فن الممكن

تعثّر التنفيذ لا ينسف الاتفاق: قمة بوتين ــ عبد الله تدفع تسوية درعا

وكالة اوقات الشام


على رغم القبول المفاجئ لفصائل درعا البلد بتطبيق اتفاق جديد نصّ على ترحيل عدد منهم نحو الشمال، والشروع بتطبيق الخطوة الأولى من الاتفاق، إلّا أن المسلحين عادوا ليعرقلوا التطبيق عبر إطلاق النار على حاجز السرايا، حيث وقفت الحافلات المعدّة لترحيل رافضي التسوية. مع ذلك، لا تزال الأطراف كافة متمسّكة بضرورة تحقيق تسوية سلمية، ومنْع التصعيد العسكري بشكل مفاجئ، وبعد الكثير من المراوحة والمراوغة، قبلت فصائل درعا، قبل يومين، بـ«تطبيق بنود اتفاق ينصّ في مرحلته الأولى على ترحيل 10 من رافضي التسوية إلى الشمال السوري باتجاه معبر أبو الزندين في ريف حلب، فيما ينخرط البقيّة في تسويات جديدة مع الدولة السورية»، بحسب مصادر حكومية مطّلعة على مسار المفاوضات. وتقرأ المصادر التغيّر المفاجئ في موقف المسلحين، على أنه، في جزء منه «نِتاج توافق روسي ـــ أردني حول المنطقة الجنوبية، تلى قمّة موسكو التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع الملك الأردني عبد الله الثاني، حيث ناقشا الملف السوري، وضرورة التهدئة في الجنوب». لكنّ المفاجأة كانت على معبر السرايا الذي كان من المقرّر أن يخرج عبره المسلحون المرحّلون، حيث خرج 8 مسلّحين فقط، أربعة منهم هم من خارج درعا، والبقيّة من مسلّحي الصف الثاني في درعا البلد، بينما بقي القياديّان محمد المسالمة الملقّب بـ«الهفو»، والفلسطيني مؤيّد الحرفوش الملقّب بـ«أبو طعجة»، متحصّنيْن داخل أحياء درعا البلد، في خرق واضحٍ للاتفاقية التي نصّت على أن يخرج هذان الاثنان تحديداً قبل غيرهما. وبعد دقائق من تعطّل عملية الإخراج عبر الحافلات الخضراء، أقدم مسلحون على إطلاق النار بشكل كثيف نحو حاجز السرايا حيث يتواجد عدد من كبار ضباط المنطقة الجنوبية في الجيش السوري، وعدد من الضباط الروس، بالتزامن مع إطلاق هتافات مناهضة للحكومة السورية ورافضة للاتفاق. وبحسب مصدر أمني مواكب لتطوّرات درعا، فإن «الجهات الحكومية قدّمت لائحة بأسماء 100 مسلح من المتورّطين بأعمال إجرامية، وطلبت تسليمهم أو ترحيلهم»، مبيّناً أنه كان «من المقرّر أن تغادر الدفعة الثانية الأربعاء (أمس)». ولم يكن أمام «اللجنة المركزية» التي تُفاوض نيابة عن الفصائل المسلحة المنتشرة داخل درعا البلد، إلا أن تقبل باتفاق يحول دون العمل العسكري؛ إذ إن موازين القوة اليوم لا تمنح المسلّحين رفاهية التمادي بعيداً في رفض الحلّ السلمي. وتؤكّد مصادر مقرّبة من «المركزية»، لـ«الأخبار»، أن اللجنة «لا تمتلك القدرة على قبول أو رفض أيّ بند يُطرح عليها من قِبَل الدولة السورية أو الوسيط الروسي، لأن الكلمة الفصل كانت دائماً بيد المسلحين الذين لا يملكون بدورهم رؤية جدّية، سواء في ما يتعلّق بالحل السلمي أو الذهاب نحو قتال مفتوح مع الجيش السوري». ومن جهتها، تلفت المصادر الحكومية إلى أن «دمشق تعمل على إعادة المدنيين الذين نزحوا من درعا البلد والمخيم وطريق السدّ، خشية تصعيد قد يقع بعد فشل الاتفاق». وتضيف المصادر أن «الجيش السوري اكتفى باتخاذ موقف دفاعي، وقام بالردّ على مصادر إطلاق النار فقط، بسبب حرصه على سلامة المدنيين وعدم خوض معارك عسكرية تؤدّي بهم إلى النزوح أو تضعهم تحت الخطر المباشر». تشير التوقّعات إلى أن الفصائل لن تذهب نحو مواجهة عسكرية مفتوحة مع الجيش وتشير التوقّعات إلى أن الفصائل المسلحة في الجنوب لن تذهب نحو مواجهة عسكرية مفتوحة، لكونها باتت محاصَرةً بوجود الجيش السوري في النقاط والتلال الاستراتيجية في المنطقة، فضلاً عن أن الأوصال بين البؤر التي يتواجد فيها المسلحون في المدينة والريفين، باتت مقطّعة، ما يصعّب عملية نقل الإمدادات والتعزيزات الضرورية. يضاف إلى ما تَقدّم، أن المزاج الدولي تبدّل بشكل واضح تجاه الجنوب السوري، على رغم المحاولات المتكرّرة لتدويل القضية، إذ إن الأمم المتحدة لم تَقُم سوى بإصدار بيانات تدعو إلى مراعاة الظروف الإنسانية للمدنيين في درعا، مطالِبة «كلّ الأطراف» بالتهدئة. أمّا الجار الجنوبي، أي الأردن، فهو يبحث عن إعادة «تطبيع» العلاقات مع دمشق على المستوى الاقتصادي على الأقلّ، وهذا ما يتطلّب أن تكون الطرق الواصلة إلى معبر نصيب – جابر، آمنةً بشكل كامل، إضافة إلى ضمان عدم حدوث أيّ طارئ في المنطقة يعرّض القوافل التجارية أو سيارات نقل الركاب لأيّ تهديد. كذلك، فإن الفصائل المسلحة اليوم لا تملك خيار التوجّه نحو العدو الإسرائيلي وطلب دعمه المباشر عند السياج الحدودي كما فعلت مراراً خلال معارك الجنوب، لأن الجيش إمّا أنه مسيطر على المناطق الحدودية، أو قادر على منع وصول المسلحين إليها من مناطق أخرى. وطوال الفترة الماضية، كان الضباط الكبار في الجيش السوري يطرحون خيار العملية العسكرية في درعا، لطيّ ملفّ المنطقة المتوتّرة بشكل نهائي، لما يشكّله الانفلات الأمني هناك من خطر على الطريق الرئيس بين سوريا والأردن، وكذلك المنطقة الحدودية مع الجولان المحتل، فضلاً عن الخطر الاستراتيجي الذي من الممكن أن يشكّله تكاثر المسلحين وتعاظم قوتهم في الجنوب، على العاصمة دمشق وأريافها الجنوبية. لكن في المقابل، كان الروس شديدي التمسّك بالتسوية السلمية، وإن عرقلها المسلحون أكثر من مرة، متذرّعين بأنهم قدّموا ضمانات للعدو الإسرائيلي وواشنطن عام 2018، بـ«منع القوات السورية المدعومة من إيران، من توسيع نفوذها في المنطقة».
Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=8&id=29259