احوال البلد

هل خرجت “البوكمال” عن السيطرة.. حقيقة المعركة الأخيرة و”الكمين القاتل”؟

البعث


تتضارب المعلومات حول حقيقة السيطرة الأخيرة في مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، وفيما أفادت معطيات الجيش العربي السوري وحلفائه من القوات الروسية أو من محور المقاومة في الـ 48 ساعة الأخيرة، عن سيطرتهم على المدينة، نقلت بعض المواقع الإعلامية القريبة من “داعش” ومن تلك المعارضة لمحور المقاومة، بأن التنظيم الإرهابي استعاد السيطرة على قسم يتجاوز الـ 40 بالمئة من البوكمال، فما حقيقة الوضع الميداني هناك، وما عناصر مناورة كل من الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير المدينة؟، وما عناصر مناورة “داعش” في الدفاع عنها؟ قائد المجموعة العسكرية الروسية في سورية نفى المزاعم حول انسحاب الجيش العربي السوري من البوكمال الحدودية مع العراق بعد سيطرتها عليها مؤخراً. ونقلاً عن المسؤول العسكري الروسي من سورية، بحسب ما ذكرت وكالة “نوفوستي” الروسية: “كل ما أعلنه تنظيم “داعش” وتداولته مصادره الإعلامية خارج سورية من أن الجيش السوري ترك مدينة البوكمال وانسحب لمواقع خلفية بعيداً عن المدينة عبارة عن أقاويل دعائية لا أساس لها من الصحة”، مؤكداً أن “الجيش يسيطر على المدينة بالكامل وبدعم من حلفائه منذ يوم الجمعة”. وأضاف المتحدث العسكري: “في الوقت الراهن تشارف عملية تمشيط المدينة ومحيطها على الانتهاء، ويقوم أفراد الجيش بالقضاء على بؤر الإرهابيين المبعثرة في مناطق متباعدة حول المدينة، ويطاردون مسلحين قطعت بهم السبل وأصبحوا وحيدين وبشكل فردي وجهاً لوجه مع الجيش السوري، وبعد ذلك سنشرع في عملية تنظيف المنطقة من الألغام والعبوات الناسفة التي يتركها مسلحو “داعش” عادة وراءهم بعد هزيمتهم”. من جهته، كشف العميد المتقاعد، شارل أبي نادر، لموقع “العهد” الإخباري عن معطيات تحسم الجدل حول حقيقة الوضع في البوكمال. حيث يؤكد أبي نادر أنه بداية لابد من تقديم ملخص سريع يتضمن المعطيات والعناصر التي ميزت مناورة الجيش العربي السوري وحلفائه في كامل معارك تحريره الأراضي السورية، والتي كانت قد سيطرت عليها مختلف المجموعات الإرهابية، إن كانت “داعش” أو “النصرة” أو العديد منها، والتي تعددت وتبدلت تسمياتها وانتماءاتها وولاءاتها. مناورة الجيش العربي السوري والحلفاء – اعتمدت هذه المناورة بالأساس على التغطية النارية الواسعة، الجوية والمدفعية والصاروخية، ولعبت قوة الصدم بسلاح مدرعات الجيش دورا فعالا في دعم ومساندة وحدات التقدم والاشتباك المباشر والاختراق، وحيث كانت الوحدات الأخيرة (الخاصة ووحدات الاختراق) تضطر – على خط المهاجمة النهائي – للعمل دون التغطية النارية القريبة، بسبب تزايد أخطار الإصابة بتلك النيران الصديقة، والتي تصبح عاجزة عن تمييز الرمي ونقله بشكل آمن لحماية الوحدات المهاجمة، كانت تلك المرحلة تعتبر الأصعب والأخطر في تلك العمليات الهجومية. – اعتمدت أيضاً تلك المناورة على عنصر التطويق والمحاصرة، ومستفيدة من التغطية الجوية الواسعة ومن المرونة والحركية في نقل الوحدات المؤللة بشكل آمن في الأراضي المكشوفة لمسافات بعيدة، كنا نجد أن أغلب عمليات تحرير المدن والمواقع الأساسية من الإرهابيين كانت تنفذ بعد تطويقها والضغط عليها من كافة الاتجاهات. مناورة الإرهابيين المضادة: – لقد ظهر في اغلب معارك الإرهابيين بمواجهة الجيش العربي السوري وحلفائه، أن هؤلاء لم يكونوا فقط عبارة عن تكفيريين مشتّتين تقودهم عقيدة متشددة وحسب، بل تبين أهم يقاتلون من خلال منظومة قيادة وسيطرة متماسكة، وهم يتمتعون بقدرات عسكرية وتقنية تضاهي ما تمتلكه الجيوش المتطورة، وقد ظهرت جلياً خبراتهم وتجاربهم التي اكتسبوها من معارك واسعة في أفغانستان والشيشان والعراق وغيرها، بالإضافة لامتلاكهم أسلحة وإمكانيات عسكرية وتقنية مهمة. – لقد عمل الإرهابيون دائما من خلال مناورة مضادة لتلك التي اعتمدها الجيش العربي السوري وحلفائه، معتمدين على نقاط أساسية – بالإضافة طبعاً لمروحة أخرى من النقاط – وقد تمثلت هذه النقاط، أولا بعدم المواجهة على الخط النهائي للمهاجمة، حفاظا على العناصر وتفاديا للإصابات وللخسائر المقدرة حتما بسبب القوة النارية التي كانوا يتعرضون لها، وكان يتم ذلك إما من خلال الاختباء والاقتراب قدر الإمكان بشكل متخفي من الوحدات المُهاجِمة لعدم التعرض للقوة النارية، أما من خلال الفرار إلى مواقع وملاجئ ومخابئ مُحَضّرة سلفا، وفي الحالتين كانت مناورتهم تُستكمل بتنفيذ عمليات انتحارية لاحقاً على تجمعات عناصر وآليات الوحدات المهاجمة بعد دخولها، بسيارات مفخخة أو بأحزمة ناسفة، لتتدفق مباشرة وحدات أخرى جاهزة لتنفيذ هجوم معاكس. هذه المناورة التي اعتمدها الإرهابيون في أغلب مواجهاتهم للجيش العربي السوري وحلفائه، والتي كانت تتسبب بإصابات ليست سهلة في صفوف الوحدات المهاجمة، بالإضافة لإجبار وحدات الأخيرة، وفي أحيان معينة، على الانسحاب وإعادة الانتشار تلافياً للخسائر الحتمية من جراء العمليات الانتحارية المذكورة أعلاه، دفعت بالجيش العربي السوري إلى اعتماد مناورة مضادة، استعملت في معارك التحرير الكبرى ومنها في ريف حلب الجنوبي الغربي – معركة الكليات الحربية والراموسة – ومنها في تحرير تدمر والسخنة وفك الحصار عن أحياء دير الزور ومطارها، وأخيرا استعملت في البوكمال، وقد تمثلت هذه المناورة الأخيرة في البوكمال بما يلي: الكمين القاتل: بعد أن تقدمت وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة على تخوم البوكمال من شرقها ومن جنوبها وغربها، مستفيدة من دعم جوي ومدفعي وصاروخي واسع، روسي وسوري، وبعد ان عمدت داعش إلى تنفيذ مناورتها المعتادة في سحب مجموعة وإخفاء أخرى في مواقع محضرة في المدينة لتنفيذ العمليات الانتحارية، تقدمت مجموعات الاختراق المُهاجِمة إلى داخل المدينة بوحدات خاصة، وتمركزت بطريقة مدروسة تُمكّنها من الانسحاب السريع الآمن والمحضّر، وبعد استدراجها لعناصر التنظيم الذين تدفقوا من الخارج ومن مخابئهم الداخلية، وتمددوا في مساحة حوالي 40 بالمئة من المدينة، بحيث اعتقدوا أنهم نجحوا في تنفيذ هجوم معاكس، وجدوا أنفسهم في كمين ناري محكم، بعد الانسحاب السريع والمنسق لوحدات الجيش العربي السوري وحلفائه، وقد سقط في الأحياء التي استدرجوا اليها عدد كبير من إرهابييهم بنيران الدعم الجوي والصاروخي والمدفعي، والتي كانت كأهداف مُحضّرة سلفاً، وها هي وحدات الجيش والحلفاء الآن تنهي وبحذر تنظيف وتفتيش ما تبقى من احياء في المدينة ومحيطها. لاشك أن معارك التحرير في سورية من الإرهابيين، التي خاضها الجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة، والتي يبدو أنها أشرفت على نهايتها، ستبقى علامة فارقة في التاريخ العسكري، وستشكل، بالإضافة طبعا لما قدمته من دروس في الصمود وفي الثبات في الميدان وفي الصبر، مرجعاً واسعاً وغنياً في دروس القتال والعمليات الميدانية وفي تكتيك الدفاع والهجوم، وطبعاً في الإستراتيجية العسكرية. مصير البغدادي: في سياق مرتبط، نشرت وسائل الإعلام الصهيونية والعالمية أخبار مؤكدة عن اعتقال الجيش العربي السوري لمتزعم تنظيم “داعش” الإرهابي المدعو “أبو بكر البغدادي”، بينما تؤكد وسائل إعلام أخرى مقتله. ويرى مراقبون أن هناك خوف أميركي “إسرائيلي” كبير من أن يكون “البغدادي” قد وقع فعلاً بقبضة الجيش السوري، لما يملكه من معلومات تعتبر بمثابة الكنز للقيادة السورية، منها على سبيل المثال أن “البغدادي” كان يقوم باتصالات مباشرة مع “إسرائيل” وأميركا ناهيك عن طريقة تأسيس وتمويل “داعش”. وكانت سورية قد ألمحت بإمكانية أن يكون الجيش السوري قد اعتقل “البغدادي” زعيم تنظيم “داعش”، حين أكدت مصادر سورية وجوده مع قادة الصف الأول للتنظيم في أحد أحياء البوكمال التي تم تحريرها.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://znobia.com/?page=show_det&category_id=7&id=14459