http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
http://www.
https://www.facebook.com/media.lama.abbas
أرشيف وجهات نظر وجهات نظر
قضية اللبنانيين المختطفين في الإعلام التركي
سومر سلطان

تزامناً مع انفجار أزمة المواطنين اللبنانيين، الذين اختطفهم مسلحون من ميليشيا الجيش الحر قرب الحدود السورية مع تركيا، ساد في الصحف والمواقع الإخبارية التركية هدوء غريب، وتأخر الخبر إلى الصفحات الداخلية فيها. وباستثناء بضعة إشارات من قبل مجلات ومواقع دينية معارضة للحكومة الحالية فيمكن القول أن تركيا تعاملت مع القضية من موقع غير المعني.

لقد حاولنا منذ اللحظة الأولى لعملية الاختطاف، وادخال اسم تركيا في القضية، أن نطبق نفس الطريقة الاستقرائية التي طبقناها في موضوع الصحافيين التركيين الذين اعتقلتهما السلطات السورية عند دخولهما أراضيها بطريقة غير مشروعة (انظر: هل كانت عملية الافراج عن الصحافيين التركيين تبادلاً للأسرى مع إيران – عربي برس) والتي تقوم أساساً على نظرية يمكن اختصارها بأن جمعيات خيرية ومنظمات مجتمع مدني معينة، تتبع التيارات الدينية التي يتزعمها رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان" أو تتحالف معه، تلعب في سورية دوراً يتجاوز طبيعتها الظاهرية المدنية، بل ويمكن القول في حالات معينة أنها جهاز أمن أردوغاني رديف للأجهزة الرسمية، ولكنه جهاز منفلت من الضوابط التي تجبر أجهزة الأمن على مراعاتها خشية من المعارضة في بلادها. ولن أستغرب إذا ثبت يوماً أن جمعية مثل "جهاز المساعدات الإنسانية" (İHH) قد هربت سلاحاً إلى سورية. وبتطبيق هذا المعيار على قضية اللاجئين، أي بمتابعة سلوك هذه الجمعيات، كانت النتيجة غير مبشرة. وهذا ما يؤسفني قوله.
بتاريخ 28 أيار 2012 نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية خبراً منسوباً إلى من سمته النائب عن أنقرة ومحرر الشؤون الدبلوماسية في صحيفة "حرييت" "أوغور إرغون" بعنوان: "تركيّا تتابع وساطتها بسريّة: اللبنانيّون أساؤوا الفهم" وجاء في الخبر ما يلي: "يقول إرغون إن السلطات التركية تعمل على متابعة هذا الموضوع تحت ستار صارم من السرية. ويشير إلى أن الرد على الاتصالات الكثيرة التي تتلقاها من الصحافيين، هو الآتي: «نعمل على الموضوع». وهو يعزو هذا التكتم التركي الى سببين: «أولاً لأن الحكومة تأخذ مسألة الوساطة على قدر عالٍ من الأهمية، ولهذا السبب فإنها تحرص على عدم التصريح عن مجريات التفاوض قبل إتمام العمليّة، وقد رأينا هذا في أحداث سابقة مماثلة. والسبب الثاني هو أن أنقرة لا تريد وضع المسؤولين اللبنانيين في مواقف صعبة مماثلة لتلك التي وجدوا أنفسهم فيها بعد إعلانهم أن المخطوفين وصلوا إلى تركيا وكانوا على وشك الصعود في طائرة تقلّهم إلى بلادهم". وبنفس الوقت نشرت نفس الجريدة خبراً يقول أن ضغوطاً أمريكية وقطرية كانت وراء تأخير الافراج عن الرهائن. وهذان الخبران يمكن لهما أن يدعما الرأي القائل أنها أصبحت ساحة التقاء للتسريبات الاستخباراتية من أطراف متعادية ومتناقضة، ولكن هذا ليس موضوعنا.
"إرغون" ليس نائباً عن أنقرة بل هو دبلوماسي متقاعد، وليس هذا خطأً كبيراً لمحرر "الأخبار"؛ ففي تركيا يدرج مصطلح "مرشح للنيابة"، أي قد يعرف شخص ما نفسه بالقول: "أنا مرشح للنيابة عن مدينة كذا من الدرجة الثالثة من حزب العدالة والتنمية" مثلاً. وهذا هو سبب سوء التفاهم، على ما أعتقد. لكن الأهم هو عبارتا "ستار صارم من السرية" و"وقد رأينا هذا في أحداث سابقة مماثلة". لم نرى هذا الستار الصارم من السرية في أية أحداث سابقة مماثلة، وليس في التقاليد الدبلوماسية التركية هذه القدرة على ضبط النفس وممارسة التفاوض بكتمان، فهذه الخصلة تتوافر في أجهزة دبلوماسية معتادة على تحمل ضغط التفاوض، الذي يعتبر ميداناً لحروب الأعصاب. ولو أن الحديث جرى عن إيران أو حزب الله لتقبلنا الفكرة، أما في تركيا فهي فكرة خاطئة، فمن الأحداث السابقة المماثلة التفاوض بخصوص الجنود السبعة الذين أسرهم حزب العمال الكردستاني، ثم أطلق سراحهم عند مناشدة أهاليهم له، حيث فشلت مساعي الدولة. ومن الأحداث المماثلة التفاوض مع حزب العمال من قبل رئيس جهاز الاستخبارات "هاكان فيدان"، ثم محاولة جهاز الأمن المنافس تقديمه للمحاكمة بهذه التهمة، وطبعاً كادت وسائل الإعلام تنشر محاضر المفاوضات التفصيلية. ومن الأحداث المماثلة اتصال "أردوغان" بخاطف طائرة ركاب تركية، ونشر وسائل الإعلام لتفاصيل التفاوض كلمة كلمة. لقد قلنا سابقاً أن حكام تركيا الحاليين، وإن كانوا يوماً ما إسلاميين يرفعون شعار حاكمية الله، فهم اليوم يطبقون "حاكمية البابارازي". وهذا ما نشاهده في كل نشاطاتهم، ومن ضمنها "الأحداث السابقة المماثلة". ولذا فمن المستبعد أن تمارس تركيا التفاوض تحت ستار من السرية.
بالعودة إلى النقطة الأولى، أي صمت وسائل الإعلام التركية، فيمكن ملاحظة أن المعارضين خشوا من أن تحمل التطورات نصراً دبلوماسياً لـ "أردوغان"، فهم واقعون تحت تأثير النظرية التقليدية لوسائل الإعلام الأطلسية (أي الجزيرة وشقيقاتها) حول كون ميلشيا الجيش حر مكونةً فعلاً من المنشقين، وأن له فعلاً البنية الهرمية للجيوش. فخافوا من أن يؤثر "أردوغان" على قيادته، فيطلق سراحهم، ويحرز نصراً دبلوماسياً في قضية هم من أبرزها. وباستثناء محاولتهم الخجولة لاستثمار التسريب، الذي يزعم وجود المختطفين في مدينة "كيليس" على الحدود التركية السورية، فقد امتنعوا عن الخوض في القضية. وللمفارقة فإن مصدر التسريب هو صحيفة الأخبار أيضاً.
أما وسائل الإعلام الموالية للحكومة فتحتاج إلى وقفة قصيرة لكي نستشف السبب وراء صمتها. ولنبدأ بتجربة مر بها الصحافي المعارض "أمين تشولاشان"؛ فعندما أوقع هذا الصحافي الأتاتوركي الحزب الحاكم في مواقف محرجة كثيرة تعرض لمضايقات شتى، ولكن أسلوبها كان غريباً؛ فقد كان ينام هادئاً ليصحوا على مختلف المقالات المتزامنة في عدة وسائل إعلامية موالية للسلطة، والتي تنتقده وتتهمه بصنوف الاتهامات، إضافة إلى عشرات رسائل الشتم والاتهام التي تصل مكتبه وبريده الالكتروني. وعندما يتراجع قليلاً، هو أو مالك صحيفته، تنقطع عشرات المقالات والرسائل فجأة وكأنما بسكين، لتعود وتشتد في اللحظات المتأزمة. وقد شبه الأمر في كتابه "طردونا" بأن هناك في مكان ما زراً يضغط عليه أحدهم ليفجر الوضع. وهذا المثال يوضح طبيعة الإعلام الموالي، الذي يمكن القول أن فيه مركزية شديدة، وعدد الرؤوس القائدة فيه لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
في حالة قضية الرهائن اللبنانيين، وبأخذ مركزية وسائل إعلام السلطة بالاعتبار، يمكن القول أن الحكومة لم ترى بعد بوادر نصر دبلوماسي لها في هذه القضية. وبالأخص فإن متابعة وسائل إعلام الجمعيات، التي تحدثنا عنها، تعطي هذا الانطباع السيء الذي لا يبشر بتدخل تركي فاعل في القضية.
وكذلك لم يلقى خبر تعرف الأهالي على وجه أحد الخاطفين اهتماماً يذكر، وعند كتابة هذه السطور كان موقع يتبع لنقابات عمالية يسارية قد تناول للمرة الأولى هذا الجزء من القضية، فيما كان محرر صحيفة يومية لا يزال يفكر في نشر، أو عدم نشر، خبر عنها: حسناً، أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً، هذا إن وصلت!

عربي برس

0 2012-06-14 | 21:15:53
 

القائمة البريدية
اشتراك
إلغاء الاشتراك
شكاوي اون لاين
http://www.
جميع الحقوق محفوظة لموقع زنوبيا الاخباري © 2024
Powered by Ten-neT.biz © 2006 - 2024