http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
الإخوان المسلمون.. الرحلة التي انتهت والعودة إلى القمقم
الإخوان المسلمون.. الرحلة التي انتهت والعودة إلى القمقم

قد يبدو عنوان هذا المقال أقرب إلى الأمنيات لكن الحقيقة هي أن بقاء الإخوان المسلمين على قيد الحياة السياسية من بعد طول العمر هو الأمنيات ذاتها.. لن يتلاشى الإخوان المسلمون طبعا ولن يذوبوا كالملح لكنهم سيبقون في قمقمهم إلى الأبد وسيبقون معارضين مشاغبين إلى الأبد.. صحيح أن الإخوان المسلمين فاجأوا العالم في سرعة الوصول والانتشار كما تفاجئ الإمبراطوريات التاريخ وتتمدد بسرعة النار في الهشيم.. فبين وصول أردوغان وحزبه إلى السلطة في تركيا والربيع العربي بضعة سنوات فقط حتى أن التسليم بقضاء الله وقدره بديا على وجوه المتشائمين من الموجة الإسلامية التي ابتلعت المنطقة مؤخرا.. ولا أزال أذكر كيف أن الموجة الإسلامية التي ضربت سورية جعلت الكثيرين يرون أن الإسلاميين هم "القادمون" لامحالة.. ولكن كان للباحثين في الشؤون الإسلامية رأي آخر يقول غير ذلك وكان خبراء الاتفاقات الدولية يرون مالا يراه الواهمون..

فعندما طرقت الموجة الإسلامية أسوار سورية توقع البعض سقوط دمشق وهي تواجه يائسة موجة عنيفة من كل الجهات وتبدو النجاة منها معجزة.. عندها قام البعض بإبراز وثائق تشير إلى استحالة سقوط دمشق وخاصة بسبب تلك الوثيقة الموقعة في روما بين روسيا والناتو عام 2002 والتي شكلت لأول مرة مايسمى المجلس الروسي الناتوي (مجلس روسيا والناتو) والتي اعتبرت روسيا جزءا من منظمة مشتركة بدل تسميتها (ناتو + 1) أي طرفين منفصلين، فإنها اعتبرت روسيا عضوا معادلا لأعضاء الناتو بكل الحقوق والتي يجب احترام مصالحها ورغباتها ونفوذها وقلقها القومي وسمي المجلس (مجلس روسيا والناتو).. أي أن روسيا شريك حيوي أقل من رتبة العضو بقليل.. وباختصار هو عبارة عن (ناتو) بنكهة الفودكا الروسية.. وكان الروس في اجتماعات المجلس المذكور على مستوى الخبراء يبدون تحفظهم على تمادي الغرب في إغراق الشرق الأوسط بالفوضى عبر الربيع العربي وعبرت وجهة نظرهم عن قلقهم من أن الفوضى ستصل إليهم كجوار مباشر للشرق الأوسط.. وكانت نقطة الفصل عندما رفض الروس في اجتماعات المجلس أي تمدد لمشروع الإسلام السياسي في سورية كما كان يتسرب من الاجتماعات على مستوى وزراء الخارجية لمجلس روسيا والناتو..

كان هذا عندما كان الثورجيون السوريون يصدقون برهان غليون ومشعوذي الخليج ومجلس الحكم بأن الروس يفاوضون للتخلي عن النظام السوري.. وكانوا يبيعون الناس الوهم بأن الروس سيفعلون ذلك إن عاجلا أو آجلا وأن الناتو يحضر محاكم لاهاي لأركان النظام السوري.. ولكن ماكان يتسرب من اجتماع مجلس روسيا والناتو كان يقول لنا عكس ذلك.. وكان من الواضح جدا في هذه الاجتماعات أن الغرب تعهد للروس بأنه لايريد التدخل إطلاقا بشكل مباشر احتراما لتفاهماته مع روسيا في المجلس.. وقد اتفق مع الروس على إلغاء فكرة سيناريو ليبيا في سورية منذ أواخر عام 2011 (أي بعد أشهر من إطلاق الأزمة السورية).. وكانت مسودة هذا الاتفاق تعد في نفس الأسبوع الذي رفعت فيه الثورة السورية شعار جمعة التدخل الدولي.. وعرفنا يومها أن عملية خداع كبرى يقوم بها الغرب للمعارضة السورية لتأجيج النزاع داخليا عبر الإيحاء بالتدخل وأن سفنه يتم تجهيزها للتدخل.. في حين كان الاتفاق في المجلس الروسي الناتوي قد أنجز تماما منذ تلك الفترة بتحريم التدخل المباشر.. وكان الثورجيون يخرجون الناس للمظاهرات وهو يعدونهم أن الفرج قادم عبر سفن الناتو.. ولكن القيادة الروسية -كما قيل- أبلغت القيادة السورية بالاتفاق النهائي مع الناتو ولذلك كانت القيادة السورية تتصرف بهدوء وتروّ.. والمثير للاستغراب أن القيادة السورية أبلغت بعض المعارضين السوريين بالاتفاق المذكور لإقناعهم بالحوار والتخلي عن التصعيد والرهان على الغرب المراوغ الذي يقودهم إلى خوض حرب خاسرة يخسر فيها الجميع.. ولكن المعارضين الأشاوس اعتبروا ذلك خدعة ومناورة استجداء من النظام الذي سيموت بيد الناتو لامحالة.. وقد نقل قياديون معارضون الرسالة للفرنسيين مستفسرين فأنكر الفرنسيون وتابعوا الخديعة ونصحوهم باستسخاف هذا الطرح لأنهم كانوا وقتها يتقدمون إلى مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة.. كان الفرنسيون بانتظار مجازر في سورية طلبوها من قطر التي أوعزت للمسلحين دوما قبل كل جلسة بفعل ذلك.. وقد نفذت المعارضة كل المجازر بحرفية.. وقدم الغرب المسرحية البكائية المعهودة لغاية واحدة وهي بناء سمعة رديئة للنظام السوري لتبرير دعم الإسلاميين الذين كانوا لا يثيرون شهية بعض المؤسسات الغربية النافذة لدعمهم بل كان وجودهم سببا في تردد التعاطف معهم.. لكن المجازر المزعومة ستوفر غطاء أخلاقيا وتصورهم ضحايا.. وكان المقصود من القرار الذي نال الفيتو الروسي والصيني (كما هو متوقع حسب الغربيين أنفسهم) هو:

1- إضعاف معنويات المؤيدين ودفعهم للانسحاب من المواجهة مع المعارضة بسبب اليأس والقنوط وإسقاط النظام دون التدخل المباشر 2- الحاجة لتجييش المشاعر في المنطقة ونقل الوعي الجماعي العربي والإسلامي تدريجيا إلى مرحلة الشرخ بين مكونات المجتمع العربي 3- وصول العرب إلى حالة من التشظي والفوضى الخلاقة والتحضير للانتقال الجماعي للصراع الطائفي 4- الوصول الجماعي للعرب إلى الشعور بالعرفان لموقف الغرب وبالتالي نقل الكتلة العربية والإسلامية لتكون عاطفيا ونفسيا تحت القيادة التركية وعباءة حزب العدالة والتنمية التي حولت الناتو الذي يغزو بلاد المسلمين إلى محرر لهم!!.. ونجحت الخطوة إلى حد كبير باستدراج حماس حيث ذهب السافل خالد مشعل وسفلة حماس إلى تركيا بما يحملونه من رمزية وطهورية اسم فلسطين والكفاح وانضم إليهم الإسلاميون التوانسة وإخوان مصر عبر محمد مرسي.. وبويع أردوغان خليفة عليه عباءتان.. عباءة محمد الفاتح وعباءة السلطان سليم الأول.. عباءتان على ظهر خليفة واحد!!..

فقد كان الإسلاميون يرون في سقوط القسطنطينية (استانبول) بيد الإخوان المسلمين عبر حزب العدالة والتنمية التركي وفريق العثمانيين الجدد شبيها بسقوطها بيد محمد الفاتح عام 1493.. وكان أردوغان يقدم تجربته كما لو كان هو محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية من جديد لجحافل المسلمين وأنه تمكن من إقناع الغرب أن الإسلاميين قدر قادم وعلى العالم أن يتصالح مع هذا القدر بدل مواجهته.. ولكن أردوغان لم يكتف بثوب محمد الفاتح بل تمطى حلمه لارتداء ثوب السلطان سليم فاتح الشام ومصر.. وصار يعتقد أنه خليفتان في جسد واحد.. وأن التحضير لرئاسته بالتعديل الدستوري هو التحضير لارتداء عباءة الخليفة الثالث سليمان القانوني الذي سيكمل الفتوح بالاستيلاء على معابر الشرق والغرب عبر إلقاء الموجة الإسلامية جنوبا بعد أن يستدرج السعوديين والخليجيين لهدم الحاجز السوري الصلب والاستيلاء على مصر..

كان الإسلاميون يتحدثون ويلمحون إلى أسطورة الولادة العثمانية القيصرية الصعبة في استانبول من رحم حكم العسكر وجمهورية أتاتورك التي لاتنجب إسلاميين.. وكانوا يتحدثون وعن تركيا التي استفاقت لتجلس في الموقع السادس عشر باقتصادها الذي سمي (الاقتصاد الإسلامي) رغم أن ليس فيه قطبة واحدة إسلامية.. فكل بنوك تركيا ربوية.. وليس فيها بيت مال للمسلمين بل بيت مال للناتو الذي استثمر في البورصة التركية أكثر من 60% من ممتلكاتها.. علاوة على أن كل قوانين تركيا الإسلامية الاقتصادية والمدنية تم إبطالها وإحلال قوانين مدنية أوروبية محلها في منتهى التناقض مع الحكم الإسلامي.. ولكن حجاب أمينة اردوغان (زوجة رجب) كان يساوي عند الإسلاميين الدنيا كلها وتحت حجابها استراح الإسلام كله..

التمدد الأردوغاني جنوبا نحو الجزيرة العربية والخليج كان يلقى استحسانا أحيانا في الغرب بسبب تذرع أردوغان بالسلوك الوهابي الذي ينتج ظاهرة بن لادن والقاعدة وفراخها.. أردوغان كان يعتقد كما يقول بعض المحللين -الذين يدرسون الحركة الإسلامية بعمق شديد- أنه سيعيد الدور العثماني بانقلاب تاريخي على العثمانية القديمة من خلال التحالف مع الغرب والتصالح معه بدل منازلته وذلك بالتلويح بالعدو القادم من روسيا والصين وحليفتهما إيران.. وبدل حصار فيينا يجب محاصرة موسكو وبكين وطهران.. أي أن عدو العثمانيين صار يأتي من الشرق والشمال وليس من الغرب.. الإسلاميون الأتراك قدموا أنفسهم على أنهم الحليف الذي سيرجح كفة الصراع القادم بين الجبابرة في القرن الواحد والعشرين إذا ماتسلموا قيادة الشرق العربي.. وهم لذلك يحتاجون قيادة العالم الإسلامي بسلاسل اخوانية من دون العقد القومية في سورية ومصر والعراق وشمال إفريقيا..

وقد أنجز شق شمال إفريقيا كاملا بسقوطه السريع بيد الاخوانيين.. وتعثرت عملية الاستيلاء على الحاجز السوري.. وكان المفروض أن يتم اقتطاع المثلث السني العراقي مؤقتا لصالح الحركة الإسلامية الأم في تركيا لصعوبة السيطرة وترويض الجزء الجنوبي العراقي لاعتبارات مذهبية حيث لايمكن الترويج للحكم الإسلامي السني في كربلاء والنجف والبصرة.. ولكن الجنوب العراقي سيترك مسرحا للإنهاك والموت والفوضى في غياب دولة مركزية قوية ولن يكون بذي دور مؤثر في المعادلة القادمة..

غير أن ما حدث في مصر من انهيار مذهل وسريع للحكم الاخواني في مصر فتح شهية الأسئلة والتوقعات والنبوءات عن مصير الإسلام السياسي وتجربته.. حيث سيستدعي السقوط السريع للإخوان مراجعة ومحاكمة للتجربة الإسلامية..

---------------------

سقوط الإسلاميين في مصر تنبأ به عدد من المراقبين الذين قدموا دراساتهم إلى صناع السياسة في الغرب.. وكان التفسير هو أن الإخوان حسب الاستنتاجات الغربية هم تنظيم بلا برنامج شامل واضح وأن جل نشاطه في العقود التي أمضاها في المعارضة السرية كان في تكتيك الوصول للسلطة وبناء السلطة وليس في بناء نظريات مابعد الوصول للحكم ولا توجد لديه دراسات عما سيركز عليه عمله.. وبدت هناك سذاجة واضحة في تقديرات الإخوان لأن تصورهم كان أن الوصول للسلطة سيفتح أمامهم المجال لتجريب النظريات الدينية المستهلكة والتي لاتصلح لهذا الزمان وأن منصة الحكم ستسمح لهم ببيع منتجاتهم وتسويقها.. ولكن الوصول إلى السلطة دون برنامج تطوير هائل للخطاب السياسي وإظهار قدرات فريدة في إدارة الأزمات والاقتصاد وطرح الحلول هو وصفة لسقوط سريع.. وكان هذا السقوط سببا في إنجاز مسودة اتفاق جديد على مستوى الخبراء على انتهاء المرحلة الإسلامية عند هذا الحد ستناقش قريبا ويتوقع لها مناقشات مطولة للغاية.. خاصة بعد الهزة التركية..

الهزة التركية قد أثارت قلق الناتو وكانت بمثابة مراجعة لاحتمال انفلات الأمور في تركيا وانطلاق الإسلاميين من عقالهم في عنف مطبق لحماية مركز الخلافة المنتظر وقد صار مركز الخلافة مزنرا بالإسلاميين من كل الأصناف والمذاقات الجهادية كما تقول التقارير الغربية التي تراقب تركيا عن كثب من داخلها.. وتركيا هي على حدود روسيا وحدود أوروبا.. وقد بدا مجلس روسيا والناتو يرى في ذلك عدم استقرار محتمل لكليهما.. وعندما حدثت موجة التسونامي المصرية ضد الإسلاميين أدرك الغربيون أن التخلي عن الإسلاميين هو الأفضل بدل خوض صراع مع طرف بدا واضحا أنه منتج لفوضى خطرة على مصالح الغرب وروسيا معا.. ولم تكن هناك مشكلة في طرح البدائل.. فالحالة العربية والشرقية أنتجت ثقافة معارضات تفقس صناعيا كما حاضنات الدجاج.. بسبب تآكل المشاعر الوطنية لصالح المشاعر الحزبية وظهور ثقافة أن للغرب يدا في صناعة السلطات في العالم..

يبدو الآن واضحا أن الغاية من المشروع الاخواني كانت ضبط الشارع العربي في الشرق وتوجيهه لحرب إيران أولا.. ومن ثم ابتزاز روسيا والصين عبر التحكم في خطوط الطاقة في الشرق الأوسط والعابرة له.. وإبقاء حالة الشراكة معهما في حدود المسموح به أميركا لكن خارج إطار المنافسة على التفرد بحكم العالم.. لكن المشروع الاخواني سيعاد إلى القمقم لاعتبارات كثيرة هي أنه نفذ ماعليه وقد بدا عدم نضجه خطرا أيضا على مصالح الغرب واستقرار مناطق نفوذه المهمة..

يبدو أن الإخوان المسلمين وتجربتهم الإسلامية سقطتا بلا رجعة ومانراه اليوم من استنفار في تركيا وتونس من صراخ هستيري هو حشرجات الموت وضجيج النزول إلى القبور والقماقم.. الإخوان المسلمون مصعوقون لأنهم يدركون أنهم يتحملون وزر سقوط الحركات الإسلامية ويجلسون في القاطرة الأولى التي تجر خلفها كل القطار الإسلامي بكل عرباته والذي انطلق منذ قرن.. وقيادات الإخوان المسلمين المتهورة التي قادت جمهورها إلى هذه الهزيمة المنكرة تريد الهروب من استحقاق المحاكمات والمراجعات التي يجب أن تجرى من قبل القواعد الاخوانية لقياداتها على هذه الهزيمة المجلجلة المنكرة وسوء الإدارة لفرصة لن تعود فقررت دفعها لخوض مواجهات انتحارية بدل استحقاق المواجهة مع القواعد.. الاعتراض الذي يبديه الإسلاميون في مصر على القدر يشبه من يتزنر بحزام ناسف لينتحر ويقتل كل من حوله.. ولذلك لن يترددوا في تحطيم الشرق الأوسط قبل رحيلهم لأن الحطام هو الفرصة الأخيرة لعودتهم.. فهذه التنظيمات الخاسرة لاتعود إلا بموت المجتمعات.. وقد قرر الإخوان المسلمون أن معركتهم لم تعد إلا.. معركة قاتل ومقتول..

هناك من يسرب أن مجلس روسيا والناتو بعد اهتزاز الإسلاميين العنيف في تركيا وبروز معضلة عدم وجود كفاءة للإخوان في قيادة المجتمع والدولة بدأ يطرح التحول إلى التحالف مع البدائل مع إبقاء الخطوط مع الإخوان كمعارضين مسببين لعدم الاستقرار تذوقوا السلطة من مغرفة الغرب وهم يعرفون أن الغرب وحده من يعيدهم لتذوق السلطة..

طبعا تمر المرحلة الاخوانية بأقسى مراحلها منذ نشوئها على الإطلاق لأن الخلل الذي حدث في المعادلة الاخوانية ليس عارضا وهو تشقق كبير وتصدع هائل بسبب اهتزاز تركيا وانهيار المشروع في مصر نهائيا.. ولذلك تداعى الإخوان المسلمون ومنظروهم وقياديوهم إلى اجتماعات عاجلة وطارئة في استانبول وهناك توتر شديد يطلب سرعة التصرف والرد على الانهيار بعد أن بدت المناقشات أشبه بمحاكمات لبعض القيادات وبوادر تشقق في البنيان الاخواني..

----------------------

الجدير ذكره أن الباحثين والمتابعين لنشاط الإسلام السياسي يقسمون التجارب الإسلامية في الحكم حاليا إلى ثلاث تجارب رئيسية هي: التجربة الوهابية في الجزيرة العربية والتجربة الإيرانية وأخيرا التجربة الاخوانية التي انطلق قطارها من تركيا ووصل إلى محطة الربيع العربي.. وهناك دوما مراجعات وقراءات لهذه التجارب.. خاصة بعد ظهور تنافس بين الحركة الوهابية والاخوانية يتطور إلى حالة صراع..

ومن المراجعات المطروحة عن التجربة الإسلامية الوهابية في الحكم فهي أنها صارت بحكم المنبوذة ثقافيا على مستوى العالم كله وهناك الكثير من الأسئلة المثيرة للجدل والحرج حول الجدوى من استمرارها طويلا على شكلها الراهن بعد إنجابها لفروع من القاعدة وأخواتها التي قد لايمكن السيطرة عليها تماما يوما ما.. وبدا أن السعوديين كانوا يشمون رائحة مشروع إخواني قادم من الشمال فقررت المملكة إعادة ترويج وتسويق نفسها في الغرب فانحازت للمشروع الاخواني في البداية وأعلنت الحرب على كل أعداء الغرب في المنطقة مثل الثلاثي السوري الإيراني وحزب الله.. وما إن سقط الإخوان في مصر حتى هرول السعوديون للسيطرة على مصر كوريث للإخوان في محاولة للامساك بأوراق مهمة للهروب من احتمالات الاستغناء عن الحركة الوهابية في المنطقة أو تهديد استمرارها.. وتحاول المملكة السعودية اختراق الحكم الجديد المصري بالمال والمليارات الداعمة.. ويفسر البعض ميلها لإسقاط الإخوان بسبب التخوف من التمدد الاخواني عبر المشروع التركي وحلم اردوغان بإلقاء التجربة الاخوانية لتحل محل التجربة الوهابية في الجزيرة العربية في قادم الأيام.. والحركة الوهابية في سيطرتها على مصر تتعهد كما الإخوان عدم المساس باتفاقية كامب ديفيد لكنها ستقدم نفسها كمؤثر في السياسة المصرية يؤكد على ضرورة الدور الوهابي كإسلام سياسي حليف موثوق..

بل صارت التجربة الوهابية تقدم نفسها على أن بيدها مصير إسرائيل وهي الضمان الحقيقي لوجود إسرائيل نفسها.. وتحاول أن تربط وجود إسرائيل بوجودها عبر التذكير بغياب أي احتكاك مع إسرائيل منذ وجودها وكذلك عبر فتاوى التقارب مع اليهود والابتعاد عن الشيعة والتحذير من الخطر الشيعي والتبشير بالتحالف مع أهل الكتاب من اليهود وقد ردد أمراء من الأسرة المالكة السعودية على مسامع كيري ومسؤولين أمريكيين مرات عديدة أن إسرائيل ستكون في خطر إذا سقطت الوهابية.. وأن استقرار المملكة بوضعها الراهن أمر حيوي لبقاء إسرائيل.. ونوّه بعض تلميحاتهم إلى أن إضعاف النظام السوري وتحطيم الجيشين العراقي والليبي واستهداف الجيش المصري هو إنجاز كان للسعودية والوهابية دور حيوي فيه.. ولذلك فإن أي تهديد أو مشاريع لتحويل تركيا لزعيمة للعالم الإسلامي سيتمدد جنوبا هو مشروع أخرق غير مضمون النتائج.. فالحركة الوهابية قد رسخت حكمها في الجزيرة العربية عندما كانت الحركة الصهيونية ترسخ حكمها في فلسطين (سورية الجنوبية).. وزوال أحدهما نذير شؤم للأخرى..

مايثير حفيظة الغربيين وحيرتهم هو أن التجربة الإسلامية فشلت في شقها الاخواني وهناك عدم استقرار منظور في التجربة الوهابية.. وهناك تآكل في التحالف الاخواني الوهابي المؤقت وهما الجناحان اللذان استمالهما الغرب لمواجهة الجناح الإيراني.. ولكن التجربة الإسلامية بقيت في شقها الثالث الإيراني الرائد اقتصاديا ومعرفيا وتكنولوجيا والناضج سياسيا إلى حد أثار إعجاب الساسة الغربيين الذين رأوا كيف يناور الإيراني في السياسة ويخرج من المآزق ولم يتورط في عنف ضد المدنيين ولا في جهاد المجانين.. بل إن الجناح الاخواني نجح في غزة بسبب تحالفه مع الجناح الإيراني وسيسقط بسبب ابتعاده عن الجناح الإيراني الذي يتحول إلى لاعب كبير مخفور بروسيا والصين.. وهذا هو الجانب الوحيد الذي يريد الغرب العمل عليه ويبدو أن التركيز الشديد في الغرب لم يعد على مواجهة التجربة الإيرانية والرهان على الإخوان بل اختراع هنري كيسنجر جديد يستميل ساداتا إيرانيا أو طيفا إيرانيا قويا يجعل تراث الخمينية أثرا بعد عين كما تحول تراث الناصرية إلى دريئة للتسديد لتتمكن معاهدة كامب ديفيد من النهوض والبقاء على قيد الحياة.. البحث جار عن كيسنجر ثان وعن سادات إيراني يسل إيران من يد روسيا والصين كما تسل الشعرة من العجين ويأخذ إيران في رحلة جديدة ثلاثين سنة أخرى.. والأمريكيون ينتظرون مرحلة مابعد الزعيم الروحي السيد علي الخامنئي.. فربما يكون خليفته أكثر مرونة.. ويعيد قم إيران وجناحها الإسلامي السياسي الفريد إلى القمقم.. وبذلك تدخل كل حركات الإسلام السياسي إلى القماقم الأمريكية

الصفحة الشخصية للكاتب

0 2013-07-16 | 10:31:30
 

التعليقات حول الموضوع ( 1 )
خالد يحيى كفاح الفشل التاريخي للخوان من الخوارج حتى أردوغان
الفشل التاريخي للخوان من الخوارج حتى أردوغان: أستاذنا نارام أقدم لك تصحيحا مهما لا يمس صلب الموضوع لكن سيحسم أمرا تاريخيا... لا ليس أردوغان صاحب حلم الخوان في المشرق بعد خيانته لمعلمه أربكان سنة 2002. بل وليس حمد الفيل صاحب هذا الحلم بعد خيانته لأبيه سنة 1995. كذلك ليست الحكومات الفرنسية المتعاقبة صاحبة هذا الحلم التي سمحت للخوان استئجار مدرجات وقاعات مطار بورجيه الدولي (الثالث في منطقة باريس) لحفلها السنوي منذ 1987 في حين ما زال حتى اليوم صعبا على مسلمي فرنسا بناء أو تعديل مسجد أو مصلى في غياهب الريف الفرنسي ! صاحب هذا الحلم هو بن غوريون الذي اعتبر يوم انتصار صهيون هو يوم سقوط جيوش الشرق الثلاثة... وما التأخير في التنفيذ إلا المدة اللازمة لاختراق الخوان والتحكم في قراراهم. وبسقوطهم ينكشف درع صهيون الأول: الوهابية !
14:10:03 , 2013/07/16
فرنسا  
القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024