http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
سياسة شرب الويسكي وثلاجات وليد المعلم!!
نارام سرجون
سياسة شرب الويسكي وثلاجات وليد المعلم!!

يشبه العالم هذه الأيام كازينو للمقامرين والمراهنين.. هل سيهاجم الغرب سورية أم لايهاجمها؟.. وهل الضربة كبيرة أم صغيرة؟؟ يرى البعض أن أصعب شيء هو توقع ما سيحدث.. ومن يستمع للإعلام والمحللين واللقاءات يحس أنه توصل إلى نتيجة واحدة يقينية وهي: أنه لم يفهم شيئا ولن يعرف ما الذي سيحدث بعد عشر دقائق.. الكل يتنبأ والكل يريد أن يثبت أنه على صواب.. ولكن مامن أحد على صواب..

هجوم إعلامي مرهق وشرس.. وهجوم من الجميع على أعصاب الناس عن دراية أو عدم دراية ومزايدات بالساعات والدقائق والكل يدعي أنه يعرف الجواب وصار من يسخر من دعوة الحرب يوصف بأنه منفصل عن الواقع.. والنتيجة تشويش..لأنه حتى أوباما نفسه بدا أنه لايعرف الجواب.. فكلام ليله لا يوافق كلام نهاره.. ومعاقبة النظام السوري بقوة اليوم تصبح ضربة محدودة غدا.. ومن يتابع فن الحرب النفسية الذي يتقنه الغرب يعرف كيف يتحول الجمهور العربي إلى جمهور من النحل الهائج المتوتر حول من يقطف العسل.. الأمريكي جاء بأغطيته وبوارجه ليقطف العسل.. فهاج النحل وماج وعلا طنينه في كل الشرق..

ولكن ضعوا كؤوسكم على طاولتي وسأملؤها لكم بالعسل وبعصير السياسة الكثيف وفيتاميناتها والذي سيغنيكم عن شرب الأصباغ والملونات الإعلامية وسمومها ودهاناتها العربية..

نعم لقد فوجئ العالم بنهوض أوباما فجأة وارتدائه الدروع وتنكبه السيوف وإعلان غضبته.. وانبرى هولاند وكاميرون وكأنهما شربا حليب السباع الذي يشربه سعود الفيصل هذه الأيام وبندر بن سلطان..

وانتشرت شائعات حول صفقة أميركية روسية توسطها بندر.. وتم الحديث عن رحيل الأساطيل الروسية عن سواحل سورية.. وصار من لا يتوقع الحرب يتحدث عن توقيت ساعته على توقيت ساعة الحرب القادمة قدوم الساعة..

كل المسلمات الصلبة التي طالما تحدثت عن ثبات روسي وعن حليف إيراني وعن تهديد إسرائيل بدت مثقوبة وتحتضر فجأة خلال أسبوعين.. وسقط مغشيا عليه تساؤل متحد عن مدى خوف الغرب من ردة فعل محور المقاومة وكأن الغرب قد شرب من طاسة الرعبة الشهيرة بتقوية قلوب الخائفين فلم يعد هيابا.. أو كمن شرب زجاجة كبيرة من الويسكي.. هذا التخمين أشعلته عبارة واحدة قالها لافروف وهي (أننا لن ندخل الحرب).. وعلى الفور انحنت في نظر البعض أشجار التماسك وأعمدة الفولاذ التي كانت انتصبت سامقة بين الحلفاء دون تفسير.. وبدا أن عبارة لافروف ربطت كنتيجة مباشرة مع لقاء بندر وبوتين وأول دفعة على الحساب.. ولذلك تبدو اللوحة للبعض شديدة التغيير كما لوحة مائية وقعت عليها كمية من الماء المالح.. أو بول العربان.. أو غائطهم.. والعياذ بالله من العرب..

هل هي سياسة حافة الهاوية التي قرر الغرب اعتمادها؟؟ أم هي سياسة شرب الويسكي؟؟..

من يتابع التصريحات السياسية الغربية يعتقد أن الصواريخ أصيبت بالنزق والعصبية وهي في منصات إطلاقها على البوارج الأمريكية وتريد الانقضاض حتى من دون أن تستمع لأوباما الذي يمسك بأعنة الصواريخ الجامحة في حظائرها.. ولكن كل الخطابات ثرثرة ما لم يتم تحليلها بدقة والإمساك بكلماتها بملاقط ناعمة كملاقط الجراح ليفصل الكلام عن الكلام وليرى مابين الكلام.. ومن يباعد بين مفاصل الكلام فإنه يصل إلى استنتاج أن الغرب يريد شيئا آخر غير الحرب.. وهو أنه يريد إثبات إصراره وعزمه على إفهام السوريين وأصدقائهم أنه مجنون ومتهور رغم كل المحظورات والخطوط الحمراء.. ويريد أن يحبس العالم أنفاسه وأن يحبس المحور المقاوم أنفاسه.. فالمشهد يشبه رجلا عاقلا شجاعا حكيما (هو محور السوريين) لكنه يجد أمامه قاطع طريق فقد صوابه وسيقتله ويقتل نفسه ولا يبالي.. سياسة حافة الهاوية قد تفيد.. علّ الخصم ينهار في آخر لحظة ويسلم سلاحه.. ولكن يبدو أن الغاية الرئيسية من هذه الحملة التي كادت تأخذ العالم إلى مواجهة لم يشهدها منذ الحرب العالمية الثانية بين مجموعة دول هي انتخابات عام 2014 في سورية.. لأن العالم يجب أن يستعد لرفض قبول ترشح الأسد (المجرم) الذي صار معروفا بمجزرة الكيماوي كحل للأزمة السورية إن لم يمكن إسقاطه كما صار واضحا بالأسلوب العسكري.. ليصبح إبقاؤه محرجا للروس والصينيين.. وبدا ذلك في طرح فيلتمان عرضا على الإيرانيين بقبول أمريكا لأي مرشح تختاره إيران من الطائفة العلوية باستثناء الأسد وأخيه.. ولكن الإيرانيين ردوا بأن الأمريكيين يريدون من الإيرانيين أن يكون لهم عميل في قصر الشعب وليس حليفا قويا موثوقا.. أي كرازاي إيراني أو سعد حريري إيراني.. والإيرانيون يفضلون حليفا وصديقا وليس دمية.. كما أن هذا الاقتراح الخبيث يعني إحداث شرخ في المؤسسة العسكرية والأمنية لتلحقه بقية الشروخ.. ومنها تنساب أفعى الغرب وإسرائيل إلى دمشق..

لن يحسم الأمريكيون قرار الحرب فهناك عقبتان لم يحلهما الغرب في هذه المقامرة وهما أمن إسرائيل في هذه الحرب التي ستهبط عليها الحرب بالمظلات وبلا مظلات لأن من الواضح أن إسرائيل ستكون تحت رحمة ثلاث قوى فتاكة لن ترحمها وهي مصرة على القتال حتى النهاية.. والأمر الآخر إمكانية تأثر أسعار النفط.. وهاتان العقدتان سببهما إعطاء تصور تقريبي لما يمكن أن يفعله الخصم المتمثل في محور المقاومة.. وماهي إمكاناته لأن التحرشات الإسرائيلية والغارات الإسرائيلية كانت لإجراء اختبارات لردود فعل الأسد وحلفائه وفعالية دفاعاته.. وفي الغارة الأخيرة على دمشق لم تنطلق الصواريخ من دمشق.. وليس الأمر رغبة في تجنب الحرب بل لأن منظومات الصواريخ لم تعمل كما يعتقد الأمريكيون والإسرائيليون.. ولكن بقية القصة ليست هنا..

فالملفت للنظر أن البريطانيين قرروا الخروج من اللعبة بسرعة بمسرحية متقنة الإخراج كالعادة وهي الديمقراطية البرلمانية.. وقام بتنفيذ المسرحية (اد ميليباند) رئيس حزب العمال البريطاني وهو من أسرة يهودية.. وظهر ميليباند معارضا عنيدا وزعيم الرفض القاطع.. والسؤال الذي يفرض نفسه هو أن مشروع ضرب سورية وحزب الله لاشك أنه مشروع عزيز على قلب كل يهودي متعاطف مع إسرائيل لكنه مع هذا لايلاقي تأييدا من زعيم بريطاني يهودي رغم وجود مبررات أخلاقية كثيرة سيقت للرأي العام البريطاني الذي شحنه الإعلام البريطاني وكان له شهود عيان ومهنية لاتضاهيها مهنية الجزيرة وتجييشها للناس إلى حد كبير عبر تكرار صور أفلام الضحايا والتأكيد على مسؤولية الرئيس الأسد أو أخيه عن المجزرة.. "البي بي سي" تحولت إلى اتجاه معاكس من اتجاهات فيصل القاسم وبدا أن البي بي سي هي جزيرة ومدموجة بالعربية.. ودور ميليباند في فرملة كاميرون البليد هذا يشير إلى توزيع أدوار في البرلمان البريطاني.. ليس إلا..

بل إن ما يثير السخرية هي التغني بديمقراطية البرلمان البريطاني الذي حاول إثارة تساؤلات منذ سنوات عن الفساد المريع والرشى في صفقة اليمامة لصاحبها بندر بن سلطان الذي اشترى بعشرة مليارات دولار طائرات تورنادو البريطانية في أكبر صفقة أسلحة في التاريخ البشري وقبض مليارا لجيبه الخاص.. وعند محاولة الإعلام والبرلمان فتح ملفات الصفقة الفاسدة التي كانت تفوح ويمكن شم رائحتها الكريهة بمجرد المرور قرب ويستمينستر قرر توني بلير إخراس الديمقراطية العريقة والحرية بحجة أنها تهدد مصالح بريطانيا في إغضاب أصدقائنا السعوديين الذين قد لايبذرون أموالهم عندنا بعد اليوم بل عند منافسينا.. يعني قام بلير بإلقاء ثرثرة البرلمانيين في سلة المهملات مثل غلاف كيس بطاطا تشيبس.. وأمسك بالديمقراطية والحرية من ياقتيهما وألقى بهما من شبابيك البرلمان لتغرقا في نهر التايمز لأنه رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا ويحق له مالايحق لغيره..حتى إهانة الديمقراطية وأمها. .والغريب أن عناترة الديمقراطية الانكليزية وعتاولتها وفلاسفتها التزموا الصمت بعد توبيخ بلير لهم واختفت القضية في يومين كما تختفي أي قضية في الشرق الأوسط بعبارة (جاءت توجيهات من فوق).. وفوق الانكليز مثل فوقنا إن لم يكن أكثر..

صانعو السياسة البريطانيون الحقيقيون (خلف كواليس10 دواننغ ستريت) والسياسيون البريطانيون عموما وعبر التاريخ لا تعنيهم الأخلاقيات في العمل السياسي بل تستهويهم المصالح والصفقات والحصص والحروب المحسومة سلفا.. ولو كان مشروع ضرب سورية آمنا وسالكا لما ترددوا باتخاذ القرار أو بإحراج البرلمان لتأييده ولديهم كل القدرة القانونية على التلاعب بكل القوانين والأسس الديمقراطية.. وتوني بلير مثال كبير على ذلك.. هذا المحتال الذي تلاعب مع فريقه بكل شيء وكذب أكثر مما أي سياسي في التاريخ نجا من كل مسؤولية ومساءلة (وخاصة مستشاره أليستر كامبل الذي كان يعمل سابقا مصور بورنوغرافي)..

ولكن التراجع البريطاني يبدو أنه كان مبنيا على شكوك عسكرية كبيرة حول نجاح الحملة وحول مدى وإمكانات الرد من محور سورية على الاعتداء.. ولاشك أن لدى البريطانيين معطيات واسعة تجعلهم غير مطمئنين لكل مايقال عن اتفاق روسي أمريكي أو صفقة من نوع ما وقع عليها لافروف بعبارة (لن ندخل الحرب).. ولو تأكدت هذه الصفقة فلن يترددوا لحظة في التصويت لصالح الحرب ولو بفارق صوت واحد للحصول على شرف المشاركة في صناعة المسرح الدولي والحصول على الحصة كما في البلقان والعراق وليبيا.. لأنها اللعبة الديمقراطية.. وهم سادة الألعاب الديمقراطية وبهلوانياتها..

ولكن لماذا يبدو الأمريكي مفرط الثقة بنجاحه ومستعجلا ويريد إنفاذ التهديد في أيام ولا يستطيع الانتظار كما بدوا قبل غزو العراق بأسبوعين.. وهنا يكمن اللغز الذي رأى في التراجع البريطاني مؤشرا على أن اللغز لم تفك شيفرته بعد.. بعض الآراء يقول إن الأمريكيين لديهم معلومات في منتهى الدقة التي ستفيدهم عسكريا ومصدرها متقاطع بين مخابراتهم ومخابرات تركية وعربية حول مفصل مهم في المعركة المحتملة.. والإدارة الأمريكية لم تكن متأكدة منها إلا منذ أسابيع قليلة من مثل شيفرات سلاح الصواريخ السورية التي سيمكن التشويش عليها.. والبعض يرى أن المعلومات التي تم الحصول عليها بشكل مفاجئ وسريع تشكل فرصة لاتفوت للأمريكيين وهم يريدون استغلالها قبل أن تصبح بلا جدوى أو تكتشف.. أو مثلا اكتمال برامج الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية.. فمثلا يعني أن شلّ الصواريخ السورية وشيفرتها أن ضرب مراكز السيطرة في الجيش السوري لن يمكنه من الرد بهذه الصواريخ وسيسبب هذا ارتباكا كبيرا لساعات أو ليوم قد يمكن المسلحين المستعدين لدخول دمشق..

ويتخيل المراقب أن الأمريكيين لن يجرؤوا على الحرب مالم يكونوا قد أحدثوا خرقا هاما في القيادة السورية وتمت عملية شراء لشخصيات سورية أعطتها مفاتيح الأسرار الكبرى.. مثل خطة الدفاع وشيفرات برامج الصواريخ.. وأن هناك اطمئنانا كبيرا لاحتمال التوصل إلى تزويد الأساطيل الغربية بأجهزة تشويش على الرادارات ومنصات إطلاق الصواريخ مما يجعلها بلا قيمة.. وهذا الاعتبار كان أمرا يراقبه السوريون وحلفاؤهم بدقة.. ولكن مايفاجئ هو أن وحدات الحرب الالكترونية السورية وحلفاءها كانت متيقظة جدا لهذا الاحتمال وقامت بإنتاج برامج معقدة للغاية ومنها برامج مضللة للتشويش الالكتروني..

التردد البريطاني سببه مستوى الارتياب الكبير لدى الانكليز من دقة المعلومات الأمريكية.. وتحللها المخابرات البريطانية على أنها هامة للغاية لكن الطريقة التي تم الحصول عليها بشكل مفاجئ لايوحي بالطمأنينة لأن هناك احتمالا أنها معلومات مفخخة.. ولايجب الركون إلى مستوى معلومات لاتصل الثقة بها إلى 100%.. لأن أي سوء تقدير قد يكون مكلفا للغاية.. فالحرب على العراق تمت بعد أن فتش المفتشون كل العراق لمدة عشر سنوات وتم التأكد أنه لاتوجد قطرة كيميائية واحدة.. وأن الجيش العراقي صار بحاجة إلى صيانة شاملة كجيش صدئ وأنه بلا قطع غيار حتى لعجلات السيارات.. ولذلك دخل البريطانيون الحرب السهلة..

البريطانيون سألوا الأمريكيين إن كان الإيرانيون وحزب الله -الذين سيعرفون أن المقصود بالحرب على سورية هو إيران وحزب الله- سيردون أم أن الحرص على عدم توسيع نطاق الحرب سيغريهم بمحاولة درئها باللجوء إلى ضبط النفس.. وهو شبيه بالنأي بالنفس.. لكنه مغطى بالتهديد والوعيد.. غير أن الأمريكيين لم يكونوا مستعدين لإعطاء إجابة شافية وشاملة لهذا الاحتمال.. بل إجابة فيها الكثير من التخمينات وعبارات (غالبا) و(على الأرجح) التي وصفها البريطانيون بأن أخطر مافيها هو قدر التخمين والظنون والمصادر الاستخبارية ذاتها.. فالبريطانيون في هذا النوع من الأعمال الخطرة يحبذون مستوى ثقة بالمعلومات لايقل عن كلمات (بالتأكيد) و(حتما).. وغير ذلك يعتبرونه مناسبا لأي شيء إلا الحرب.. وما أبدى البريطانيون من خشية فهو أن المعلومات مثيرة للشهية لكن فيها قدرا يسيل اللعاب للحرب يثير الشك بأنها مسمومة وقد تكون استدراجا لفخ..

التسريبات الخاصة تقول إن عدوى القلق البريطاني والحاسة السادسة لهم وصلت إلى بعض مستشاري الرئيس أوباما.. وخاصة بعد تصريحات إيرانية شديدة الوضوح والوعيد وفيها لهجة انتحارية شمشونية متحدية لاستفزاز الغرب.. ويثير البعض مخاوف من أن الهدوء الروسي النسبي وهدوء حزب الله وزعيمه لايوحي بأي استنتاج.. كان من المفروض أن يطل زعيم حزب الله ويلقي سيلا من التهديدات.. لكنه صمت ليتحدث الجنرال سليماني.. كما أن السوريين لم يتصرفوا على مستوى القيادة بعصبية ولاتبدو عليهم آثار التوتر ولا التراجع ولا حتى تبريد اللغة في ثلاجات وليد المعلم.. فلم يتغير شيء واحد في اللغة وهدوئها.. ولو كان هناك استشعار للخطر فإن السوريين قادرون على تقديم تنازلات مؤلمة لهم لكنها ثمينة للغاية مثل التخلي عن التحالف مع إيران أو إبرام سلام مع إسرائيل بشروطها بما فيه تخفيض عديد الجيش ومصادر التسلح طالما أنه سيبقي سورية موحدة ولا يعرضها للتمزق بالحرب مع العالم..

ويتداول البعض جدلا مريرا جرى بين فريقين منقسمين حول الرغبة الأمريكية بالحرب.. فيجادل فريق متحمس للعمل العسكري من أن السوريين لن يمرروا مع الإيرانيين عبر عملائهم معلومات تغري بقصفهم والاشتباك معهم لأن مصلحتهم ورغبتهم القوية هي في تجنب الاشتباك وليس استدراجنا للاشتباك.. ولكن في نظر غير المتحمسين فمن الممكن أن تكون المعطيات فائقة الدقة عن السلاح السوري والروسي الذي ينتشر في سورية في الحقيقة مضللة وربما هناك عملاء مزدوجون يراوغون.. ولكن ما أثار شكوك البعض هو أن السوريين لم يريدوا تفخيخ المعلومات قبل تسريبها لكنهم ربما فعلوا ذلك بدهاء مع الإيرانيين لنقل الحرب إلى إسرائيل خارج المظلة الروسية.. لأن هناك قناعة سورية إيرانية في أن الحرب يجب أن تصل إلى إسرائيل... ولكن هناك مايمنع ذلك وهو مايوصف بأنه تعهد روسي وضمانة روسية بلجم السوريين عن مهاجمة إسرائيل كنوع من الضغط الذي قد يلجؤون إليه ليقوم أصدقاء إسرائيل بالضغط على المعارضة وإسكاتها مع تركيا والسعودية.. ولكن المبادأة بالحرب ورغم صعوبتها فإنها (في رأي هذا الفريق) مخرج للسوريين عندما ينقلون نزاعهم الداخلي إلى حرب إقليمية تنال إسرائيل بشكل أساسي وبعض دول الورطة السورية مثل قطر والسعودية.. الثمن باهظ جدا لكن يبدو أن لاخيار لدى السوريين والإيرانيين سوى خيار الحرب بالخروج من التعهد الروسي باستدراج اعتداء ما ومن ثم تتدحرج الأمور إلى أن تصل إلى طاولة مفاوضات يكون الهدف منها إنقاذ إسرائيل من حرب استنزاف على حساب المعارضة السورية وحلفائها.. وهذا يعني أن لدى سورية وحلفائها قدرة هائلة على إيذاء القوات الغازية..

لكن هنا يفقد المتابع البوصلة لأن هذا الافتراض الغريب واللاواقعي من جانب بعض القلقين في الغرب وإسرائيل يعني أن الهجوم الكيماوي فخ سوري لاستدراج الاشتباك وليس من صنع المعارضة.. لكن تسريب المعلومات السرية حدث قبل ذلك وكان من المفروض أن معركة القصير هي من سيحرض الاشتباك بسبب الإعلان عن مشاركة حزب الله.. غير أن انهيار حكم الإخوان في مصر بشكل مفاجئ حوّل الأنظار عن سورية وخلخل الحساب ولوى ذراع المعادلة التي افترضت مشاركة مصرية في الحرب بعد القصير استهلها محمد مرسي بخطاب عنيف.. لكنه كان خطاب النهاية له ولإخوانه.. وتم تأجيل الهجوم إلى أن تم تأمين سد الثغرة المصرية باندفاع سعودي مضاعف ولكن السوريين فوجئوا أن المجزرة الكيماوية تمت غالبا لأنها بسبب الصدمة الإنسانية ستعوض بسرعة الوقت الضائع من الوقت الذي تسببت به الأزمة المصرية للتحرك الأمريكي..

تراجع أوباما قليلا واستنجد بالكونغرس لإنقاذه.. وهذا رد على كل من كان يردد ببلاهة أنه وصل إلى مرحلة لايستطيع التراجع فيها عن تعهداته.. فهناك كل الوسائل التي تتيح له التراجع الهادئ.. لأن الأمريكيين هم سادة الرقص والتراجع وفقدان الذاكرة.. والقضية الفلسطينية والوعود التي قطعوها للعرب بحل القضية الفلسطينية هي أكبر دليل على قدرة مذهلة على التراجع الوقح والتذبذب.. ودهاقنة السياسة هم الذين يتراجعون عندما يكون التراجع تقدما.. وبلهاء السياسة هم الذي يواصلون نطح الصخور مثل الغبي أردوغان وأغبياء المعارضة الذين يفكرون أن يزيدوا عيار مناطحة الصخور رغم الدم الذي يسيل على جباههم وعيونهم.. وهم يتحضرون لجولة مناطحة ثانية للصخور..

ومع ذلك يبدو السوريون أكثر دهاء من الاسترخاء في هذه الجولة.. وهم لايثقون برجل الكاوبوي الذي يجيد كل فنون الخداع والتخدير والذي قد يبالغ في تطمينه قبل اللدغ.. وماسيفعله السوريون هو القيام بهجوم معاكس لأنهم سادة الدبلوماسية والسياسة.. ولأنهم يعرفون أن أي تراجع أمريكي عن الحرب يعني أن راعي البقر سيذهب للعب القمار ليلا.. ولشرب الويسكي واللعب بمسدساته.. وقد يصاب بالجنون في الصباح.. وراعي البقر الجريح لايداوي جراحه إلا تعميقها وجعلها غائرة.. والجرح العميق الغائر في صدره هو إلحاق مزيد من الهزائم بعصاباته وجيوشه الإسلامية..

وكما قلت لكم.. لا تشربوا السياسة من كؤوس تسكب على قارعة الطريق من مشردين على أنها أنخاب وعصائر.. فالمشردون لايملؤون الكؤوس إلا بالأصباغ والألوان.. أما النبيذ والعسل فلا تطلبوه إلا من مناحل العسل الصافي.. ودنان أهل الشام..

ومن لايزال ينتظر الأمريكي ليقطف له العسل.. فعليه أن ينتظر طويلا لأن قاطف العسل الذي هيّج النحل عاد من حيث أتى بجرار فارغة.. وفي الوقت الضائع على من ينتظره أن يقرأ قصص كليلة ودمنة وبالذات قصة الحمار وابن آوى والأسد.. فيما هو يناطح الصخر برأسه الدامي!!.

الصفحة الشخصية للكاتب

0 2013-09-02 | 17:34:10
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024