لم يكن لهدوء الجبهات شمالي حلب ما قبل الانتخابات الرئاسية وما بعدها، أي علاقة بالتحضيرات الجاريّة ليوم الإقتراع الذي أدى إلى فوز الرئيس بشار الأسد بولاية ثالثة، بل كان مرتبطا بشكل أساسي بالتحضيرات اللوجستية الجارية على أرض الميدان لإطلاق عملية عسكريّة واسعة تبدأ غرب السجن المركزي وتصل أهدافها لما بعد عمق مواقع المسلحين في ريف حلب الشمالي الغربي، منذرة بـ"صيف ملتهب" سيفرض حماوته على منطقة العمليات.
إنطلقت هذه المعركة الحاسمة فعلياً، بعد أن أعد لها مئات العسكريين المحترفين من وحدات الدفاع والقوات الخاصة السوريّة، وتم تزويدهم بتجهيزات ومعدات خاصة لمعارك طويلة الأمد، وبأسلحة واعتدة عسكرية نوعية لم يتم استخدامها من قبل، مع إعداد تغطية نارية بمروحة واسعة من الأنواع والعيارات التي يستخدمها العقيد سهيل الحسن قائد كتيبة المهام الخاصة المولجة عمليات ريف حلب الشمالي (عملية خناصر ـ السجن المركزي)، وقوات الدعم والإسناد التي يقودها أحد أهم قادة العمليات العسكريّة في ريف دمشق سابقاً (لم يتم الإفصاح عن هويته بعد). كل هذه الإمكانات وُضعت بتصرف قيادة العمليات في المنطقة لتحقيق أهدافٍ سيكون لنتائجها وقع ٌوارتدادات أقوى مما سجلته مقاييس عمليّة "سجن حلب المركزي".
ويبدو الحسن ـ القائد الميداني الذي يخشاه المسلحون المسؤول عن واحدة من أفضل كتائب المهام السوريّة الخاصة، والذي وصفه فيسك بقوله "قلبه مثل الحجر وعقله صاف وهادئ كهدوء البحر، وما من أحد لا يعلم أنه عندما يرتفع الموج فإن البحر يبتلع كل شيء" ـ وكأنه قد أوضح أهدافه من العملية الجديدة، وخاصة أنه أيقن أن ميدانه بات بمتناول قبضته "القوية والصلبة"، فانطلاق الوحدات القتالية من كتيبة المهام الخاصة بمساندة من وحدات الدفاع المحترفة بقيادة القائد الميداني القادم من ريف دمشق، ومباشرة عملياتها على تلال "حندرات"، يعني أنه يستخدم من جديد أسلوبه الخاص بإنهاك الخصم وإشغاله في الميدان، على محاور معينة ومحددة، ثم يعدل خطته منفذا عملية التفاف لم يتوقعها حتى أفضل المتابعين والمحللين العسكريين. ويتوقع من هذه العملية ـ في أسوأ الأحوال ـ أن تشتت قوة مسلحي المعارصة المنفلشة على مساحة جغرافية واسعة في محاور تمتد من المدينة الصناعية إلى دوار الليرمون والكاستيلو جنوباً، ومحاور مدرسة المشاة شرقاً وما بينهما (حندرات وسيفات وحريتان وكفرحمرة)، كما أنها تخلق خط نار جديداً في عمق ووسط المحاور القائمة بشكل سيدفع قيادة المسلحين لإعادة النظر في توزعهم الجغرافي، لتغطية المحاور الجديدة، وإنشاء خطوط دفاع جديدة لم تكن في الحسبان. وسيكون للجيش السوري أفضلية المبادرة والهجوم، مدعوماً بتغطية نارية متكاملة أرضا وجواً، لا تخلو على الإطلاق من مفاجآت لطالما احتفظ بها القادة الميدانيون لساعات الحسم. |
||||||||
|