محليات

في سوريّة ” تلال” من المليارات المخبأة يجب أن تظهر ..


سورية بلد المليارات المخبّاة والهاربة والمدفونة ..هاجس الإعمار يفتح السّيرة على مصراعيها ؟؟؟!!

في سوريّة ” تلال” من المليارات المخبأة يجب أن تظهر ..
صادرات سورية في العام خلال سنوات الحرب 7 مليار دولار وهناك أرقام غير معلنة..كيف يمكن أن يكون المشهد بعد الحرب و انتعاش الاقتصاد؟؟

قُدّر حجم الأموال السورية المهاجرة قبل الحرب بحوالي 200 – 300 مليار دولار ..وقد ازداد الرقم كثيراً خلال سنوات الحرب..
أموال المغتربين السوريين تحقق عائدات استثمارية هائلة في بلدان الاغتراب..من المهم معرفة الطريقة المناسبة لاستقطابها.



إن كانت كلفة إعادة إعمار سورية دخلت في عتبة الـ 500 مليار دولار فهذا لا يعني أننا في خضم مشكلة كبرى- رغم أنها مشكلة لجهة الرقم الذي يبدو هائلاً – إلّا أننا نتحدث هنا عن دولة أولاً ثم منظومة مصالح إقليميّة ودوليّة ثانياً..ثمنها يُقاس بالدولار والعملات الصعبة وليس بأطنان العواطف والمجاملات.

اقرأ المزيد في قسم الاخبار

من هنا تجرأنا وذهبنا إلى أن الرقم ليس مشكلة لأنه ليس مجرّد دَين شخصي أو مديونية شركة، بل عن دولة كسورية متعددة ومتنوّعة الموارد وذات اقتصاد إنتاجي سخي ودفّاق، لذا نعود لنؤكّد أننا لسنا في مشكلة كبرى من حيث المبدأ.

بين إعمارنا و أعاصيرهم

في الواقع إن تقديرات رقم كلفة إعادة الإعمار هي أقل من كلفة إعادة بناء ما تدمره الأعاصير في الولايات المتحدة الأميركية خلال عامين أو ثلاثة ..أي التكلفة هناك مستمرّة لأنها ذات طابع مُناخي، ولو أنّ المقارنة غير موضوعيّة، فهنا نحن في نطاق اقتصاد بسيط، وهم في الولايات المتحدة أصحاب الاقتصاد الأقوى في العالم..لكن لابدّ من المقارنة ولو عبر حسابات النسبة والتناسب، لتوخّي موضوعية المقاربة وتقريب المشهد.

شرط الزمن

في مثل هذه الحسابات يبدو شرط الزمن مهماً..فاستحقاق الـ 500 مليار دولار الذي يترتب علينا لإعادة إعمار ما خرّبته الحرب، غير محصور بحدود زمنيّة ضيّقة ..أي عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، بل سنوات طوال دعونا نسلّم بأنّ أقلّها يجب أن يوازي موضوعياً المسافة الزمنيّة للحرب التي تقترب من إتمام سنتها التاسعة،

بالتالي تكون العشرة سنوات فترة معقولة لإنجاز استحقاق الإعمار كاملاً وفق تراتبيّة أولويّات وخطط ممنهجة باتت واضحة المعالم حالياً في سياق الخطة الوطنيّة لسورية ما بعد الحرب ” 2020 – 2030″ وهذا يعني أن التكلفة السنويّة 50 مليار دولار، وهذه حسابات نظرية ربما يكون الواقع أفضل، لأن حركة الاقتصاد عموماً تتصف بديناميكيّة المتوالية الهندسيّة، لذا العبرة والصعوبة في البداية والانطلاق، والباقي يكون أقل صعوبةً.

الآن سيكون السؤال الموضوعي هو ذلك الذي يستفسر أصحابه عن مصدر مليارات الانطلاق إن اتفقوا معنا بأنها 50 مليار دولار؟؟؟
الواقع من الكارثي أن ننظر لإعمار سوريّة على أنه مهمّة دولة ممثلة بحكومتها، أيا كانت الحكومة ومهما بلغت من الحذاقة ورفعة الأداء، بل هي مهمة وطنيّة متكاملة، من المهم جداً فيها توزيع الأدوار.

مسؤوليات

هنا تظهر أمامنا لائحة مسؤوليات قوامها..أولاً الحكومة بمواردها، وثانياً قطاع الأعمال بعائداته، وبين هذين المكونين لابد من الاتكال على اقتصاد الصادرات لدى الطرفين، أما المكون الثالث فهو المغتربون وعلينا أن نكون أكثر جدية في النظر إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء لكن شرط أن نجيد التعامل معهم واستقطابهم.

المكونات الثلاثة كلها باتت الآن بحاجة إلى إعادة ترتيب قبل إعادة الإعمار..فموارد الدولة بأمس الحاجة إلى إعادة تنظيم و إدارة لأنها تُدار حتى الآن وفق أدبيّات وذهنيات بائدة قديمة تعود إلى عقود ” التحويل الإشتراكي” ..واندحرت الإشتراكية كنظرية لكن آثار ما حاولنا تطبيقه منها باقية حتى الآن لم نجرؤ على تغييرها، و أولها الذهنيات التي تحكم عمل القطاع العام، وكذلك القوانين..فلو أعدنا ترتيب أدبياتنا الخاصة باستثمار أمثل لموارد الدولة سوف نحقق عائدات أضعاف أضعاف من نحققه حالياً، بما في ذلك إصلاح المكنة الضريبية المعطّلة التي يعتريها ثقلاً هائلاً للفساد وتجلّياته.

أما قطاع الأعمال الخاص..فما زال منكمشاً ويعيش حالة من عدم التصالح مع الدولة، تعود في جذورها إلى زمن التأميم، فالجرح مازال لم يندمل، بدليل أن ناتج أعمال قطاع الأعمال يكون مصيره الترحيل إلى الخارج خوفاً من تأميم آخر أو إجراء مشابه، فالاقتصاد السوري ورساميله أكبر مكوّن مساهم في إنعاش الاقتصاد المصري، و أكبر مكون في الاقتصاد الأردني، ولديه حصص كبيرة في الاقتصاد التركي، حتى في دول الخليج، ودول أميركا اللاتينيّة..هي رساميل جبانة خائفة بحاجة إلى تطمينات عملية لا مجرد كلامية على صعيد ” تطييب الخاطر”، كي تُقلع عن عادة الهروب والاستعداد الدائم للرحيل..

ونلاحظ أن معظم الشركات و الرساميل الباقية في المضمار الخاص “تتعيّش” على الموازنة العامّة للدولة” وتنتظر إقرار الحكومة لموازنتها ، كي تبدأ تخطيط سنتها الماليّة، وهذه خصلة الطفيليّة التي أنتجها حدث التأمييم الذي أشرنا إليه.
المغتربون

يبقى المكوّن الثالث ..وهو المغتربين فهؤلاء قوّة هائلة إذ لدى سورية ضعفي عدد سكانها ، أو على الأقل ضعف ونصف، في الخارج..والكل يعرف قصص الهجرة السورية منذ عشرينيات القرن الماضي، إلى دول أمريكا اللاتينية والشمالية و أوروبا والبلدان العربية، يضاف إلى ذلك الهجرة بسبب الإرهاب التي بات قوامها عدّة ملايين من السوريين، هؤلاء جميعاً لديهم قدرات كامنة وهم الأولى باستثمار أموالهم في بناء بلدهم، ولعلهم بحاجة إلى إستراتيجية دقيقة للتواصل معهم و إعداد آليات واضحة لأعمالهم المفترضة داخل بلدهم الأم، وتطمينات وتسهيلات عبر قوانين خاصّة.

الأصدقاء

ونأتي الآن إلى الأصدقاء ومن لهم مصلحة بالاستثمار في إعمار سورية..وهم غير قلائل لا عددياً ولا من حيث إمكاناتهم الاقتصادية..هؤلاء يتطلعون ويسيل لعابهم على الاستثمار في سورية، لكنهم ينتظرون الانفراج وفك طوق الحصار عن سورية، وفي مقدمتهم الصين الدولة العملاقة التي لم ترخِ ولا بنذر يسير من حقيبتها الاستثمارية الخارجية على الجغرافيا السورية، وهي بالفعل تنتظر إشارة أميركية – رغم مظاهر التنازع التجاري مع واشنطن –

إلا أن بكّين حذرة في التعامل في نظيرها الاقتصادي الأميركي العملاق..ولرساميل الدول العربية ذات الموقف، فهذه الأخيرة تحرص على المباركة الأميركية وليس مجرد الإشارة، لتدفع بأموالها نحو الداخل السوري.

من كل هذه المعطيات امتلكنا الجرأة للادعاء أن تكلفة إعادة إعمار سورية ليست مشكلة كبرى..بل الاستثمار في مثل هذه الورشة سيكون “مطلب امتيازي” للدول والشركات الباحثة عن مطارح استثمار وتنمية حقيقيّة، وكانت تساؤلات رجال الأعمال الخليجيين خلال معرض دمشق الدولي تشي بذلك.

لكن حتى لو اقتصر الأمر على ” أبناء سورية” فهم قادرون على بنائها بعد تنظيم استثمار الموارد وتوزيع المسؤوليات والأدوار بما لا يستثني مواطن…ولو طال زمن الإعمار

ناظم عيد – الخبير السوري

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=16&id=22821