فن الممكن

هل يضع إردوغان وديعته من أجل مسار المصالحة مع دمشق؟

أوقات الشام


في خضم الحديث عن احتمالية مصالحة بين تركيا وسوريا، تعود الذاكرة إلى مرحلة تاريخية حاسمة حينما نجح الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في الحصول على التزام من رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، إسحاق رابين، بالانسحاب من الجولان مقابل معاهدة سلام.
هذه الوثيقة، المعروفة بـ”وديعة رابين”، سلمت للولايات المتحدة التي كانت وسيطاً في المحادثات.
اليوم، يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد يطالب بوثيقة مشابهة من نظيره التركي رجب طيب إردوغان، كشرط أساسي قبل أي خطوة نحو المصالحة.
فقد تم إبلاغ الوسطاء بأن دمشق لن تنخرط في أي عملية تصالحية مع أنقرة دون التزام رسمي بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان إردوغان على استعداد لدفع هذا الثمن السياسي الكبير لفتح صفحة جديدة مع دمشق.
تصر دمشق على هذا الشرط كشرط مسبق لأي مفاوضات ووفقاً لمصادر مقربة من المحادثات المحتملة، فإن التغيرات المتكررة في مواقف الرئيس التركي تجاه سوريا جعلت الموقف السوري حازماً.
فدمشق ترى في أنقرة شريكاً غير موثوق به، خصوصاً وأن الأخيرة طلبت وساطة كل من العراق وإيران، بالإضافة إلى روسيا، لأسباب داخلية تركية ضاغطة مثل قضية اللاجئين والضغوط المعارضة التركية، وكذلك ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
من وجهة النظر السورية، لم تحقق دمشق شيئاً من مطالبها حتى عندما أظهرت مرونة عشية الانتخابات الرئاسية التركية، ووافقت على لقاء رفيع المستوى في موسكو بحضور وزراء الدفاع في نهاية عام 2022، بضغط روسي
ومنذ الجولة الأولى، أصر الجانب السوري على نقطتين أساسيتين: الاعتراف بضرورة الانسحاب التركي من كامل الأراضي السورية، والاتفاق على جدول زمني لهذا الانسحاب، بالإضافة إلى إنهاء وجود المجموعات المسلحة.
أنقرة، من جهتها، تحاول تقليل سقف المطالب السورية وتكثف الحديث إعلامياً عن اجتماعات مزعومة في قاعدة حميميم وغيرها، وهو ما نفت دمشق صحته بشكل قاطع عبر مصادرها الرفيعة.
يبدو أن تركيا تسعى للحصول على مصالحة تعطي إردوغان المزيد من الأوراق السياسية لمواجهة المعارضة التركية ولحل القضايا الأمنية على الحدود، لا سيما في ما يتعلق بالملف الكردي في سوريا والعراق.
تلقى هذا التوجه دعماً قوياً من موسكو، بينما تتريث دمشق في الاستجابة، حيث تشرك كل من إيران والعراق في عملية الوساطة لضمان بُعد إقليمي للمصالحة المحتملة.
ورغم تصريحات وزير الدفاع التركي يشار غولر التي أشار فيها إلى إمكانية سحب القوات التركية إذا أصبحت الحدود آمنة، إلا أن دمشق لم تعتبر ذلك كافياً وتظل حذرة من التحركات التركية.
دمشق غير متعجلة لتحقيق المصالحة وتتمسك بشروطها الصارمة، حيث تدرك التعقيدات والشروط المتراكمة على مدى سنوات طويلة بين البلدين.
وبدون اعتراف أنقرة بهذه الشروط، تؤكد دمشق أن أي مسار تفاوضي لن يكون ناجحاً ولن يكون هناك مصالحة.
الميادين

 

 


 

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=8&id=34639