شوفو سوريا

معابد في سوريا تشرح تاريخها

رجاء حيدر


زنوبيا
كأي مكان في العالم تستمد سلمية شموخها من تاريخها العريق الموغل في القدم , مواقع أثرية كثيرة منتشرة في كل المنطقة , ومن تلك الآثار التي مازالت شاهدا على تاريخ المنطقة جامع الإمام إسماعيل والذي يمكن أن نسلط الضوء على تاريخه من خلال ما خلفه لنا المؤرخون وما بقي من تلك الآثار التي تدل عليه .
في كل مكان تواجد فيه اليونانيين تركوا ما يدل على إلههم ( زيوس ) الذي كانوا غالبا ما يشيدون قصورهم بجوار معبدهم ( معبد زيوس ) والذي يعتبر كبير آلهتهم , ويشيدون مسارح وملاعب رياضية وهذه كانت عادتهم في بناء مدنهم فمن هو الإله زيوس ؟ تقول الكتب التاريخية أن زيوس كبير الإلهة البانثيون ( مجمع الآلهة ) عند اليونان , وهو ابن نور السماء الصافية والرعد , واليه كان يصلي اليونان من اجل المطر , وفي عهد ملك سورية السلوقي ( أنطيوخوس ) هدد بقتل كل من يخالف قانونه الذي أصدره بعبادة زيوس , وخوفا من العقاب تحولت كثيرا من المعابد السورية القديمة إلى معابد للإله زيوس و ومنها هذا المكان المسمى بالإمام إسماعيل والذي كثير من الدلائل حوله تشر إلى أن اليونان بنوا في سلمية معبد حول فيما بعد إلى مقر ديني وبقي كذلك إلى يومنا الحالي , وبدراسة المعالم القديمة يمكن أن نلاحظ الاختلاط والتداخل بالآثار اليونانية والرومانية والبيزنطية و التداخل في تاريخ المشرق العربي .
معبد جوبيتر : جوبيتر عند الرومان هو اله السماء والمطر والرعد, وعند دخول الرومان سورية تحولت جميع معابد زيوس إلى معابد جوبيتر وهذا ما حصل لمعبد زيوس في سلمية , وقد دخل الرومان بلاد الشام عام ( 64 ) ق . م على يد القائد بوميوس , وكانت مزدهرة عامرة بالسكان لاستتباب الأمن فيها كما يقول فيليب حتي , حيث سادت الزراعة والتجارة , فأغنى الرومان منطقة سلمية بجهود مضاعفة عكس في ربوعها المزيد من التقدم والازدهار والإعمار , حيث حول الرومان معبد زيوس اليوناني إلى معبد جوبيتر الروماني فأدخلوا على البناء القديم العديد من التجديدات منها توسيع البناء وادخلوا الأعمدة والأقواس الغرانيتية التي استحضروها من جنوب بلاد الشام , وجعلوها على نسقين توضعت الأعمدة الصغيرة فوقها مستندة إلى أقواس صغيرة عليا , حتى غدا السقف على شكل هرمي .
أبرشية سلمية : في القرن الرابع الميلادي وصلت سلمية ومنطقتها إلى أقصى ازدهارها في العصر البيزنطي والذي يعتبر امتدادا طبيعيا للعهد الروماني حيث انتشرت المسيحية بشكل واسع في بلاد الشام في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين وأمه هيلانة التي عرفت بورعها , فكان من أهم مظاهر انتشار ها الكنائس والأديرة , ويقال انه بني 12 ألف كنيسة , والذي يدل على امتداد الآثار المسيحية في منطقة سلمية وجود الصليب المسيحي على تيجان الأعمدة بأشكاله الثلاث العمودي , والقائم , والهلالي المنحني الأطراف, أو مروحي دائري , ويقول فيليب حتي ( لقد امتدت سلطة سلمية الدينية كأبرشية إلى الرصافة شرقاً و أرستوزا غرباً وكان يتبعها حوالي سبعة وعشرين كنيسة ) .
عندما كبرت أهمية سلمية جعلت هذه الأبرشية كنيسة فتحول معبد جوبيتر الروماني إلى كنيسة, يتبع لها أكثر من اثنتين وأربعين كنيسة ممتدة من الرصافة وحتى طرابلس, إذ جرى عليها الكثير من التغيرات , فقد بني في ركنها الشرقي ليكون ركيزة الكنيسة , ثم امتداد البناء خارج الكنيسة على شكل رباعي بغرف عديدة أمامها رواق ذو أعمدة لا تزال بعضها موجودة ليومنا هذا إما على الارض أو استعملها السلمونيون في أبنيتهم , هذه الأروقة أحاطت حرم الأبرشية بشكل غرف استوعبت مراكز للتدريس الديني وإقامة رجال الدين وما يلزم ذلك من مطاعم وغرف تموين وآبار مياه .
مسجد الإمام إسماعيل : تهدمت سلمية بفعل الحروب والزلازل عدة مرات , إلى أن تم للعرب المسلمون احتلال بلاد الشام بين عامي ( 641- 643 م ) و رافق هذا الاحتلال انتشار الإسلام و نزوح العديد من القبائل البدوية الفقيرة من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام الممرعة, و بقيت سلمية هكذا حتى مر بها محمد بن عبد الله بن صالح العباسي و فشرع بأعمارها و من ثم دخلها الأئمة الإسماعيليون المستترون فقد أصبحت سلمية مركزاً للدعوة الإسماعيلية من زمن الإمام وفي أحمد ( ع ) حتى ظهور الدولة الفاطمية في المغرب و خرجت من سلمية إبان هذه الفترة العديد من المظاهر الفكرية فهي مؤول إخوان الصفا الجمعية الفلسفية الإسماعيلية و هي مركز ينطلق منه الدعاة إلى أقاصي بلاد العرب و المسلمين . أما التغير الحضاري في المدينة فقد أعاد السكان بناء الكنيسة ( الأبرشية ) و جعلوها مسجداً و لما توفي الإمام رضي الدين عبد الله ( ع ) طلب أن يدفن بجوار المسجد و الذي لا يزال ضريحه قائماً فيها إلى اليوم و المعروف باسم ( الإمام إسماعيل ),
و عندما امتد سلطان الدولة الفاطمية على بلاد الشام في أعقاب ضمور الدولة الحمدانية أعاد الإمام المعز لدين الله ( ع ) بناء ضريح جده رضي الدين عبد الله فأقام له قبة عالية و وسع المسجد و جعل لهذا المقام مكان استراحة كبير, و بقيت سلمية هكذا طيلة العهد الفاطمي و حتى الغزو السلجوقي لبلاد الشام و اجتياح الشرق العربي نوبات الزلازل , تهدمت القبة و جانب من المسجد فأعاد خلف بن ملاعب صاحب حمص ترميم القبة و المسجد و جعل للمسجد سبعة محارب و عرف فيما بعد بالمسجد ذو سبعة محارب. ، وهدم قيما بعد مع ما هدم في الغزو المغولي وظلَّ خراباً حتى العصر الحديث حيث رُمِّمَ عام 1993 م وأعيد بناؤه كمسجد.
تمت الاستعانة بكتاب المؤرخ محمود أمين سلمية في خمسين قرناً
مقالة للأستاذ محمد قاسم الدالي بعنوان سرّ حجر

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=10&id=15