http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
عراة إلا.. من القلنسوة اليهودية!
عراة إلا.. من القلنسوة اليهودية!

ارتبط اسم الخليج العربي وشيوخه وأمرائه خلال الحقبة الماضية، ومازال حتى اللحظة، بجملة من المشاريع التي كانت تستهدف على الدوام وجود الأمة العربية وكيانها وقرارها المستقل لمصلحة تثبيت وجود «إسرائيل» وحماية أمنها الإقليمي، وخلق تربة خصبة لنمو تيارات سياسية واجتماعية وفكرية ودينية غريبة عن طبيعة المجتمع العربي والإسلامي، وإقامة قواعد استعمارية متقدمة تسعى إلى تهديد منطقة الشرق الأوسط ومحيطها، ولاسيما بنيتها الجيوسياسية.

وقد سعت القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى وضع الخليج العربي في محرق اهتمامها، وأولته عناية استثنائية لما فيه من مقدسات إسلامية ستوظفها لاحقاً في جملة مشاريعها التدميرية، كما خطط ساسة الغرب ومنذ القدم لتحويل هذه البؤرة السياسية والاقتصادية إلى كيان عسكري يضمّ قواعد جوية وبحرية وأمنية يتركز فيها الوجود الأمريكي بشكل كثيف.

وفي استذكار بسيط، لابد أن يحضر إلى الأذهان مشروع الرئيس الأمريكي الأسبق دويت ايزنهاور عام 1957 الذي يقضي بتقديم بلاده مساعدات عسكرية واقتصادية لدول الشرق الأوسط لرفع قدرتها على وقف أي زحف شيوعي للمنطقة، كما ادّعى حينئذٍ. وبالمستوى ذاته يأتي حلف بغداد الذي أنشأته بريطانيا للوقوف بوجه المدّ الشيوعي في الشرق الأوسط خلال الخمسينيات, وكان يضمّ كلاً من العراق وتركيا وبريطانيا وإيران وباكستان، إلا أن هذا الحلف فشل وتمّ حلّه بعد انسحاب العراق منه إبان إعلان ثورة 14 تموز 1958 بقيادة عبد الكريم قاسم التي انقلب فيها على النظام الملكي وأعلن الجمهورية العراقية، علماً أن الولايات المتحدة هي صاحبة فكرة إنشاء هذا الحلف، ولكن لم تشارك فيه بشكل مباشر وإنما أوكلت بريطانيا للقيام به.

لقد أقلق تنامي الوعي القومي وتمدّده من سورية ومصر والعراق باتجاه بلدان أخرى واشنطن وحلفاءها، فانبرت هذه المرة إلى إزاحة الوكيل البريطاني (التابع المعهود)، وتقدّمت إلى الواجهة لتقود المعركة بنفسها، إذ ومع انسحاب القوات البريطانية من منطقة الخليج العربي مطلع الستينيات، بدأت واشنطن تخطّط لملء هذا الفراغ وتعزيز مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة، وفي منتصف عام 1977 قدّمت إدارة الرئيس السابق جيمي كارتر مذكرة رئاسية لدعم المركز الأمريكي في منطقة الخليج باعتبار «أن هذا المكان منطقة حيوية ذات أهمية ومعرّضة للهجوم وهي تستحق عناية أكبر من الناحية العسكرية».

وأيضاً بعد سقوط نظام الشاه في إيران والتدخل السوفييتي في أفغانستان عام 1979 بدأت الإدارة الأمريكية بتنفيذ التدخل العسكري المستتر تحت أقنعة شتى، فعقدت لهذه الغاية مع بلدان الخليج اتفاقيات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية تربط الخليج العربي برمته بعجلتها وتجعله القاعدة الموعودة والمنطلق الرئيسي لتشكيل ورسم مستقبل المنطقة بما يخدم السياسات الأمريكية وحليفتها «إسرائيل».

ولم تكتفِ الإدارات الأمريكية المتعاقبة بما عقدته من تحالفات ومعاهدات اقتصادية وسياسية، بل فكرت جدياً في تنظيم هذه التحالفات والمعاهدات في كيان سياسي تستتبعه استتباعاً إلزامياً وأبدياً، يحمي مصالحها، ويحقّق طموحاتها وأطماعها الإستراتيجية.

ففي عام 1981 تأسّس ما يُعرف بمجلس التعاون الخليجي بصورة تكتل ومنظمة إقليمية تضمّ إمارات وممالك ومشيخات بريطانية الصنع، يشكل فيها آل سعود بيضة القبان باعتبارهم الضامن الإسلامي الأقوى لوعد بلفور وتنفيذ المخطّطات الأمريكية القادمة إلى الشرق، وليتحول الخليج بعدها من مستعمرات بريطانية إلى محميات أمريكية لا قرار ولا كيان مستقلاً لها.

لقد تمكّن الأمريكيون عبر إنشاء هذا المجلس المقيَّد من إدارة وهندسة وضبط حسن سير مشاريعهم الآنية والمستقبلية، وتنظيم عملية إخضاع ثروات المنطقة النفطية والمالية للإرادة الأمريكية، وكانت أولى ثمرات مجلس التعاون الخليجي الاعتراف الرسمي بـ«إسرائيل» من خلال المبادرة السعودية التي طرحت في قمة فاس بالمغرب عام 1982 والتي مهدت تالياً الطريق لخروقات عدة في الصف العربي ومنها مؤتمر مدريد عام 1991.

في خضم تلك التحولات السياسية برز الدور التآمري لحكام الخليج وذلك بإعطائهم وتوكيلهم قيادة المشروع السياسي «الشرق الأوسط الجديد» والذي يقضي بتفتيت وتقسيم البلدان العربية تحت أي ذريعة كانت، فكانت البداية باستهداف دول الطوق العربي لتحقيق أهداف متصلة بمشروع «الشرق الأوسط الجديد» وتصفية القضية الفلسطينية وضرب قوى المقاومة في المنطقة، وسخّرت تلك المشيخات كل قدراتها الخبيثة للوصول إلى الغايات الأمريكية، سواء عبر هيمنتها على الجامعة العربية لتأمين الغطاء السياسي للتحرك الأمريكي باتجاه المنطقة، أو إشعال حروب صغيرة ومحدودة، أو التقرب من الدول العربية وقياداتها، واستعداء دول أخرى تبنّت الفكر القومي الداعي إلى اقتلاع «إسرائيل» وتحرير فلسطين بالقوة لا بالمهادنة، وكلنا يتذكر دعم واشنطن للإخوان المسلمين في سورية نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وصمتها المريب عن الاجتياح الصهيوني للبنان وحصار بيروت عام 1982، وزرع بذرة التطرف في باكستان وأفغانستان عبر ما سمّي لاحقاً بـ«المجاهدين العرب»!!.

وتطبيقاً للمخطّط الأمريكي فقد دفع «عربان» الخليج الرئيس المصري أنور السادات لتوقيع معاهدة كامب ديفيد لإخراج مصر من دائرة الصراع مع إسرائيل، ومن ثم تمّ وضع العراق في دائرة الاستهداف من البوابة الخليجية، فعملوا على عزل وتجويع الشعب العراقي وإنهاكه وتوريط قيادته في حرب عبثية مع إيران دامت ثماني سنوات، وبعدها استقدموا القوات الأمريكية إلى الخليج بذريعة تحرير الكويت عام 1991 في خطوة تمهيدية لاحتلال العراق وتقسيمه كلياً، والذي لم يكن ليتحقّق لولا الدعم المالي والسياسي واللوجستي من حكام تلك الإمارات والمشيخات، حيث فتحت حدودها وشرعت أجواءها للقوات الأمريكية وطائرات «ناتو» لإنهاء دور العراق الدولة ذات النظام العلماني والبنية العلمية والحضارية والفكرية والعسكرية، على الرغم من أن العراق كانت في تلك الفترة مخطوفةً من حاكم أرعن متهور، إلا أنها تمتلك بنيان الدولة القوية التي يخشاها الغرب وينوي تحطيمها تمهيداً لمشاريع أخرى قادمة.

وفي سورية، وبعد أن فشل دعمهم لحركة الإخوان المسلمين في الثمانينيات، وتحول دمشق إلى رمز وداعم للمقاومة، إبان تحرير الجنوب اللبناني وهزيمة إسرائيل في عام 2006، ومن ثم إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من العراق، يقود حكام الخليج اليوم معركة إسقاطها وتدميرها تحت عناوين «الديمقراطية والحرية»، ومن سخريات الأقدار أن تنادي تلك المحميات الأمريكية بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، بينما تفتقد لأبسط مقومات الدولة، كالدستور والتمثيل البرلماني الحقيقي وحرية إقامة وتشكيل المنظمات والأحزاب، بل إنها تضطهد شعوبها وتمارس أبشع صور التمييز العنصري ضد الأقليات فيها.

لقد سخّرت محميات الخليج، ولاسيما آل سعود وآل ثاني، كل إمكاناتها المادية والسياسية والإعلامية، وراهنت بكل ما تملك من أوراق رمتها دفعة واحدة في معركة اعتبرتها الأخيرة في مشروع تحطيم الدول العربية، لكن ورغم نجاحها في اختراق «البنية الفكرية» للمجتمع السوري من خلال نشر حوامل المشروع كالتطرف والإرهاب والفتن الطائفية، واستخدام الدين والفتاوى الشاذة لمحاربة الآخرين واستجلاب رؤوس التكفير من ليبيا وتونس وأفغانستان والشيشان، إلا أن البنية القوية والحصينة للدولة السورية حالت دون تحقيق طموحاتهم، واستطاعت سورية شعباً وجيشاً وقيادة الصمود ومواجهة وتقويض كل هذه الأهداف.

ولكي يرى المخطّط التدميري الأمريكي- الخليجي النور، كان لابد من أن يتزامن مع عملية تقطيع النسج العضوية التي تربط الدول العربية بعضها ببعض، فعملت وفق رؤية سياسية ممنهجة على محاربة الفكر القومي وطمس الهوية القومية والعروبية من خلال دعم تيارات إسلامية متطرفة ونشر فكر تكفيري يزعزع الاستقرار ويهيئ لكل أشكال التدخل الأجنبي، منطلقين من مبدأ الاستعمار القديم الذي يعتبر أن الإمساك بالمقدسات والسيطرة عليها أمر في غاية الأهمية لاكتساب القدرة على إضفاء الصبغة الدينية على المخططات المرسومة للمنطقة. فنراهم تارة إسلاميين يحاربون إيران وحزب الله كسنة تكفيريين بذريعة محاربة المدّ الشيعي، وهم في حقيقة الأمر صنيعة مذهب وهابي لا يتجاوز عمره الـ 300 عام، وتارة أخرى نراهم إسلاميين يحاربون القومية العربية على أساس أن الدين الإسلامي أشمل من القوميات!!.

إذاً لم يعد خافياً على أحد الدور التآمري لحكام الخليج، لكن الجديد في حلقات تآمرهم أنها انتقلت من السر إلى العلانية بقيادتهم ورعايتهم لفصل من فصول مشروع الشرق الأوسط الجديد تحت عنوان «الربيع العربي»، الذي هيأ المناخ لإنشاء أنظمة إسلامية كما حصل في مصر وليبيا وتونس إلى أن وصل المشروع إلى العقدة السورية، وتهاوى بانتظار دفنه إلى الأبد.

إن فشل مشروعهم التقسيمي «الربيع العربي» في سورية أدى إلى انكشافهم التام أمام شعوب المنطقة العربية ومنه إلى سقوط «تقيتهم» وافتضاح مدى عمق علاقتهم مع «إسرائيل»، كما احترقت أوراقهم وخُلعت عن مشروعهم «العباءة الإسلامية» التي استطاعوا بها إخفاء المعادل الحيوي لوجودهم المرتبط بالأمريكي، وباتوا يتحركون عراة إلا من القلنسوة اليهودية!!.

أخيراً وبعد كل ذلك، وأمام بوادر صحوة الشعب العربي، وإدراكه مخاطر ومآلات ما يقودنا إليه حكام الخليج، بات لزاماً على هذا الشعب المسلّح بحضارة عمرها آلاف السنين أن يستفيد من انتصار سورية على هذه القوى الظلامية المرتدة، ويخوض معركة استعادة الكرامة العربية التي رماها هؤلاء الدمى تحت الأقدام والنعال الأمريكية، وأن يسير في مشروع اقتلاع تلك الغدد السرطانية التي فتكت بالجسم العربي ومازالت.

إنها اللحظة التاريخية المناسبة والحاسمة في ظل صمود سورية وثباتها لإنجاز هذا الهدف الوجودي الكبير.. فهل يفعلها الشعب العربي؟!.

صحيفة تشرين

0 2013-06-12 | 20:53:26
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024