كلمات

منفى .... وحنين


بقلم لمى توفيق عباس

 


كنا نغني لكل بحار تتراءى لنا سفينته من بعيد , وكانت الخيبات تتوالى ... إلى أن أتيت وكان الصمت .....لم يستقبل البحار الوفي بما يليق ... كانت الروح على شفير التصحر ..... وابتسامات الأطفال اعتزلت وجوههم , منذ أن غادرتها فرحة العيد .
عذرا سيدي ... فما كان لم يعد موجودا .... وما افتقدناه لن يظل قائما , حتى في أغانينا وحكايا سهراتنا .
المفروض ككل مرة , أن يخط قلمي سطورا من نور .. أن أخاطبكم بأحاديث الروح , وأرسم ابتسامة على كل وجه حزين .......
اعذروني هذه المرة .... !! لم يبق لدينا ... ولم يبق عندنا ... ولم يبق لنا ...
منفيون نحن داخل أنفسنا ...... صقيعا مؤلما يجتاحنا .... يوقظنا بين الحين والآخر , يطال الدفء المخادع الذي يستوطننا ليحوله إلى شظايا من جليد .... ونار .
من منا يجرؤ على الاعتراف بذنبه ..... أو بخطأ اقترفته يداه .؟؟
من منا يجرؤ على الاعتراف بعقوقه .... لفكرة كانت , أو روح , أو جماد ......؟؟
من منا يخطّ صكوك توبة أبدية ....... لايرجع عنها ؟ ويتخذ القرار في قول كلمة ...
صوتي يعود بلا صدى .... وحروفي تاهت في سطوري رغما عن الكلمات ...
أي غربة تسكننا بكامل تفاصيلها .......؟؟ أي قدر حوّلها من حالة فينا , إلى مرض ...؟؟
لطالما سمعنا أن الغريب هو من غادر الأرض والدار , أما اليوم فهي الوطن والأهل وأعز الأصدقاء .... أسكنّاها أنبل خلايانا .... لتسكننا حدود حروفها ...!!!
كل منا يعلق أخطاءه على شماعة الآخرين , وكل منا يعتز بغربته ... ويتغنى بها على طريقته الخاصة .... أي غربة حولت الوقت إلى سيد الأشياء ...؟؟ والحب , إلى علامة استفهام ...؟؟
أي زمن .. حولّنا من هائمين وتائقين ....... إلى غرباء ...؟؟
صرخات تمزق جدار الصمت في أحشائي , كأي غريب افتقد رحمه الأول , مشاعر تنتابنا فقط في لحظات احتضار ....
من خارج عتبات الوفاء وحدود الحنين أكتب ...... باسم كل بستان ليمون , وشجرة زيتون
باسم كل أرض بور ...... وحجر صامت لاينطق
باسم كل من تركناهم ... وحفرت دموعهم على وجناتهم , أخاديدا من اشتياق
باسم قلة الحيلة ..... تلك العين الرمداء
باسم رائحة التراب المبلل بالمطر ...... و(جفت ) جدي مع رائحة التتن و( قصص جدتي )
باسم كل عابد يبحث بين طيات الخلايا , عن كوخ صغير في قريته البعيدة ليستظلّ قليلا .....
باسم من رحل دون أن يراني ....... يتعطر بي , ويشمني .... قبل لقيا الشمس , والمغيب ...
باسمنا نحن الذين شبنا ....... منذ زمن طويل
اصرخي ....... أيتها الأرض الأولى, قاحلة كنت , أم خضراء " صلوا رحمي "
اصرخي ......وهزي أبواب القلوب الصفراء ......
لاأريد عودتكم محمولين على الأكف جثثا هامدة , تقلد صدوركم نياشين الغربة .......
عودوا أبنائي , إلى حضني ...... قبل فوات الأوان ...... عودوا ولو زوار .

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=6&id=20919