http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
اعتذار من خالد بن الوليد.. هرقل صار صديقنا!!
نارام سرجون
اعتذار من خالد بن الوليد.. هرقل صار صديقنا!!

لا أنكر أنني أخاف أحيانا على من يقرأني من قسوتي عليه وأنا لا أعطيه وقتا ليرتاح في هذا السفر إلى حيث الكلام ينازل الكلام.. وأخاف على من يقرأني أن يلهث وهو يجدّ في أثر خيول لغتي التي لا تتعب من الغارات بعد الغارات.. ولا يتوقف البرق من الوميض من سنابكها.. وأشفق عليه من صوت الرعد عند احتكاك غيوم الكلام بغيوم الكلام.. قبل أن تسقط زخات المطر.. لتفجر عيون الماء.. وما أكثر عيون الماء التي أفجرها كل يوم وأنا أعرف أن الماء لا يبلل الجفون التي أصابها الرمد.. وغشاها الرمل.. ولا يبلل الشفاه المصنوعة من القصدير والخشب..

ولا أنكر أنني أخشى على القارئ من أن يشتكي من أثر البروق في عينيه وأحداقه كلما قرر أن يسير مع قوافل البرق التي لا تنتهي... فمن تعبت عيناه وأحداقه من متابعة البرق وزاغ بصره فليشح به عن كتاباتي بعيدا.. فأنا لا أحب العيون التي يتعبها البرق ولا يتعبها الظلام.. وأنا لست أصنع البرق لمن يهوى العتمة.. بل لمن يهوى النهار..

في ضوء البرق نرى كيف يلملم الربيع العربي طرائده العربية ويعيد الكلاب التي أطلقها إلى أقفاصها من أمراء ومفكرين عربا وإخوان ومشايخ ووعاظ.. فقد أدى الربيع مهمته في تلقيح أرحام العقول ببذور الصهيونية الإسلامية.. وحصاده من الجماجم وفير، وغلته من العقول المسلوقة بالكذب كبيرة..

وفي ضوء النهار نرى كيف يحمل الربيع حقائبه الكثيرة التي امتلأت بقصص الخيانات وقصص الغدر وطعن الإخوة للأخوة.. وأبناء العم لأبناء العم.. ونرى كيف امتلأت عرباته بجثث المدن والقرى التي استشهدت.. وكيف سيحمل هذا الربيع فيما يحمل حطام ما تبقى من العرب والمسلمين ومثقفيهم وعتاولة العلمانية.. وسيصطحب معه قواميس السباب والشتائم والبذاءة والقبح واستعذاب العبودية للناتو.. أما صناديقه الكبيرة فسيملؤها مما سرقه من أمان وحب بين الناس وبراءة.. وما نهبه وسلبه من تسامح ورحمة ومودة.. ولو ألقيتم نظرة على سفنه التي تستعد لرفع الأشرعة لوجدتموها مثقلة بالأجنحة المتكسرة للعرب وجيوش العرب.. صناديق الربيع مليئة أيضا بعباءات الصحابة وجثامينهم المنبوشة من القبور وأوليائهم وعمائمهم.. وآخرها عمامة خالد بن الوليد التي باعها ثوار سورية لجون ماكين مقابل حفنة صواريخ وقواذف.. عمامة سيف الله المسلول تهدى لعدو الله..

عمامة قاهر هرقل والروم في اليرموك تتحول إلى ديكور من ديكورات الربيع السوري الذي يعيد إلى الشام هرقل وجنوده مخفورا بجيوش المسلمين المهللة له وتحت راية الله أكبر.. ليثأر من خالد بن الوليد وينهي معركة اليرموك بهزيمة قائدها.. وماذا يريد هرقل أكثر مما أهداه إياه ثوار العرب والمسلمين؟؟.. إمبراطورية خالد صارت ملك هرقل.. وهيبة قبره تباع في صورة استجداء على يوتيوب هرقل.. علّ جون ماكين يصافح سيف الله المسلول ويهدي الثوار "ستينغر الله" المسلول.. إنه عصر الصهيونية الإسلامية..

ليس مصطلح الصهيونية الإسلامية اختراعا جديدا وليس هو بدعة من بدع النظام السوري وحملته الإعلامية المزعومة عن المؤامرة الكونية.. وبالطبع ليس هو عبارة للتندر والسخرية والتشفي من الإسلاميين والاعتداء على عذريتهم.. لكنه السلاح القادم الذي أنتجته مؤسسة الصناعات الدفاعية الفكرية الصهيونية مستندة إلى نجاح مشروعها السابق منقطع النظير في توليد الصهيونية المسيحية التي اجتاحت أميركا وربطت المسيحية باليهودية.. هذه الاختراعات والاكتشافات والأفكار الخلاقة أهم من اختراع القنابل الذرية والهيدروجينية لأنها تفعل فعلها دون زيادة أو نقصان.. فهي تمسح شعوبا كاملة بمسح ذاكرتها وزرع فيروس في عقولها يغير برمجة الثقافة والدين.. واقتلاع الجذور لزرعها في تربة أخرى طواعية.. اختراع فكري لا يشبهه إلا اختراع فكرة الديمقراطية الشعبية ولعبة الانتخابات فيما تدار الشعوب بديكتاتورية رأس المال المتوحش والإعلام وأسنانه الحادة التي تنهش أي عقل..

الصهيونية المسيحية عملت بجهد على مصالحة تاريخية غير مسبوقة على الإطلاق بين بعض الأجنحة المسيحية واليهودية (الصهيونية) وهو عمل عبقري أدخل العلاقة اليهودية المسيحية عصرا جديدا انتقل من الهدنة إلى التحالف والتكامل.. فمن مسلمات الإيمان المسيحي التقليدي أن السيد المسيح قد تم صلبه بمؤامرة رجال الهيكل اليهود.. ولولاهم لما حدثت خيانة يهوذا ولما وقع صلب السيد المسيح.. إلى التحالف والتكامل. وعبر ألفي سنة تم تحميل اليهود كمجموعة بشرية وزر وإثم صلب الابن.. ابن الروح القدس.. ولكن منذ الستينات تم استغلال ما يسمى المعاناة اليهودية في الحرب العالمية كمطهر من الآثام وأصدر الفاتيكان بيانا برأ فيه اليهود من دم السيد المسيح.. وغسلت اليهودية يديها من دمه إلى الأبد وبدأ العهد الجديد الصهيوني بالتركيز على دور الروم وبيلاطس في صلب السيد المسيح وتصوير المجتمع اليهودي مغلوبا على أمره تحت حكم الرومان.. ثم تم التركيز على يهودية السيد المسيح وعائلته كمدخل إلى التعاطف مع الصهيونية.. ثم انتشرت فكرة أن حماية إسرائيل هي واجب مقدس.. وأن جبال القدس يجب أن تشهد عودة المسيح ليصح الإيمان المسيحي وهو لن يعود إلا بنهوض مملكة إسرائيل.. وهناك من يرى في رواية (شيفرة دافنشي) ومثيلاتها تحضيرا آخر للعقول بأن دم السيد المسيح الذي سال على الصليب إنما تم حفظه أيضا عبر سلالة مزعومة للسيد المسيح في أبناء مريم المجدلية التي توحي الرواية بقوة أنها هي الهولي غريل (الكأس المقدس) التي احتوت دم المسيح عندما تزوجته وأنجبت من رحمها ذريته.. ومن ثم فرت مع ابنتها إلى فرنسا بعد تغييب زوجها بالصلب وملاحقة أتباعه.. وهناك ضاعت آثارها.. ولكن خيطا رفيعا تم اقتفاء أثره يفضي إلى استنتاج أن سلالته ربما تكون في أي عائلة يهودية هذه الأيام.. ويكون ذلك دافعا إلى أن من يقتل يهوديا (إسرائيليا) فربما يصيب شيئا من دم المسيح.. ويرتكب الإثم.. كما يفعل حزب الله وداعموه..

ولكن ما هي حقيقة الصهيونية الإسلامية.. النظير العقائدي للمسيحية الصهيونية ؟؟ وهل هي وهم أو تهمة فيها مبالغة وتهويمات؟؟

الجواب ربما جاء به الربيع العربي الذي حمل أولى إرهاصات الصهيونية الإسلامية الحقيقية وهي تنزل إلى الميدان.. ولاشك أن المفجع أن الإسلام السياسي الذي كان ينتظره الملايين كنقيض رئيسي للمشروع الصهيوني تصرف بطريقة مثيرة للتعجب والاستغراب تشير بقوة إلى فكر إسلامي متهوّد.. فالقول بأن إسرائيل مشروع دولة دينية يهودية لن تقدر على مواجهته إلا دولة دينية إسلامية كان منطقيا لولا أن ما جاء به الربيع يظهر بشكل لا لبس فيه أن الدولة الإسلامية الدينية المفترضة بدأت مصالحة تاريخية مع الدولة الدينية اليهودية وتكاملا معها وعملية مراجعة للعقيدة الإسلامية.. والاعتذار عن غزوة خيبر.. وإطلاق الإسلام الصهيوني..

المشروع الإسلامي الذي انطلق من تركيا كان بداية التطبيع الإسلامي وولادة الصهيونية الإسلامية.. فالإسلاميون عبر أردوغان وحزبه قدموا أول تجربة إسلامية تحت مظلة الصهيونية العالمية.. فالرجل وحزبه سمح لهم بإقامة حكم إسلامي ورغم مسرحياته الإسلامية لم ينسحب من الناتو (عدو الإسلام) بل وساهم في كل حروب الناتو ولم يقم بممارسة أي ضغط إسلامي لكبح جماحه من أفغانستان إلى العراق إلى ليبيا.. وأخيرا في سورية.. المشهد الإسلامي التونسي توج علاقة خاصة مع الصهيونية عبر لقاء ايباك الشهير حيث حل الغنوشي ضيفا علنيا على ايباك وتعهد بالتعهدات الشهيرة بشأن إسرائيل وقلع أسنان العقيدة الإسلامية المناوئة لإسرائيل.. ثم كان تحرر الإخوان المسلمين المصريين من كل تعهداتهم القديمة بشأن الصراع مع المشروع الصهيوني والانتقال إلى التعبير العلني عن مرحلة جديدة من تحطيم القوالب القديمة البروتوكولية الإسلامية وإطلاق صفة الصداقة العظيمة على علاقة الإسلاميين الجديدة بالدولة الصهيونية في عبارة رمزية أرسلها محمد مرسي إلى بيريز أعلنت بطريقة مقصودة ومتفق عليها بين الطرفين وقد صيغت بعناية وتوقيت مناسب.. وأعلنت دون حرج ودون إبداء احتجاج على إفشائها.. أنها استهلت عملية كسر الحاجز النفسي الإسلامي اليهودي (الصهيوني)..لأول مرة منذ 15 قرنا..

وفي عملية تحطيم العداوة القديمة الأزلية مع أبناء خيبر تم نبش النزاع السني الشيعي كبديل مناسب للصراع والتناقض الديني التقليدي مع المسيحية واليهودية وهو صراع ديني سيبرر تحالفا دينينا إسلاميا يهوديا.. وقد أدلت الوهابية السعودية بدلوها وقامت بدور متميز في إحلال العدو الشيعي محل العدو اليهودي (لب الصهيونية).. وظهرت آراء واجتهادات لا يفهم منها إلا على أنه توطئة لمصالحة تاريخية تبشر أن اليهود هم أهل كتاب وأهل ذمة.. وبالتالي لا يجوز مناصبتهم العداء بل التعامل مع كتابيين وذميين.. أما الشيعة فهم شرخ إسلامي وعدوان على الإسلام وتهديد له يجب معالجته بالانفصال عنه نهائيا والتنافر معه.. وكان الثوار السوريون من أكثر العوامل التي ساهمت بقوة كبيرة في التقريب مع اليهودية والتنافر بين المذاهب الإسلامية.. فالثورة السورية أعلنت منذ الأسبوع الأول أن حزب الله والإيرانيين يقتلون الشعب السوري.. وأن النصيريين يقتلون أهل السنة.. العملية التحريضية بالدم والقتل نجحت إلى مدى بعيد في خلق الحاجز النفسي بين المذهبين الرئيسيين الإسلاميين السني والشيعي في العالم العربي.. ونجحت عملية البناء النفسي للمذهب الإسلامي الجديد (الصهيونية الإسلامية) في ترجمة فقه التقريب الذي كان يفترض أن يخدم المسلمين ويقربهم فإذا به فقه يستثمر لتقريب اليهود على أنهم هم من يدافع عن الشعب السوري عبر قصف مستودعات الذخيرة لجيش الأسد أو للعلويين.. وعبر مساندة المسلحين في عمليات إنقاذ رمزية بلجوء عشرات الجرحى من المسلحين السوريين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة (إسرائيل) لتلقي العلاج في بادرة مجاملة وعربون صداقة لتقديم إسرائيل على أنها بلد صديق يضمد الجراح التي يصنعها الشيعة والنصيريون في أجساد أهل السنة المظلومين.. بل إن هناك عملية تضليل هائلة عبر المساجد ومنشورات الوعظ عبر اليوتيوب تقلل من انتصار حزب الله على إسرائيل وتعتبره مؤامرة شيعية إسرائيلية للترويج للمذهب الشيعي.. وبلغ الدجل حدّا لا يطاق بالادعاء أن إسرائيل اتفقت مع حزب الله إبان حرب تموز 2006 على أن يوجه الحزب صواريخه إلى البحر لا على تل أبيب وما بعد حيفا.. وبذلك يظهر حسن نصر الله بطلا دون إيذاء إسرائيل.. ويدعي هؤلاء أن صواريخ المقاومة كانت تلقى وترمى إلى بحر حيفا.. كي يتمدد التشيع بالترويج لانتصار وهمي لحزب الله الذي هو –سراً- حليف اليهود ضد أهل السنة..

ويبدو مذهلا جدا هذا الإقبال الجهادي إلى سورية عبر عشرات آلاف المتطوعين ولا يوجد واحد منهم يبالي بالتساؤل عن سبب التلكؤ في الجهاد في فلسطين.. ويكتفي البعض بالجواب التقليدي إن الطريق إلى القدس يمر من دمشق أولا.. وقد طرح أحد الإسرائيليين سؤالا مذهلا على القناة العاشرة الإسرائيلية بأن سورية تماسكت بشكل لا يمكن إنكاره.. لكن ماذا لو كان توجه هذه الآلاف المؤلفة والتدفق الجهادي نحو إسرائيل بهذا المال السخي والتسهيلات اللوجستية الهائلة والدعم الإعلامي والسياسي المنقطع النظير.. إنها كانت نهاية المغامرة اليهودية في فلسطين.. وأضاف مطمئنا: ولكن الحمد لله فإن تركيا حليف لإسرائيل، وعندما تحس أن قطرة واحدة من هذا التدفق الإسلامي ستصل إسرائيل فستغلق الصنبور نهائيا.. وفي تفسير الكلام الذي قاله مؤخرا ابن الشيخ اليمني (الزنداني) في فتوى الجهاد في سورية مدماك آخر في جدار البناء الجديد للصهيونية الإسلامية إذ أفتى لصاحب سؤال حائر مضطرب عن أولوية الجهاد اليوم.. أهي في سورية أم في فلسطين؟ ومن يدقق في الجواب يعرف ما أعنيه.. فقد أفتى فضيلته بأن "فلسطين صارت جرحا ملتئما.. أما سورية فجرح مفتوح ينزف"..وبالتالي لابد من التوجه للجهاد في المكان النازف لا المكان الذي التأم.. إذاً حال العداء مع إسرائيل انتهت.. وفلسطين عليها السلام..

التيارات الإسلامية من مختلف النكهات والمذاقات تتجه حثيثا لإغلاق ملف العداء مع الصهيوينة والمصالحة العقائدية اليهودية الإسلامية وإغلاق ملف فلسطين.. وإذا تمت هذه المصالحة النفسية والعقائدية فإن التحضير النفسي لعملية هدم المسجد الأقصى هي ما سيتم إنجازه وستجنيه المؤسسة الصهيونية.. هدم قد لا تلقى بعد الانتقال إلى حالة التحالف الإسلامي المسيحي إلا المعاتبة الإسلامية إذا لم يكن مباركة.. إن هدم الأضرحة والمساجد من العراق إلى سورية ونبش قبور الشخصيات الإسلامية مثل قبر حجر بن عدي.. والتهديد المستمر بتدمير ضريح السيدة زينب.. ونسف قبر الصحابي خالد بن الوليد.. مؤشرات في غاية الخطورة على بداية العهد الإسلامي الجديد.. الذي بدأ بنسف أعظم المنارات الإسلامية في الشرق من المسجد العمري في درعا والجامع الأموي في حلب.. إنه مسخ للذاكرة القديمة وتأسيس لذاكرة جديدة فحواها نهاية المدرسة الإسلامية التقليدية التي عمّرت 15 قرنا.. وانطلاق مرحلة المدرسة الإسلامية الجديدة المتمثلة بالإسلام السني الصهيوني ضد الإسلام الشيعي الفارسي.. وهذا ليس خيالا ولا تهويلا لأن من راقب مؤتمر الشيوخ والوعاظ الإسلاميين في القاهرة بعد معركة القصير وهستيريا الهجوم على المذهب الشيعي لعرف أن القضية دخلت مرحلة النزول إلى شوارع العقول.. فمثلا يقول أحد الوعاظ في المؤتمر بأن الشيعة يقدسون شخصية الحسين ولكنه يتساءل متهكما: من هو الحسين؟؟ شخص لا فضل له على الإسلام وليس له من ميزة الإسلام سوى أنه حفيد النبي.. وهذا أمر ليس في يده ولا من صنعه بل هو قدر.. مثله مثل الجنسية وجواز السفر.. ثم إنه من حيث العلم فقد كان من هو أفضل منه مثل عبد الله بن مسعود؟؟

ليس عرض هذا الرأي لرفضه ولا لإدانته ولا لتأييده فهذا نقاش يدخل فيه أصحاب الشأن الديني.. لكنه مثال على جاهزية الجيل الجديد من الإسلاميين على التخلص من الموروث التقليدي وهدم الأضرحة والرموز وتحطيم المقدسات ورمي الأثقال والمراسي التراثية عن الكواهل.. فمن يسقط الحسين من ضمائر المسلمين جميعا سيسقط المسجد الأقصى.. لأن الحسين كحفيد للنبي ليس ملكا للشيعة بل ملك لجميع المسلمين دون استثناء كما أن مريم أم المسيح ملك لكل المسيحيين وليست حكرا على الكاثوليك مثلا.. والمسجد الأقصى الذي هو ملك المسلمين جميعا سيجري عليه نفس التعديل الفكري ويتحول من المسجد الأقصى إلى مسجد لم يقدم للإسلام مثل ما قدمه الأزهر مثلا.. كما أن ذكر الأقصى في القرآن لم يتجاوز ثلاث مرات عددا بالمقارنة مع ذكر أنبياء الله من اليهود.. داود وسليمان ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وعيسى.. والقائمة طويلة.. وباستعراض بيانات منظري القاعدة والتيار السلفي نجد بداية التحول والتغير في ملامح العدو والصديق.. وفي استعمال مقولة شهيرة قديمة يمكن معرفة الطريقة التي تتحول بها التيارات الإسلامية.. فهي تقول: أعداؤك ثلاثة هم: عدوك وصديق عدوك وعدو صديقك.. وأما أصدقاؤك فهم ثلاثة: صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك..

في استعمال هذه العبارة كمسطرة سنجد في منطق الإسلام السياسي كيف يتخبط منظرو القاعدة والإسلام الجديد الصهيوني في محاولة الالتفاف على قرون من الممارسة الإسلامية التقليدية والتراث الديني العتيق.. فحسب تلك المقولة الشهيرة والتي ترددها معظم ثقافات العالم فإن من المنطقي أن يكون عدو سورية صديقا لعدو سورية.. وأن يكون صديق سورية عدوا لعدوها.. ولكن كيف يمكن إدخال هذه المعادلة المستحيلة في الصراع في سورية؟؟ الإسلاميون فعلوها في عملية تدمير كاملة للعدو القديم والصديق القديم..

إن عدو سورية وإيران وحزب الله هي إسرائيل والغرب بلا نقاش.. وبالتالي يجب أن يكون الإسلاميون الذين هم نظريا أعداء تقليديون للغرب وخاضوا ضده غزوتي نيويورك وواشنطن يجب أن يكونوا أصدقاء لسورية وأصدقائها.. ولكن الظواهري ومجموعته التي تقول إنها تريد هدم الغرب وقوته التدميرية ولجمه عن الاعتداء على أرض المسلمين.. الظواهري وجيشه يجاهدون في سورية إلى جانب الغرب وأميركا لاجتياح وتدمير أرض المسلمين منتقلين إلى تصنيف جديد وهو أن عدو عدوي هو صديقي.. أي إن الغرب هو عدو سورية (التي يعاديها الإسلاميون) وبالتالي فإن عدو العدو السوري صديق.. وصار عدو الإسلاميين صديقا لهم لأنه عدو عدوهم في نفس الوقت.. أي الغرب صديق وعدو في نفس الوقت!! وهي بلا شك مرحلة تحضير العبارة لإسقاط كلمة العدو والاحتفاظ بكلمة صديق..

الإسلاميون جميعا والقاعدة يهللون ويكبرون بصوت مبحوح من الانفعال والتأثر لاستهداف إسرائيل الجيش السوري.. في ترجمة حرفية لمقولة أن عدو عدوي صديقي (إذا كان هجوم إسرائيل على سورية).. أما إذا حدث العكس مثل هجوم سورية (عبر حزب الله) على إسرائيل فان موقف الإسلاميين في تقريع حزب الله ولومه وتكفيره ومحاولة تجريده من السلاح عبر كل الوسائل المتاحة هي ترجمة حرفية تناسب تحالف إسرائيل مع الإسلاميين التي ستقول: إن الإسلاميين هم عدو عدوي وهم بالنتيجة أصدقائي..

في الربيع العربي وفي الأزمة السورية تحديدا تم تغيير الأعداء التاريخيين والتقليديين وتحطمت كتب السيرة.. ونهض مشروع الصهيونية الإسلامية ودفع به إلى مرحلة متقدمة.. وانتهت معركة خيبر القديمة.. وتصالح الفاتحون القدامى مع خيبر الجديدة في فلسطين.. وأعلنت العداوة مع من شارك يوما في فتح خيبر.. وصدقت نبوءة مظفر النواب.. أنبيك عليا.. لو عدت اليوم لحاربك الداعون إليك.. لكن يجب أن تقال موجهة إلى كل الخلفاء الراشدين والخلفاء الأمويين والعباسيين: لو عدت اليوم لحاربك الداعون إليك..

ويجب أن تكون لنا الشجاعة بالاعتراف في حضرة الصحابي خالد بن الوليد بأن معركة اليرموك مع هرقل انتهت بالمصالحة مع جيش هرقل.. وأن هرقل صديقنا وحبيبنا الآن.. هل هناك من يجرؤ على الدخول إلى حيث يرقد خالد بن الوليد في حمص ويبوح له بذلك؟.. صاحب الجسد الذي ليس فيه شبر إلا وفيه رمية سهم أو ضربة رمح.. كيف سيستقبل أصحاب هرقل من الائتلاف السوري وثوار الناتو ولم يتركوا شبرا في سورية والشرق ليس فيه ضربة قذيفة أو رصاصة قناص أو بقعة دم؟؟

هل هناك من لغة يمكن أن تقال لخالد بن الوليد كي نعبر عن اعتذارنا وخجلنا من هذا العار.. عار إدخال هرقل إلى الشام والاستجداء بعمامة خالد بن الوليد؟؟

إنه الربيع العربي يا أبا سليمان.. إنه الربيع العربي.. يا أبا سليمان.

الصفحة لشخصية للكاتب

0 2013-08-03 | 17:17:19
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024