وجهات نظر

المعارضة متخوفة من بيع تركيا لها ودمشق ترد بعبارة “شوكوزال”

علي مخلوف - اسيا


يرن الهاتف بإصرار في أحد مكاتب القادة الأمنيين بدمشق، علم كبير بنجمتين خضراوتين موضوع بشكل أنيق ومهيب وراء المكتب، يستمر الرنين وكأنه نداء استغاثة لا يمل من تكرار نفسه، تُرفع السماعة وإذ بصوت تركي يتحدث العربية، يهز المسؤول السوري رأسه بثقة قائلاً “نعم ، لا مشكلة، سنرى” خاتماً المكالمة بعبارة مجاملة تركية “شوكوزال” ليرد المتصل التركي في نهاية مكالمته “شكراً أفندم” هو مشهد خيالي متعلق بالمعلومات التي كشفها الرئيس التركي رجب أردوغان لأول مرة حول وجود اتصالات تركية مع سورية على مستوى الأجهزة الأمنية. فقد قال أردوغان خلال مقابلة مع التلفزيون التركي الرسمي إن حكومته أبقت اتصالات على مستوى منخفض مع الحكومة السورية عبر جهاز الاستخبارات رغم أن أنقرة هي من أشد خصوم دمشق، مضيفاً حتى مع عدوك فإنك لا تقطع العلاقات في شكل نهائي فقد تحتاج اليه. فيما هي طبيعة الاتصالات التركية ـ السورية الأمنية والاستخباراتية؟ وهل تطورت أم أنها على حالها منذ العام 2011 وحتى كتابة هذه السطور رغم الدور العدائي الذي لعبته أنقرة ضد دمشق؟ هل كانت الاتصالات الاستخباراتية بين الجانبين مقطوعة طيلة فترة رهان أردوغان على الصلاة في المسجد الأموي ثم تغير الحال منذ سنة أو اثنتين على الأكثر؟ أول رد فعل على ما قاله أردوغان، كان لدى الجماعات المسلحة والمعارضة التي كانت ترى في أنقرة “أم الصبي” حالة من الهلع بدأت تنتشر بين هؤلاء، هل تتعاون الاستخبارات التركية مع نظيرتها السورية بما يخص أسماء قادة الجماعات المسلحة ومقاتليها الذين تدعمهم أنقرة؟ هل تساوم الاستخبارات التركية دمشق على رؤوس هؤلاء؟ كابوس تخلي تركيا عن الجماعات التي دعمتها بات يسري كطاعون في مخيلة المعارضين، لقد بات هؤلاء يتحسسون أقفيتهم من “خازوق” على الطريقة العصملية. الثعلب التركي لم ينكر حالة العداء مع سورية، هو حريص على التدرج في مواقفه، تلك المواقف التي ستتغير شيئاً فشيئاً بسبب وجود كل من الروسي والإيراني حلفاء سورية ضمن ثلاثية مع تركيا، لا بد أن يكون لهذا الثنائي تأثير على أنقرة . تركيا شعرت بوجود حالة من السخط العربي وتحديداً الخليجي ضدها، يحاول العرب العودة إلى دمشق، والعنوان الخليجي المعلن “مواجهة التغول التركي” أعاد أردوغان حساباته، إن عاد العرب إلى علاقاتهم وتعاونهم مع سورية بوجود حليفين قويين كالروسي والإيراني فإن كل ما عمل لأجله خلال السنوات الماضية سيكون أشبه بقلعة رملية تهدمها أول موجة، لم لا يعيد التركي علاقته بسورية بوساطة روسية وإيرانية ويقطع الطريق على الخليجي ولا سيما السعودي في ضمان وجود سورية إلى جانبه ضد أنقرة؟ بالعودة للاتصالات الأمنية بين دمشق وأنقرة، فلا يمكن أن يقتنع أحد بأن التوقيت الذي اختاره أردوغان للكشف عن هذه المعلومة أتى صدفة! مع اقتراب اجتماع يبحث اللجنة الدستورية السورية، والحديث عن شبه وقف عمل عسكري ضد الأكراد في منبج، إضافة لقضية الانسحاب الأمريكي والجدل الدائر حولها وهدنة ادلب ومصيرها، فضلاً عن المقاتلين الأجانب الذين يحملون جنسيات أوروبية والذين يرون في تركيا أرض عبور إلى بلدانهم، وكذلك التباحث حول الملف الكردي، كل ذلك يمكن أن يكون ضمن الاتصالات الأمنية، الروس والإيرانيون لعبوا دوراً لا شك في ذلك. لن تنطلي أيضاً على أي قارئ عبارة أردوغان ” بأن أجهزة الاستخبارات تحتفظ باتصالاتها وعلاقاتها مع بعضها رغم العداء بين الحكومتين! فهل يصدق أحد بأن أجهزة الاستخبارات في تركيا يمكن أن تتصرف من تلقاء نفسها دون توجيهات من المستوى الأعلى ومن أردوغان ذاته؟!.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=20246