارة.. أو بين رينيه ديكارت وفيصل القاسم..

وأنا كغيري ممن يتابعون الحركة الثقافية والسياسية وأقوم برصدها لأنني معني بمعرفة العلاقة والتأثير بين النخبة وبين الناس.. كنت أتابع الكثيرين من الكتاب لفترة ليست بالقصيرة ومنهم أسعد أبو خليل.. إلى جانب أنني معني جدا بتحديد مواقع الأبراج العاجية في الثقافة كيلا أعتليها وأنا أعتقد أنها الصواري العالية التي تكشف البعيد ومنارات الضوء.. وقد تابعت أسعد أبو خليل بإعجاب ردحا من الزمن إلى أن أحسست أنه لم يعد بإمكاني تقصي أثره على الرمال ولا على الثلج ولا على أي درب.. ولم يعد للرجل هوية سوى أنه صارت قراءته مثيرة للشعور بالدوخة والدوار.. باختصار الرجل ضيع العنوان الذي يبحث عنه.. وليس له مكان على أي أرض مستوية ولا في أي مياه.. لأنه ترك الأرض وصار من سكان الأبراج العاجية.. العالية جدا.. حيث لا يرى ولا يسمع ولا يفهم صراخه ولا إشاراته المتناقضة..

احترمت في الرجل يوما دفاعه عن خيار المقاومة ولكن دفاعه عنها صار بلا جدوى لأن من يقرأ له يحس أن بينه وبين أسعد حاجزا نفسيا يثنيه عن الميل لآرائه.. وهذا الحاجز هو الصلف والعنجهية والوصاية على القارئ.. لأن أسعد ومن باب أنه محايد في القضايا كمفكر غربي الثقافة وأستاذ في السياسة فإنه يحاول بطريقة فجة وساذجة أن يلقي المحاضرات الوعظية بشيء من التقريع الصلف على قيادة المقاومة معتقدا أن نقده اللاذع لأخطائها سيكسب هجماته على خصوم المقاومة ثقلا نوعيا متسلحا باللاانحياز المطلق وبكم الموضوعية النقية.. ولكن في هذا السلوك في التذبذب وتوزيع الضربات "بعدالة" بين الخصم والصديق سذاجة واضحة ورومانسية سياسية تستدعي الابتسام لأن الخصوم والمعارضين للمقاومة لن تهتز ضمائرهم لهذا الرأي الشجاع أو ذاك.. لسبب بسيط هو أننا بعد احتكاك مع هؤلاء الخصوم وتجربة عقدين كاملين عرفنا معدنهم.. وهو معدن خسيس للغاية ولا يشبه معدن المعارضات الغربية الأصيلة التي تعارض وتحترم فروسية الخصم.. فنوعية المعارضة اللبنانية هي من ذلك النوع الذي هو باختصار مجرد استطالات سياسية لجهات خارجية سعودية وفرنسية وأمريكية وبعضها إسرائيلي الهوى والقلب.. ووجود هذه المعارضة الخسيسة هو الذي دفع فريق المقاومة للبحث مرغما عن سند خارجي من سورية وإيران لحماية خيارها السياسي ضد إسرائيل عندما وجدت أنها ستؤكل بالاستطالات الخارجية والأذرع الأخطبوطية..

وسيكون أسعد أبو خليل في منتهى السذاجة إذا كان يعتقد أن تذبذبه وحركته النواسية بين تأييد المقاومة ونقدها ستحسب له وأنها ستقرأ على أنها رأي نقي مستقل سيحرج الآخرين من الخصوم وأنه يستحق الاحترام.. أستاذ العلوم السياسية أسعد أبو خليل يبدو أنه لا يعرف السياسة في الشرق والسياسيين في هذا الشرق وخاصة أولئك الذين يمارسون علينا لعبة الديمقراطية والرأي الحر و"الاستئلال والحئيأة".. فهؤلاء لن يغيرهم ولن يغير آراءهم النزاهة والموضوعية وكلمة الحق والاعترافات الوجدانية.. لأن ما يؤثر في جوارحهم هو الكتابة على دفتر الشيكات وليس هناك رأي محايد ونزيه بالنسبة لهم إلا الأرقام وعدد الأصفار على الشيكات.. وشهادات حسن سلوك من السفارة الأمريكية..

منذ بداية الأحداث وأسعد أبو خليل لا يقصر في وعظياته ورسائله الناصحة والتقريعية التي يوزعها بين القيادة السورية وبين المعارضة على نفس طريقته في معالجة الخلافات السياسية اللبنانية رغم أنه لم يقصر في هتك عرض المعارضة وكشف سترها.. ولكن هذه النظرة الحيادية وتوزيع التقريع والنصيحة كان يمكن أن تفهم وتلاقي عذرا في بداية الأحداث السورية حيث الغبار الذي أثارته الشعارات الهائجة وتمثيليات المظلومية وقوافل الأحلام الهائمة على وجهها على الرمال.. وحيث دخان الحرائق وضباب السياسة العربية.. ولكن عندما انجلت الصورة كثيرا وتبين أن الدولة الوطنية السورية تعرضت لظلم كبير وأنها كانت مستهدفة بشكل هائل عبر عملية تزوير هائلة للتاريخ والحقائق وعبر عملية تغطية وجهها بقناع بشع مصنوع في غرف إعلامية واستخباراتية.. فإن من الإنصاف أن نعترف بأن ليس كل ما قيل بحقها كان مبررا.. بل من الشجاعة الاعتراف أن الموجة كانت عاتية وأن أحكامنا المتعجلة كانت بلا ثقل في وجه العاصفة الهوجاء مثل الريش يطير مع اتجاه الريح العاصفة.. وكان حريا الاعتراف بأن تيار الماء الأسود قد جرفنا نحو المستنقعات.. وكان من الضروري الإقرار بأن الدولة السورية كانت فعلا في عين العاصفة الاستعمارية لكنها حققت معجزة حقيقية في الإمساك بالبلاد وقدمت تجربة فريدة في أنها بنت جيشا من الشعب وشعبا من الجيش.. وأنها تستحق الثناء لأنها فاجأت العالم بدبلوماسية عبقرية وبجيش لا يشبهه جيش في الدنيا في ولائه ووفائه لوطنه ولشعاره.. شرف.. وطن.. إخلاص..

لكن أسعد أبو خليل لايزال مصرّاً على إلقاء عظاته ومواعظه ونصائحه باستعلاء وخيلاء مزعجين.. فمنذ فترة مثلا أصر أسعد على أن يدلي بدلوه في لقاء الرئيس الأسد مع إحدى المحطات الغربية.. وكالعادة أتحفنا بوجهة نظر أقل ما يقال فيها أنها عوراء جدا.. وأن فيها الكثير من التعالي والأستذة بل وخيالية خالية من الإنسانية والإنصاف.. فالأستاذ في العلوم السياسية عاب على الرئيس الأسد أنه بدا قليل المشاعر في كلامه عن محنة شعبه ولم تبد على وجهه علامات التأثر والانفعال وهو الذي يعيش في بلد أغرقته الدماء..

بالطبع عندما قرأت ما كتب أسعد أبو خليل عرفت أنه انفصل عن الواقع تماما وأنه من مدرسة النفاق الغربي في السياسة.. ففي الغرب الذي عشت فيه وكنت قريبا وشاهدا على طريقة العمل السياسي تعرفت هناك على نوع من التمثيل والمسرحية والأدوار الإعلامية الإجبارية التي يجب على السياسي أن يقوم بها.. فهو مطلوب منه أن يبدو أمام المشاهدين مرحا أحيانا وأن يلقي النكات والتعليقات الساخرة كي يحبه الجمهور.. وفي الحملات الانتخابية يهرول السياسي ليرفع الأطفال ويقبلهم ويتشممهم.. وفي بعض الأحيان لامانع من تصوير عينيه تترقرقان بالدموع التي تقترب منها الكاميرات والعدسات لتغرف منها الإنسانية.. مثل دموع أليستر كامبل مستشار توني بلير الذي بكى وعض شفتيه أمام الكاميرات من كثرة تقريع الناس له لتزويره ملف الأسلحة الكيماوية العراقية وتسويقه لخطر الهجوم على لندن خلال 45 دقيقة.. دموع جاءت له بالبراءة من قتل مليون عراقي الذين لم يستحقوا دمعة واحدة منه أو ندما على قتلهم..

ولا أنسى دموع جورج بوش على أبراج نيويورك.. ودموع باراك أوباما المسرحية على ضحايا طلاب مدرسة أمريكية قتلوا.. السياسي الغربي والأمريكي مطلوب منه أن تدمع عيناه لأنها جزء من الممر الإجباري والإلزامي في الممارسة السياسية وتجاوزها لا تحمد عقباه.. والمواطن العادي يطلبها لأنها جزء من الثقافة المعترف بها والتقاليد الإعلامية السياسية.. (انظر المثال عن النفاق والتمثيل في دموع أوباما على طلاب مدرسة أمريكية)

http://www.youtube.com/watch?v=q-oPIG1pKjw

ولكنه عندما يتحدث عن ضحايا السوريين بالآلاف فإنه يتعمد أن يبدو حازما وقويا وبلا دموع.. بل يصر على يظهر كالرجل الفارس المنقذ الغاضب من الأسد.. ممثلون ومنافقون.. والجميع يعرف أنه نفاق.. لكنها قواعد اللعبة السياسية.. (انظر في كلمة أوباما للسوريين)

http://www.youtube.com/watch?v=AjGOjE0uPVE

أسعد أبو خليل يطلب من الأسد أن يتعلم أن ينافق وأن يذرف الدموع لأنه عرف متعارف عليه في المدرسة السياسية الغربية التي تعلم منها أبو خليل.. ولأنها حسب زعمه واعتقاده حق من حقوق المواطن لا لبس فيه.. فإن كان قلب الرئيس الأسد منفطرا على شهداء بلده وشعبه فإن تماسكه أمام الكاميرا شيء غير مقبول.. والمقبول هو أن يكون مثل أوباما يأكل الحلوى في مكتبه وعندما يأتي وقت التصوير يبعد الحلوى ويعتصر عينيه دموعا.. وبعد انتهاء المشهد.. يعود إلى أكل الحلوى ولعب القمار على الانترنت كما فعل جون ماكين الذي حرض الدنيا على الحرب في سورية والموت من أجل شهداء الغوطة ثم انزوى ليلعب القمار في مقعده..

الأسد هذا الرجل الذي هاجمه العالم وكان في منتهى القسوة عليه وعلى إنسانيته وجرده من أي ملامح بشرية وكأنه وحش القرن الواحد والعشرين أزعج تماسكه ورباطة جأشه أسعد أبو خليل.. الرئيس السوري لم يبق سياسي صغير ولا كبير إلا وكان يتشدق بالنصائح والتهديد ويطالبه بالتنحي واللوم والتقريع.. من ملك الأردن الصغير إلى أمير قطر إلى أوباما وكل الغرب ومزارعه العربية.. الأسد هذا الرجل الذي كان يرى نفاق العالم ونفاق السياسة ونفاق الأصدقاء وكان يتلمس السكاكين في ظهره وظهر شعبه أزعج أسعد أبو خليل أنه لم يبد متأثرا ولم يبد عليه الأسى وهو يتحدث وكأنه لا يعيش وسط أزمة إنسانية.. هذا إنسان واجه العالم كما لم يواجه إنسان هذا الكم من الدناءة والنذالة والكذب وسيكون من غير الطبيعي ألا يكون في قلبه شيء من العبوس تجاه هذا العالم الذي لم يبال بعذابات شعبه.. وكان هذا العالم يبيع ضميره دون خجل مع أجساد السوريين ودمهم..

هل يعتقد أبو خليل أن الرئيس الأسد بعد هذه التجربة صار شاعرا رومانسيا أم أقرب إلى الرؤية الفلسفية للأزمة على المستوى الإنساني؟.. أليس من الطبيعي أن يكون أميل إلى الحديث الجدي والنظرة الموضوعية بدل الانفعالية والعواطف؟؟.. إن حجم الهموم التي حملها من أجل وطنه لم يعد من اللائق أن يعبر عنه بالدموع والتمثيليات المخادعة والتراجيديات المنافقة.. بل بالواقعية والأمل.. والواقع يقول إن من يرى تلك الأهوال والفظائع التي ترتكب بحق شعبه وهذا الصمود الأسطوري لشعبه وجيشه لا يجدر عليه البكاء والنحيب بل النظر بحكمة وقوة وإصرار على التفاؤل.. رضي أسعد أم لم يرض..

لم يكتف أبو خليل بالتعرض للصغيرة والكبيرة في الأزمة السورية والتنطح لدور الأستاذ الحكيم الذي لا يعجبه أداء التلامذة السوريين.. ولكن أسوأ ما كتبه أسعد أبو خليل ويدل على انفصام حقيقي هو تعليق مختصر عن استشهاد اللواء البطل جامع جامع.. فكتب أسعد مختصرا رؤيته بالقول: (جامع جامع.. قاتل قاتل..) عبارة لم تخترعها حتى أكثر ألوية وكتائب المعارضة المسلحة تطرفا وتوقا للتشفي..

تبدو منه هذه العبارة المبتورة والمختصرة وكأنها تلخص معنى أن يحصل تماس كهربائي في العقل بسبب عبارة صادمة فيتوقف الإرسال ويحل الظلام بعدها.. وتتوقف كل الأجهزة الكهربائية والمحركات.. وتعبر هذه الحالة من التماس الكهربائي بين أسلاك العقل عن حال من يعيش عقدة الارتفاع ومتعة إلقاء المواعظ.. وهي حالة غرور يصاب بها معظم من يعمل أكاديميا في جامعات الغرب عندما يتحدث مع الشرق المنخفض جدا تحته.. يختصر وهو يكتب الأسفار.. كالنبي..

أسعد أبو خليل يعبر أولا عن أن عقله يتعرض لعاصفة هوجاء من الشيزوفرينيا.. لأن قتلة اللواء هم عدو طبيعي لأسعد كشخص علماني جدا ويدعم المقاومة.. ومع هذا يطلق أسعد صفة القاتل على المقتول.. وينسى في لحظة انفعاله أن يرمي حجرا واحدا على القاتل الحقيقي.. فالنشوة أنسته أن الشهيد كان يدفع بدمه عن أهل أسعد في لبنان لأن في دير الزور من يريد أن ينقل تجربته إلى لبنان.. ولكن اللواء وكل شهداء سورية يدافعون عن أسعد وغيره ضد هذا الظلام.. كما أن اللواء الشهيد كان عدوا لتيار كان يراه أسعد أبو خليل تيارا مدمرا للبنان وللمقاومة وسببا من أسباب الفوضى في الشرق.. والشهيد في دير الزور لم يكن يواجه جماعة "الحئيأة والاستئلال اللبنانيين".. حتى يتفجر حقد أسعد أبو خليل عليه.. ويصفه بالقاتل.. ولم يكن يواجه دعاة الحرية وإلغاء قانون الطوارئ بل دعاة الخلافة الإسلامية على الطريقة الوهابية ومطوعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومجاهدي النكاح.. وكان اللواء يواجه القاعدة وجبهة النصرة التي تنظر إلى فلسفة أسعد أبو خليل على أنها هرطقة تستوجب جزّ العنق وقطع اللسان.. ولم يعرف عن اللواء الشهيد أنه كان يقتل اللبنانيين في الماضي (كما كان سمير جعجع يفعل على الحواجز والذي قتل رئيس وزراء لبنان وخرج بطلا للحرية).. ولم نسمع عن لبناني واحد قتل على يده.. وكل ما سمعناه عن اللواء جامع جامع أنه كان يستخف بوليد جنبلاط ويعامله بازدراء.. ويقال أنه عندما كان وليد بيك يحاول زيارته في مكتبه بثياب الرياضة وثياب النوم كان يرفض استقباله ويطرده مالم يرتدي ثيابا لائقة بمقابلة ضابط يحترم الانضباط العسكري الصارم والجدية المطلقة ولا يحب خلط السياسة والاسترخاء في العلاقات وشرب المتة مع وليد جنبلاط والساسة اللبنانيين بالعمل العسكري.. وما أعرفه عن الشهيد جامع جامع أنه كان شديد الانضباط ولكنه كان يتمتع بتهذيب ودماثة خلق وشهامة وشجاعة كل أبناء القرى والريف..

لا يمكن وصف كلام أسعد إلا بأنه كلام ثمل إلا إذا كان أبو خليل يريد بتوجيه تهمته أن يقول إن جامع جامع هو من كان قد قتل الحريري وسلسلة أبطال الحئيأة الذين قتلوا في ظروف غامضة واستعملت أجسادهم كمجامر لبخور إسرائيل في لبنان.. وأسعد يعرف أن هذا الكلام صار هراء.. ولا أدري إن كان أسعد لديه ملفات ووثائق لإطلاق هذه التهمة وكثيرون يتحدونه في ذلك.. ولكن يبدو أن أسعد في ممارسته للكتابة صار من ذلك النوع الذي يكتب غرائزيا ودون تفكير وهو نموذج واضح على التفكير النمطي المعلب والسهل الانقياد والواقع تحت التخدير والتنويم المغناطيسي والذي يكتب بالنسخ ويلحق الموضة.. والذي من كثرة انغماسه في دراسة الرأي الآخر لتفنيده فإنه امتصه وغرق في دواماته.. كمن جاء ليقتل دراكيولا.. فعضه دراكيولا وحوله إلى مصاص دماء..

لا يحق لأسعد أبو خليل أن يلقي الأحكام والتهم على طريقة أهل الحئيأة ولا يجوز عليه ككاتب أن ينتقي مفردة دون أن يعنيها وأن تكون لديه الحجة والبرهان.. والسؤال الذي عليه الإجابة عليه هو: ما الفرق بينك وبين أهل الحئيأة والاستئلال الذين وجهوا تهم القتل إلى الجميع دون دليل وكنت تواجههم بالردود وتهاجم لامبالاتهم بالأدلة واستهتارهم بعقول الناس.. مرة يتهمون الأسد والسوريين ثم يتهمون حزب الله وأحيانا إيران.. الكل في نظرهم يمارس القتل.. وهم الأبرياء الأنقياء الأتقياء..

من العار على أسعد أبو خليل الانزلاق إلى هذا المستوى من السطحية والعبث.. ومن العار عليه أن يعلمنا الانحناء للموت والانحناء للدم ثم يبتهج لرؤية الدم ويستل علينا مفردات لا علاقة لها بالسياسة بل بالافتراء على الناس وتدل على نمطية تفكير ببغائية.. وعار عليه أن يلقي علينا الدروس في المشاعر والنبل والحس الإنساني ويصف لنا كيف ضبط العواطف والانفعالات ثم كيفية إطلاقها أمام الجمهور بالدموع لكنه نفسه في حادث صغير له علاقة بحياة إنسان يمثل حيزا من الشعور الوطني السوري يقرر الخروج على القواعد والضوابط الأخلاقية والسلوكية.. ويبدي سروره بالموت.. ويتهم بلا بينة ولا دليل.. ولا يكتفي بذلك بل يوزع تهما مستهترة ومجانية.. وقد غلبت عليه طبائع وأخلاق "الحئيأة والاستئلال"..

ولكنها حال سكان الأبراج العاجية الذين لا يرون الكثير.. وآراؤهم ولا تقدم ولا تؤخر في الحياة ولا تساوي شروى نقير.. لأن آراءهم لا تشبه إلا ما دعي يوما أنه اقتراح ماري أنطوانيت لشعبها الجائع الذي لا يجد خبزا كي يستعيض عن الخبز بالكاتوه.. البعض شككوا في تصريح ماري انطوانيت وربما أسعد نفسه يشكك فيه.. ولكن اقتراحاته الطوباوية ويوتوبياه الطهورية لا تشبه شيئا إلا النصيحة للجياع بأكل الكاتوه.. وربما حسب مدرسة أسعد أبو خليل.. من لم يجد خبزا فليأكل الكافيار..

والمثير للسخرية أن برج أسعد أبو خليل العاجي مائل مثل برج بيزا.. وأنه فوق برجه المائل مال منطقه وعقله وبدأ يتحول بالتدريج إلى معلم سياحي طريف في الكتابة السياسية..

جامع جامع بطل من سورية يا أسعد.. وشهيد شهيد.. وأبو شهيد.. ونحن نعتز به يا بائع الكافيار.. ولن يقول جامع جامع وكل شهداء سورية العظماء في هذه الأزمة وفي دفاعهم عن بلدهم وشرفهم إلا ما قاله صوفي عربي قديم:

أيها الحق..

أراني فيك ممسوساً ----- من الشيطان بالنكد

وبالتشنيع من جاري ---- وبالعصيان من ولدي

وأبرح ما أكابده ---- من الإخوان بالحسد

ولست بذاك مكترثاً ---- فكيف وأنت معتمدي؟؟!!..

من يريد أن يرى المنارات والموانئ في العواصف فانصحوه أن يبحث عن الصواري العالية للسفن ليرتقيها بدل أن يضيع وقته في الجلوس في ظلال البروج العاجية المائلة.. وانتظار الكافيار.. من أهل الكافيار السياسي!!.

الصفحة الشخصية للكاتب

0 2013-10-19 | 19:03:42
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024